د.رعد العنبكي
المعتصم:هو ابو اسحاق محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور ثامن الخلفاء العباسيين المشهور عنه قصة وامعتصماه
ولد المعتصم بالله سنة ( 179ه ) وتوفى المعتصم في سامراء سنة (227 ه) في 18- ربيع الاول المصادف ( 4-2- 842 م )
مبايعته :تولى المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد الخلافة بعد اخيه الماءمون لقد بويع له بالخلافة يوم مات اخوه المامون ب( طرسوس )
صفته :
كان المعتصم ابيض اضهب اللحيه طويلها مربوعا مشربا بحمره ذا شجاعة وهمة عالية وقوة مفرطه ( كان يقراء ويكتب وقراءته ضعيفه وكان فصيحا مهيبا عالي الهمة حتى قيل انه كان من اهيب الخلفاء العباسيين )
خلافته :
بناء سامراء : في سنة ( 221 ه ) بنى المعتصم مدينة ( سر من راى ) او ( سامراء ) وذلك ان بغداد ضاقت بكثرة الغلمان الترك الذين جلبهم المعتصم فاجتمع اليه رجال بغداد وقالوا :
(ان لم تخرج عنا هذا الجند حاربناك ) قال : وكيف تحاربونني ؟ قالوا : بسهام الاسحار
قال : لا طاقة لي بذلك فكان ذلك سبب بنائه ( سر من راى ) واقامته فيها
فتح عمورية :
ولا ينسى التاريخ للمعتصم ( فتح عمورية ) سنة ( 223ه-838 م )
يوم نادت باسمه امراءة عربية على حدود بلاد الروم اعتُديَ عليها فصرخت قائلة : ( وامعتصماه ) فلما بلغه النداء كتب الى ملكالروم :
من امير المؤمنين المعتصم بالله الى كلب الروم اطلق سراح المراءة وان لم تفعل بعثت لك جيشا اوله عندك واخره عندي ثم اسرع اليها بجيش جرار قائلا : ( لبيك يااختاه ) وفي هذه السنه (223ه ) غزا الروم وفتح ( عمورية ) هذا هو المعتصم رجل النجدة والشهامة العربية
كتب اليه ملك الروم كتابا يتهدده فيه فامر ان يكتب جوابه فلما قرئ عليه لم يرضه وقال للكاتب :
اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم
اما بعد :
فقد قراءت كتابك وسمعت ندائك والجواب ما ترى لا ما تسمع : ( وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ) الرعد : 42
قال اسحاق الموصلي : سمعته يقول : ( من طلب الحق بما له وعليه ادركه )
ملاحظة :
هذا هو المعتصم يجيب المراءة الهاشمية ( لبيك يااختاه ) عندما صرخت وامعتصماه وهذا هو المالكي يجيب اهل الرمادي والفلوجة( انتم فقاعة ) و ( نحن ما نطيه ) ويرسل جيشه الجرار وطائراته الحربية لقتال ابناء شعبه وامته ويفرض الحصار عليهم تلبية لنداء اعوانه الصفويين الفارسيين المجوس وبمساعدة جنودهم ومليشياتهم ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) سورة الانفال:30
معركة عمورية :
انتهز الامبراطور البيزنطي فرصة انشعال المعتصم في مطاردة الخرميين واغار على الحدود الاسلامية وهاجم
مدينة ( زبطرة ) وهي اقرب الثغور الاسلامية الى الاراضي البيزنطية فاحرقها وخربها وقتل رجالها وسبي نسائها واطفالها وقد غضب المعتصم لهذا الحدث خصوصا وانه كان يعتز بهذه المدينة كونها مسقط راس والدته ويذكر ابن الاثير ان امراءة هاشمية اخذت تصيح عندما وقعت في اسر الروم ( وامعتصماه ) فلما بلغ ذلك المعتصم اقسم بان ينتقم من الروم وان يخرب مدينة عمورية مسقط راس والد الامبراطور البيزنطي واهم مدينة في اسيا الصغرى وتم جمع جيشا كبيرا بلغ تعداده خمسمائة الف جندي تولى قيادته بنفسه كما ساعده كبار قواده كحيدر ابن كاوس ( الاخشين ) واشناس
ويقال ان اسم عمورية كان منقوشا على درع كل جندي في الجيش وتقدم المعتصم بجيوشه حتى التقى بجيش تيوفيل عام ( 838م ) فقامت بين
الجيشين معركة انتهت بانتصار جيش المعتصم ثم توجه الى مدينة عمورية وضرب حصارا عليها وبعد الحصار الشديد تمكن المعتصم من اقتحام عمورية عنوة وتخريبها واسر من فيها وقد وصف الشاعر ابو تمام انتقام المعتصم بالقصيدة التي مطلعها :
السيف اصدق انباء من الكتب في حده الحديين الجد واللعب
ويقال ان المعتصم كان يريد ان يواصل فتوحاته الى القسطنطينية غير انه اكتشف مؤامرة دبرها ابن اخيه العباس مع القائد عجيف بن عنسبه الذي سبق ان قضى على ثورة الزط مما اضطر المعتصم ان ينهي الحرب مع الروم ويقبض على العباس وعجيف فحبسهما ومنع عنهما الماء الى ان ماتا
مواجهة الثورات والفتن :
لقد حدثة في عهده ثورات : ثورة الزط وهم قوم من السند ( باكستان وبنجلادش الان ) وانضم اليهم نفر من العبيد فشجعوهم غلى قطع الطريق
وعصيان الخليفة وكان ذلك سنة (220ه –835م ) حيث عاثوا في البصرة فسادا ونهبوا الغلات فندب المعتصم احد قواده بقتالهم وانتصر عليهم
وكانت هنالك طائفة اخرى تسمى ( الخرمية ) تنسب الى احد الزنادقة ويسمى ( بابك الخرمي ) وانضم خلق كثير من اهل فارس حول هذا الشيطان
اللعين وكان اول ظهورهم سنة (521 ه ) حيث اسس دولة واسعة في اذربايجان وجوارها منذ عهد المامون اذ ان بابك الخرمي قد مزج بين الاسلام والمجوسية واسس دينا هجينا وعمد الى اصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية ما ساهم في بقاءه عصيا على الدولة العباسية عشرين عاما لولا القضاء عليها من قبل القائد حيدر بن كاوس (الاخشين) سنة (220ه-835م ) اخذ في اصلاح ما افسده الخرمية وجئ بزعيمهم ( بابك ) الى المعتصم فامر بقطع يدي بابك ورجليه ثم جز راسه وشق بطنه لقد قتل من المسلمين في مدة ظهوره ( مائتي الف وخمسة وخمسين الفا وخمسمائة انسان واسر خلق لا يحصى واباح الحرمات ونكاح المحرمات وثار احد العلويين ب ( الطالقان ) من خراسان وهو محمد بن القاسم بن علي بن الحسين بن علي بن ابى طالب فقاتله عبد الله ابن طاهر مرة بعد اخرى وسيق الى السجن وهكذا كانت تقوم ثورات ويقضى عليها ولكن ذلك لم يمنع المعتصم من الاهتمام بالعمران والبناء فبنى مدينة سامراء ( سر من راى ) بشرق دجلة ومد اليها نهرا سماه ( نهر الاسحاقي )
وعندما احترقت ( سوق الكرخ ) عوض التجار عن خسائرهم واهتم بالبريد في ايامه حتى اصبحت الرسائل تصل بسرعة اكثر مما كانت عليه من قبل
الاستعانة بالترك :
واذا كان سابقوه من الخلف قد استعانوا بالفرس فان المعتصم كان محبا للعنصر التركي حتى اجتمع له منهم اربعة الاف جندي واقطعهم الاقطاعات الكبيرة في مدينة سامراء حتى لا يضايق اهل بغداد وكما كان للفرس دورهم في حياة الدولة العباسية منذ نشاءتها فان العنصر التركي اصبح له دوره والسبب في استعانته بالجنود الاتراك وذلك للحد من المنافسه الشديده بين العرب والفرس في الجيش والحكومة وجلب الجنود الاتراك من مناطق اسيا الوسطى
كسمرقند وخوارزم وبلغت اعدادهم ما يقارب بضعة عشر الفا
وفاته:
احتجم المعتصم في اول يوم من محرم سنة(227ه) فاصيب عقب ذلك بعلته التي قضت عليه يوم الخميس لثماني ليال مضت من شهر ربيع الاول من تلك السنة
لقد كانت خلافته ثماني سنين وثمانية اشهر وثمانية ايام وهو ثامن الخلفاء من بني العباس ومات عن ثمانية بنين وثماني بنات وتولى الخلافة سنة ثمان عشرة ومئتين وفتح ثمانية فتوح فكان يلقب ب (المثمن ) وكان رحمه الله طيب النفس ومن اعظم الخلفاء واهيبهم واثر وفاته عام (842م) بويع بالخلافة ابنه الواثق بالله
وبهذا القدر اكتفي ياسادتي الكرام والى مقالة اخرى انشاء الله تعالى
ولكم مني اطيب المنى
اخوكم المخلص
الدكتور
رعد العنبكي
1590 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع