محاضرة - الإمارات والممالك والحكومات الكوردية في كوردستان

د.عبدالعزيز المفتي

محاضرة - الإمارات والممالك والحكومات الكوردية في كوردستان

مقدمة
إن من يملك زمام اللغة والتأريخ والمعرفة ويحافظ عليها جيلاً بعد جيل هو ما يُمّكن رموز المعرفة والقوة لكي تأسس لنفسها كياناً ذاتياً. ذلك هو ما أحدثهُ الشعب الكوردي، المؤلف من قبائل كوردية عدة وقاعدتها منطقة جبال زاكروس وآرارات في الألف الثاني قبل الميلاد.
إن وجود عشائر أو قبائل كوردية قديمة: مثل لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري، التي زاحمتها قوة القبائل الأخرى تارة، وزاحمت هي أخرى، قد سببت إلى حركتها من مكان الى آخر، ربما لم يكن الماء والكلأ لحيواناتهم هو العامل الحاسم بقدر ما فرضهُ العامل المناخي في أيام الشتاء الباردة للعودة إلى كوردستان في القرن العاشر قبل الميلاد، ليستوّطنوا مناطق شعوبهم الكوردية الأصلية من (الميديون والكاردوخيون) الكوردية وهما نواة الأمة الكوردية ( ).
لقد قامت كيانات كوردية متعددة لهذه الأمة الكوردية عبر مراحل من التاريخ الإنساني القديم، وكانت لها أدواراً مهمة ومؤثرة في مجريات الأحداث بالمنطقة. خدمت الشعب الكوردي كما قدمت خدمات جليلة وإنسانية للبشرية قبل انتشار الدين الإسلامي. وكما هو معروف أن الممالك والإمارات الكوردية قد تعاقبت على الظهور والنشوء كما اضمحلت الواحدة بعد الأخرى بفعل الصراعات المحلية والإقليمية والدولية، وهو واقع الحال الذي يحدث في أي بقعة من هذا العالم الواسع الأطراف بين الأمم والشعوب، والقبائل، التي سكنت هذه الأرض (المنطقة الجغرافية الكوردية) منذ فجر التاريخ.

* الدولة الكوتية الكوردية (حوالي 2210- 2116 ق.م)
الكَوتيون الكورد كشعوب لولو والكاشيين والميتانيين والخوريين كانوا أكراد ومن سكان منطقة كوردستان القدماء الذين تكون منهم المنطقة الجغرافية الكوردية ومن المهاجرين الآريين المتأخرين الشعب الكوردي وكانت لغات السكان الأصليين للمنطقة الجغرافية الكوردية وكانت لغتهم الكوردية لغة الكورد القدماء متقاربة أو كانت لهجات كوردية التي يتفاهمون بها كاللهجات الكوردية الحالية.
يقول معظم الباحثين والمؤرخين والدراسات التاريخية في التاريخ القديم أن الموطن الأصلي للكَوتيين الكورد كان يمتد من الزاب الصغير إلى منطقة زهاو الذي يقع جنوب موطن شعب لولو الكوردي الأصلي أي منطقة السليمانية الكوردية واتخذ الكَوتيون الكورد مدينة كركوك/اربخا الكوردية عاصمتهم ثم توسع إطلاق اسم (كَوتي) في الألف الأول قبل الميلاد حتى شمل المنطقة الكوردية (كوردستان) (بلاد ميديا وبلاد ماننا) ومما لا شك فيه أن اسم جبل الجودي منحدر من اسم الشعب الكَوتي وأن منطقة بوتان (بهتان) كانت جزءاً من بلادهم (ميديا وماننا) وكذلك منطقة كيموخى أي منطقة ماردين أو فقط منطقة طورعبدين وتفاصيل الآراء توجد في المصادر( ).
أن أول ملك كَوتي الكوردي كان قبل الاستيلاء الكوتيين الكورد على العراق هو الملك (أريد وبزير) المعاصر لـ (نرام سين 2254- 2218 ق.م). وقد وصف نفسه بملك الجهات الأربعة وأن الملك الكَوتي السادس (ايلو لوميش) هو الذي قضى على الدولة الأكدية( ) وقد حكمت الدولة الكَوتية الكوردية العراق (91) إحدى وتسعين سنة وأربعين يوماً ويرى بعض العلماء في التاريخ أن مدة حكمها (الكوتيين) كانت (125) سنة وقد ذكرنا في موضوع الدولة الأكدية كيف أن الدولة الكَوتية الكوردية منحت الحكم الذاتي للأكديين والسومريين وأنه يعتبر أقدم حكم ذاتي معروف في التاريخ ولهذا فإنه نظام سياسي مبتكر من قبل قدماء الأكراد تطبق هناك.
من إنجازات الدولة الكَوتية الكوردية تحرير العبيد في العراق لما أن أغلبهم كانوا من الكَوتيين واللولويين الكورد الذي استعبدوا في العهود السابقة على ما كتبه الدكتور فوزي رشيد في تأريخ العراق القديم موضوع (الكوتيون) الكورد ص56- 57 وأن تحرير العبيد كان حقاً إنجازاً اجتماعياً وإنسانياً عظيماً ويحتمل أنه أول تحرير للعبيد في التاريخ. بخصوص العبيد من الكَوتيين ولولو الكورد وغيرهم من سكان بلاد سوبارتو الكوردية توجد التفاصيل في الكتاب القيم (العبيد في العراق القديم) لصالح حسين الرويح ص43- 52 وغيرها.
لقد بلغ عدد ملوك الكَوتيين الكورد حكام العراق واحداً وعشرين ملكاً (حاكما كورديا) كان آخرهم (تريقان) الذي ثار عليه (أتو حيكال) أحد أمراء السومريين وقضى على حكمه (الكوتي الكوردي) ونشأت مكانها الدولة السومرية المعروفة بسلالة أور الثالثة.
يتضح من الحقائق السابقة أن كوردستان الجنوبية /كوردستان العراق كانت مستقلة خلال عهد الدولة الكَوتية الكوردية وكان زهاء قرن من الزمن وأن العراق كان تحت حكمها (الكوتيين الكورد).

* المانيون الكورد:
المانيون هم أحد الشعوب الكوردية القديمة التي استوطنت الأراضي (المنطقة الجغرافية) التي تعرف حالياً بأذربيجان الإيرانية في الفترة ما بين (القرن العاشر والقرن السابع قبل الميلاد) وقد ذُكر اسمهم (المانيون) الكورد في العهد القديم من الكتاب المقدس( ). كان المانيون الكورد مجاورين للآشورين ودولة أرارات الكوردية هي العلامة الرئيسية لهذه الأقوام الكوردية. والمانيون الكورد لم يكونوا من الشعوب الهندو - أوروبية ولم يكونوا خاضعين كلياً لسيطرة الإمبراطوريات المجاورة، وكان هذا الشعب الكوردي (المانيون) غير متنقل، بل كان الشعب الكوردي المانيون ثابتاً ومستقراً في بقعته الجغرافية، منطقة كوردستان وكانوا يعتمدون على الزراعة وتربية المواشي.
ويرى المؤرخ الكوردي محمد أمين زكي (1880 – 1948) في كتابه "خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان" أن هناك احتمالاً كبيراً بأن هذه المجموعة الكوردية (المانيون) تشكلت من عدة قبائل كوردية قديمة مثل "لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري". في القرن الثامن قبل الميلاد واتخذوا من مدينة (زرتا) عاصمة لهم، ووصلوا إلى أوج قوتهم بين عامي (725 و720 قبل الميلاد) ولكن الصراع بدأ بالظهور بينهم (المانيون) الكورد وبين الآشوريين واستطاع الملك الآشوري سرجون الثالث القضاء على حكمهم (المانيون الكورد) في عام 716 قبل الميلاد.
ولعل ما ذهب إليه المؤرخ (محمد أمين زكي) حول هذه الأقوام الكوردية أن التأريخ الذي ظهرت فيه الممالك الكوردية قد أوصلته إلى أنهم من أحد الأصول القديمة للشعب الكوردي، ولم يظهر لأحد من الباحثين والمؤرخين ما يناقض ذلك الاستنتاج الذي حكمته الظروف المعيشية، وتأريخ النزاعات القبلية المتواصلة للسكان الكورد القاطنين بين جبال زاكروس وكوردستان. ولم يكن ذلك سهلاً لان نختار حقبة تاريخية وفيها شك بالانحياز، إذ ما لبث بعض المؤرخين والباحثين إلا أن أشار لنا، إن اسم الكورد وشعبه الكوردي قد أخذ أسماء عديدة عبر تأريخه الطويل الحافل بالحروب,حيث اطلق عليهم (على الاكراد) من قبل السومريون والاشوريون لقب (اكوتو) أو كوتي، وسماهم الإيرانيون الفرس (سيرتي)، وعندما اختلطت قبائل الميديين الكوردية بالكوتيين الكورد طغى عليهم الاسم الأول، أي الميديين الكورد، فيما اختار القائد اليوناني (اكزنفون) اسم (كوردوخ) لهم (للاكراد). وسماهم الأرمن (كاردوئين). وفي كل الأحوال، فإن حقبة ما قبل التأريخ قد حفلت بوجود الامارات والممالك الكوردية ومنها:

● مملكة كاردوخ (الكاردوخيون) - الكورد
مملكة كاردو أو كاردوخ الكوردية كانت إحدى أقاليم الإمبراطورية الرومانية، وكان هذا الإقليم (كاردوخ/الكاردوخيين) الكوردية كانت واقعاً في الشمال بين النهرين دجلة والفرات) باللغة الآرامية أو ميزوبوتاميا Mesopotamia بلاد ما بين النهرين التي كانت تشمل الأرض الواقعة بين نهري دجلة والفرات ضمنها أراضي تقع الآن في كوردستان سوريا وكوردستان تركيا و كوردستان العراق.
وكان موقع إقليم كاردو (كاردوخ) الكوردية شرق أرمينيا، وجنوب غرب مدينة ديار بكر، وشمال شرق مدينة هكاري بكوردستان الشمالية (كوردستان تركيا) تم احتلال هذا الإقليم (كاردو/كاردوخ الكوردية) على يد الإمبراطور الروماني بومبياس (106 – 48 قبل الميلاد).
وهناك إجماع من قبل المؤرخين والباحثين، بشكل واضح، وصريح، ولا يقبل الجدل أن هذا الإقليم الكوردي (كاردو او كاردوخ) سمي من قبل الرومان باسم (كاردو) لكونها كانت مسكونة بالأكراد، وكانت هذه المنطقة الكوردية من كوردستان تعرف عند الآشوريين باسم "جوتي" التي تعني في اللغة الحديثة "المحارب"، ولكنها عند الآشوريين كانت لها مرادفة أخرى وهي "جاردو أو كاردو". ذكر اسم إقليم كاردو الكوردية في مخطوطات قديمة تتحدث عن وقائع معركة بين شهبور الثاني (309 – 379) ملك الفرس وكلوديوس جوليان (331 – 363) الإمبراطور الروماني، وكانت نتائج هذه المعركة انتهاء فترة نفوذ الرومان على إقليم كاردو/ كاردوخ الكوردية. ذلك هو ما ذكره المؤرخ اليوناني زينوفون (427 – 355) قبل الميلاد في كتاباته شعباً كورديا وصفهم "بالمحاربين الأشداء ساكني المناطق الجبلية من كوردستان" وأطلق عليهم تسمية بالكاردوخيين الكورد الذين هاجموا على الجيش الروماني في أثناء عبوره إلى المنطقة عام 400 قبل الميلاد، وكانت تلك المنطقة الكوردية من كوردستان استناداً لزينوفون جنوب شرق بحيرة (وآن) الواقعة في شرق تركيا (كوردستان تركيا). ويعتبر البعض من المؤرخين والباحثين أن الكاردوخيين الكورد كانوا أحد أهم الجذور القديمة للشعب الكوردي، إلا أن بعض المؤرخين والباحثين، ومنهم المؤرخ الكوردي محمد أمين زكي (1880 – 1948) في كتابه "خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان" يعتبر الكاردوخيون شعوباً هندو-أوروبية انضموا إلى الشعب الكوردي( ).

● إمبراطورية ميديا (الميديون) - الكورد
الميديون الكورد كانوا احد الاقوام الكوردية التي استوطنت ايران الغربية قديما حيث عاشوا في الشمال الغربي لما يعرف الآن بإيران (كوردستان ايران)، وكان موطنهم حسب الجغرافية الحالية تشمل كوردستان ايران وأذربيجان، ومنطقة كاردوخ الكوردية استناداً إلى كتابات المؤرخ اليوناني هيرودوت. وأشار إلى أن الميديين الكورد كانوا مؤلفين من ستة قبائل كوردية رئيسية هم (بوزا وباريتاك وستروخات وآريا وبودي وموغي)، وأطلق هيرودوت اسم الآريين على القبائل الميدية الكوردية.
لا يعرف الكثير عن أصل الميديين الكورد واستناداً إلى العهد القديم من الكتاب المقدس فإنهم من سلالة يافث بن نوح وأول ذكرْ لهم في المخطوطات اليونانية كان في عام (836 قبل الميلاد) عندما تم ذكر دفع الميديين الكورد الجزية للملك الآشوري شلمنصر الثالث، وهناك نوع من الإجماع أن الميديين الكورد لم يكونوا من الفرس علماً إن لغتهم الكوردية كانت متقاربة.
واستناداً إلى د. زيار في كتابه "إيران ... ثورة في انتعاش" الذي طبع في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2000 في باكستان، فإنه بحلول سنة (1500 قبل الميلاد) هاجرت قبيلتان رئيسيتان (كوردية وفارسية) من الآريين من نهر الفولغا شمال بحر قزوين، واستقروا (القبيلة الكوردية) في الشمال الغربي مملكة ميدا الكوردية. وعاشت الأخرى (الفارسية) في الجنوب في منطقة أطلق عليها الإغريق فيما بعد اسم بارسيس، ومنها اشتق اسم فارس. غير أن الميديين الكورد والفرس أطلقوا على بلادهم الجديدة اسم إيران التي تعني "أرض الآريين".
هناك اعتقاد راسخ لدى الأكراد أن المديين الكورد هم أحد جذور الشعب الكوردي، ويبرز هذه القناعة في ما يعتبره الأكراد في نشيدهم الوطني حيث يوجد في هذا النشيد الوطني الكوردي إشارة واضحة إلى أن الأكراد هم "أبناء الميديين الكورد" واستناداً إلى المؤرخ الكوردي محمد أمين زكي (1880 – 1948) في كتابه "خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان" فإن الميديين الكورد - وإن لم يكونوا النواة الأساس للشعب الكوردي – فإنهم (الميديون الكورد) انضموا إلى الأكراد هناك في المنطقة الجغرافية الكوردية (كوردستان) وشكلوا - حسب تعبيره - الشعب او"الأمة الكوردية".
يستند التيار المقتنع أن جذور الأكراد جذور آرية على جذور الميديين الكورد، مستنداً على إجماع هو أن الميديين الكورد من الأقوام الآرية. واستناداً إلى كتابات هيرودوت فإن أصل الميديين الكورد يرجع إلى شخص اسمه (دياكو) الذي كان زعيم قبائل منطقة جبال زاكروس الكوردية. وفي منتصف القرن السابع قبل الميلاد حصل الميديون الكورد على استقلالهم، الكوردي وشكلوا (إمبراطورية ميديا) الكوردية وكان فرورتيش (665 – 633) قبل الميلاد أول إمبراطور لميديا الكوردية وجاء بعده ابنه هوخشتره.
بحلول القرن السادس قبل الميلاد تمكن الميديون الكورد من إنشاء إمبراطورية كوردية /ميدية واسعة امتدت من ما يعرف الآن بأذربيجان إلى أسيا الوسطى وأفغانستان. اندمج الميديون الكورد بالفرس ويعتبر الكثير من القوميات في يومنا هذا أنفسهم امتداداً للميديين الكورد (كالأكراد، واللر والأصفهانيين والأذريين). اعتنق الميديون الكورد الديانة الزرادشتية، وتمكنوا (الميديون الكورد) في (612 قبل الميلاد) من تدمير عاصمة الآشوريين في نينوى. هذا الحدث أوقع خشية في قلوب البابليين الذين بادروا لعقد الصلح مع الميديين الكورد؛ حيث قام الملك البابلي (نبوخذ نصر) بالزواج من ابنة إمبراطور الميديين الكوردي سياخريس. استمر نفوذ الميديين الكورد في المنطقة إلى سنة 553 قبل الميلاد( ).

1- الممالك والإمارات الكوردية قبل الإسلام، وهي:
أ. قبائل المانيين. (الدولة المانيية)
ب. الدولة الكوتية.
ج. إمارة كوردا.
د. دولة كاردونياش الكاشية.
هـ. المملكة الحورية الميتانية.
و. المملكة الكاردوخية.
ز. الإمبراطورية الميدية.
ح. الإمارة الهزوانية.

2- الممالك والإمارات الكوردية في العهد الإسلامي هي:
أ. الإمارة الشبانكارة الكوردية (في فارس).
ب. الإمارة الأتابكية اللورية الكوردية الكبرى (حكومة الفضلوية) في لورستان الكوردية من (543-827هـ).
ج. الإمارة اللورية الكوردية الصغرى.
د. الإمارة الرواندية الكوردية (بأذربيجان).
هـ. الإمارة السلارية الكوردية (بأذربيجان).
و. المملكة الشدادية الكوردية (بإيران). و(قرباغ) في القوقاس.
ز. الإمارة الحسنوية البرزكانية الكوردية (بهمذان إلى شهرزور) من 348-446هـ.
ح. الإمارة العنازية العيارية الكوردية (بني عناز) في حلوان.
ط. الإمارة المروانية و(بني سرمان) اوسوستك الكوردية من 356-489هـ.
ي. الإمارة البوتانية الكوردية.
ك. الدولة الأيوبية الكوردية.
ل. إمارة الجزيرة الكوردية.
م. الإمارة البدليسية الكوردية.
ن. إمارة شيروان الكوردية.
س. إمارة حصن كيف الكوردية.
ع. الإمارة الاردلانية الكوردية.
ف. إمارة المحمودي الكوردية.
ص. الإمارة البهدينانية الكوردية.
ق. الإمارة الزندية الكوردية.
ر. إمارة البراخوائية الكوردية.
ش. الإمارة السورانية الكوردية.
ت. إمارة برادوست الكوردية.
ث. إمارة مكري الكوردية.
غ. الإمارة البابانية الكوردية.
ذ. إمارة بهدينان الكوردية.
ض. إمارة كلهر الكوردية ... وغيرها ... الخ....
ظ. دولة ديسم وبني مسافر الكوردية في 326-654هـ.

* عوامل ظهور الإمارات الكوردية
تأثر الكورد كباقي الشعوب الأخرى، بالتطورات السياسية التي شهدتها الدولة العباسية منذ القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، من حيث تراجع دور السلطة العباسية المركزية، وظهور المتغلبين، وفساد النظام المالي السائد في الدولة العباسية، وتعسف الولاة، وابتزازهم الأموال وتراجع دور الكفاءة وانعدام الرقابة، مما مهد لظهور مرحلة جديدة دخلت فيها الشعوب الإسلامية، ولاسيما أقاليم المشرق الإسلامي، والتي تميزت بانفصال تلك الأقاليم (المشرق) عن الدولة العباسية، وقيام دول وإمارات محلية فيها (المشرق)، مع الالتزام بإظهار الطاعة والولاء الشكلي لخلفاء بني العباس مما أدى إلى ظهور نوع من التسابق والمنافسة بين مختلف شعوب المنطقة، بما فيهم الكورد، للانفصال، وذلك نتيجة لبعض العوامل، منها موضوعية تتعلق بالدولة العباسية والوضع العام في داخلها والبعض الآخر ذاتية تتعلق بالكورد والتطورات الحاصلة في بلادهم (كوردستان).

● الإمارة الهزوانية الكوردية
هزوانيون ويطلق عليهم أيضاً اسم الأديابينيين الكورد. كانوا شعباً كوردياً قديماً يستوطن بلاد ما بين النهرين بلغة آرامية أو ميزوبوتاميا Mesopotamia بلاد ما بين النهرين باليونانية التي كانت تشمل الأرض الواقعة بين نهري دجلة والفرات بما فيها أراضٍ تقع الآن في كوردستان سوريا وكوردستان تركيا وكوردستان العراق. أسس الهزوانيون الكورد مملكة كوردية (هزوانية)، واتخذوا من مدينة (إربيل) عاصمة لهم، ويعتبر الهزوانيون الكورد من قبل المؤرخين والباحثين ومنهم من يرى ان الأكراد من أوائل الذين اعتنقوا الديانة اليهودية، حيث قامت المملكة التي كانت تدعى (هيلين) وأبنها (مونباز) ببناء قصور لهما في القدس.
واستناداً إلى المستشرقين والمؤرخين والباحثين وحاخامات التلمود، فإن اعتناق هذه المجموعة من الأكراد للديانة اليهودية كانت بتأثير من اليهود الذين تم نفيهم على يد الملك الأشوري شلمنصر الثالث بين الأعوام 858 قبل الميلاد و824 قبل الميلاد. وهناك إجماع على أن الأكراد اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل هم أحفاد لهذه المجموعة الكوردية الكوردية الهزوانيين. واستناداً إلى بعض المخطوطات القديمة فإن مملكة الهزوانيين الكوردية كانت تمتد إلى ما وصفته المخطوطات بمكان استقرار (سفينة نوح)، والتي تقع حسب العديد من المصادر في جنوب شرق تركيا (كوردستان تركيا). ثم ما لبثت وأن امتدت هذه المملكة الكوردية (الهزوانية) إلى شمال مدينة القدس حيث دفن فيها بعض ملوك الكورد الهزوانية هذه المجموعة الكوردية. استمر حكم هذه المملكة الكوردية الهزوانية فترة 100 سنة (قرن من الزمن) تقريباً بدأها الملك الأول (إيزاتيس) الذي بدأ حكمه سنة (15 بعد الميلاد) وانتهاءاً بقضاء الرومان على حكم ملكهم الأخير (مهراسبيس) عام 116 (الذي أصبح تحت رحمة الرومان). حكم الملك مونباز فترة 20 سنة، وتوفي في عام 58 بعد الميلاد، وخلف وراءه 24 ابناً ودفن في القدس( ).

● المملكة الشدادية الكوردية مؤسسها (محمد بن شداد)
الشداديون الكورد كانوا أصحاب المملكة الكوردية التي عرفت بالمملكة الشدادية الكوردية (951 – 1199) التي حكمت أجزاء من أرمينيا، ومنطقة حران التي كانت جزءاً من ما يعرف الآن بأذربيجان، ويرجع سبب التسمية إلى مؤسسة الإمارة محمد بن شداد.
بدأت هذه المملكة الشدادية الكوردية من مدينة (دفين DIVN) ثم امتدت إلى مدن باردا وكانجا، وهي مدن في أذربيجان. تحالف الشداديون الكورد مع السلاجقة الاتراك ، وخاض الشداديون الكورد معارك عديدة مع الإمبراطورية البيزنطية من عام 1047 وإلى عام 1057، وكانت المملكة الشدادية الكوردية في أوج قوتها تمتد بين نهر كورا ونهر آراس. وفي عام 1044 شن الإمبراطور البيزنطي قسطنطين السادس (1000 – 1055) الحرب على ملك أرمينا (خاغيك الثاني). وقام قسطنطين السادس قبل الحملة بإرسال رسالة إلى (علي لشكري) الذي كان أمير المملكة الشدادية الكوردية طالباً منه الانضمام إليه في حملته ضد ملك أرمينيا (خاغيك الثاني)، بشرط أن يضم الأراضي الارمنية التي تستولي عليها قواته الشدادية في الحملة إلى المملكة الشدادية الكوردية، وهو ما أدى إلى هزيمة ملك أرمينيا (خاغيك الثاني) وإضافة بقاع (أراضي ارمنية) جديدة لمملكة الشداديين الكوردية وكان الفضل لآخر ملوك الشداديين( ).

* الإمارة الروادية الكوردية (337 – 463 هـ / 948 ـ 1071م)
ظهــــرت الأمـــــارة الرواديــــــة الكوردية( ) فـــي ثلاثينيــــــات القرن الرابع الهجري/أربعينيات القرن العاشر الميلادي في أذربيجان، وشمل حكمها جميع منطقة أذربيجان لمدة تسعين سنة( ) ومن أهم مدن أذربيجان في تلك الفترة، مراغة وتبريز وأردبيل وميانج وأرمية وخوى وسلماس وسراو ومرند وباجر وان وسيسر ومدن أخرى صغيرة( ). ينسب أمراء الإمارة الروادية الكوردية إلى الكورد الرواديون (ره وه ند)، والروادية بطن من بطون القبيلة الهذبيانية الكوردية( )، ويذكر صاحب تاريخ الباب والأبواب بأن محمد بن حسين الروادي هو أول من حكم من الرواديين في بعض مناطق أرمينية ثم امتدت سلطته إلى بعض مناطق أذربيجان بعد أسر السلار مرزبان سنة (337هـ/948م)( ).
بعد موت الأمير محمد بن حسين الروادي، تولى ابنه الأمير حسين بن محمد بن حسين الروادي وهو (ابو هيجاء الروادي) الحكم بعده، ويظهر بأنه هو نفس أبي الهيجاء الروادي الذي ذكره ابن حوقل سنة 344 هـ/955م( ) بينما ذكره مسكوية بشكل حسين بن محمد بن الرواد( ). فتمكن الأمير حسن بن محمد بن الرواد (ابي الهيجاء الراوادي) من الاستيلاء على تبزيز سنة 345هـ/956م، وبعد خمس سنوات جعله (تبريز) مركزاً لحكمه، وقوي مركزه في المنطقة( ) وفرض ضرائب سنوية على بعض حكام المقاطعات الأرمنية( ) فلذا يعد المؤسس الثاني للإمارة الكوردية الروادية.
جاء بعد موت الأمير أبي الهيجاء (حسن بن محمد بن الرواد) ابنه الأمير محمد بن حسين الروادي، الذي اشتهر في المصادر الأرمنية بـ (مملان) تصغير محمد( ) وكنيته أيضاً (أبو الهيجاء) حيث تمكن من أن يوسع من رقعة أمارته الكوردية الروادية بعد موت الأمير السلاري إبراهيم بن المرزبان سنة 373هـ/983 فشمل معظم أذربيجان وفي السنة التالية تمكن أبو الهيجاء (الامير محمد بن حسين الروادي-مملان- من أن ينهي حكم الفرع الثاني من آل المرزبان في أذربيجان (الامير السالاري ابراهيم بن المزربان)، حيث قبض على المرزبان بن إسماعيل، فوقع جميع أذربيجان بيد الأمير أبو الهيجاء (الامير محمد بن حسين الراوادي-مملان-)( ). فبعد أن توطد مملان ( الاميرمحمد بن حسين الراوادي) حكمه في الداخل توجه بأنظاره نحو المناطق الأرمنية، فشن حملتين على أرمينيا التي يمكن أن نعدها من معارك الجهاد الإسلامي في المنطقة( ).
بعد وفاة الأمير محمد (مملان) سنة 391 هـ/1000م حل ابنه أبو نصر حسين بن محمد محله فتوفي في سنة 416 هـ/1025م، وخلفه أخوه أبو منصور وهسوذان بن محمد الروادي الذي حكم لفترة طويلة وتوفي في صفر 451 هـ/1059م، فحكم بعده ابنه الأمير محمد بن وهسوذان الروادي الذي عرف أيضاً بـ (مملان)( ). يذكر ابن الآثير في حوادث سنة 451هـ/1059م بان السلطان طغرلبك( ) أقر مملان ابن وهسوذان على ولايته بأذربيجان( ) لكن يظهر بأن علاقة مملان مع السلاجقة الاتراك لم تكن حسنة في الفترات اللاحقة، فعندما توجه السلطان الب ارسلان ابن طغرلبك( ) في سنة 456هـ/1064م إلى بلاد أذربيجان بقصد غزو الروم أبلغ بأن سكان مدينتي خوى وسلماس لم يظهروا الطاعة، فتمكن من أخضاعهم( ) وبما أن المدينتين كانا تقعا ضمن نفوذ الأمارة الروادية الكوردية( ) نستنتج بأن العلاقة بين الأمير مملان والسلطان الب أرسلان ابن طغرلبك كانت متوترة، ومما يؤكد ذلك هو أن السلطان ألب أرسلان لما عاد من غزوة الروم سنة 463هـ/1071م قبض على الأمير مملان وأولاده وبهذا انتهى حكم الأمارة الروادية الكوردية( ). ولكن الأسرة الروادية. بقيت في أحد فروع الاتابكيات في مدينة مرغة بآذربيجان إلى الغزو المغولي لتلك المناطق( ).

● الإمارة الحسنوية البزركانية الكوردية (مؤسسها حسناوي بن حسين)
الحسنويون الكورد كانوا أصحاب الإمارة الكوردية التي عرفت بالإمارة الحسنوية الكوردية (959 – 1015) التي كانت تحكم غرب إيران (كوردستان ايران) وشمال بلاد ما بين النهرين (كوردستان العراق)، وكانت عاصمتها (مدينة دين وار) الواقعة شمال شرق مدينة كرمنشاه الحالية في كوردستان إيران. سميت الإمارة بالحسنوية الكوردية نسبة إلى مؤسسها (حسناوي بن حسين)، الذي كان رئيس قبيلة (بازركاني الكوردية). تمكن حسناوي بن حسين من تشكيل إمارته الكوردية المستقلة بعد صراع طويل مع الحاكم البويهي لمدينة هـمدان (صهلان بن مسافر). توفي (حسناوي بن حسن) عام 979 في شمال مدينة (بيستون) الإيرانية.
بعد وفاة مؤسس الإمارة الحسنوية الكوردية (حسناوي بن حسين) نشب صراع بين أبنائه حول من يخلف حسناوي بن حسين مؤسس الامارة الحسنوية الكوردية، وأدى هذا الخلاف إلى إضعاف الإمارة الحسنوية الكوردية وفتح الباب على مصراعيه لتدخل البويهيين الفرس، واستطاعوا أن يلحقوا الهزيمة بالقوات الموالية لأحد أبناء حسناوي بن حسين، وكان اسمه فخر الدين واضطر الابن الآخر، نصير الدولة، إلى أن يتحالف مع البويهيين، واستفاد نصير الدولة من هذا التحالف في توسيع حدود إمارته الحسنوية البزركانية الكوردية حتى وصل إلى نهاوند (إيران) وأسد آباد (أفغانستان) وأهواز وكرمنشاه (إيران) وكركوك (كوردستان العراق)( ).

● الإمارة العنازية أو العيارية الكوردية مؤسسها (ابو الفضل محمد ابن العيار)
العنازيون الكورد كانوا أصحاب الإمارة الكوردية التي عرفت بالإمارة العنازية الكوردية (900 – 1117) واستناداً إلى المؤرخ ابن الأثير (1160 – 1233) فإن تسميتهم بهذا الاسم نسبة إلى اشتهارهم بتربية الماعز. بينما يرى المؤرخ ابن المستوفي ان تسمية العياريين هي أضبط من العنازيين. لأن مؤسس الإمارة الكوردية (العنازية العيارية) كان اسمه ابو الفضل (محمد العيار) وكلمة العيار تستخدم بين الأكراد بمعنى الداهية أو الشخص الذكي. وقد أحدث هذا الاسم جدلاً لوجود قبيلة عربية باسم بنو (عنزة)، ولكن الأكراد يعتبرون تسمية العنازيين خطأً، ويعتبرون العياريين، الاسم الأكثر دقة.
امتدت منطقة نفوذ العنازيين (العياريين) من مدينة كرمنشاه (إيران) إلى داقوق ومندلي (كوردستان العراق) حسب ما ورد في الصفحة 97 من الموسوعة الإيرانية. كان أبو الفضل محمد بن عيـار (990 – 1011) مؤسس الإمارة الكوردية (العيارية)، وكانت هناك صراعات بينه وبين الأكراد الحسنويين (الامارة الحسنوية الكوردية)، عندما تسلم الإمارة من بعده ابنه (حسام الدولة أبو الشوك)، ولكن فترة حكمه كانت مليئة بالصراعات الداخلية، والتهديد الخارجي من فخر الملك البويهي، وشمس الدولة السلجوقي.
في عام 1045 تمكن (طغرل بك) من القضاء على الإمارة الكوردية العيارية (العنازية) في معركة مشهورة بالقرب من نهر (سيروان) الذي يسمى أيضاً بنهر ديالى( ).

● الإمارة المروانية الكوردية مؤسسها (ابو علي بن مروان) في ديار بكر وملاذكرد.
المروانيون الكورد: سلالة كوردية حكمت في شمال/كوردستان سوريا وجنوب الأناضول/ كوردستان تركيا، ما بين (990- 1084). اتخذ المروانيون الكورد (ديار بكر) الكوردية مقراً لهم في البداية.
غير أن وفاة عضد الدولة البويهي (983م)، بدأت الدولة البويهية في الانحلال قام أحد قادة العشائر الكوردية (بني مروان) واسمه أبو علي بن مروان (990 – 997م) بإنشاء إمارة كوردية مستقلة في ديار بكر وملاذ كورد. بسبب الحروب المتواصلة مع جيرانهم وضعفهم، وضع المروانيون الكورد أنفسهم تحت حماية الدولة الفاطمية في مصر (969-1171).
عرفت الدولة المروانية أوج قوتها السياسية في أثناء حكم كل من (أبي منصور) (997 – 1011م) ثم (نصر الدولة أحمد) (1011 – 1064م). حيث قام الأمراء المروانيون الكورد على تشجيع حركة العمران وبناء المدن، كما شجعوا العلماء والأدباء في دولتهم الكوردية المروانية. قام المروانيون الكورد بصد غزوة لإحدى قبائل الغز (الأغوز) التركمانية في المنطقة سنة 1042م. بعد سنة 1061م بدأ أفراد الأسرة المروانية الكوردية في التناحر، حتى ضعفت الدولة المروانية، وأصبحوا مجبرين للعيش تحت ظل جناح الدولة السلجوقية التركية عام 1070. إلا أن حركتهم هذه لم تشفع لهم، فقام السلاجقة الاتراك بطردهم، وأجلوهم (هجروهم) عن منطقة ديار بكر الكوردية نهائياً سنة 1084م. وفي سنة 1096م تم القضاء على آخر الحكام من أفراد الأسرة المروانية الكوردية( ).

● الدولة الأيوبية (الأيوبيون) الكوردية
الأيوبيون الكورد، بنو أيوب، أسرة صلاح الدين الأيوبي حكمت مصر، وسورية، والحجاز، وشمال (كوردستان) العراق، وديار بكر، وجنوب اليمن في القرنين الثامن عشر والثالث عشر الميلاديين. ترجع أصول الأسرة الأيوبية الكوردية إلى الأكراد الروادية، وأصولهم من أكراد أذربيجان.
كانت أسرة نجم الدين أيوب، بمن فيهم أخيه (أسد الدين شيركوه)، وابنه (يوسف صلاح الدين) يمثلون سلسلة القيادة السياسية والعسكرية خلال فترة الحروب الصليبية 1095-1193.

1. تأسيس دولة مصر:
التحق يوسف (صلاح الدين الايوبي) ابن أيوب بخدمة (نور الدين الزنكي) الذي كان أميرا على ولاية الموصل. وخلال فترة وجيزة أُرسل إلى مصر ليستكمل عمل عمه ( اسد الدين شيركوه) في بسط سيطرته عليها، والعمل على الدفاع عنها في مواجهة الصليبين في حملتهم على مصر. وفي ذات الوقت ليستكمل انتزاعها من الفاطميين الذين كانت دولتهم (الفاطمية) في أفول، فنجح صلاح الدين في عرقلة هجوم الصليبين على مصر سنة 1169 بعد موت عمه اسد الدين شيركوه، وتمكن من قمع تمردٍ للجنود الزنوج، كما فرض نفسه وزيراً للعاضد، الخليفة الفاطمي العاجز، فكان صلاح الدين الحاكم الفعلي لمصر، وأعادها بعد موت العاضد لدين الله اسمياً إلى خلافة الدولة العباسية. فكان بذلك القائد الكوردي الذي وضع أسس الوحدة الإسلامية بين مصر وسوريا عام 1174.

2. سورية
أخذ صلاح الدين الأيوبي يبسط نفوذه على أقاليم الداخل السوري وكوردستان العراق ، مرجئاً (معلقاً) مواجهة الصليبيين إلى حين. وإن كان عادة ما ينتصر عليهم عندما تقع المواجهة. وعندما تمت له السيطرة على سورية استدار ليواجه الصليبيين الذين ظل في سجال معهم إلى وفاته، وكان أعظم نصر له عليهم هو فتح القدس يوم 2 أكتوبر/ الثاني من تشرين الأول عام 1187، في معركة حطين، متجنباً تأسيس إمبراطورية مركزية فقد ولى صلاح الدين عشيرته الكوردية في إمارات وراثية في مختلف الأقاليم التي سيطر عليها.
عيّن أخاهُ العادل في الجزيرة الكوردية، وشرق الأردن، وأخيه طوغتكين في اليمن وأبناء إخوته في بعلبك وحماة، وأبناء عمه اسد الدين شيركوه في حمص.
وبعد وفاته (صلاح الدين الايوبي) في 1193 قسمت باقي مملكته بين أولاده الثلاثة، فنال أكبرهم (الأفضل) دمشق وكان من المفترض أن يكون سلطاناً أعلى على كل الباقين، كما نال (العزيز) مصر، وحكم ثالثهم (الزاهر) حلب( ).

● الإمارة البدليسية الكوردية تاسست على يد قبيلة روزاكي الكوردية.
البدليسيون الكورد كانوا أصحاب الإمارة الكوردية التي عرفت بالإمارة البدليسية الكوردية (1182 – 1847) التي تأسست على يد أبناء قبيلة (روزاكي) الكوردية بعد أن استطاعوا تحقيق نصر على ملك جورجيا داود كوربالاس، وتمكنوا من الهيمنة على منطقتي بدليس وساسون الواقعتين في أراضي أرمينيا. وعندما ضعفت الإمارة البدليسية الكوردية، تناوب على حكمهم قبيلة أق قوينلو التركمانية من (1467 إلى 1495) والصفويون الفرس من (1507 إلى 1514). وهي السنة التي خسر الصفويين الفرس فيها معركة (جالديران) عام 1514 مع القوات العثمانية بقيادة السلطان العثماني سليم الأول.
من أعظم إنجازات البدليسيين الكورد هو كتاب الشرفنامة. الذي يعتبر أول كتاب عن تاريخ الإمارات الكوردية التي تعتبر من أهم المصادر في تاريخ الشعب الكوردي. قام بكتابة الشرفنامة المؤرخ الأمير شرف الدين البدليسي، الذي كان ابن أمير بدليس شمس الدين البدليسي.
اضطر الأمير شمس الدين البدليسي تحت ضغوط من السلطان العثماني سليمان القانوني ابن السلطان سليم الأول إلى الفرار إلى كوردستان إيران والاحتماء بالصفويين الفرس. وفي أثناء وجود شمس الدين البدليسي في كوردستان إيران ولد ابنه المؤرخ شرف الدين البدليسي في عام 1543، وتم تنصيبه أميراً على بدليس من قبل السلطان العثماني مراد الثالث في عام 1583 وهي إشارة واضحة إلى أن الإمارة البدليسية الكوردية فقدت استقلالها عن الدولة العثمانية( ).

● الإمارة الآردلانية الكوردية مؤسسها (باوه اردلان)
الآردلانيون الكورد كانوا أصحاب الإمارة الكوردية التي عرفت بالإمارة الآردلانية الكوردية (1169 – 1867)، والتي كانت تهيمن على المنطقة الكوردية في كوردستان التي يقطنها أكراد كوردستان إيران وأكراد كوردستان العراق في الوقت الحاضر، وكانت عاصمتهم (مدينة سنندج) أو ما يسمى (سنة) عند الأكراد علماً أن شهرزور في كوردستان العراق حيث كانت العاصمة القديمة للإمارة الكوردية الاردلانية، وما زالت قبائل الآردلان تعيش في المنطقة الكوردية نفسها من كوردستان العراق، وهناك مزاعم (ادعاءات) من قبل علماء التاريخ القديم والباحثين أن الآردلانيين الكورد هم من أحفاد صلاح الدين الأيوبي. وهو ما نوه عنه كتاب (الشرفنامة) للمؤرخ شرف خان الدين البدليسي، الذي يعتبر من أهم المصادر في تاريخ الشعب الكوردي، وكتاب تاريخ الإمارات الكوردية للمؤرخ محمد أمين زكي فإن مؤسس الإمارة الكوردية الاردلانية كان اسمه (باوه آردلان) وفي القرن الرابع عشر الذي امتدت حدود إمارته الكوردية (اردلان) إلى مناطق تقع الآن في كوردستان العراق مثل خانقين وكفري وكركوك.، وكان الولاء والتحالف يتراوحان بين الصفويين الفرس والعثمانيين. الترك حتى فاجأهم (القاجاريين) الفرس بقيادة ناصر الدين شاه (1848 – 1896) بهجوم غادر وسلب نفوذ امارة الآردلانيين الكورد في عام 1867. وتفيد معلومات الحكومة العراقية أن بقايا من العائلة الآردلانية المالكة للإمارة آردلان يسكنون في مدينة كركوك بكوردستان العراق حيث يعملون في التجارة، وأن تعدادهم يصل إلى ثمانين نسمة تقريباً. حيث يتمتعون بتقدير جميع السلطات والحكومات العراقية المتعاقبة واحترامها في العراق ولا يتدخلون في السياسة العامة باستثناء بعض الأفراد منهم. من أهم أدوارهم بعد تأسيس الدولة العراقية 23 اب عام 1921 كان (محمد الآردلاني) عضو مجلس الأعيان في المملكة العراقية عام 1921 هو الشخصية الأكثر تأثيراً في قرارات مملكة العراق. ولا تزال عائلة الآردلان لها علاقات وطيدة بأمراء الدول الخليجية وخاصة بالمملكة الأردنية الهاشمية، وسلطنة عُمان، والمملكة المتحدة (بريطانيا)( ).

* الإمارة الهذبيانية الكوردية في اربيل (437 – 538 هـ / 1046 ـ 1139م)
ظهرت الأمارة الهذبانية الكوردية( ) في أربيل بين كورد من القبيلة الهذبيانية، وشملت حكمها بالإضافة إلى أربيل بعض المناطق القريبة منها. لا تسعفنا المصادر المتاحة سوى بمعلومات قليلة عن الأمارة الهذبيانية وخصوصاً في فترة تأسيسها، وكل ما نعرفه بخصوص ذلك هو أن الأمارة الكوردية الهذبيانية كان قائمة في النصف الأول من القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي، وكانت أميرها في حدود سنة 437 هـ/1046م هو عيسى بن موسى الهذبياني( ) مما نستنتج بأن الهذبيانية الكورد حكموا أربيل وكونوا أمارتهم قبل سنة 437 هـ / 1046م( ).
نستدل فيما أورده ابن الأثير بأن تاريخ الأمارة الكوردية الهذبيانية في تلك الفترة شهد منازعات داخلية بين أبناء الأسرة الهذبيانية الكوردية الحاكمة. مما فتح الباب على مصراعيه بوجه القوى الإقليمية وخصوصاً العقليين في الموصل (380هـ-489هـ / 990 – 1096م) للتدخل في شؤون الأمارة الكوردية الهذبيانية( ).
إن علاقة الأمير عيسى بن موسى الهذبياني مع أخيه الامير سالار لم تكن حسنة مما حدا بالأخ الامير سالار للجوء إلى العقليين في الموصل، كما ويظهر بأن حكم الأمير عيسى بن موسى الهذبياني لم يخل من المنافسين إذ قتل من قبل أبناء أخ له في سنة 437هـ / 1046م وملكاً قلعة أربيل. وعندما علم الامير سالار بذلك، سار مع قرواش العقيلي( ) إلى اربيل وملكها وأخذ زمام الأمارة فيها( ).
الظاهر أن أمير الأمارة الكوردية الهذبيانية في حدود سنة 440 هـ / 1049م هو الأمير ابن الحسن بن موسك الهذبياني الذي اختلف مع أخيه أبو علي بن موسك الهذبياني، فأعان رئيس الكورد الحميدية في العقر أبو الحسن بن عيسكان أبو علي المذكور علي أخيه الأمير أبو الحسن، فتمكنا من القبض عليه وتولى الأمير أبو علي الهذباني مقاليد الأمارة الكوردية الهذبيانية في أربيل( ) ويظهر بأن الأمير أبو علي بقي يحكم الأمارة الكوردية الهذبيانية إلى بداية النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي( ) في الفترة التي وقع أكثر مناطق المشرق الإسلامي بيد السلاجقة الاتراك. ويظهر بأن علاقة أمراء الهذبانيين مع السلاجقة الاتراك كانت حسنة بعد تلك الفترة، إذ نستدل فيما أورده ابن منقذ بان الأمير أبو الهيجاء الهذباني الذي تولى حكم الأمارة الهذبيانية الكوردية بعد الأمير أبو علي كانت تربطه علاقة جيدة مع السلاجقة الاتراك وقام بالوساطة بين السلاجقة الاتراك والمروانيين الكورد أيام حكم السلطان ملكشاه السلجوقي (465هـ - 485هـ / 1073 – 1092)( ).
بقيت الأمارة الهذبيانية الكوردية تحكم منطقة أربيل، على الرغم من تقلص سلطتها، وحفظ لنا ابن الأثير أخبار بعض أمرائها الكورد الهذبيانية. وذلك ضمن كلامه عن الموصل في عهد العقليين وبعدهم( ) ويعد سنة 534 هـ / 1139م التاريخ النهائي لحكم الأمارة الهذبانية الكوردية في أربيل بعد تعرضها لهجمات عماد الدين زنكي( ).

* الإمارة الشدادية الكوردية (340 – 595 هـ / 951 – 1198م)
ظهرت وحكمت الأمارة الشدادية الكوردية ( ) في منطقة آران التي تقع بين أذربيجان وأرمنية( ) فعدها المعنيون بتحديد الأصقاع من البلدانيين تارة ضمن بلاد أرمينية( )، وتارة أفردوها في إقليم قائم بذاته( ). وحتى نجد أنها في حوالي القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي كانت تتبع أذربيجان من الناحية السياسية( ).
أن حدود آران من ناحية الشرق فهي بحر قزوين، ومن الغرب آرمينية وبلاد الكرج ومن الشمال سلسلة جبال القبق (قوقاز)( ). كما أن نهر (الرس) تفصلها من حدها الجنوبي والجنوبي الشرقي عن أذربيجان( ) ومن أهم مدنها: برذعة ودبيل وكنجه وبيلقان والباب والأبواب (دربند) وتفليس وورثان وبرديج وشمكور والشابران وباكو والشروان، وبعض مدى أخرى( ).

● الإمارة البهدينانية الكوردية مؤسسها (بهاء الدين شمزيني).
كانوا أصحاب الإمارة الكوردية التي عرفت بإمارة بهدينان الكوردية (1376 – 1843). ومصدر الاسم من مؤسس الإمارة (بهاء الدين شمزيني) الذي كان في منطقة شمزين في مقاطعة هكاري الواقعة في جنوب شرق تركيا (كوردستان تركيا)، والبهدينان هي اسم لمنطقة في كوردستان العراق حالياً وأيضاً اسم أحد اللهجات الرئيسية للغة الكوردية، وفي أثناء حكم هذه الإمارة الكوردية البهدينانية ولد أحد أعظم الشعراء الأكراد هو أحمدي خاني (1651 – 1707) كاتب الملحمة الشعرية الكوردية المشهورة (مه م وزين).
كانت (العمادية) التابعة حالياً لمحافظة دهوك في كوردستان العراق عاصمة هذه الإمارة الكوردية بهدينان وشملت هذه الإمارة الكوردية البهدينانية أيضاً مدينتي عقرة، وزاخو،وزيبار، وشيخان، وأجزاء من الموصل وأربيل.
خاضت هذه الإمارة الكوردية بهدينان عدة صراعات مع العثمانيين الاتراك والصفويين الفرس، ولكن نهاية هذه الإمارة الكوردية بهدينان لم تكن على يد أي من هاتين القوتين بل على يد إمارة كوردية أخرى منافسة، هي إمارة سوران الكوردية في عام 1843. وفي عام 1843 سيطر العثمانيون الاتراك على هذه المنطقة الكوردية من كوردستان، وضموها إلى ولاية الموصل الكوردية وذات الاغلبية الكوردية( ).


● الإمارة السورانية الكوردية مؤسسها (كولوس)
كلمة سوران بالكوردية تعني "الحمر"، وهناك بعض الروايات التي تشير إلى أن مصدر التسمية كانت الصخور الحمراء التي كانت تحيط بإحدى قلاع مجموعة كوردية منافسة لسلالة كولوس حيث استطاع أحد أبناء كولوس احتلال القلعة، واتخاذها نواة لإمارة سوران الكوردية. هذه الإمارة الكوردية سوران كانت الوحيدة من بين الإمارات الكوردية من كون أن أميرة كوردية كانت تحكم الإمارة في فترة من الزمن وكان اسمها (خانزاد).
والسورانيون الكورد كانوا أصحاب الإمارة الكوردية التي عرفت بإمارة سوران الكوردية (1399 – 1838) والسورانية أيضاً أسم أحد اللهجات الرئيسية للغة الكوردية. واستناداً إلى كتاب الشرفنامة الذي يعتبر من أهم المصادر في تاريخ الشعب الكوردي، وتاريخ الإمارات الكوردية، فإن مؤسس الإمارة كان شخصاً اسمه (كولوس) الذي كان وحسب المصدر نفسه أبناً لرجل كوردي معروف في بغداد، هو ما أكده المؤرخ الكوردي (حسين خزني الموكرياني) من أن كولوس هذا كان من منطقة رواندوز الواقعة في كوردستان العراق. واستناداً إلى كتاب خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان للمؤرخ الكوردي محمد أمين زكي (1880 – 1948) فإن كولوس كلمة كوردية قديمة، تعني الشخص الذي سقطت أنيابه (اسنانه).
كانت حدود الإمارة السورانية الكوردية ومدى استقلالها عن الآخرين تتغير حسب التحالفات، والضغوط الخارجية، والصراعات الداخلية. وعندما بلغت الإمارة الكوردية سوران أوج قوتها كانت تحكم إمارات أربيل وكركوك والموصل حتى وصلت حدود الإمارة الكوردية سوران إلى نهر الزاب الصغير وهو الحد الفاصل بينه وبين إمارة بابان الكوردية. وتذكر مصادر التأريخ الكوردي إلى قيام العثمانيين الاتراك في عام 1838 هجوماً واسعاً على الإمارة (سوران الكوردية) وواجهوا مقاومة ودفاع شرس من قبل السورانيين الكورد وحسب ما ذكره المؤرخين والاكراد،فان الوالي العثماني التركي (رشيد باشا) برسالة الى الامير السوراني محمد وكان مضمون الرسالة هو "الكف عن إراقة دماء المسلمين" وتنصيب الأمير محمد "أميراً لأمراء سوران" ومنحه "الخلع والنياشين". وعندما رفض الأمير العرض واعتبره خضوعاً للإمبراطورية العثمانية (التركية) تدّخل مفتي الإمارة (الملا محمد الخطي) الذي أصدر فتواه، وأعلن أن "كل من يحارب جيش الخليفة العثماني غير مؤمن وزوجته منه طالق" ويعتبر الأكراد هذه الفتوى السبب الرئيس في سقوط الإمارة السورانية الكوردية"( ).


• إمارة بشتكـو الكوردية
بعد سقوط الإمارة الأتابكية اللورية (اللور الصغرى) الكوردية على يد الشاه الفارسي عباس الصفوي عام 1597م، انتقل أحفاد شاه ويردي آخر أمراء الأتابكية إلى مناطق الكورد الكلهور في بشتكو الكوردية، حيث قصبة (دي بالا) مدينة عيلام الحالية، وأسسوا إمارة بشتكو الكوردية. وفي هذا الصدد يقول المرحوم الأستاذ محمد جميل روزبياني في حاشيته على ترجمة كتاب (الشرفنامة) نقلاً عن مؤرخنا الجليل المرحوم محمد أمين زكي بك إن أحفاد شاهويردي قد أسسوا إمارة كوردية صغيرة في منطقة بشتكو الكوردية، وعرف حكامها بـ (الوالي)، وقد حكمها بالتوالي تسعة ولاة أكراد، هم:
1. حسين خان، 2. إسماعيل خان، 3. أسد خان، 4. حسن خان، 5. كلب علي خان، 6. علي خان، 7. حيدر علي خان، 8. حسين قولي خان، 9. غلام رضا خان.
وفي عهد الوالي الأخير (غلام رضا خان) احتلت قوات (رضاه خان شاه بهلوي) هذه الإمارة الكوردية بشتكوه سنة 1928م وألحقها بالمركز وعين عليها حاكماً عسكرياً مما أدى إلى هروب الوالي الكوردي غلام رضا خان إلى بغداد دون أن يقاوم. خرج ابنه (علي قلي خان) عام 1929م وبمساعدة إخوته أعلن نفسه والياً على (إمارة بشتكو الكوردية) خلفاً لوالده الهارب غلام رضا خان واستطاع أن يجمع حوله قوات عشائرية من قبائل كوردية (شوهان، كورد، دينار كوه). واستطاعت هذه القوات محاصرة مدينة (دي بالا) التي كان يتحصن فيها الحاكم العسكري للمنطقة المدعو (العميد علي أكبر خان). ثم زحفت قواته نحو منطقة (إيوان)، إلا أن المدعو (علي آغا الأعظمي) حاكم منطقة (إيوان) المُعيّن من قبل النظام البهلوي. استطاع جمع القوات العشائرية الموالية للنظام البهلوي، وإيقاف زحف قوات بشتكو الكوردية على مناطقهم، ومن ثم ردهم على أعقابهم حتى قصبة مهران. واستتب الوضع بعدها لنظام رضا شاه وأسدل الستار على إمارة بشتكو الكوردية التي حكمت المنطقة حوالي (200) عام (قرنين من الزمن).
والواقع الذي نحن بصدده أن الإمارات الكوردية تمكنت من البقاء على أراضيها الكوردية في كوردستان دون أن تجرؤ تلك الشعوب على قهره أو دمجه، كما أن لا الإسكندر المكدوني ولا الساسانيين من بعده استطاعوا ذلك، كما أن صمود الأكراد بوجه الغارات المدمرة، السلجوقية التركية عام 1051 ميلادية والمغولية عام 1231 ميلادية وإغارة تيمور لنك عام 1402 ميلادية قد هيأت الدليل الساطع على صمود الشعب الكوردي ومدى تحديه لأعدائه واعتزازه بوطنه وارضه في كوردستان، فدافعوا عنها وعن وجودهم القومي وقدموا من أجل ذلك الكثير وما زالوا. وعندما أصبحت كوردستان، في القرن السادس عشر ميداناً للصراع الدموي الذي دار بين الدولتين الصفوية الفارسية والعثمانية التركية، أصيبت كوردستان بخسائر جسيمة لا تعوض، مع ذلك فلم تستطيع أي من الدولتين من أن تنعم بسلام دائم من جراء احتلالها لأجزاء من كوردستان، ولعل ذلك يوضحه قول الأمير شرف خان البدليسي: "إذا كان ثمة بعض الملوك والسلاطين قد حدثتهم أنفسهم أحياناً بالاستيلاء على كوردستان وسائر مواطن الكورد الجبلية فقد لاقوا دون ذلك أهوالاً وألواناً من المشاق والمتاعب ثم ندموا أشد الندم على ما قاموا عليه باذلين الجهد الجهيد الأمر الذي حملهم على إعادة البلاد الكوردية (كوردستان) التي استولوا عليها إلى أصحابها الكورد".
عندما حلت الحرب العالمية الأولى، ذاقت القبائل الكوردية منها الأمرين وأصيبت كوردستان بأفدح الأضرار، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، عقدت معاهدة سيفر 10 اب عام 1920 والتي وافق الحلفاء بموجبها على إنشاء دولة كوردية في كوردستان، إلا أن التطورات الدولية التي أعقبت حرب تركيا واليونان، أدت إلى عقد معاهدة لوزان في 24 تموز 1923، التي نسفت بنود معاهدة سيفر 1920م السابقة وحرمت الشعب الكوردي من حق تقرير مصيره، وبعد أن رسمت خارطة دول الشرق الأوسط فيما بعد، مزقت كوردستان، وأصبحت اليوم ملحقة بكل من تركيا وإيران والعراق وسوريا، كما أن جزءاً صغيراً منها يقع ضمن أرمينيا السوفيتية.
من ذلك يتضح بأنه ما من شبر من أراضي كوردستان، بجبالها ووديانها وعبر تاريخها الحافل الطويل، لم تروه دماء ابنائه الأكراد، دفاعاً عن ترابهم ووطتهم ابا عن جد (كوردستان) الذي ترعرعوا فوق أديمه واستقوا مياه ينابيعه العذبة، وعن وجودهم القومي كشعب له حق الحياة والحرية كباقي الشعوب.

*إمارة بوتان الكوردية
أما الإمارة الثانية بوتان الكوردية، وعاصمتها (جزير) الكوردية فقد كانت آخر وأقوى وأوسع الإمارات الكوردية وأقربها تنظيماً إلى دولة قومية حديثة تحت حكم الأمير بدرخان (1821 – 1847)، وقد بلغت الإمارة الكوردية بوتان أوجها من القوة حين تمكن الأمير بدرخان من توحيد القادة الكورد البارزين في "الحلف المقدس"( ) فانتشر نفوذ الأمير بدر خان وتوسعت سلطته وتطورت إمارته الكوردية بوتان إلى كيان قومي شبه مركزي كوردستاني.
ما إن جلس الأمير بدرخان على كرسي الإمارة الكوردية (بوتان) حتى شرع بتنظيم أمور الدولة وتشجيع الحركة العمرانية، وضمان الأمن والعدالة، وشكل ما يشبه الوزارة إذ جعل الملا عبد القدوس شيخاً للإسلام، وطاهر آغا (طاهر مامو) قائداً عاماً للجيش وحامد آغا قائداً لفرقة الفرسان وأفندي آغا ناظراً للخزينة والشؤون الخاصة( ).
هنا بدأ عصر التنوير الكوردي ومثاله البارز إرسال البعثات العلمية إلى أوربا مما يثير إلى وجود فائض مالي ضروري لإقامة المؤسسات المدنية في حكومة عصرية.
يقول المستشرق الروسي الدكتور خالفين في كتابه "الصراع على كوردستان"( ) "نتيجة لفعاليات الوطنيين الأكراد النشيطة في الأربعينيات من القرن التاسع عشر فقد أصبحت بلاد كوردستان الجبلية شاسعة في جنوبي بحيرة "وان"، ومن حدود إيران في الشرق إلى ديار بكر والموصل في الغرب، مستقلة. وظلت ضمن الإمبراطورية العثمانية فقط اسمياً، وأصبح الحاكم الفعلي هنا "بدرخان بك" الذي تمتع بمساندة جميع السكان فيها، ليس الأكراد فحسب، بل فقط ايظا الأرمن والكلدان والآثور أيضاً وغيرهم".
ويضيف الدكتور خالفين "أن الأمن الاجتماعي العام الذي تحقق لسكان هذه المنطقة الكوردية (بوتان) أصبح مضرب الأمثال. في وطن بدرخان يسافر الطفل وفي يديه الذهب" ولهذا كان الأمير بدرخان متمتعاً بتأييد العناصر الإصلاحية في الآستانة نفسها. وحول سياسة الأمير بدرخان الدينية يذكر خالفين ويؤكد ذلك معظم المؤرخين والباحثين، "كان بدرخان متساهلاً مع مختلف الطوائف الدينية في "جزير" الكوردية عاصمة هذه السلطة الكوردية (بوتان) . كان يعيش مسيحيون كلدان ويعاقبه، الذين كانوا يرعون كنائسهم الخاصة". أما بالنسبة لسياسة الأمير بدرخان القومية فإن الدكتور خالفين يقول "كان المنهج السياسي لـ "بدرخان" هو خلق دولة كوردية مستقلة".
كانت الدولة العثمانية حينئذ في دور الانحلال والسقوط تتقاذفها أهواء ومصالح الدول الأوروبية المركزية الاستعمارية التي كانت تهيمن على سياستها وتفرض رقابتها على شؤونها الداخلية عبر "حماية" طوائفها المسيحية وتتربص بها لتقسيم "ممتلكاتها" وكانت بريطانيا في مقدمة تلك الدول.
كانت بريطانيا عندئذ توطد نفوذها في الشرق الأوسط على حساب السلطة العثمانية الضعيفة، وكانت تعارض قيام أية سلطة وطنية قوية في المنطقة لاحتمال وقوفها حجر عثرة في وجه أطماعها الاستعمارية. ولهذا قررت بريطانيا ضرب الإمارة الكوردية بوتان النامية. فبادر القنصل البريطاني في الموصل "هنري لايارد" ـ عالم الآثار الشهير ـ إلى تحريض قادة الطائفة الأثورية النسطورية بمساعدة الوكيل أو العميل الرسمي Agent هرمز رسام في الموصل ـ والبعثات التبشيرية في كوردستان للتمرد ضد الأمير بدرخان بالامتناع عن دفع الضرائب.
كان المستعمرون قد عينوا أنفسهم "حماة" للطوائف المسيحية في الدول العثمانية واستخدموا الحماية المزعومة للتدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدولة العثمانية وتوسيع مصالحهم الاستعمارية. والحقيقة أن الأمير بدرخان كما رأينا، اشتهر بحكمة العادل وضمانه الحرية لجميع الطوائف الدينية، وهو الذي ثبت شخصياً الحريات الدينية للطوائف المسيحية وألغى مظاهر التمييز الديني ضدها، كتحريم أتباعها من ركوب الخيل في الدخول إلى المدن، أو إجبارهم على حمل علامات مميزة.
عندما قمع الأمير بدرخان التمرد استغلت الحكومة البريطانية الحماية الدينية المزعومة وضغطت على "الباب العالي" الامبراطورية العثمانية لاتخاذ إجراءات عسكرية ضد الأمير الامير الكوردي وافتعلت ضجة صليبية لإثارة الرأي العام الأوروبي ضد الشعب الكوردي مما أدى إلى شن حملة عسكرية عثمانية ضخمة على كوردستان عام 1842 بقيادة عثمان باشا ونشوب حرب ضروس دامت خمس سنوات بين الدولة العثمانية التركية والإمارات الكوردية انتهت بانتصار الجيش العثماني التركي في المعركة الحاسمة عام 1847 (نتيجة خيانة في المعسكر الكوردي ارتكبها أيزدان شير) ابن عم بدرخان وسقوط إمارة بوتان الكوردية ونفي أميرها بدرخان إلى جزيرة كريت أولاً ثم إلى دمشق حيث توفي عام 1868 ودفن في مقبرة مولانا خالد. كان عمره 66 سنة.
يشير بعض الكتاب والمؤرخين والباحثين أحياناً إلى "ثورة" الأمير بدرخان باشا، إلا أن الأمير الكوردي، من الناحية الفنية، لم يقم بثورة، بل كان يدافع عن إمارته الكوردية (بوتان) الشرعية التي كان السلطان العثماني قد اعترف بها في نظام البتليسي.
كتب المؤرخ الكبير محمد أمين زكي تفاصيل إضافية عن هذا الموضوع بالشكل التالي( ):
"تولى الأمير بدرخان حكومة جزير (جزيرا بوتان) الكوردية وهو يبلغ من العمر ثمانية عشر ربيعاً"، فأخذ من جهة يسعى سعياً حثيثاً في قطع دابر الدسائس العثمانية التركية، من داخل إمارته الكوردية، بوتان ومن جهة أخرى يعد وسائل وأسباب إنقاذ البلاد الكوردية الخاضعة للعثمانيين الترك ويعمل على تحريرها، واستقلالها بفضل اتحاد الزعماء والأمراء، الأكراد، وتأسيس رابطة أخوية قوية بينهم. وكان من أمراء العشائر الكوردية (وآن، هكاري، هيزان، موش) وبعضاً من شيوخ الدين الكورد المشاهير [كالشيخ يوسف زاخويي، ص. س] كانوا متفقين معه في هذا الرأي العظيم.
وعلى هذا المنوال شرع الأمير بدرخان في أخذ الأهبة والاستعداد فأنشأ أولاً معملاً للذخيرة والبنادق في مدينة (الجزيرة)، ثم أخذ يعمل على إخراج مشروعات قيمة أخرى إلى حيز الوجود.
وحدث في الوقت نفسه أن شقت النساطرة في بلاد (بوتان) الكوردية في بلاد الأمير بدر خان عصا الطاعة على حكومته (امارة بوتان) الكوردية وامتنعت عن دفع الضرائب الأميرية المعتادة، فاضطر الأمير بدر خان إلى تجريد حملة كبيرة يبلغ عددها زهاء عشرة آلاف مقاتل لإخضاعهم. وقد أقلقت أعمال الأمير بدر خان بال الحكومة العثمانية وأخذت تحسب لها الحساب، فأرسلت إلى الأمير بدر خان مندوبين من قبلها يبذلون له الوعد والوعيد لكي يصرف النظر عما اعتزمه من السعي لتوحيد قوى الأكراد واتحادهم القومي في كوردستان غير أن الأحوال تطورت فأدت إلى تدخل أوروبا سياسياً لدى الباب العالي العثماني بصدد تأديب النساطرة المسيحيين من قبل الامير بدر خان ... فانتهز الباب العالي العثماني هذه الفرصة واعتزم العثمانيين القضاء على إمارة (بوتان الكوردية) القوية فاصدر أوامره (الباب العالي) إلى (حافظ باشا) مشير الأناضول بأن يتخذ الإجراءات والمساعي لإحضار الأمير بدر خان امير امارة بوتان الكوردية إلى (الآستانة)، وبادر (حافظ باشا) بإرسال مندوب خاص من قبله ليعرض عليه ذلك، إلا أنه لم ينجح في مهمته هذه، وبعد ذلك جردت الحكومة العثمانية حملة عسكرية قوية على الأمير بدخان امير بوتان الكوردية لإخضاعه فنجح الأمير بدرخان امير بوتان الكوردية في تشتيت شمل هذه الحملة العسكرية العثمانية وإلحاق الهزيمة المنكرة بها. في سنة 1842 ضرب الأمير بدر خان امير بوتان النقود باسمه ووسع في دائرة سلطانه وحكمه إلى حدود (وأن، سابلاغ، رواندز، الموصل) حتى استولى على قلاع سنجار، سعرد، ويرانشهر، سيورك) وأوصل سلطانه إلى قلعة ديار بكر، وبعد أن أخمد الامير بدرخان امير بوتان الكوردية الفتنة التي قامت ضده في أطراف الموصل تمكن من الاستيلاء على بلدتي (اشنة) و(أورمية). وقد خطا الأمير الكوردي امير بوتان خطوة أخرى بإعلان استقلاله (امارة بوتان الكوردية) عام 1847.
تمكنت الحكومة العثمانية في هذه الأثناء من حشد قوة عسكرية كبيرة وإرسالها بقيادة عثمان باشا على الأمير بدر خان امير بوتان الكوردية، فالتقى الجيشان على مقربة من (أرميه) وفي هذا الوقت الحرج أنضم (الأمير عز الدين شير)، من أقرباء الأمير الكبير بدر خان وقائد مسيرة الجيش الكوردي البوتاني بمن معه من الرجال والسلاح إلى الجيش التركي فساعده على الاستيلاء على (الجزيرة) الكوردية وبوتان، مركز الإمارة البوتانية الكوردية، ولما اتصل نبأ ذلك بالأمير بدرخان ترك قسماً من جيشه أمام جيش عثمان باشا، وبادر هو وفريق من جيشه متجهاً نحو (الجزيرة) الكوردية وبوتان فاشتبك بمن فيها من جنود الترك وجنود (عز الدين شير) في القتال وبعد أن دارت معارك شديدة بينهم تمكن الامير بدر خان امير بوتان من استرداد (الجزيرة) مركز الإمارة؟ الكوردية بوتان.
وصفوة القول عن خيانة (عز الدين شير) ابن عم بدر خان وقائد جيشه هذه أدت في النهاية إلى انكسار جيش الأمير بدرخان امير بوتان الكوردية أمام جيش (عثمان باشا) العثماني وإخلاء الأمير بدرخان مدينة (الجزيرة وبوتان الكوردية) والالتجاء إلى قلعة أروخ (هه وره خ) التي حاصرها العثمانيين الترك، وعز الدين شير ابن عم بدر خان وقائد جيشه، مدة ثمانية شهور نفذت من خلالها المؤن من لدن المدافعين، مما أضطر الأمير بدرخان لأن يخرج بمن معه من المدافعين من القلعة ويقتحم صفوف المحاصرين في القتال إلى أن انكسر جيشه وقبض عليه وعلى أثنين من أولاده وأرسلوا جميعاً إلى (الأستانة) سنة 1848، وقد أصدرت الحكومة العثمانية (ميدالية حرب كوردستان) تذكاراً لانتصارها في هذه المعارك الدامية" مع جيش امارة بوتان.
يحاول ميجر سون (الضابط السياسي البريطاني في السليمانية بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة)، إلقاء تبعة تحريك النساطرة المسيحيين على عاتق العثمانيين الترك، "بقصد القضاء على النساطرة المسيحيين قضاء مبرماً، لأن الشعب الكوردي (كما يؤكد ميجر سون) لم يكن ليسئ معاملة هؤلاء النساطرة المسيحيين في يوم من الأيام".
لكن الذين حركوا النساطرة المسيحيين هم البريطانيون أنفسهم، كما ذكرت، وإلا لصبوا جام غضبهم على العثمانيين الترك وليس الكورد، لترك النساطرة المسيحيين وشأنهم.
يؤكد الدكتور حامد محمود عيسى على الطابع التحرري القومي لحركة الأمير بدرخان فيقول "كانت ثورة بدرخان امير بوتان بالذات هي من الثورات الكوردية القومية وأطولها عمراً. فهي الثورة الكوردية التي يمكن تسميتها بالمفهوم الحديث بالثورة الوطنية الكوردية: فقد عرف بدرخان كيف يستفيد من البلبة التي وقع فيها العثمانيين الأتراك واندحارهم (العثمانيين) إثر معركة نصيبين عام 1839 بين القوات المصرية (بقيادة إبراهيم باشا) ابن والي مصر محمد علي باشا من الاصل الكوردي والتركية فبسط بدر خان امير بوتان نفوذه وسيطرته على (وآن والموصل وسنندج بولاق وأورمية وديار بكر)، وحالف عدداً كبيراً من زعماء الأكراد، وحاول أن يستفيد من التجربة المصرية في بناء الجيش وعمل مصانع للذخيرة"( ).
بسقوط إمارة بوتان الكوردية قضي على النمو الطبيعي للإمارات الكوردية نحو دولة قومية مركزية، لكن الكفاح التحرري الكوردي لم يتوقف طويلاً، أما الأمير بدرخان فيبقى نجماً لامعاً في سماء كوردستان،وتقول (نيليدا فوكارو) "إن الميثولوجيا القومية لا زالت تعتبر بدرخان بك امير بوتان أب (الحركة) القومية الكوردية"( ).

● هجوم عثماني على إمارة بوتان الكوردية لدرء مخاطر التدخل الأوروبي
بعد بدء المعارك بين قوات الأمير بدرخان امير بوتان الكوردية والقوات الآشورية المتمردة، وتناقل الأنباء التي تكلمت عن الفضائح والمذابح المزعومة ضد الآشوريين /الاثوريين، ثارت ثائرة أوروبا، وطلب ممثلو القوى الأوروبية من الحكومة العثمانية التدخل الفوري؛ وإلا فإن مصالح الدولة العثمانية وعلاقاتها مع الغرب ستتعرض إلى الخطر الشديد. وتحركت الأساطيل الأوروبية تجاه المياه العثمانية، من أجل ممارسة الضغط على الدولة العثمانية لاتخاذ موقف ضد الأمير بدرخان امير بوتان الكوردية لصالح الاثوريين / الآشوريين. ففي 27/10/1846، طلبت الدولة العثمانية من القائم بأعمال السفارة البريطانية، في استنبول، إبلاغ حكومته أن الدولة العثمانية عازمة على القضاء على حركة الأمير بدرخان الكوردية في امارة بوتان، إلا أن طبيعة كوردستان الجبلية والظروف المناخية، ووجود زهاء 60 ألف مسلح كوردي تحت إمرة الأمير بدرخان، أجبرت الحكومة العثمانية على تأجيل حملتها على كوردستان وامارة بوتان الكوردية إلى السنة القادمة، وذلك لتمكين الحكومة العثمانية من اتخاذ الإجراءات اللازمة لحملة ضد امارة بوتان الكوردية في كوردستان.العثمانية وهنا يشير الصدر الأعظم العثماني لممثل بريطانيا بأن حكومته قد أرسلت (ناظم أفندي)، أحد المسؤولين العثمانيين، إلى الأمير بدرخان امير بوتان الكوردية وذلك لإقناعه بإيقاف المعارك فوراً( ).
ومنذ ربيع 1847، بدأت الدولة العثمانية تأخذ استعداداتها لبدء العمليات العسكرية في كوردستان العثمانية، خاصة بعد أن رفض الأمير بدرخان امير بوتان تلبية دعوة السلطان العثماني بالسفر إلى استنبول، للتباحث في مسالة الحرب الكوردية - الآشورية. /الاثورية قاد عثمان باشا، قائد قوات الأناضول العثمانية الحملة بنفسه، وهاجم الجيش العثماني امارة بوتان الكوردية في كوردستان من ثلاث جبهات (من الشمال والجنوب والشرق)، وكان الجيش العثماني جيشاً جراراً، يشارك فيه خيرة قادته؛ أما الأمير بدرخان فقد أخذ استعداداته للدفاع عن امارته الكوردية بوتان في كوردستان، وكبد القوات العثمانية في أرضرومية خسارة كبيرة. إلا أن سرعان ما علم امير بوتان أن الأمير يزدان شير قائد قواته وابن عمه، قد انتقلا بمعظم قواتهما إلى جانب الدولة العثمانية، فأسرع بدرخان والقوات الكوردية للدفاع عن جزيرة ابن عمر الكوردية/بوتان؛ ولكن اضطر فيما بعد إلى أن ينسحب هو وقواته إلى قلعة أروخ. تقول المصادر الكوردية: إن بدرخان قاوم القوات العثمانية لأشهر عدة، إلا أن نفاذ عتاده وانتشار الأمراض أجبراه على الاستسلام. وتؤكد الوثائق البريطانية رأي المؤرخ التركي (لطفي) في أن أمد المعارك كان قصيراً وحاسماً، ولم يستغرق أكثر من شهر( ).
بعد أن استسلم الأمير بدرخان امير امارة بوتان الكوردية لقائد القوات العثمانية، التزم عثمان باشا قائد القوات العثمانية في الاناضول بوعده فأكرمه، وأرسله مع أتباعه إلى استنبول. وبعد ذلك التقى السلطان العثماني، وسمح له الأخير بأن يصحب مائتين من أتباعه ويذهب للعيش في قبرص. ويقال: إن إكرام السلطان العثماني له في القصر أثار استياء الإنكليز، ودفع ذلك بعض المسؤولين الإنكليز للاعتقاد بأن بدرخان والسلطان العثماني كانا متفقين من قبل على شن الحرب ضد الآشوريين( ).
وفي جزيرة (ابن عمر) الكوردية/بوتان أدى الأمير بدرخان امير بوتان الكوردية وأنصاره دوراً مهماً في القضاء على التمرد القبرصي المدعوم من بريطانيا واليونان، فأكرمه السلطان العثماني في 1856م، ومنحه السلطان العثماني لقب ميرميران (أمير الأمراء). وفي عام 1866م، سمحت له الدولة العثمانية بالعودة والسكن في دمشق حيث توفي في سنة 1870م، ودفن في مقبرة الصالحية (قرب دمشق) في نفس المقبرة التي يرقد فيها رفيقه في الجهاد السلطان صلاح الدين الأيوبي (أنظر: ميجر سون، ص129).

*الإمارة البابانية الكوردية
البابانيون الكورد كانوا أصحاب الإمارة الكوردية التي عرفت بإمارة بابان الكوردية (1649 – 1851). وتشير بعض المصادر إلى أن أصولهم (بابان) ترجع إلى القبائل الكوردية التي كانت تقطن منطقة (بشدر) في كوردستان العراق. وأن رئيس القبيلة (أحمد الفقيه) استلم لقب "به به" أو "بابان" من السلطان العثماني، مكافئة لصراعهم (البابانيين) مع الصفويين الفرس. والإمارة البابانية الكوردية شأنها شأن بقية الإمارات الكوردية حيث كانت حدود الإمارة الكوردية ومدى استقلاليتها تتغير حسب التحالفات، والضغوط الخارجية، والصراعات الداخلية.
في عام 1783 أو 1781 بني البابانيون الكورد بقيادة إبراهيم باشا الباباني مدينة السليمانية، واتخذها عاصمة لهم. وكانت علاقة هذه الإمارة بابان متوترة بالإمارات الكوردية الأخرى مثل إمارة سوران، وإمارة بوطان /بوتان، بالإضافة إلى صراعهم مع الدولة العثمانية، والقاجار الإيرانيين.
وهناك اختلاف على سبب التسمية السليمانية فيعتقد البعض أنه تم العثور أثناء الحفر لبناء المدينة (السليمانية)، على خاتم نقش عليه اسم سليمان غير أن إبراهيم باشا الباباني ابن سليمان باشا بابان، أبلغ سليمان باشا، والي بغداد آنذاك، بأن التسمية كانت نسبة إليه (والي بغداد سليمان باشا) إلى السلطان العثماني سليمان القانوني، بينما يعتقد البعض الآخر أن إبراهيم باشا بابان سمى المدينة نسبة إلى والده سليمان باشا بابان.
وامتد نفوذ سلالة بابان الكوردية في البقعة الممتدة بين نهر الزاب الصغير، ونهر سيروان، أو ما يسمى أيضاً بنهر ديالى. وتشير بعض النصوص الأدبية إلى أن الإمارة الكوردية بابان كانت في فترة من الفترات مستقلة تماماً عن النفوذ الفارسي، والعثماني، وحكمت هذه الإمارة الكوردية بابان فترة تزيد على مئة عام (قرن من الزمان)، ولكن نفوذهم انتهى على يد العثمانيين في 1851م( ).
إن غاية الغايات التي أرادها الكورد المسلمون ويريدوها اليوم أن تتوحد كوردستان في دولة كوردية مستقلة لها حدود مرسومة ومعلومة مع جيرانها الأتراك والإيرانيين والعرب وليس غيرها. وهو ما رسم عند أصحاب النوايا السيئة وهم يقرأون تاريخ الكورد القديم والحديث، ليذهبوا به بعيداً إلى حد الانفصال وتمزيق وحدة المسلمين مستشهدين بالإمارات الكوردية التي ظهرت واختفت في فترات من الزمن البعيد والقريب.
ولعل من الأهـمية بمكان القول أن الكورد المسلمون لم يفكروا يوماً بالغزو لإضافة أراضي جديدة إلى كوردستان، كما أنهم لم يفكروا في خلق (فرق إسلامية) للمزايدة على الخليفة العباسي الجالس في بغداد. وهناك من يقول ان الكورد ضعف الخلافة العباسية التي حكمت بين (750-1258) قد أعطت لدول الجوار بلاد فارس والعثمانيين اليد الطولى للتطاول على الخلافة الإسلامية العباسية. إن البويهيين (الفرس) والسلاجقة (الأتراك) هـما من سببّوا للأمة العربية الإسلامية تصدع بنيانها، تلك هي أرض كوردستان التي شهدت صراعاً عنيفاً بين من هم على مذهب أهل السنة (الترك) ومن يمثل المذهب الشيعي (الفرس)، وكل منهما يقول أنه يريد أن يحكم الآخرين باسم الإسلام، وليس هو الإسلام.
إن التطاول على دين الإسلام ليس هو في تأسيس كيانات كوردية مسلمة في أماكن بعيدة عن مقر الخلافة الإسلامية بعد أن أصابها الوهن والضعف. ولعل ما كان يضرب عليه أعداء الكورد المسلمون أن ظهور الدويلات وامارات كوردية لم يكن بدافع التخلي عن الإسلام أو الخلافة الإسلامية للدولة العباسية، وإنما لأن الموروث الذي ألفّ عليه الناس، أن يظهر من يدير شؤون الناس في حياتهم داخل تلك الإمارة الكوردية، فكان ظهور الدولة الصفارية الكوردية في منطقة سيستان بين (768-903)، والدولة السامانية الكوردية بين (874-1002) والدولة البويهية الفارسية في منطقة الريّ (طهران) بين (934-998) ودولة (آل زيار) على مناطق قم وأصفهان بين (934-1119) والخوارزية بين (1077-1133).
إن ما نريد أن نذهب إليه هو أن الإمارات والدويلات الكوردية التي ظهرت لفترة من الزمن على أرض كوردستان، أو في مناطق آسيا الوسطى، سرعان ما ذهب نفوذ قياداتها عندما واجهت قوة مغولية عاتية على يد (جنكيز خان) عام 1258، بما فيها مقر الخلافة العباسية في بغداد. ذلك هو ما قهّر المسلمين بصفة عامة والكورد بصفة خاصة.

* الأكراد في عهد الدويلات الأتابكية
كانت هناك علاقات وثيقة بين الكورد وكوردستان وبين الدويلات الأتابكية التي تأسست في كوردستان وما جاوره من بلدان فكثيراً ما قامت الاشتباكات بينهما حتى استقلت الدولة الأيوبية الكوردية بقيادة القائد الكوردي صلاح الدين الأيوبي عام 569هـ - 1173 م، واتسع سلطانها في مصر وسوريا والجزيرة الكوردية وكوردستان وأرمينيا وتألفت معظم جيوشها من العشائر الكوردية حتى وافت السلطان صلاح الدين الأيوبي المنية عام (589هـ-1193م) واسترد أبناء ارسلان شاه مكانتهم في كوردستان( ).

* الكورد في عهد الخوارزميين والايلخانيين
لقد تعرض الكورد في جبال زاغروس الكوردية إلى نكبات شديدة منذ عام 614هـ-1217م، من جراء غارات الخوارزميين وتلي هذه النكبة غزوات هولاكو الشهيرة على كرمنشاه وبغداد وتبريز وقد تمكن الجيش المغولي وهو في طريقه إلى سوريا من تدمير الكثير من بلاد كوردية منها: الحكارية والجزيرة وديار بكر وماردين وفي سوريا تحارب الأكراد مع الجيوش التركية والعربية ضد جحافل المغول مما أفضى إلى هزيمة المغول عام (680 هـ - 1281م).
أما عن أوضاع الكورد في عهد الصفويين الفرس فبعد سقوط الدولة المغولية أخذت الحكومات التركمانية في آسيا الغربية تمد سلطانها على بلاد كوردستان تدريجياً ثم تشابكت مع جيوش حكومة القرة قوينلي التركمانية مع العشائر الكوردية ثم جاءت من بعد غارات يتمورلنك على أصفهان وبغداد و ديار بكر وما قام به من أعمال وحشية في بلاد كوردستان وبعد استيلاء الشاه إسماعيل الصفوي على أرمينيا في بداية حروبه مع الآق قوينلي وكانت خطة الشاه إسماعيل الصفوي السياسية نحو كوردستان ترى القضاء على الحكومات الكوردية والإمارات الكوردية المحلية لإحلال النفوذ والسلطة إلى السلطان القزلباشي الشيعي محل السلطان تلك القوى المحلية ذلك على عكس السياسية العثمانية التي كانت ترمي إلى إرضاء الكورد ضد الشيعة والشاه إسماعيل الصفوي وبلغ الأمر إلى خضوع منطقة كوردستان الكوردية برضى من أهله وبدون إراقة دماء تحت سلطان آل عثمان ويذكر المعارك الضارية التي دارت بين السلاطين العثمانيين وبين ملوك الدولة الصفوية في إيران ومدى الدمار الذي لحق بمنطقة كوردستان التي كانت في الغالب مسرحاً للقتال والمعارك الحربية.

ومعاهدة أرضروم (1049هـ - 1639م)، بين الحكومتين العثمانية و الصفوية الفارسية الإيرانية لم تمنع إيران تماماً من تخطي جبال زاغروس الكوردية إلى الغرب غير أن الحكومة العثمانية استولت تدريجياً في عهد الصفويين الفرس على المقاطع الغربية الإيرانية (كوردستان ايران) وعلى البلاد القوقازية وكان من نتيجة هذا التبادل في الحدود السياسية أن دخل معظم الكورد وكوردستان في الحكم العثماني وخاصة في عهد نادر شاه الذي قتل عام 1747م أثناء زحفه على أكراد خراسان للتنكيل بهم واشتد نشاط أكراد كوردستان إيران من بعده وتأسست الحكومة الزندية الكوردية عام 1166هـ -1753م، سرعان ما سقطت الحكومة الزندية الكوردية بسبب قلة عددها وضعفها وبعد زوالها (الحكومة الزندية الكوردية) عام 1209هـ - 1794 م، اضطهد أغاخان القاجاري الفارسي أكثر العشائر الكوردية و فتك الكثير من زعمائهم الكورد وعمل على تشتيتهم وإحلال قبائل التركمان محلهم.
أما في عهد شريف باشا السليماني أخذ على عاتقه تمثيل الجماعات السياسية الكوردية جميعها وقدم مذكرتين وخريطتين لكوردستان إلى مؤتمر الصلح في باريس 1919ضمنها مطالب و حقوق الأمة الكوردية في عام 1919 وتفضي معاهدة سيفر10 اب عام 1920 بإنشاء نوع من الحكم الذاتي للأكراد في كولردستان من منطقه شرقي الفرات وجنوبي بلاد أرمينيا شريطة أن يقوم أهالي هذه المنطقة الكوردية باستفتاء إذا كانوا يريدون الانفصال عن الترك أم لا، أم إذا كان الأكراد جديرون بالاستقلال في كوردستان أم لا، وعلى هذا النحو لم تسفر هذه المعاهدة سيفر 1920عن أي نتيجة مرجوة للأكراد.
ويقول شريف باشا السليماني عن اللغة الكوردية: أن اللغة الكوردية واللغة الفارسية أنها من أصل واحد وانقسمت على عدة لغات، وتأسست أول جمعية كوردية في الآستانة عام 1908 باسم جمعية ( تعالي وترقي الكورد)، وجمعية (نشر المعارف الكوردية) وجمعية (استقلال الكورد).

* الإمارات الكوردية في ظل الاحتلال العثماني - الفارسي
نشأت في كوردستان إمارات كوردية عديدة مثل أردلان وبوتان وسوران وبابان وبهدينان ومريوان ولورستان لكنها لم تتطور إلى دولة مركزية لسببين رئيسيين:
1. التراكم البطيء والمحدود لفائض الإنتاج الاقتصادي بسبب الطبيعة الجبلية للبلاد واعتماد الزراعة الديمية في السهول القليلة المتوفرة.
2. الاحتلال المبكر والطويل للبلاد من قبل الإمبراطورتين الصفوية الفارسية والعثمانية التركية حيث توسعت الأولى الفارسية/الصفوية غرباً بينما توسعت الثانية العثمانية/التركية شرقاً في احتلال كوردستان وجعلها ساحة لمعاركهما.
في عام 1514 نشبت معركة جالديران بين الدولتين حيث دحر السلطان العثماني سليم الاول الشاه إسماعيل الصفوي واقتسمت الدولتان كوردستان على إثرها إذا اقتطعت الدولة العثمانية حوالي ثلاثة أرباع البلاد (كوردستان) واقتطعت الدولة الفارسية الربع الباقي. وقد أحكم السلطان العثماني نفوذه في كوردستان بموجب الاتفاقية التي عقدها مستشاره "ملا إدريس البتليسي" مع الأمراء والزعماء الكورد المحليين، تلك الاتفاقية التي اعتـــرفت بالسلطـــة المحلية الكوردية لهؤلاء الأمراء والزعماء الاكراد في إدارة مناطقهم الكوردية في كوردستان، وهو أمــــر كان قائماً عملياً De Facto ومقابل تزويد الجيش العثماني بالمقاتلين عند الحاجة وما أكثر الحاجة فقد كانت الحملات العسكرية العثمانية التركية مستمرة وتلتهم عشرات الألوف من الشباب الكورد بعيداً عن الوطن (كوردستان) وهكذا ألحقت الاتفاقية أفدح الأضرار بالشعب الكوردي.


* أقاليم من كوردستان في أقدم خارطة للعالم قبل أربعة آلاف سنة
وضع الأكاديون أقدم خارطة للعالم لتصوير منطقة فتوحات سرجون الأكدي، وهي تشمل بلاد بابل والبلاد التي سميت فيما بعد ببلاد آشور والجبال كوردستان الواقعة في شمال تلك البلاد (كوردستان) حتى منابع نهر الفرات أي كوردستان الشمالية (كوردستان تركيا الحالية). وقد وضعت تلك البلدان وسط دائرة ويحيط بتلك الدائرة البحر المحيط بالعالم حسب معرفة ذلك العهد وعلى أطرافه جزر رسمت على شكل مثلثات وعليها كتابات مسمارية وهناك صورتها مخططة في كتاب الأستاذ عبد الرقيب يوسف (حدود كوردستان الجنوبية تاريخياً وجغرافياً، ص15) وقد وردت في كتاب (العراق في الخوارط القديمة) للدكتور أحمد سوسة واللوح الأصلي محفوظ في المتحف البريطاني تحت رقم (E155/ 92687). ولزيادة الإيضاح وضع أحمد سوسة أو غيره الأرقام العربية بجانب المناطق المرسومة على الخارطة، حيث أشير إلى بلاد آشور بالرقم (2) ومدينة (اوره اش) منطقة كوردستان الواقعة في شمال بلاد آشور بالرقم (4) وجبل (شادو) الواقعة في كوردستان عند منابع الفرات بالرقم (3).
إن موقع مدينة (اوره أش) وإن هو غير معلوم لنا بالتحديد لكنه يعلم من الخارطة أنها تقع في كوردستان اليوم. أما بالنسبة لجبال (شادو) فكل ما نعلم هو أن واحداً من الملوك الحوريين الكورد في بلاد (سوبارتو) الكوردية في النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد أي قبل سيطرة (الميتانيين) الكورد كان باسم (شادو شاررى) وكان ملك منطقة (ازوخينوم)، وقد ورد اسم هذا الملك في ص9 و10 من (كركوك في العصور القديمة) للدكتور جمال رشيد الكركوكي أستاذ تاريخ الشرق القديم فعلى هذا يحتمل جداً أن اسم (شادو) كان اسماً حورياً كورديا من الألف الثالث قبل الميلاد.( )

* الإمبراطوريات والإمارات الكوردية
استنادا إلى د. زيار في كتابه "إيران ... ثورة في انتعاش" والذي طبع في نوفمبر 2000 في باكستان فإنه بحلول سنة 1500 قبل الميلاد هاجرت قبيلتان رئيسيتان من الآريين من نهر الفولغا شمال بحر قزوين واستقرا في إيران وكانت القبيلتان هما الفارسيين والميديين الكورد أسس الميديون الكورد الذين استقروا في الشمال الغربي مملكة ميديا الكوردية. وعاشت الأخرى الفارسية في الجنوب في منطقة أطلق عليها الإغريق فيما بعد اسم بارسيس ومنها اشتق اسم فارس. غير أن الميديين الكورد والفرس أطلقوا على بلادهم الجديدة اسم إيران التي تعني "ارض الآريين".
هناك اعتقاد راسخ لدى الأكراد أن المديين الكورد هم احد جذور الشعب الكوردي ويبرز هذه القناعة في ما يعتبره الأكراد نشيدهم الوطني حيث يوجد في هذا النشيد إشارة واضحة إلى إن الأكراد هم "أبناء الميديين الكورد" واستنادا إلى المؤرخ الكوردي محمد أمين زكي (1880 - 1948) في كتابه "خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان" فإن الميديون الكورد وإن لم يكونوا النواة الأساسية للشعب الكوردي فإنهم انضموا إلى الأكراد الاخريين قبلهم في كوردستان وشكلوا حسب تعبيره "الأمة الكوردية".


يستند التيار المقتنع بان جذور الأكراد هي جذور آرية على جذور الميديين الكورد حيث إن هناك إجماعا على إن الميديين الكورد هم أقوام آرية. استنادا إلى كتابات هيرودوت فإن أصل الميديين الكورد يرجع إلى شخص اسمه دياكو الذي كان زعيم قبائل كوردية في منطقة جبال زاكروس وفي منتصف القرن السابع قبل الميلاد حصل الميديون الكورد على استقلالهم وشكلوا إمبراطورية ميديا الكوردية وكان فرورتيش (665 - 633) قبل الميلاد أول إمبراطور وجاء بعده ابنه هووخشتره. وبحلول القرن السادس قبل الميلاد تمكنوا من إنشاء إمبراطورية كوردية ضخمة (الميدية) امتدت من ما يعرف الآن بأذربيجان إلى آسيا الوسطى وأفغانستان. اعتنق الميديون الكورد الديانة الزردشتية وتمكنوا في 612 قبل الميلاد من تدمير عاصمة الأشوريين في نينوى ولكن حكمهم دام لما يقارب 50 سنة حيث تمكن الفارسيون بقيادة الملك الفارسي كورش بالإطاحة بالميديين الكورد وكونوا مملكتهم الفارسية الخاصة (الإمبراطورية الاخمينية).

يعتبر بعض المؤرخين مملكة الكاردوخ الكوردية التي تم السيطرة عليها من قبل الإمبراطورية الرومانية عام 66 قبل الميلاد وحولوها إلى مقاطعة تابعة لهم ثاني كيان كوردي مستقل حيث كانت هذه المملكة (كاردوخ) الكوردية مستقلة لفترة ما يقارب 90 سنة من 189 إلى 90 قبل الميلاد حيث سيطر عليها الأرمنيون ثم الرومان والفرس بعد ذلك ويعتبر بعض المؤرخين الكاردوخيين الكورد أقوام انضموا إلى الشعب الكوردي مع الميديين الكورد وشكلوا معا الأمة الكوردية.

بعد سقوط هاتين المملكتين (الرومانية والفارسية) تشكلت عدة إمارات كوردية وكانت حدود ومدى استقلالية هذه الإمارات الكوردية تتفاوت حسب التحالفات والضغوط الخارجية والصراعات الداخلية ومن الأمثلة على هذه الإمارات الكوردية هي: الحسنوية البزركانية والشدادية والدوستيكية المروانية والعنازية وإمارة أردلان وإمارة سوران وإمارة باهدينان وإمارة بابان.


الدكتور
عبد العزيز المفتي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1136 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع