وطن واحد شعب واحد

الأستاذ الدكتور سلمان الجبوري

وطن واحد شعب واحد

تلك انشودة صدحت بها حناجر فرقة الانشاد العراقية ولا زالت ترن في اذاننا مذ سمعناها في منتصف ستينيات القرن الماضي ولم تكن جميلة في كلماتها او لحنها فحسب بل بدلالاتها المؤثرة بما يعمق الشعور بالاخوة بين أبناء الشعب دون الالتفات الى مكونات فسيفسائه الجميل، والانتماء الى جغرافيته بحدوده التأريخية.
ان أي شعب في الكون يعيش بأمان ضمن حدود دولته اذا ما تجاوز كل ما يفرقه ورتب أولوياته على أساس ان الوطن يسبق أي انتماء اخر سواء قومي او ديني او مذهبي وهذا يمنحه حصانة ويؤمن له امنا وسلما مجتمعيا ويقوي صفه بوجه أي تهديد خارجي. وفي الموروث الشعري نجد قيمة للتعاضد الجمعي الذي يتجاوز كل ما يفرق وبذلك يقوى الصف ويضحى عصيا امام الأعداء ولايمكنهم من اختراقه كما يقول الشاعر:
تَأْبَى الرِّمَاحُ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرًا وَإِذَا افْتَرَقْنَ تَكَسَّرَت آحَادَا
ومن مخاطر التفرق انه يمنح العدو قدرة على النفوذ داخل النسيج الوطني فيحقق أهدافه وفق سياسة فرق تسد والتي يجد في اعتمادها سبيلا للسيطرة على الشعوب فما بالنا اذا ما هيأة الشعوب هذه الفرصة للعدو.
ان تقسيم أي بلد الى اقاليم أي وخصوصا العراق يعد جريمة تأريخية لان البلدان بحدودها الجغرافية وبنظامها السياسي الواحد هي جامعة وما عداها من انتماءات قومية او دينية او مذهبية فهي مفرقة وبالتالي فأقامة الاقاليم على أي أساس كان يعد جريمة لاتغتفر.
ان الدعوات الى إقامة الأقاليم في أي بلد مهما تكن دوافعها كالشعور بالظلم او الحيف الذي تسببه سياسة النظام الحاكم وعدم اتسامه بالوطنية في التعامل مع جميع المكونات او الوحدات الجغرافية للدولة تبقى المطالبة بها امرا مرفوضا،
وعلى مستوى العراق فأن شعبه تميز بالتأخي والوطنية واكبر برهان على ذلك هو تلاحم جميع افراده في الدفاع عنه كما حصل في رد العدوان الفارسي في قادسية صدام المجيدة والتي خضب العراقيون من مختلف القوميات والادان والمذاهب بدمائهم ارض الوطن ويرجع الفضل في ذلك الى عدالة النظام في التعامل مع شعبه بما لايُشعِر أي فرد بالغبن فتكون التضحيات وفق مبدأ الواجبات أولا ثم الحقوق وكان مجرد تفكير أي فرد بالانعزال والابتعاد على مستوى مكونه يعد جريمة يحاسب عليها القانون. ان الفضل في ذلك يرجع بالأساس الى العدالة النابعة من اشتراكية الجزب التي تم بموجبها توفير الفرض بالتساوي بين جميع افراد المجتمع بما لايتيح الشعور بالغبن او الحيف.
وبعد الاحتلال وما رافقه من سوء إدارة الدولة وشيوع الفساد والولاء لاجندات خارجية بدل ان يتوجه الاهتمام الى مصلحة المواطن في كل بقاع الوطن دون تفريق بين مكوناته دفع كل ذلك الى تفكير البعض باساليب الانعزال والتقوقع داخل التجمعات السكانية على أساس جغرافي او قومي او مذهبي . ان تشخيصنا هذا لايذهب الى تبرير المطالبات بالاقاليم للمبررات أعلاه وانما لتأشير مركز الداء وبالتالي فلو كان النظام السياسي وطني خالص لانتبه الى مخاطر سلوكياته المنحرفة ولقطع الطريق على أي توجه نحو تلك الأهداف والنوايا.
لقد سبق وان دعت اطراف من هنا وهناك الى إعادة هيكلة العراق على أساس الاقاليم منها على أساس طائفي وأخرى على أساس جغرافي واخرها ما تناها الى اسماعنا من دعوات الى جعل البصرة إقليما وفي النية التصويت عليه من قبل مجلس المحافظة
ان موقفنا كعراقيين نعتز بانتمائنا الوطني ضمن العراق بحدوده الجغرافية وبفسيفسائه الجميل رافض لهذا النهج وندعو الى شجبه واسقاطه
وهنا لابد لي ان اخاطب اهل البصرة مدينة المدن وثغر العراق الباسم ان لا تتنازلوا عن كرمكم وعروبتكم ولا عن كرم الله لكم يوم كرمكم بأن تكون ارضكم مهد نبي الله إبراهيم الخليل ولا تتنازلوا عن الشرف الذي كرمكم الله به فتكونوا تبعية لايران الفرس بل ليكن اُصلائُكم جبل النار الذي تمناه الفاروق لحماية وطنكم ولاتكونوا بوابة للفرس فما حن اعجمي على عربي قط ورب الكعبة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1260 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع