مباحث في اللغة والادب/ ١٠٥ الأفاعي ولسعاتها في التراث العربي

ضحى عبد الرحمن

مباحث في اللغة والادب/ ١٠٥ الأفاعي ولسعاتها في التراث العربي

ما فات العرب شيئا الا وتناولوه في تراثهم الأدبي والعلمي، وكان للشعر مكانا في الأدب المتعلق بالأفاعي ولسعاتها علاوة على أنواعها واسماءها وما قيل فيها من أمثال وحكم.
ذكر نشوان الحميري" الأَرْقَم : الحية التي فيها سواد وبياض. والأراقم : قوم من ربيعة بن نزار ، وهم جثم ومالك وعمرو وثعلبة ومعاوية والحارث بنو بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بني تغلب. وسموا الأراقم لأن أمهم ماوية بنت حمار من قيس عيلان مر بها كاهن ، وهم ستة في قطيفة لها فقالت له : انظر إِلى بنيَّ هؤلاء ، فقال : والله لكأنما رموني بعيون الأراقم ، فسموا الأراقم لذلك. منهم عمرو بن كلثوم الشاعر ، وكليب ، ومهلهل ابنا ربيعة". (شمس العلوم4/611).
ـ قال الجاحظ" الحيّة تعجب باللبن. وإذا وجدت الأفاعي الإناء غير مخمّر كرعت فيه، وربّما مجّت فيه ما صار في جوفها، فيصيب شارب ذلك اللبن أذى ومكروه كثير". (كتاب الحيوان4/314).
ـ قال الوزير المغربي" قيل: أن سامة بن لؤي شَرِبَ مع أخيه كعب، فرأَى كَعْباً قد قَبَّل امرأته، فأنِف من ذلك، فهرب إلى عُمَان، فقال في ذلك المُسيِّب ابن عَلَس الضُّبَعيّ:
وقد كان سَامَة في قومه ... له مَطعَمٌ وله مَشْربُ
فسامُوه خَسْفاً فلم يَرْضَه ... وفي الأَرض من خَسْفِهم مَهْرَبُ".
تزوَّج سامة ناجية بنت جَرْم بن ربَّان، وهو عِلاف بن حُلْوان ابن عِمران بن الحَافي بن قُضاعة، بعُمان، أو سَيف من أسيلف البحر، فولدت له غالب بن سامة. فهلك وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وخَلف الحارث بن سامة على ناجية، نِكَاح مَقْت، فعَقِبُ سامة منه.
وقوم يقولون: كان لناجية ولد من غير سامة، وكان سامة متبنِّيا له فنُسِب إليه، فالعقب لذلك الولد.
وأجمعوا جميعا أن سامة بينما هو يسير على ناقته، أي وضعت رأسها ترتع، فأخذت حيَّة بمشفرها في حشيشه فنفضتها، فوقعت على ساق سامة، فنَهَشَتْهُ في ساقه فقتلته، فقال الشاعر " وقيل أن سامة قال ذلك لما أحسَّ بالموت ":
عَيْنٌ بَكِّي لسامة بن لُؤَيٍّ ... عَلِقَتْ ما بِسَامة العلاقة
رُمْتَ دَفْعَ الحتُوف يابنَ لُؤَيٍّ ... ما لمن رَامّ ذاك بالحَتْفِ طاقَهْ ( الإيناس بعلم الأنساب/23)
قال محمّد بن محمّد، عماد الدّين، أبو حامد القرشيّ، الأصبهانّي بهذه الرسالة ذكرت شعرا كنت وصفت فيه منزلة كثيرة الأفاعي؛ ومنه:
وأرض ترى الحيات فيها سواراي ... كأنّ مساريها ضروب من الرّقم
أساود رقط كالنّمال دبيبها ... ولكن تراها في القساوة كالدّهم
وتختلف الألوان منها كأنّها ... أزاهير روض وشّعتها يد الوسمي
إذا نشرت كانت حزاما وإنها ... كعروة إذ تطوى المساحب للضمّ
ومطرقة فوق الكثيب كأنها ... ضفائر ضمّتها مبدّنة الجسم
وآخر من دون الطّريق محملق ... شجاع على متن الطريق له يحمي
ينضنض في فيه لسان مخصّر ... كأنّ عليه طائر القطن والشحم
يشمّ دخان الموت من ليس دانيا ... إليه ويلقى الموت من عاجل السّمّ
يذوب به قلب الحديد مخافة ... ويفعل فعل النّار في موقد الفحم
تقنّع شبها بالكميّ وإنّه ... لأفتك منه إذ يطاعن أو يرمي
بمرهفة دلق يقصّر دونها ... مدى القاطع الهنديّ والرّمح والسهم
يساور أوهام اللّبيب أذكاره ... ويقتله قبل الغوائل بالوهم
إذا ما ترقّى الطّود خلت بأنّه ... يجاوز كثبان السّحاب إلى النّجم
(مسالك الأبصار في ممالك الأمصار12/261).
ـ ذكر السيوطي" قال المفضل: أفنون هذا لقب، واسمه صريم بن معشر بن ذهل بن تيم بن عمرو بن مالك بن حبيب - مصغر - ابن عمرو بن غنم بن تغلب. لقى كاهنا في الجاهلية فقال له انك تموت بمكان يقال له (إلاهة) فمكث ما شاء الله، ثم إنه سافر في ركب من قومه إلى الشام، فضلوا الطريق فقال لرجل: كيف نأخذ؟ فقال: سيروا فإذا رأيتم مكان كذا وكذا حيي لكم الطريق ورأيتم إلاهة، فلما رأوها نزل أصحابه وأبى أن ينزل، فبينا ناقته ترعى إذ لدغتها أفعى في مشفرها، فاحتكت بساقه والحية معلقة بمشفرها فلدغته في ساقه فمات منها. وفي الوشاح لابن دريد أنه لقب أفنونا لقوله:
منّيتنا الودّ يا مضنون مضنونا … أزماننا إن للشّبّان أفنونا ". (شرح شواهد المغني 1/146).
في المؤتلف للآمدي أن اسمه ظالم.
ـ قال ابو القاسم الزجاجي" اخبرنا ابن دريد قال اخبرني عمي عن ابن الكلبي قال اخبرني أبو حاتم عن أبي عبيدة قالا: خرج سامة ابن لؤي بن غالب من مكة حتى نزل بعمان فأنشأ: الخفيف
بَلّغا عامرا وكعباً رسولا ... إن نفسي إليهما مشتاقه
إن تكن في عمان داري فإني ... ماجد ما خربت من غير فاقه
ثم خرج يسير حتى نزل على رجل من الأزد فقراه وبات عنده. فلمام أصبح قعد يستن، فنظرت إليه امرأة الأزدي فأعجبها. فلما رمى قصمة سواكه أخذتها فمصتها، فنظر إليها زوجها فحلب ناقته إلى وضع في حالبها سماً وقدمه إلى سامة، فغمزته المرأة فهراق اللبن وخرج يسير. فبينما هو في موضع يقال له جوف الخميلة هوت ناقته إلى عرفجة فانتشلتها وفيها أفعى ففتحتها فرمت بها على ساق سامة، فنهشته فمات. فقالت الأزدية تبكيه حين بلغها أمره: الخفيف
عين بكي لسامة بن لؤي ... علقت ساق سامة العلاقة
لا أرى مثل سامة بن لؤي ... حملت حتفه إليه الناقه
رب كأس هرقتها ابن لؤي ... حذر الموت لم تكن مهراقه
وحدوس السرى تركت رديا ... بعد هجر وجرأة ورشاقة
وتعاطيت مفرقا بحسام ... وتجنبت قالة العوافة
(أخبار الزجاج/13).
قال ابن الجوزي" خرج شامة بن لؤي بن غالب من مكّة حتّى نزل بعمان على رجلٍ من الأزد.
وكان شامة بن لؤي من أجمل خلق الله، فقراه وبات عنده. فلما أصبح قعد يستنّ فنظرت إليه زوجة الأزدي فأعجبها، فلمّا رمى، مضت إلى سواكه فأخذتها فمصّتها، فنظر إليها زوجها، فحلب ناقةً وجعل في اللبن سمّاً وقدّمه إلى شامة، فغمزته المرأة، فأراق اللبن وخرج يسير. فبينما هو في موضعٍ يقال له خرق الجّميلة أهوت ناقته في عرفجة؟ فانتشلها وفيها أفعى فنهشت مشفريها فحكتها على ساق شامة فمات. فقالت الأزد:
إذا ناقتي حلّت بليلٍ ففارقت جملة لمّا أنبتّ منها قرينها
فقلت لها حثّي قليلاً فإنني وإيّاك نخفي عبرةً سترينها
غدرت بنا بعد الصّفاء وخنتنا وشرّ مصافي خلّةٍ من يخونها
قال ابو الفرج" قال أبو عمرو في خبره فأمره بصلة أبيه وملازمته طاعته : وكان عمر بن الخطاب استعمل كلابا على الأبلة فكان أبواه ينتابانه يأتيه أحدهما في كل سنة ثم أبطآ عليه وكبرا فضعفا عن لقائه فقال أبياتا وأنشدها عمر فرق له ورده إليهما فلم يلبث معهما إلا مدة حتى نهشته أفعى فمات وهذا أيضا وهم من أبي عمرو وقد عاش كلاب حتى ولي لزياد الأبلة ثم استعفى". (الاغاني21/21). وقال أيضا" اخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن المدائني عن جويرية بن أسماء عن عمه قال: حججت فإني لفي رفقة من قومي إذ نزلنا منزلاً ومعنا امرأة فنامت وانتبهت وحية مطوية عليها قد جمعت رأسها وذنبها بين ثدييها، فهالنا ذلك وارتحلنا فلم تزل منطوية عليها لا تضيرها حتى دخلنا الحرم فانسابت. فدخلنا مكة وقضينا نسكنا فرآها الغريض فقال أي شقية ما فعلت حيتك؟ فقالت: في النار! قال: ستعلمين من أهل النار.
ولم أفهم ما أراد وظننت أنه مازحها واشتقت إلى غنائه ولم يكن بيني وبينه ما يوجب ذلك فأتيت بعض أهله فسألته ذلك؟ فقال: نعم! فوجه إليه أن اخرج بنا إلى موضع كذا وقال لي اركب بنا فركبنا حتى سرنا قدر ميل فإذا الغريض هناك فنزلنا فإذا طعام معد وموضع حسن فأكلنا وشربنا ثم قال يا أبا يزيد هات بعض طرفك فاندفع يغني ويوقع بقضيب:
مرضتُ فلم تحفل عليّ جنوب وأُدنفتُ والمَمشى إليّ قريب
فلا يُبعد الله الشباب وقولَنـــــا إذا ما صبونا صبوة سنتوب
(الاغاني20/384).

مَن لَسَعَتهُ حَيَّةٌ
ـ قال أبُو الشَّمَقْمق:
يُوَقَّرُ المَرْءُ عَلَى عَقْلِهِ ... وَالأَدَبُ الصَّالِحُ بِالعَقْلِ
مَن لَسَعَتهُ حَيَّةٌ مَرَّةً ... تَرَاهُ مَذعُورًا مِنَ الحَبلِ
(السحر الحلال/95). (جواهر الأدب2/ 427). (الدر الفريد/366).
ـ قال ابن الحجاج:
وَمَن يَذُق لَسعَةَ الأَفعَى وَإِن سَلِمَت ... مِنها حُشَاشَةٌ يَفرغُ مِنَ الرَّسَنِ
(السحر الحلال/108). (الدر الفريد10/428).
ـ قال ابو العلاء الربعي" ذُكر أن أسامة بن لؤي خرج في سفر له، فتعلقت عليه حية من شجرة فنكزت رأسه فمات:
ـ قال الشاعر:
عين بكي أسامة بن لــــؤي عَلِقت من إسامة العَلاقَة
لا أرى مثل سامة بن لؤي حملت حتفه إليه الناقة
وقيل أن ناقته أهوت الى ملأ لتأكله، فعلقت الأفعى بمشفرها، فاحتكت بساقِ سامة في غرز الرٌحل، فنبشته فمات". (كتاب الفصوص1/328).
ـ قال النابِغةُ في حَيَّةٍ لدَغت رَجُلاً:
تناذرها الرَّاقُون من سوء سُمِّها تُطَلِّقُهُ حِيناً و حِيناً تُرَاجِعُ
(تاج العروس5/101).

أمثال عن الأفعى
ـ قال ابن قتيبة" من امثال الحيوان (أحلم من حيّة) . و (أظلم من حيّة) ، وذلك لأنها تدخل حجرة الحشرات وتخرجها".(عيون الأخبار2/84)
ـ قال ابن قتيبة" في الإنجيل أنّ المسيح عليه السلام قال للحواريّين: كونوا حلماء كالحيّات وبلها كالحمام".(عيون الأخبار2/85).
قيل" الحاوي لا ينجو من الحيات". (المستطرف/38)
قيل: أعمر من حيّة لأنّها لا تموت حتف أنفها". (محاضرات الأدباء2/406).
الدعاء عليه بالهلاك: رماه الله حيث لا يرى بفاقرة الثرى، أي الأفعى. كقولهم: رماه الله بأفعى عادية". (محاضرات الأدباء1/491).
ـ قَالَ ابن منظور" قَالَ الأَزهري: وَلِلْعَرَبِ أَمثال كَثِيرَةٌ فِي الحَيَّة نَذْكُرُ مَا حَضَرَنَا مِنْهَا، يَقُولُونَ: هُوَ أَبْصَر مِنْ حَيَّةٍ؛ لحِدَّةِ بَصَرها، وَيَقُولُونَ: هُوَ أَظْلَم مِنْ حَيَّةٍ؛ لأَنها تأْتي جُحْر الضَّبِّ فتأْكلُ حِسْلَها وتسكُنُ جُحْرَها، وَيَقُولُونَ: فُلَانٌ حَيَّةُ الوادِي إِذَا كَانَ شَدِيدَ الشَّكِيمَةِ حامِياً لحَوْزَتِه، وهُمْ حَيَّةُ الأَرض؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الإِصْبعِ العَدْواني:
عَذِيرَ الحَيِّ منْ عَدْوانَ كانُوا حَيَّةَ الأَرض
أَراد أَنهم كَانُوا ذَوِي إربٍ وشِدَّةٍ لَا يُضَيِّعون ثَأْراً، وَيُقَالُ رأْسُه رأْسُ حَيَّةٍ إِذَا كَانَ مُتَوقِّداً شَهْماً عَاقِلًا. وَفُلَانٌ حَيّةٌ ذكَرٌ أَي شُجَاعٌ شَدِيدٌ. وَيَدْعُونَ عَلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُونَ: سَقَاهُ اللَّهُ دَمَ الحَيَّاتِ أَي أَهْلَكَه. وَيُقَالُ: رأَيت فِي كِتَابِهِ حَيَّاتٍ وعَقارِبَ إِذَا مَحَلَ كاتِبُهُ بِرَجُلٍ إِلَى سُلْطانٍ ووَشَى بِهِ ليُوقِعَه فِي وَرْطة. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا طَالَ عُمْره وللمرأَة إِذَا طَالَ عُمْرُهَا: مَا هُو إِلَّا حَيَّةٌ وَمَا هِيَ إِلَّا حَيّةٌ، وَذَلِكَ لِطُولِ عُمْرِ الحَيّة كأَنَّه سُمِّي حَيَّةً لِطُولِ حَيَاتِهِ. ابْنُ الأَعرابي: فلانٌ حَيّةُ الْوَادِي وحَيَّة الأَرض وحَيَّةُ الحَمَاطِ إِذَا كَانَ نِهايةً فِي الدَّهاء وَالْخُبْثِ وَالْعَقْلِ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
كمِثْلِ شَيْطانِ الحَمَاطِ أَعْرَفُ وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَثْوَة: مِنْ أَمثالهم حيه: حَيْهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صَاحِبِي، حيه، حَيْهٍ حِمَارِي وَحْدِي؛ يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ المَزْرِيَةِ عَلَى الَّذِي يَسْتحق مَا لَا يَمْلِكُ مُكَابَرَةً وَظُلْمًا، وأَصله أَن امرأَة كَانَتْ رَافَقَتْ رَجُلًا فِي سَفَرٍ وَهِيَ رَاجِلَةٌ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ، قَالَ فأَوَى لَهَا وأَفْقَرَها ظَهْرَ حِمَارِهِ ومَشَى عَنْهَا، فبَيْنَما هُمَا فِي سَيْرِهِمَا إِذْ قَالَتْ وَهِيَ رَاكِبَةٌ عليه: حيه
حيهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صَاحِبِي، فَسَمِعَ الرَّجُلُ مَقَالَتَهَا فَقَالَ: حيه، حَيْهٍ حِمارِي وَحْدِي وَلَمْ يَحْفِلْ لِقَوْلِهَا وَلِمَ يُنْغِضْها، فَلَمْ يَزَالَا كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغَتِ الناسَ فَلَمَّا وَثِقَتْ قالت: حيه، حَيْهٍ حِمَاري وَحْدِي؛ وَهِيَ عَلَيْهِ فَنَازَعَهَا الرجلُ إِيَّاهُ فَاسْتَغَاثَتْ عَلَيْهِ، فَاجْتَمَعَ لَهُمَا الناسُ والمرأَةُ رَاكِبَةٌ عَلَى الْحِمَارِ وَالرَّجُلُ رَاجِلٌ، فقُضِيَ لَهَا عَلَيْهِ بِالْحِمَارِ لَمَّا رأَوها، فَذَهَبَتْ مَثَلًا". (لسان العرب14/220).
ـ قال طرفة:
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُوْنَهُ ... خَشَاشٌ كَرَأسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
قال المستعصمي" الضرِبُ الرَّجُلُ الخَفِيْفُ السَّرِيْعُ في مَشْيِهِ وَعَدْوِهِ، وَكَأَنَّهُ يَتَوَقَّدُ نَارًا، وَالخَشَاشُ اسْم لِلحَيَّةِ النَّضْنَاضِ الَّذِي يُخْرِجُ لِسَانهُ مُحَرِّكًا لَهُ يُوْعِدُ بِهِ شَبَّهَ نَفْسَهُ في ذَكَائِهِ وَيُرْوَى خَشَاشٌ بِالرَّفْعِ
(الدر الفريد4/275).
ـ قال المستعصمي" وإِنَّمَا مَثَلنَا كما قَالَ النَّابِغَةُ: أبَى لَكَ قَبْرٌ. البَيْتُ. وَحَدِيْثُ ذَلِكَ أَنَّ العَرْبَ زعمُوا أَنَّ حَيَّةً كَانَتْ فِي بَيْتِ رَجُلٍ فَقَتَلتهُ فَتَرَصَّدَ لها أَخُوْهُ لِيَقْتِلَهَا طَلَبًا لِثَأْرِهِ فقالت لَهُ الحَيَّةُ صَالِحْنِي عَلَى أَنْ أُؤَدِّي لَكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ دِيْنَارًا فَفَعَلَ فَلَمَّا كَثرَ مَالَهُ تَذَكَّرَ فَأَعَدَّ فَأْسًا وَتَرَصَّدَ لها فَرَمَاهَا فَأَشْوَاهَا وَشَجَّ رَأْسَهَا فَأَفْلتتْ فَنَدمَ الرَّجُلُ لَمَّا لَمْ يَنَل ثأْرَهُ وَفَاتَهُ مَا كَانَ يَنَالَهُ فَدَعَاهَا يَوْمًا إِلَى المُرَاجَعَةِ عَلَى أَنْ يُصالِحُهَا فَقَالَتْ لَا يَقَعُ الصِّلْحُ بَيْنَنَا مَا رَأَيْتَ قَبْرَ أَخِيْكَ وَرَأَيْتُ أَثَرَ الفَأْسِ فِي رَأْسِي. وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِ خُرَافَاتِ العَرَبِ. وَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ فِيْمَا يُبْعدُ الصّلْحُ فِيْهِ وَقَدْ نَظَمَهُ النَّابِغَةُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ يَقُوْلُ مِنْهَا:
وَأَنِّي لأَلْقَى مِنْ ذَوِي الضِّغْنِ مِنْهُمُ ... وَمَا أَصبَحَتْ تَشْكُو مِنَ البَثِّ سَاهِرَه
كَمَا لَقِيَتْ ذَاتُ الصَّفَا مِنْ حَلِيِفِهَا ... وَكَانَتْ تَدِيْهِ المَالَ غَبًّا وَظَاهِرَه
رَأَى أَنْ ثَمَّرَ اللَّهُ مَالَهُ ... وَأَصبَحَ مَسْرُورًا وسدَّ مفاقرَه
تَذَكَّرَ أَنِّى جعَلُ اللَّهُ جَنّةً ... فَيُصْبِحُ ذَا مَالٍ وَيَقتلُ وَاتِرَه
أَكَبَّ عَلَى فَأْسٍ يَحدُّ غرَارهَا ... مذكرةً مِنَ المَعَاوِلِ بَاتِرَه
وَقَامَ عَلَى حُجْرٍ لها فَوْقَ صَخْرَةٍ ... لِيَقْتِلَهَا أو تخلف الكف بادره
فَلَمَّا وَقَاهَا اللَّهُ ضَرْبَةَ فَأْسِهِ ... وَللبرِّ عَيْن لَا يغْمِضُ نَاظِرَه
تَنَدَّمَ لَمَّا فاتَهُ الدَّخْلُ عِنْدَهَا ... وَكَانَتْ لَهُ إِذْ خَاسَ بِالعَهْدِ قَاهِرَه
فَقَالَ تَعَالِي نَجْعَلُ اللَّهَ بَيْننَا ... عَلَى مَالنا أَوْ تنجزي لي آخرَه
فَقَالَتْ مَعَاذَ اللَّهَ أَفْعَلُ إِنَّنِي ... رَأَيْتكَ مَسْجُوْرًا يَمِيْنكَ فَاجِرَه
(الدر الفريد2/86) . (ديوان النابغة الذبياني/68)
للمبحث تابع.. بعون الله

ضحى عبد الرحمن
آذار 2025

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1109 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع