كاظم فنجان الحمامي
أي عقل هذا الذي يحمله المرشح الطارئ, الذي يظن كل الظن أن البطانيات الرديئة هي الطريق الديمقراطي الأمثل للفوز في الانتخابات المحلية ؟, وأي ديمقراطي هذا الذي يرى في البطانيات ضالته المنشودة لإحراز المراتب التنافسية العليا في صناديق الاقتراع, وأي وطني هذا الذي رسم صورتنا المستقبلية ببطانيته الرديئة ؟.
حتى الشعوب المنكوبة بالكوارث الكونية, والمدن المدمرة بالفيضانات والحرائق تأنف من استلام بطانياتكم الانتخابية, وحتى القبائل المذبوحة بخناجر الجوع والتخلف ترفض الذين يتعاملون معها ببطانيات الذل, ولا تحترمهم أبداً.
أحياناً أتساءل. هل يحسبون أنهم بتوزيعهم البطانيات يستطيعون أن يغطوا بها سوءاتهم ؟, ألا تباً لهم ولأفكارهم الضيقة. لا ريب أن الذين يفكرون بهذه الطرق الدنيئة, ويتبنون هذه الأساليب الرخيصة, إنما يعبرون عن خستهم ونذالتهم وضحالتهم, وإلا بماذا تفسرون استغلالهم لضعف الناس وفقرهم؟, وبماذا تفسرون مخططاتهم المخزية التي يتحايلون بها على أبناء جلدتهم ؟.
عندنا في العراق مضايف عشائرية عريقة, وأخرى شعبية, وظيفتها توفير الملاذ الآمن, والغذاء الساخن للضيف والهارب واللاجئ والتائه, وعندنا في العراق مساجد كبيرة مجهزة بمخازن عامرة بآلاف البطانيات والوسائد وأجهزة التكييف المحمولة ومعدات الطبخ, ومئات الأطنان من قناني المياه العذبة, وفيها أكداس هائلة من المواد الغذائية الجافة والطازجة, متاحة على مدار الساعة لزوار العتبات المقدسة, فأي لوثة دماغية أصيبت بها رؤوس الذين وضعوا البطانيات جسراً هشاً للتقرب من الناس ونيل رضاهم.
ربما لا يعلم هؤلاء أن فكرة البطانيات الانتخابية صارت من أشهر مواضيع السخرية والتندر بين رواد المجالس والمقاهي العامة, وصارت من المهازل الموسمية, التي تسببت في إحراج أصحابها, وبالتالي خسارتهم المريعة في الانتخابات.
من المفارقات المضحكة أن البيوت العراقية تقتني رزم كبيرة من أجمل وأثخن البطانيات المستوردة من أرقى المعامل الأوربية واليابانية والروسية والصينية والكورية, وأن وحداتنا العسكرية مجهزة بأفضل الأنواع, ولسنا مغالين إذا قلنا أن السجون العراقية تمتلك نوعيات راقية من البطانيات والوسائد والأسرة, بينما نرى هؤلاء, الحالمون بالفوز السريع, يحملون أرخص البطانيات, ويطوفون بها في القرى والأرياف, ليوزعونها على الفلاحين, ظنا منهم أنهم بهذه الخطوة يقدرون على شراء أصواتهم, فيستلمها منهم الفلاح من باب الشفقة عليهم, حتى لا يكسر بخاطرهم, لكنه يستعملها في تدفئة أبقاره وأغنامه, أو يغطي بها حصانه النحيف, أو يضعها فوق ظهور ثيرانه المنتشرة في العراء وسط الحقول الفسيحة.
قد تنحسر ظاهرة البطانيات الرديئة في الجولة الانتخابية القادمة, لكن حقيبة الدهاء لم تفرغ بعد, ففي جعبة الأيام القادمة الكثير من المفاجئات.
والله يستر من الجايات
1891 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع