د. ضرغام الدباغ
في تحليل موضوعي للبيان السياسي الصادر عن المجلس السياسي لثوار العراق في مؤتمره التأسيسي، تتجلى الهوية الوطنية الجامعة بحق لكل أبناء العراق سواسية دون أدنى تفريق، في رؤية دقيقة للمستقبل يسعى إلى تأكيد والحفاظ على الثوابت العراقية التي يتفق عليها جميع العراقيون بأختلاف اتجاهاتهم السياسية، وانتماءاتهم الدينية والعرقية، كما يحفظ للجميع حقوق المواطنة المتساوية بقوة الدستور والقوانين.
إن التئام شمل عشرات المنظمات السياسية، ربما كانت تتفاوت في الرؤية السياسية والاجتماعية والثقافية، إلا أن الإيقاع المتصاعد لمعركة التحرير واستعادة الاستقلال وضعت الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية بكل صراحة ودقة، من أجل اتخاذ القرارات الحاسمة بمستوى انقاذ الثوابت المصيرية، ووضع البلاد أمام مرحلة جديدة كل الجدة، تتجلى فيها كافة مهمات مرحلة التحرر الوطني، في استعادة الاستقلال الوطني الذي بهتت ألوانه، واخترقت محرماته، وعبثت في ثوابته، فهي بهذا الوصف، بحق معركة وحرب تحرير واستقلال يحضى بألتفاف شعبي واسع النطاق، بل وأن المرحلة القريبة المقبلة ستشهد التحاماً والتفافاً وطنياً قل نظيره في تاريخ العراق المعاصر.
وحقاً كانت القوى والقيادات الوطنية العراقية في مؤتمرها التاريخي، على مستوى مهمات المرحلة، وقد أدركت خطورة أبعادها، وأبعاد المعركة التي يخوضها الشعب وخصائصها، أمراً رفع من مستوى الوعي القيادي والإحساس بالمسؤولية، فتنادوا ونفروا خفافاً وثقالاً يلبون هاتف النضال الوطني ومستلزماته، ليشهد مؤتمراً وطنياً عراقياً يتمتع بصفة تمثيلية عريضة وواسعة، لا يشهد إبعاداً ولا إقصاءاً، بل ويفتح الأبواب لكل من يريد الالتحاق بصف الشعب في معركة تاريخية الأبعاد والسمات والنتائج.
الاهداف والمبادئ الرئيسية التي تداولها المندوبون للمؤتمر التأسيسي للمجلس السياسي العام لثوار العراق :
1. عراق واحد موحد، لا للأقاليم والفيدرالية.
2. لا للطائفية وما يتبعها من أنظمة وقوانين وقواعد عمل سياسي وحكومي من محاصصات.
3. الأبواب مشرعة لكل من يريد أن يخدم العراق، بما في ذلك من يريد مراجعة مواقفه السياسية.
4. السعي لخلق ووضع تصورات ومرتسمات لعراق جديد يبتدأ مرحلة جديدة من تاريخه المعاصر، بعد تجاوز محنة الاحتلال والهيمنة الاجنبية.
5. القيام بالبحوث والدراسات المعمقة على مختلف الاصعدة، العراق بالدرجة الأولى والمنطقة عموماً.
6. دراسة معمقة لتجارب الحكم السابقة منذ الاستقلال العراق الحديث، وحتى فجر الاستقلال الجديد.
7. لا مكان في العراق الجديد للعقد والحساسيات، فالتجربة الوطنية والمعارك التحررية وضعت الجميع على طريق جديد لبناء عراق جديد.
8. أهتم خبراء وطنيون من شتى الاختصاصات: القانونية، والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بالأفكار والصياغات، والشروع بإعداد دراسات لما بعد مرحلة إنجاز التحرير والاستقلال.
9. تم تكليف مجموعة من الخبراء الوطنيين بإعداد بيان عن البرنامج السياسي، سيعرض على الشعب حال إعداده.
10. الانفتاح على كافة القوى والشخصيات التي يمكن أن تساهم وتزج بقواها وقدراتها في معركة التحرر والاستقلال.
تداول المؤتمرون، أن الحركة الوطنية العراقية لن تبقى حبيسة سنوات مضت وفي ذكريات الحقد والكراهية. المهمة اليوم هي تشييد عراق جديد، عراق واحداً موحداً يطل على العالم طلعة بهية راقية، بعد ما يزيد على عقد من سنوات نضال دام، بعد حرب عادلة مشرفة خاضها مع أعتى القوى العالمية والإقليمية، نازل فيها شعبنا بقواه الوطنية، والقومية والإسلامية المتنورة، والاجتماعية والتقدمية، في معركة تنازل فيها الجميع عن أية مطامح للفوز والمكسب الفئوي، معركة انتصرت فيها الإرادة العامة على الحزبية، وأنتقل فيها الولاء، والولاء كله للوطن.
وقد تضمن البيان الختامي بوضوح النقاط الجوهرية التالية، وكانت بإجماع أصوات الحضور :
1. يعلن المؤتمر دون مورابة أو دوران، " تحقيق أهداف الثورة وصولاً إلى اسقاط الحكومة الطائفية وإقامة نظام ديمقراطي عادل ".
2. أن ثورة التحرير والاستقلال ستسعى في المحافل الدولية إلى " أن هذه الثورة هي ثورة الشعب العراقي كله ضد الحكومة الطائفية الفاسدة، وليست ثورة فئة أو طائفة أو عرق ".
3. أكد ممثلوا الشعب والثورة أن وحدة العراق وسلامة أراضية خارج المناقشة والمساومة، حيث أكد على " الحفاظ على الوحدة الوطنية لكافة مكونات الشعب العراقي من شماله إلى جنوبه، ونبذ دعوات التقسيم تحت أي مسمى، وحماية استقلال العراق، والمحافظة على سيادته الوطنية وهويته العربية الاسلامية " .
4. التأكيد بصفة قانونية ودستورية على أن " أبناء الشعب العراقي متساوون في الحقوق والواجبات الوطنية ".
5. يتعهد المجلس ب " عدم حدوث فراغ سياسي بعد إسقاط الحكومة العميلة الطائفية الفاسدة، بتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة وانتخاب برلمان مؤقت ليقوم بإعداد مسودة دستور جديد وإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة في وقت لاحق وفق البرنامج السياسي للاستقلال والتحرير ".
6. يتعهد المجلس السياسي العام بعد التوفيق من الله سبحانه، وتأييد الجماهير العراقية ومساندتهم، تحرير العراق وتطهيره من براثن النفوذ الاجنبي وذيول الاحتلال، وتأسيس عراق الحق والعدل والعيش بكرامة.
أحد عشر عاماً من القتل والتدمير، انصرمت فيها من الاهوال ما لم تجر في التاريخ على بلد. من تجريف لكل شيئ: حياة الناس قتلاً وتمثيلاً وحرقاً، واجتثاث الثقافة الوطنية وإبادة رموزها، وممارسة كل ما تأنف منه قواميس البذاءة، نهباً للأموال العامة، وسرقة المواطنين وابتزازهم، ونهب الاقتصاد الوطني وتهريبه إلى الخارج، وسحق السيادة الوطنية بأستقدام الجيوش الاجنبية وجعل البلاد في بؤرة المصالح التوسعية وإحالتها مرتعاً للعصابات والميليشيات والمخابرات.
كل هذا آذن بالرحيل والانقضاء، لم ولن ينالوا من عزم الناس، فالشعب لا ينتهي بأغتيال بعض قادته، والأرض تنجب القادة والمناضلين، اليوم يقول الشعب بأعلى صوته كفى .
اليوم : الشعب يقولها بأعلى صوته، ويبرز إرادته بأقوى صورها، لا تنفع الاستعانة بمنظمات ارهابية، ولا ينفع استثارة قوى دولية على الشعب، ولن تنفع اليوم صواريخ وسمتيات مستوردة لقتل الشعب، ندعوهم لأختصار الطريق، أفعلوا شيئاً يحفظ للعراق وحدته، لا تحملوا وزر ما تفعلون لرموز ومقدسات. اليوم الواقع بحاجة إلى ما هو أكثر من استخدام لا طائل منه للبطش، اليوم تستحق المعطيات إعادة التفكير وارتقاء العمل إلى ما هو أجدى من العاب المخابرات من تفجير وتفخيخ، والقتل على قارعة الطرق.
لتتكاتف السواعد، وتتحد الإرادات.
نحو التفاف شعبي عاصف حول المجلس السياسي، نواة الغد القريب بإذن الله .
2234 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع