حرب اكتوبر-مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي‏/ج2

                                        

                              د.رعد العنبكي

         

    

 زيارتي للعراق

عارض الرئيس السادات ان اقوم بزيارة العراق لقد كان رايه في الرئيس البكر
لا يقل سؤا عن رايه في الرئيس هواري بومدين والملك الحسن الثاني ولكنه وافق في النهاية على ان اقوم بهذه الزيارة ( 26 مايو- 2 يونيو 73 )
كان قيامي بهذه الزيارة الرسمية للعراق تعني الكثير بالنسبة لمصر وبالنسبة
للعراق فقد كانت اول زيارة رسمية تقوم بها شخصية مصرية كبيرة الى بغداد منذ سنوات عديدة لذلك فانه كان ينظر الى هذه الزيارة على انها بداية لاعادة فتح الجسور بين القاهرة وبغداد..
في بغداد كانت البصمات الثقافية المصرية واضحة في جميع المجالات
كان هناك عدة الاف من المدرسين والاساتذة المصريين وكان ارتباط الشعب
العراقي باخبار مصر وفنونها يشكل ظاهرة لافتة للنظر كان برنامج زيارتي
حافلا  فقد زرت الكثير من الوحدات العراقية البرية والجوية في اقصى المناطق
الجبلية في الشمال حيث تنخفض درجة الحرارة في هذا الوقت من السنة الى حوالي الصفر كما زرت الوحدات التي تتمركز في اقصى الجنوب حيث ترتفع درجة الحرارة في الظل الى حوالي 45 درجة مئوية
زرت مناطق الاكراد ومناطق الحدود العراقية الايرانية وقمت برحلة بحرية داخل
شط العرب المتنازع عليه بين العراق وايران..

                                 

قابلت الرئيس أحمد حسن البكر وعددا من الزعامات العراقية وكانت اراء الجانب العراقي تتلخص في النقاط التالية:
1- ان العراق يواجه مشكلتين رئيسيتين الاولى هي التنازع مع جارته ايران حول الحدود ولاسيما ما يتعلق منها بشط العرب والمشكلة الثانية هي ثورة الاكراد في الشمال وان هذا التهديد الذي ياتي من اتجاهين مختلفين يرغم العراق على الاحتفاظ بقواتها قريبة من هذه المناطق
2- ان العراق تمثل الجناح الايمن للامة العربية وهي لذلك يجب ان تكون قوية في تلك المنطقة حتى تستطيع ان تحمي المصالح العربية من اي هجوم امبريالي
3- عندما تبدا المعركة ستقوم العراق بارسال جزء من قواتها المسلحة الى الجبهة الشرقية بحيث لا يؤثر على موقفها في الجبهة الايرانية او الجبهة الكردية
4- انهم سيقومون باصلاح وتجديد الطائرات ( هوكر هنتر ) ولكنهم يفضلون
ارسالها بعد تمام تجهيزها الى الجبهة المصرية بدلا من الجبهة السورية او الجبهةالاردنية


ذوبان الثلوج بين بغداد والقاهرة
كانت رحلتي الى العراق محدودة النجاح  كانت هناك وعود عراقية بدعم الجبهة
الشرقية ( جبهة سوريا ) ولكن هذا الدعم كان مشروطا بالموقف على الجبهة الايرانية وموقف الاكراد في الشمال كما كان مشروطا بقيام حرب فعلية وبالتالي فان الجبهة الشرقية لا تستطيع ان تدخل في حساباتها القوات العراقية او جزءا منها كعنصر اساسي عند التخطيط للمعركة كان هذا على صعيد العلاقات العربية
اما على صعيد العلاقات المصرية- العراقية فقد فتحت الزيارة الابواب بين بغداد والقاهرة مؤذنة ببدء مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين
بعد عودتي الى القاهرة باربعة ايام وصل اللواء عدنان عبد الجليل مساعد وزير
الدفاع العراقي الى القاهرة واخبرني بان صدام سوف يقوم بزيارة فرنسا في المدة بين( 14-16 يونيو 1973 ) وان السلطات العراقية تود ان تعرف الاصناف التي تود مصر ان تشتريها من الغرب عامة ومن فرنسا بصفة خاصة حتى يمكنها ان تتعاقد عليها وذلك كنوع من الدعم المادي لمصر
لقد بدات العلاقات المصرية العراقية تاخذ مظهرا من مظاهر التعاون وهذا التعاون وان كان محدودا فانه كان خطوة كبيرة نحو تفاهم افضل
لقد فتحنا مدارسنا العسكرية لاستقبال الطلبة العراقيين كما ارسلنا عددا من الخبراء العسكريين المصريين الى العراق وقامت الحكومة العراقية من جانبها بوضع ( 7 ) ملايين جنيه استرليني باسم وزارة الحربية المصرية في احد مصارف لندن حتى يتمكن الانفاق منها لشراء بعض الاصناف التكميلية الغربية التي قد نحتاج اليها..

            

وفي ( 12 فبراير 1973 ) وصل الفريق عبد الجبار شنشل رئيس اركان حرب القوات المسلحة العراقية في زيارة رسمية لمصر تستغرق اسبوعا قام الفريق شنشل بزيارة الكثير من الوحدات والمنشات العسكرية واطلع على كل ما يريد الاطلاع عليه
وبهذه الزيارة التي تمت بعد 9 شهور من زيارتي لبغداد كانت العلاقات المصرية العراقية قد وصلت الى ما لم تصل اليه من قبل وبعد حوالي شهر من زيارة الفريق شنشل بدا السرب العراقي من طراز( هوكر هنتر ) يصل الى مصر حيث بقي بها الى ان قامت حرب اكتوبر 1973 واشترك فيها
ويجدر لي بهذه المناسبة ان اشيد بالسرب العراقي وبالطيارين العراقيين فقد كان اداء الطيارين العراقيين في ميدان المعركة رائعا مما جعلهم يحوزون على ثقة وحداتنا البرية ففي اكثر من مناسبة كانت تشكيلاتنا البرية عندما تطلب معاونة جوية ترفق طلبها بالقول ( نريد السرب العراقي) او( نريد سرب الهوكر هنتر )..
ان هذا في حد ذاته يعتبر خير شهادة لكفاءة السرب العراقي وحسن ادائه خلال
حرب اكتوبر لم يقتصر الدعم العراقي على الجبهة المصرية ولكنه اسهم اسهاما فعالا في الجبهة السورية فبمجرد اندلاع حرب اكتوبر 1973 قام العراق باجراء سريع يهدف الى تامين جبهته مع ايران ويسمح له بارسال جزء من قواته الى الجبهة السورية وقد اشرك العراق في القتال ( 4 ) اسراب جوية فرقة مدرعة   فرقة مشاة فكانت قواته في الترتيب الثالث بعد مصر وسوريا من ناحية الكم والكيف لقد اشترك اول سربين جويين في القتال يوم ( 8) اكتوبر كما وان العناصر المتقدمة من القوات البرية قد بدات تصل الى الجبهة يوم ( 11 ) اكتوبر ولو ان تلك القوات العراقية كانت متمركزة في سوريا قبل بدء القتال لتغيرت نتائج القتال على الجبهة الشرقية  وهذا درس يجب ان نستفيد منه في المستقبل وهكذا نصل الى نهاية موضوع ( الدعم العراقي ) املا اني قد شاركت في ابراز مشاركة العراق في حرب اكتوبر عام 1973

لقد توفي المرحوم الفريق سعد الدين الشاذلي وهويعيش في المهجر ( لندن )
قبل سنتين رحم الله البطل المناضل واسكنه جنات الفردوس هو ورفاقه الابطال
ولكم مني اطيب المنى..
اخوكم المخلص
الدكتور
رعد العنبكي

للراغبين الطلاع على الجزء الأول النقر على الرابط أدناه:

http://www.algardenia.com/maqalat/6627-2013-09-30-23-10-40.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



الطرب الأصيل

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

599 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع