
احمد موسى جياد
على وزارة النفط التهيئة لخروج الشركات الروسية من القطاع النفطي
هذه مداخلة مقتضبة وسريعة تهدف الى جلب الانتباه الى التطورات الأخيرة التي سيترتب عنها تبعات مباشرة ومؤثرة ومهمة وسلبية على القطاع النفطي العراقي.
بسبب العقوبات الثلاثية (الاوربية-البريطانية-الامريكية) التي فرضت مؤخرا على شركتي النفط الروسية لوك اويل وروسنفط، بدأت شركة لوك اويل ببيع أصولها الدولية ومنها تلك التي في العراق. قد تدفع تلك العقوبات كل من شركة روسنفط وربما شركة غازبروم على بيع أصولهما في العراق ايضا. للشركات الروسية الثلاثة عقود مع الشركات التابعة لوزارة النفط، بينما لشركتي روسنفط وغازبروم عقود عديدة مهمة مع حكومة إقليم كردستان.
لهذه الشركات الروسية الثلاثة عقود لتطوير حقول نفطية منتجة فوق عملاقة وعملاقة ولرقع استكشافية تم توقيعها مع الشركات النفطية التابعة لوزارة النفط الاتحادية ضمن جولات التراخيص الاولى والثانية والرابعة. فقد تعاقدت شركة لوك اويل على تطوير حقل غرب القرنة 2، وعلى الرقعة الاستكشافية رقم 10، بالاشتراك مع شركة امبكس Impex اليابانية، حيث تم اكتشاف حقل اريدو فوق عملاق. اما شركة روسنفط فقد تعاقدت احدى شركاتها، وهي Bashneft، على الرقعة الاستكشافية رقم 12 حيث تم اكتشاف حقل سلمان. كما وتقوم شركة غازبروم بتطوير حقل بدرة النفطي ضمن ائتلاف يضم شركات كورية وماليزية وتركية.
حققت جميع هذه الشركات نتائج جيدة للغاية في تطوير الحقول والرقع الاستكشافية المتعاقد بشأنها. وجميع هذه الشركات الروسية هي المشغل operator للحقول والرقع التي تعاقدت عليها.
كما ان لكل من شركتي روسنفط وغازبروم مواقع مهمة ايضا من خلال عقود المشاركة في الإنتاج وتمويل مسبق لصادرات نفطية وحصة في ملكية أنبوب نفط الإقليم وغيرها.
لمستعجليه الامر، تركز هذه المداخلة على موضوع عقود شركة لوك اويل مع وزارة النفط فقط، حيث أثيرت في مصادر الصناعة الدولية اخبار تتعلق بعرض الشركة المذكورة بيع أصولها في العراق، وكما في الملاحظات التالية:
أولا: لغاية تاريخه لم تتناول وزارة النفط، في موقعها الالكتروني، هذا الموضوع ولم تقم حتى بالإشارة اليه رغم أهميته وتأثيره وخطورته!!
ثانيا: لشركة لوك اويل عقدان: عقد خدمة لتطوير حقل غرب القرنة 2، ضمن جولة التراخيص الثانية الخاصة بالحقول المكتشفة البكر. وعقد خدمة للرقعة الاستكشافية 10، ضمن جولة التراخيص الرابعة. وعلى الرغم من ان كلا العقدين هما عقود الخدمة الا انه توجد فروقات جوهرية ومهمة بينهما بسبب طبيعة موضوع العقدين. هذا يحتم، بنظري، معالجة الموضوع في ضوء مجمل الشروط والضوابط والمواد الواردة في كل عقد على حدة.
ثالثا: يشكل موضوع "القوة القاهرة"، بسبب العقوبات الثلاثية المشار اليها في بداية هذه المداخلة، أساسا قانونيا وتعاقديا حاسما يجب اخذه بنظر الاعتبار. تتناول المادة 31 في كلا العقدين موضوع القوة القاهرة.
رابعا: لقد عرضت شركة لوك اويل بيع أصولها في العراق الى مجموعة Gunvor السويسرية. وهنا لابد من تقديم الملاحظات التالية:
1- ان مجموعة Gunvor متخصصة في المتاجرة بالنفط والمنتجات النفطية والنقل والتخزين، ولها مكاتب وفروع في دول عديدة. ولكنها ليست شركة نفطية متخصصة في القيام بنشاطات الاستكشاف وتطوير الحقول وإنتاج النفط والغاز. وهنا يبرز خلاف جوهري هيكلي واضح وكبير جدا: فشركة لوك اويل شركة متكاملة لها نشاطات على امتداد سلسلة قيم الصناعة النفطية من الاستكشاف الى البتروكيماويات. في حين ان مجموعة گنفور تعمل في الخدمات التجارية النفطية الدولية.
2- يترتب على ما ذكر أعلاه عدم إمكانية مجموعة گنفور القيام بمهام شركة لوك اويل في كلا العقدين او أي منهما. كما لا تمتلك هذه المجموعة الشروط والضوابط التي تطلبها وزارة النفط في "الشركة المشغلة" لاي من العقدين، فهل ستتفق مجموعة گنفور مع شركة نفطية دولية متخصصة لهذا الغرض!!؟؟. ولهذا فانه من الصعب جدا، ان لم يكن مستحيلا، تجاوز الشروط والضوابط التي يتطلبها تفعيل المادة (28) Assignment المتعلقة بنقل الالتزامات والحقوق الواردة في عقدي لوك اويل المشار اليهما أعلاه.
3- وإذا كانت الصفقة محصورة بأصول لوك اويل، فماذا بشأن حصة شركة امبكس اليابانية (40%) في الرقعة الاستكشافية رقم 10!!
4- لا تملك شركة لوك اويل، ولا اية شركة أخرى، أي أصول مادية يحق لها تعاقديا بيعها او التنازل عنها او منحها الى أي شركة أخرى. وهذا واضح جدا ومفصل في المادة (31) في عقود الخدمة لجميع جولات التراخيص الأربعة الاولى. ما تستطيع شركة لوك اويل بيعه هو "حصتها المستقبلية من صافي أجور الخدمة المحددة في العقد المعني". وحتى في هذه الحالة يجب دفع ضريبة الكسب المالي عن قيمة صفقة بيع الحصة المستقبلية.
خامسا: سيكون التاثير المباشر لفرض العقوبات على شركة لوك اويل ودفعها لتصفية نشاطاتها في العراق بارزا في التاثير على خطط ووتائر الإنتاج في حقل غرب القرنة 2 واستكمال العمل في الرقعة الاستكشافية رقم 10 بضمنها تطوير حقل اريدو العملاق وتوسيع مساحة الرقعة الواعدة باستكشاف مهم اخر، كما تشير اليه اخر البيانات المتوفة.
سادسا: وقد يتوسع التاثير السلبي على القطاع النفطي في حالة قيام الشركتين الروسيتين، روسنفط وغازبرم، ببيع اصولهما ومغادرة العراق ام لا- فقد فرضت العقوبات على شركة روسنفط وكافة فروعها والشركات التابعة لها، وستتأثر بتلك العقوبات، ولكنها لم تحدد لحد الان كيفية التعامل مع تلك العقوبات. اما شركة غاز بروم فلم تفرض عليها عقوبات لغاية تاريخه، ولكن قد يحصل ذلك في أي وقت. وعندها يحصل تغيير دراماتيكي كبير في التموضع الاستراتيجي لشركات النفط الدولية في قطاع تطوير وإنتاج النفط في العراق.
ختاما، الامر مقلق وخطير ومؤثر للغاية وارى ان على وزارة النفط بحث الموضوع بكل جدية وبسرعة وتحديد كافة البدائل الممكنة والتواصل مع الجانب الروسي (على الجانب الرسمي ومع الشركات الروسية المعنية) حفظا على حقوق العراق في ضوء العقود الموقعة والانجازات المتحققة لغاية تاريخه. ويفضل ان تقوم الوزارة بالإعلان رسميا وبكل وضوح عن موقفها واجراءاتها لمعالجة الموقف.
لأهمية الموضوع ارجو نشر وتوزيع هذه المداخلة الى أوسع نطاق ممكن.
النرويج
3 تشرين ثاني/نوفمبر 2025

1017 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع