أحمد صبري
امتدت يد المنون إلى رمز من الرموز القومية الراحل سلام أحمد الذي بقي يحلم بتحقيق مشروع الوحدة على الرغم من تجاوزه الثمانين من عمره
على الرغم من الارتدادات التي أصابت سعي المتحمسين لهذا المشروع
والراحل أبواحمد كان يراهن على تجاوز الكارثة التي ألمت بالعراق والأمة بالاعتماد على المخلصين من أبناءها ويرى في فكر الزعيم جمال عبد الناصر ومشروعه، الأمل والملاذ لتخليص الأمة من حالات الانكسار والعثرات
إنه المناضل سلام احمد ابن البصرة الفيحاء الذي انتمي إلى حركة القوميين العرب في ذروة المد القومي عندما طالبا في الجامعة الأمريكية ببيروت في خمسينيات القرن الماضي وعاصر الرواد هاني الهندي والمرحوم باسل الكبيسي والمرحوم سعدون حمادي ومناضلين عرب آخرين كان لهم الفضل في استمرار جذوة النضال القومي في تلك الفترة
وقبل نحو اسبوعين من رحيله هاتفت أبا احمد فرد علي رغم اشتداد مرضه إلا أنه أشعرني انه قوي بالمبادئ التي آمن بها ويحلم أن تتحقق رغم حال الانكسار والتردي بفعل مااصاب قضية فلسطين واحتلال العراق وتغول الطامعين بأرض العراق وسيادته وعروبته
وما زادني اعتزازا وفخرا بموقفه الوطني والقومي أنه حملني مسؤولية أكبرت فيه عمق انتمائه وتمسكه بالعراق العربي الموحد بوصيته أن تكتب على قبره عند رحليه إلى الباري عز وجل مطلع رائعة الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب (الشمس أجمل في بلادي من سواها)
والراحل سلام احمد مضى على انخراطه بالسياسة مناضلا ومفكرا نحو ستة عقود تقلد خلالها مسؤولية قيادة حركة القوميين العرب في العراق ومهمات نضالية في سوريا ومصر ولبنان والكويت في فترات هي من أشد فترات الإثارة في تاريخ العراق والنضال العربي
كان قريبا من عبد الناصر ومن دائرة اتخاذ القرار في الرئاسة المصرية خلال ستينيات القرن الماضي وحاول خلالها أن يعزز أسس العلاقة بين فرع الحركة بالعراق ومصر إلا أن المتصيدين بالماء العكر وضعوا العراقيل في طريقه
عمل بالصحافة فترأس صحيفة الثورة العربية لسان حال الاتحاد الاشتراكي العربي بالعراق في ستينيات القرن الماضي بعدها ابتعد قليلا عن السياسة وتفرغ للعمل التجاري واتخذ الكويت مقرا له
واثأر غزو العراق واحتلاله عام 2003 في سلام أحمد كل عوامل النخوة والرفض والتحدي لادراكه بمخاطره على وحدة العراق واستقلاله ودوره القومي ورأى فيه عدوانا سافرا ومشروعا لإضعاف العراق وإخراجه من دائرة الصراع العربي الصهيوني
وخلال الفترة التي أعقبت احتلال العراق حاول سلام أحمد أن يستجمع طاقات القوى المناهضة للاحتلال ومشروعه وخاصة القوى القومية إلا أنه أصيب بخيبة أمل لاختلاف الرؤى في معالجة الحال التي وصل إليها العراق
وكان يرى في المشروع الوطني العابر للطائفية والعرقية منقذ العراق وحاميه من محاولات تشظيه وتقسيمه والمحافظ على عروبته وهويته العربية وعمق ارتباطه بأمته العربية
وراهن سلام أحمد على التيار القومي العروبي فصائله كافة ودوره في الحياة السياسية لأنه كما يعتقد تيار نظيف ووطني ومخلص وعابرللطائفية والعرقية وهو الأمل في إخراج العراق من محنته
وعلى الرغم من اشتداد مرضه زاربغداد العام الماضي في مهمة وطنية سعى خلالها لتوحيد أطراف التيار القومي العربي في كيان واحد لمواجهة استحقاقات المرحلة الخطرة التي يمر بها العراق ومسؤولية القوى القومية العربية بالاضطلاع بهذا الدور الوطني
وعلى الرغم من انه لم يفلح في مسعاه إلا أنه يراهن على المخلصين لإنضاج مشروع وطني يستجيب لشواغل العراقيين وتطلعاتهم بوطن آمن وموحد ومستقر وغير قابل للقسمة
وحاولت مرة أخرى أن اطمئن على وضعه الصحي هاتفيا إلا أن زوجه أم أحمد ابلغتني بصعوبة تحدثه معي غير أنها أبلغتني أن آبا احمد يوصيك بتنفيذ وصيته
وهكذا نودع أنسانا كان يحلم بوطن يستظل به الجميع وأراد أيضا أن يستظل بشمسه وهو في لحده
الرحمة لأخي وصديقي الراحل العزيز سلام أحمد ،وسيبقى في ذاكرتنا إنسانا وطنيا أحب العراق وأمته
1495 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع