بعد ٥٧ عاما وثورة ١٧- ٣٠ تموز لازالت تزداد القاً

أ.د. سلمان الجبوري

بعد ٥٧ عاما وثورة ١٧- ٣٠ تموز لازالت تزداد القاً

تكاد تنفرد ثورة 17-30 تموز 1968 من بين كل الثورات في العالم بميزات أهمها كونها ثورة بكل معنى الكلمة، إضافة الى اتسامها بدقة التخطيط لانجاحها وسرعة تحقيق المنجزات خلال مدة قصيرة لم يتجاوز امدها العشر سنوات.
ففيما يخص التخطيط لها فرغم الظروف التي أحاطت بالحزب منذ الردة السوداء في 18 تشرين الثاني 1963 من مطاردات وسجون وتضييق فقد استطاعت طليعة من البعث كانوا فتية امنوا بربهم وبعقيدتهم وبصدق أهدافهم فتعززت ثقتهم بتحقق النصر فتمكنوا من تفجير ثورة بيضاء بكل نجاح. وقد شرعت قيادة الثورة ومنذ اللحظة الأولى لانطلاقتها بتحقيق ما وعدت به جماهير الشعب. ان سعي الثورة لتحقيق الأهداف التي رسمتها على المستويين الوطني والقومي قد الب الأعداء ضدها كون تلك المنجزات كانت تمثل خطوة جريئة وفريدة تضعف مساعي الامبريالية العالمية التي تسعى لابقاء الصراعات ملتهبة في الشرق الأوسط لاحكام السيطرة عليها وتوجيهها باتجاه مصالحها . لذا نرى ان كل الخطوات الثورية التي خطتها ثورة 17-30 تموز قد اغاضت المعسكر الامبريالي بدءا من اتفاق الحكم الذاتي مرورا بتأميم الثروة النفطية ومحو الامية وتثوير القطاع التربوي والعلمي وتحقيق انجاز الجبهة الوطنية والقومية التقدمية مما جعل العراق منارة للشرق الأوسط وللعرب يحتذى بها مما اثار مخاوف المعسكر الامبريالي من ان تحذو الدول المحيطة حذو العراق فتتخذ خطوات مشابه فيفت في عضد المخططات الامبريالية التي تسعى لابقاء هذه المنطقة ضعيفة ومنشغلة بالصراعات ما بين مكوناتها او بينها وبين البعض من الجوار. ولهذا نرى ان المعسكر الامبريالي سعى جاهدا لايقاف تلك المسيرة وما هو الا عقد من الزمن لتفعل الماكنة الامبريالية فعلها في اشغال العراق بحرب مع ايران موعزة لها بأطالة امدها بهدف هدر موارد العراق واضعافه لتتبعها مؤامرة الكويت وفرض الحصار الاقتصادي الذي دام لثلاثة عشر عام لتختم الامبريالية جهدها بأحتلال العراق وتسليم مقاليده لفئات ليس همها سوى التخريب على المستويين النفسي والمادي
اما على مستوى الإنجازات ذات الصلة المباشرة بحياة المواطن والتي تهدف الى تعزيز الوحدة الوطنية فلابد اولا من التطرق الى الإنجازات التي تصب في تحقيق العدالة وبالتالي الرفاهية المجتمعية التي استطاعت الثورة من تحقيقها. ان هدف تعزيز الوحدة الوطنية يستند الى تطبيق مبدأ الواجبات أولا ثم الحقوق وبالتالي تزول الفوارق بين فئات الشعب المختلفة وتسود القناعة لدى المواطن المخلص فينصرف الى أداء واجباته الوطنية بأخلاص وامانة تامين. فلقد وضعت ثورة 17 - 30 تموز ومنذ اليوم الاول لانطلاقتها المواطن العراقي بدءا من ولادته وحتى وفاته في مقدمة اولوياتها وذلك لاهمية الدور الذي يلعبه في تكوين ذاته وتطوير مجتمعه ولذا فأن الثورة اولت هذا الامر جل اهتمامها للوصول بالمواطن الى درجة من الرقي لكي يكون عنصرا ايجابيا في مجتمعه ويحقق في النهاية السعادة التي يرجوها من خلال دوره الفاعل في البناء والنهوض الاقتصادي.
ولاجل بلوغ هدف خلق الانسان الواعي والحريص على بناء وطنه والدفاع عنه كان لابد من التركيز اولا على البناء القيمي وتعزيز روح المواطنة لديه. وكان البعثيون قدوة في ذلك بدءا من اشاعة روح العمل الجماعي والتطوعي والحرص على امن العائلة فأنتقلت بالمواطن ليكون قائدا ومنتجا في أن واحد. وفي هذا المجال سنورد وبأختصارماتحقق في عدد من المجالات:
فعلى الجانب المجتمعي فقد قامت الثورة باطلاق سراح السجناء السياسين وبدء صفحة جديدة من العمل الوطني المشترك وكذلك إعادة المفصولين الى الخدمة و تحسين ظروف معيشة الانسان العراقي عن طريق توفير فرص العمل،
وتحصين المواطن وذلك بزيادة معارفه عن طريق توفير فرص التعليم المجاني بدءا من محو الامية وانتهاءا بالزامية التعليم الابتدائي ومجانيته وتوسيع فرص التعليم العالي المجاني. لم يقتصر الامر على ذلك فقط بل شمل تأمين مستلزمات العيش الكريم والامن للمواطنين بدءا من تطوير مرافق الحياة اليومية الصحية منها او المتعلقة بالامن وتحقيق العدالة..
اما على مستوى قطاعات الحياة الاقتصادية فقد أحدثت الثورة نهضة كبيرة على المستويات الاقتصادية كافة، فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد قامت الثورة بدعم وتطوير القطاع الزراعي وذلك بتوفير جميع مستلزمات الزراعة وتأمين مستلزمات النهوض بها وذلك بتوفير المياه وبناء السدود وانشاء المصانع الرافدة للعمل الزراعي. وكذلك الامر ينطبق على بقية قطاعات الحياة الاقتصادية الصناعية والبنى التحتية والتجارية وكل ما يتعلق باحداث نقلة نوعية في حياة المواطن والمجتمع.
ولو اردنا ان نستذكر جميع تفاصيل ما أنجزته الثورة طيلة الخمس وثلاثون عاما من عمرها فأن ذلك سيحتاج الى مجلدات لذا ساقتصر على الايجاز أعلاه.
وفي الختام لابد من ان ندعو بالرحمة لمن قضى نحبه من قادة الثورة وبالعز والسؤدد لمن لازال حيا والنصر للعراق عرين المناضلين .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

900 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع