د.سعد العبيدي
قالوا في المرأة أنها النصف الآخر للمجتمع.
أقرت بها الاعراف والقوانين الوضعية أنها النصف العاطفي الأمثل للمجتمع.
أتفق الحكماء العرب والمسلمين ليس المتأسلمين في أمثالهم أنها كذلك النصف الهادئ من المجتمع.
ثبت الكتاب والأدباء بمدادهم أنها كذلك النصف الزاهي للمجتمع.
سارع البعض من ساسة العرب وقادتهم الكبار في تصريحاتهم والندوات التي يريدون فيها استعراض تحضرهم ورقيهم الزائف، المغلف بغلاف الكبت والتخلف والتزويق بعدها كذلك تماشيا مع الآخرين من أبناء المجتمع.
عدها الشرع الاسلامي النصف الثاني المكمل لدين الرجال. لكن البعض من المفسرين وعلماء الدين وراكبي موجات التدين، نقضوا العهد وتجاوزوا على أمر الدين وطمسوا ذلك النصف القائم في بحور الغريزة العارمة، واتجهوا لجعله سلعة تباع وتشترى وهم سماسرة السوق وأول المتجاوزين.
أكدها الرجل العربي والمسلم قبل زواجه معترفا بكل الأوصاف والتعريفات التي جاءت عنها في الشريعة والأدب، رفعها شعارا عندما عشق أو عندما مل العلاقات العابرة للشباب وقرر الزواج، لكنه وفي حالات كثيرة عاد الى وضع النسيان والتجاوز على الحقيقة بعد أيام من حصوله وأمتطى صهوة الرجولة التي أباحت له الثقافة الاجتماعية الدينية الظاهرية أمتطائها، وعاد مع الغير يحلل لنفسه ويحرم لنصفه الثاني وكأن ذلك النصف من دينه قد غاب عن الوجود.
رفعها الله سبحانه منزلة عليا بوضع الجنة تحت أقدامها كأم حسب شريعته الاسلامية السمحاء، يتذكرها الابناء البررة عندما يتعرضون الى الضغوط والحرج، ويعترف الرجال بهذا الوضع الشرعي، يشيرون اليه عندما تخفت في داخلهم غرائز الرجولة الجامحة.
من هذا وسبل التعامل الواقعي مع المرأة في العراق وتوجهات الساسة لاعادتها الى عصور العبيد يتبين:
أن العرب والمسلمين من أكثر المجتمعات تكلما عن المرأة وأكثرها ظلما للمرأة في واقع الحال، اذ وما زال الرجل يتحكم بمصيرها حتى في الخروج الى السوق وفي تحديد اللبس والسير على الطريق، ومازال البعض غير القليل هو ذاته ينحرها مثل الشاة اذا ما فكرت بغيره، في الوقت الذي يسعى لخيانتها في أقرب فرصة متاحة.
ان السياسيين في العراق الجديد افتكروها في زمنهم الجديد وبدلا من أن يكافؤها النصف الثاني المكمل للدين، النصف الذي يحوي الام والزوجة والابنة سارع البعض منهم الى سن قوانين مجحفة بحقها مثل قانون الاحوال الشخصية الجعفرية الذي يعيدها تطبيقه الى زمن يمتد بوقعه رجعا الى مئات بل آلاف السنين، ذلك القانون الذي رفعته الحكومة الى مجلس النواب أخيرا في ظرف صعب فيه التناقضات والتناحر والاختلاف على أشده،
الأمر الذي جعل الكثير من العراقيين يستغربون رفعه في هذه الفترة الزمنية الحرجة، ويضعون أمام رفعه عديد من الأسئلة أقلها شدة:
ألم يكن سن مثل هكذا قوانين مشكلة تضاف الى مشاكل عديدة لا تستطيع الحكومة الخروج منها في الأيام الأخيرة لوجودها في الحكم؟.
وعموما فان البعض من أفراد الحكومة والمشاركين في عمليتها السياسية لا يدركون الوضع النفسي الذي عليه العراقيون ولا يعون أن تعاملهم مع الانسان والمرأة على وجه الخصوص بهذه الصيغ المجتزأة مذهبيا يعد:
نكوص الى الوراء وأمتهان لحقوق المرأة التي حصلت عليها عبر مئات السنين.
تعطيل لنصف المجتمع تحتاجه البلاد في نهضتها المعطلة.
اساءة الى سمعة العراق وأهله وسط عالم يجري أصحابه الى الامام في مسائل انصاف المرأة ورفع شأنها.
وقوف بالضد من منطق الحراك الاجتماعي الانساني الذي أعطى المرأة حقوقا في الحضارة العالمية المعاصرة تقربها من الرجل في كل شيء... حراك اذا لم نسايره ونعمل ببعض ضوابطه سنجد أننا قد تعطلنا وان المرأة ستتمرد علينا، وستنقلب الآية في وقت ليس بعيد عن الآن، لنستجدي منها عطفا في أن نبقى النصف الثاني المكمل للدين... فهل يسمع أهل الدين؟.
1691 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع