فلاح ميرزا
من المفيد التمعن بالتاريخ ومعرفة حقيقة الاتجاهات السياسية والاقتصادية الدولية التى قادتها بريطانيا قبل غيرها من الدول طيلة القرون السابقة ومعرفة البدائل التي وضعت لجر العالم الى حالة من الفوضى والشد نحو وقوع الازمات الاقتصادية عوضا عن العسكرة المباشرة التى كانت تمتلكها الامبراطورية البريطانية,
وكل الذين درسوا التاريخ دراسة اكاديمية يعلمون بان الانكليز لهم ما يفوق الاخرين فى موضوع الحروب والازمات والماسى وكانت لهم من الاسباب التى تدفعهم الى خلق مثل هذه الاجواء ولعل اهمها هى حرب الاستقلال والحرب الاهلية الامريكية فى القرن الثامن عشر والتاسع عشر ومن ورائها فقد تم اغتيال عدد من الرؤساء الامريكان والوفاة المفاجئة للرئيس الامريكى فرانكلين روزفلت 1944 بعد ان قال وبصوت واضح لونستون تشرشل في مؤتمر يالطا (ان زمن الامبراطوريات قد انتهى) . كل الذين درسو التاريخ دراسة اكاديمية يعلمون ان القدرة المالية بل القوة المالية المتمركزة فى لندن (وول ستريت ) لها شان لمايحصل الان وفى الماضى وحتى مستقبلا انهالعبة القوة المالية, فهي التى انقذت الحزب النازى فى 1933 من السقوط ماليا وشعبيا ايمانا منهم بالفاشية التى فشلوا فيها فى الولايات المتحدة وبهذا العمل تمكن الحزب النازى الالماني بقيادة هتلر كقوة فاشية فى المانيا واشعلت الحرب العالمية الثانية وقبلها ايضا الحرب العالمية الاولى التى كان من ابرز مخططيها ولى عهد االبريطاني ادوارد السابع عن طريق خلق مايسمى بازمة البلقان لمنع المانيا من البروز كقوة اقتصادية نتيجة لسياسة بسمارك, وحاليا تتداول فى الاذهان سيناريوهات السياسة البريطانية ودورها في موضوع بلقنة الشرق الاوسط بدأ بشمال افريقيا لغرض استهداف اسيا وجرها للصراع الذى لايمكننا التكهن بنتائجه, ولكنه ليس كما وقع فى الحروب السابقة فى الشرق الاوسط. ومن يتفحص تصريحات الرئيس الامريكى اوباما وبلير وساركوزى تجاه ايران وسوريا منذ بدء الازمة السورية والتلفيقات والاكاذيب التى قيل بشانها سيدرك تماما باننا امام وضع لايختلف عما حصل فى العراق قبل الاحتلال واذا مافشل مخطط المسار السوري او تباطئ فقد يدعو الامر الى استخدام الى زناد البندقية الاسرائلية لضرب ايران بعد ان تدعو امريكا اسرائيل الى هذا العمل , واخشى ان لايكون الموقف كذلك لانشغالها حاليا بموضوع اكبر من ذلك وهو كيفية الوقوف بقوه دبلوماسية وعسكرية امام السياسة الروسية التى يقودها الرئيس بوتين ووزير خارجيته سرجي لافبروف . ان المفهوم الامريكي للديمقراطية وكما عرفناه بعد احتلالها للعراق المتضمن الذبح والطائفية ولعبة المصالح وزرع الفرقة يجب التعلم منه , وتلك هي وصفات يسيل لها لعاب بريطانيا التى تراها ضمن المرتكزات الجيو سياسية واوارق رائجة لزعزعة البلد داخليا لضرب النسيج الاجتماعي واقليميا لخلق بؤر صراعات انية ومستقبلية والا ماذا يعني تودد الادارة الامريكية تجاه الاحزاب الدينية فى مصر وتونس , وهنا لابد لنا من ذكر ماكنة القتل لاوباما فى الحرب السرية التى انشات فى عهد جورج بوش- تشيني- شولتز عمليات الاغتيال بالطائرات المسيرة الكترونيا عن بعد وهي التى قامت فى ملاحقة موكب القذافي خوفا من الفضائح التى سيكشفها عن علاقته معها ومع بلير كاحد الاسباب, الا انه ليس السبب المباشر بل انها تأتي لاستمرار فى تنفيذ ماربهم بسرعة نحو الخطوة التالية لاستهداف اسيا المحصنة حاليا قبل استفحال الازمة المالية وانهيار نظامهم المالى .. ان الخوف ليس من الشر او نواياه ولكن الخوف مصدرة قلة الاستعدادات نتيجة عوامل عديدة منها ماهو مرتبط بعدم معرفة حقيقة الامور والنوايا , والمصيبة هنا هو صمت الاغلبية من البشر لغاية استفحال الشرا , ان ادراك الحقائق والمخططات النابعة من شذوذ الافكار والايدلوجيات المتناقضة مع القيم النبيلة للانسان وقبل فوات الاوان هو المطلوب معرفته من قبل القوى المناهضة, وبخلاف ذلك اننا امام مفترق الطرق كالذى حصل فى العصور الوسطى والتى انهت دول ومسحت شعوب لان البشر فشل حينها قد اصابته الغفلة , واما الفشل هذه المرة وهو فى معرفة وادراك هيكليلة هذا الشر وقراءته للاحداث على حقيقتها وعندما يكون هناك عالم تنتهك فيه ابسط المبادئ الانسانية واستهداف سيادة الشعوب حينها لابد من البحث عن مصدر وهيكلية تلك القوى التى تكون كالرحم الولود للشواذ الفكرى والايدلوجيات المهيمنة والمسيرة للاحداث لان ماجرى ليس اعتباطيا او صدفة بل مخطط استراتيجي ينفذ بدهاء واصرار لسنين وعقود طويلة لاجل اهداف غير معلنة .. وليس غريبا ان تسخر الصحافة الغربية وسائلها لنشر وتوضيح لما يجري وما يخطط له حاليا او مستقبلا فى الساحة الدولية بقدر مايسمح لها ذلك ولكنها فى كل الاحوال لاتقترب من الحقيقة كليا وهكذا فعلوا فى سوريا ومصر وليبيا وقبلها العراق فهى حرب نفسية اعلامية وتهديد اقتصادى وتلفيق سياسى واستخباراتي وشيطنة الذين يدافعون عن اوطنهم وهكذ مر علينا منذ عام 2001 ومايجري حاليا على خاصرة روسيا اليوم وهو الاكثر خطورة لان الموضوع يرتبط بالمشروع الغربي الذى يستهدف اسيا عن طريق احاطة روسيا واستفزازها للتدخل واستهداف المصالح الروسية والدفع نحو حرب اهلية بين المواطنين الاوكرانيين ذوى الاصل الروسي فى شبه جزيرة القرم المتمتعة بوضع خاص والتى منحت لاوكرانيا ايام زعامة نيكيتا خروشوف للاتحاد السوفيتى عام 1954 . ان الذى نراه وما يجرى فى اوكرانيا ليس مجرد معارضة انتفضت ضد حكومة لعدم توقيعها اتفاقية مع السوق الاوربية او صراع سياسى بل هو مشروع غربي لخلق الفوضى من قبل مجموعات يمينية متطرفة تحمل افكار شوفنية اقرب الى الافكار النازية وتمتلك بمساعدة الغرب وتجاهل روسيا عناصر مسلحة جاهزة لخلق الفوضى ويبدو ان القيادة الروسية تفاجئت بما حدث وادركت ان السيف الغربي بدء يقترب من رقبتها وان المصالح الروسية اصبحت مهددة وان تدخلها بحجة المحافظة على ذوى الاصل الروسي يدفعها للخوف من نشوب حرب اهلية وهذا ماتسعى اليه السياسة الغربية وعلى راسها امريكا كالذى مارسته فى سوريا ومصر لهذا اتجهت الى التخفيف فى استخدام لغة القوة برغم من انها وضعت بعض من قواتها الجوية بالاستعداد لمعالجة اي تطور قد يحدث مع ادراكها بان الامر يستدعى التهدءة وان مايثير الدهشة هو ان البعض مازال مستمرا فى تصديق التلفيق والنفاق السياسى والمخابراتي والاعلامي منذ تسعينيات القرن الماضى فى شن الحروب هنا وهناك بحجج واهية وخداعة مثل حقوق الانسان والديمقراطية والانتخابات وهكذا بدء المشروع المسمى بالربيع العربي الذى كان عملا من المستور المخابراتي للمخطط الغربي تحت لافطة اسلحة الدمار الشامل والارهاب الغاية منه هو الانطلاق فيما بعد الى اسيا وبالذات بلدان روسيا الاتحادية والصين كما قال الاقتصادى لاروش بتحذيره الذى تضمن بان الهدف الحقيقى لما يجرى من بلقنةالشرق هو اسيا ولهذا فان وول ستريت والنخبة المالية العالمية ترى ان الظروف قد اينعت وعلى وشك الخروج من نطاق السيطرةالاولى وستفقد هيمنتها لهذا ليس مستغربا زخم المناورات والازمات وتلفيق الاتهامات هروبا من الازامات الداخلية كما هو الحال مع الرئيس الامريكي اوباما الذى يواجه تهم خرق الدستور الامريكي باعطاءه الاوامر للقوات الامريكية لمهاجمة ليبيا من دون الرجوع الى الكونغرس ,, ان محور الخداع الذى يقوم به اوباما وكاميرون وهولاند قد ضاع عليهم وافشلته روسيا فى محاولتها فى تدويل موضوع سوريا رغم ان الاستعدادات كانت مخططة للتدخل عسكريا ورغم كل ماتفعله روسيا من مواقف تجاه دول معينة الا انها تبقى تاريخيا تحت المسائلة عن دورهها تجاه احتلال الولايات المتحدة للعراق دون ان تستخدم وسائلها التى استخدمتها مع سوريا
المصدر:
ماكتبه اختصاصيوا فى الشؤون المالية والاقتصادية
1926 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع