الوجودية وموقف الإسلام

الاستاذ الدكتور : نزار الربيعي

الوجودية وموقف الإسلام

تنسب كلمة الوجودية إلى الوجود لا الوجود المطلق ولكنها تعني أن يهتدي الإنسان إلى وجود بنفسه لا بالتحليل النفسي والمراقبة الباطنية ولا يهتدي بهدي الأخلاق المقررة وأصول الآداب المتواضع عليها لأنها تنشأ قبل نشوء الأفراد وإنما تهتدي إلى وجودنا بثورة في أعماق هذا الوجود اتّجاه فلسفي و بدأت الوجودية بمؤسس هذا المذهب في العصر الحديث سورين كركجارد الدنماركي وكانت حياته تفسر مذهبه إذ صدم في مقتبل شبابه ثم تعددت المذاهب فأصبحت وجوديات كثيرة وكان الأساس الصحيح التي تقوم عليه الوجوديات السليمة ،أنه إما أن يختار وجوده بإلهام ضميره أو يضيع. حتّى ندرك حقيقة هذه العبارة لابد أن نذكّر بأنّ الفترات السابقة لحدوث الوجودية كانت فترات سُحق فيها الفرد وأُلغي وجوده وكيانه ، وأصبح ترساً في آلة ضخمة تسحقه وتفنيه في سبيل بقائها ، هذه الآلة إما هي المجتمع والشعب كما في التصور الماركسي وإمّا هي الدولة والكيان السياسي كما في الحياة الحزبية .
ولمّا ضعت الحرب العالمية أوزارها نشأ اتّجاه بدأ يعود بالفكر والتأمّل في الوجود ،
لا الوجود المطلق كما هو دأب الفلسفة منذ القدم ، وإنّما وجود الإنسان في ذاته كفرد لا كجنس ونوع .
جاء هذا الاتجاه كردّ فعل لحالة من ذوبان الفرد في السابق ليبعث الكيان الفردي من جديد ويقدّس النّزعة الفرديّة في حالة من الغلوّ المضادّ .وذهب أساطين هذا الاتجاه مذاهب شتّى في التعبير عن وجود الفرد ، بعضها كان خلقيا مثاليا لكن الاتجاه السائد لهذا الفكر نزع إلى نظرة تشاؤميّة ترى وجود الإنسان عبثاً ، وترى أنّه أُلقي في هذا الوجود دون غاية ودون موجّه ودون عناية ،ولهذا أصبح التعبير عن وجود الفرد في تصوّر هؤلاء هو الانغماس في كلّ الملذات دون حد ولا قيد هذه هي الوجوديّة وهذا هو جوهرها ، مهما تفلسف رموزها في محاولة بائسة لصبغها بصبغة فكرية ثقافية .
وهذا يعني أنّ الوجودية السائدة لم تكن منطبقا ولا مبدءا كما يُفترض بالفكر الفلسفي أن يكون ، وإنّما جاءت هنا كغطاء لحالة الانحلال الخلقي الّتي يعيشها أصحاب هذا الاتجاه .
وانتقلت هذه الأفكار إلى لعالم الإسلامي عبر الترجمة للأعمال الفلسفية لكن ظهورها وآثرها على الأمّة ظهر من خلال الإنتاج الأدبي والفني التّي عبرت عن حالة الغرابة و الضياع واللاجدوى والعبث والانفلات كما يتصوّره ويصوّره الوجوديّون ، ولكن لم تعرف كفلسفة بقدر ما عرفت مما سرى من آثارها في الأعمال الأدبية كالقصة والرواية التي عبرت عن حالة الغربة والضياع واللاجدوى،لا سيما عقب الحرب العالمية الثانية.
أما الصورة الأخرى فهي صورة من صور اللأخلاقية يقيمها أصحابها على سند فلسفي يسوغون يه ضعفهم وانحلالهم وهم يخجلون من الضعف والانحلال بغير سند منسوب إلى الفكر والفلسفة


ولم يبعد المذهب على هذه الصورة التي تركها ”كير كجارد (1813-1855م) إذ انتقل إلى فرنسا على يد أمثال سارتر وألبرت كاموس وسيمون دي وخضعت لسمات خاصة ففيها النزعة الوجدانية وفيها الإيمان بحرية الفرد وفيها التمرد على سلطان الكهانة
وارتبطت الوجودية في الأذهان لدى المثقفين بعامة بـــ سارتر وإنتاجه الفلسفي والأدبي
وأكثر ما تتمثل آراؤه في رواياته المسرحية وأبطاله المعروضة في تلك الروايات ومنهم من يستبيح الإجرام والشذوذ أو التبذل أو الخيانة فلذا سنقتصر على الإلمام بآرائه توطئه لنقدها من وجهة النظر الإسلامية .
و الأساس الفلسفي للوجودية تقوم الوجودية كفلسفة على فكرة رئيسية مؤداها أن الوجود أسبق من الماهية ويعرف سارتر الوجودية بأنها مذهب إنساني إلا أنه يلح في تحليل النواحي القذرة البشعة من الإنسان في قصصه ومسرحياته ويعود موقفه الميتافيزيقي إلى الإدعاء بأنه يجب البدء من الذاتية لدراسة الإنسان فينظر إليه كما هو موجود في بيئة معينة وفي كل فرد دون اعتبار للمعنى الكلي الذي يقال إنه يمثل الماهية .
وفي هذا الصدد يقول سارتر إن ذلك يعني أن الإنسان يوجد قبل كل شي يصادف ويظهر في الطبيعة والكون ومن ثم يحدد ويعرف أنّ الفلسفة الوجودية غير مقصودة لذاتها وإنّما هي مجرّد غطاء ثقافي فكري للانحلال الخلقي .
ولهذا تعجب من قول الوجوديين إنّ أساس فلسفتهم القول بأن الوجود أسبق من الماهيّة . فالفرد عندهم له ماهيته الخاصة التي يخلقها هو ويحدّدها ، فهو يوجد أولاً ثم تتشكّل ماهيّته ، لا العكس كما هو سائد قبل ذلك أشهر رجالات الوجودية هو الأديب الفرنسي جان بول سارتر يعرّف الوجودية بأنّه مذهب إنساني .
لكنّه حين يحلّل وجود الإنسان ويتحدث عنه في مسرحياته وقصصه فإنّه يصر على ذكر النواحي القذرة والبشعة منه ، وهو يدعي أنّنا لابد أن ننظر إلى وجود الفرد
الأساس الفلسفي للوجودية تقوم الوجودية كفلسفة على فكرة رئيسية مؤداها أن الوجود أسبق من الماهية ويعرف سارتر الوجودية بأنها مذهب إنساني إلا أنه يلح في تحليل النواحي القذرة البشعة من الإنسان في قصصه ومسرحياته ويعود موقفه الميتافيزيقي إلى الإدعاء بأنه يجب البدء من الذاتية لدراسة الإنسان فينظر إليه كما هو موجود في بيئة معينة وفي كل فرد دون اعتبار للمعنى الكلي الذي يقال إنه يمثل الماهية .
وفي هذا الصدد يقول سارتر إن ذلك يعني أن الإنسان يوجد قبل كل شي يصادف ويظهر في الطبيعة والكون ومن ثم يحدد ويعرف ، عند بعضهم أن وجود الفرد يتقرر ويتحقق بإطلاق العنان لرغباته وشهواته يفعل ما يشاء ولا يبالي العرف أو الدين وعند فريق أخر من الوجوديين أن الفرد يتحقق وجوده إذا اتصل بالوجود الأعم وجود الإله أو وجود الكون وتصور سارتر ناجم عن إلحاده وكفره إذ ينكر ماهية الإنسان المخلوق سلفا وبعبارة أخرى فإنه مادام الفرد هو الموجود الحقيقي فلا معنى للقول بالطبيعة البشرية والقول بالأخلاق التي تفرضها هذه الطبيعة أو بالأقدار التي رسمت لها طريقها قبل أن تبرز إلى عالم الوجود ومادام الإنسان مدعوا في كل لحظة لعملية يسميها (اختراع الإنسان) فإنه يحتاج إلى تغيير أخلاقه دون التوقف عند مبادئ ثابتة .
.وهنا يحس بالمأزق لأن هدم أسس الأخلاق وإنكار القيم الأزلية لا يبقى على شئ له أهمية واعتبار في الحياة ويصبح الفرد قادرا على التصرف كما يشاء وعاجزا في الوقت نفسه عن الحكم على تصرفات غيره
مثل النقد الفلسفي للوجودية إن تصور سبق الوجود على الماهية خطأ في العقل والمنطق خطأ في القياس والاستدلال (فوجود النوع الإنساني أولا وجود حقيقي صادق في الحس كصدق وجود الفرد أو أصدق لأن وجود النوع الإنساني حقيقة بيولوجية من حقائق اللحم والدم وليس فرضا من فروض التصور في الأذهان ولا يتم كيان الفرد نفسه إلا إذا نضجت من الوظائف النوعية التي يتحقق بها وجوده كما يتحقق بها النوع )
أن الوجودية يفهم منه أنه لا يهتم بوصف مظاهر خيرة من مظاهر الحياة بل يصور إلا الجبان والفاسق والضعيف والمائع وصاحب الخلق المنحل متناسيا مظاهر الحياة في المستقبل فكأنه ينظر دائما إلى الذين هم فضلات في جسم الإنسانية متخذين منهم مقطع النظر إليها جميعا
وإن الوجوديين يتعمدون إنكار الأحاسيس بالانتصار والنجاح ومتعة الوصول إلى الأهداف وخبرة السعادة بالتضحية والإيثار وغيرها من مباهج الحياة ومتعتها المشروعة .وإلا أصبحت الحياة غير محتملة، لأقبلت البشرية كلها على الانتحار الجماعي لو اقتصرت على الصور الممسوخة التي يقدمها سارتر في قصصه ومسرحياته، ولدمر الإنسان نفسه بنفسه.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1008 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع