سيف الدين الألوسي
طيلة العقود السابقة والحالية والمستقبلية ,كانت وستبقى الاكثرية من الشعب العراقي داخل الوطن وخارجه متهجولة ولا تعرف راسها من رجليها ,
فالذي بقي في الوطن تراه غير مستقر لا نفسيا ولا جغرافيا ولا وظيفيا ! أما من لمم جوالاته وهاجر في أرض الله الواسعة ورغم مضي سنوات على هجرته فهو بين حانة ومانة ! لا يدري بانتمائه الحقيقي وهل هو للبلد الذي ولد وترعرع فيه وخدمه وضحى بكل شئ لاجله وهو لا يستطيع أن يمسح هذا الوطن من ذاكرته , لأن تلك الذاكرة هي الخزين والثروة الوحيدة التي يملكها , أو ينتمي الى الوطن الجديد الذي أحتضنه وقدم له من أحترام أنساني وأخلاقي .
أعرف الكثيرين ممن سبقونا بالهجرة الى مختلف قارات البسيطة ومضى عليهم عقود في بلدانهم الجديدة ولا يزالوا لا يعرفون أين هم , وبالرغم من نجاحهم المهني والعلمي واستقرارهم النسبي , كان احد الاصدقاء قد هاجر الى نيوزيلندا منتصف التسعينيات , وعادل شهادته وبرز في عمله , ولكنه كان يقول دائما بأنني محضر جنطة السفر دائما منتظرا العودة الى بلدي لخدمته وفي ميدان اختصاصه , والى اليوم ينتظر حيث أكل العث ملابسه داخل الجنطة !!!!
قصص كثيرة وماسي كثيرة يتداولها الملايين ممن تركوا وطنهم مجبرين وليس مخيرين ولأسباب خارجة عن ارادتهم ولا زالوا بانتظار الامل الذي يبدو انه سوف لن يأتي !
في داخل العراق نرى نفس الشئ, حيث يفكر الشباب والخريجين الجدد بالهجرة مع الاسف, حيث فقد الكثيرين منهم الامل بمستقبل آمن وكريم لهم في ظل الاوضاع التي يعيشها العراق , قبل فترة وصلتني رسالة من أحد الاطباء الشباب , يشكو فيه حالة الاطباء الشباب وغيرهم من حالات التدخل في عملهم والتهديدات العشائرية لهم , وقد أحزنني قوله , تعال شوف حالة الاطباء الشباب اليوم ومقدار معاناتهم وحالة المستشفيات الحكومية , والتي كتبت أنت عنها سابقا بأنها كانت الافضل في الشرق الأوسط !
هنالك الكثير من الدول والشعوب قد مرت بفترات طويلة من الحروب والازمات , ولكنها تعافت منها واستقرت وتطورت ومنها المانيا وفرنسا وحتى فيتنام على سبيل المثال لا الحصر! ما عدى العراقيون فهم لا يزالون يراوحون في اماكنهم ومثل شخص راكب دراجة هوائية بدون زنجيل !!
وبمناسبة الانتخابات القادمة وبيانات المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات حول تحديث سجل الناخبين , والأسراع باستخراج البطاقة الذكية للمشاركة بالانتخابات ( كأنها تخاطب الشعب السويسري المرتاح !! ) ,حيث معنى هذا الاجراء هو تصعيب الموقف للكثير من المتهجولين داخل وخارج القطر , وحرمانهم من المشاركة في تلك النعمة الربانية وهي حرية الانتخاب , وممارسة حقهم الدستوري بكل شفافية ومرونة وانسيابية لزيادة افراحهم وسعادتهم التي لا تنتهي الى ما لا نهاية ..
أقترح أن تشكل قائمة أنتخابية تسمى قائمة (( متهجولون )) حيث ستضم الملايين من العراقيين السعداء والاكفاء والمهنيين بكافة قومياتهم واديانهم ومذاهبهم ومشاربهم , وأن يعطى لها الرقم الانتخابي ما لا نهاية , أو أنفنيتي بالرياضيات, وبرمزها الرياضي المعروف ...وكل انتخابات وانتم بكل سعادة واستقرار وعدم تهجول .
1518 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع