قصة وحكمة ...بيت لا يعرف الحزن
منقولة:مؤيد الناصر
هناك أسطورة صينية تحكي أن سـيدة عاشت مع ابنها الوحيد في سعادة ورضا حتى جاء الموت واختطف روح الابن, فحزنت السيدة حزناً عظيماً لموت ولدها ولكنها لم تيأس بل ذهبت إلى حكيم القرية وطلبت منه أن يخبرها بالوصفة الضرورية لاستعادة ابنها إلي الحياة مهما كلفتها تلك الوصفة من ثمن .
أخذ الشيخ الحكيم نفساً عميقاً وشرد بذهنه ثم قال :أنتِ تطلبين وصفة لإعادة ابنك إلى الحياة ؟ حسناً لا بأس فقط احضري لي حبة خردل واحدة بشرط أن تكون من بيت لم يعرف الحزن مطلقاً .
وبكل همة أخذت السيـدة تدور على بيوت القرية كلها و تبحث عن هدفـها (حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن مطلقاً) فطرقت باب أحد البيوت وفتحت لها امرأة شابة فسألتها السيدة هل عرف هذا البيت حزناً من قبل؟ ابتسمت المرأة في مرارة وأجابت وهل عرف بيتي هذا إلا كل حزن؟ و أخذت تحكي لها أن زوجها توفى منذ سنة وترك لها أربعة من البنات والبنين ولا مصدر لإعالتهم سوى بيع أثاث الدار الذي لم يتبقى منه إلا القليل .
تأثرت السيدة جدا و حاولت أن تخفف عنها أحزانها و بنهاية الزيارة صارتا صديقتين ولم ترد أن تدعها تذهب إلا بعد أن وعدتها بزيارة أخرى، فقد فاتت مدة طويلة منذ أن فتحت قلبها أحد تشتكي له همومها .
و قبل الغروب دخلت السيدة بيت آخر لنفس المطلب ولكن الإحباط سرعان ما أصابها عندما علمت من سيدة الدار أن زوجها مريض جداً و ليس عندها طعام كافٍ لأطفالها منذ فترة وسرعان ما خطر ببالها أن تساعد هذه السيدة فذهبت إلي السوق واشترت بكل ما معها من نقود طعام و بقول ودقيق وزيت ورجعت إلي سيدة الدار وساعدتها في طبخ وجبة سريعة للأولاد واشتركت معها في إطعامهم ثم ودعتها على أمل زيارتها في مساء اليوم التالي .
و في الصباح أخذت السيدة تطوف من بيت إلي آخر باحثة عن حبة الخردل وطال بحثها لكنها للأسف لم تجد ذلك البيت الذي لم يعرف الحزن مطلقا لكي تأخذ من أهله حبة الخردل .
و لأنها كانت طيبة القلب فقد كانت تحاول مساعدة كل بيت تدخله في مشاكله وأفراحه وبمرور الأيام أصبحت السيدة صديقة لكل بيت في القرية، نسيت تماما أنها كانت تبحث في الأصل على حبة خردل من بيت لم يعرف الحزن فقد ذابت في مشاكل ومشاعر الآخرين ولم تدرك قط إن حكيم القرية قد منحها أفضل وصفة للقضاء على الحزن حتى ولو لم تجد حبة الخردل التي كانت تبحث عنها فالوصفة السحرية قد أخذتها بالفعل منذ أن دخلت أول بيت من بيوت القرية .
( فرحاً مع الفرحين وباكياً مع الباكين)
ليست مجرد وصفة اجتماعية لخلق جو من الألفة والاندماج بين الناس إنما هي دعوة لكي يخرج كل واحد من أنانيته وعالمه الخاص ليحاول أن يهب من حوله بعض المشاركة التي تزيد من بهجته في وقت الفرح وتعزيه وتخفف عنه في وقت الحزن إلي جانب أن هذه المشاركة لها فائدة مباشرة عليك ليس لأنها ستخرجك خارج أنانيتك وستجعل منك شخصية محبوبة فقط إنما لأنها ستجعلك أيضاً إنسانا سعيدا أكثر مما أنت عليه .
1781 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع