حرب اكتوبر - مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي

                                       

                            د.رعد العنبكي

      

  

يصادف يوم 6- تشرين الاول –2013 مرور اربعون عاما على حرب اكتوبر واود لوسمحتم ان اذكر هذه المعجزة بعبور القناة وتحطيم خط بارليف المنيع من قبل الجيش المصري البطل..

واود ايضا ذكر دور العراق في تلك الحرب اي ( الدعم العراقي ) ،لقد تعرفت ولي الشرف بذلك بالمرحوم الفريق سعد الدين الشاذلي في لندن في بداية الثمانينات من القرن الماضي عندما كان يزور السفارة العراقية فلم اعرفه في بداية اللقاء وتكررت زيارته وكنا نتحدث بأمورعديدة ومن بينها حرب اكتوبر عام 1973 ...

   

ويوم من الايام جاء ومعه نسخة جديدة من كتاب(حرب اكتوبر) حيث كانت الطبعة الاولى عام 1980 فقدم لي الكتاب كهدية منه الي وفي ذلك الاثناء عرفت ذلك الشخص الكريم من صورته على غلاف الكتاب الا وهو الفريق سعد الدين الشاذلي القائد العربي البطل فهذا الشخص رحمة الله عليه كان ذا خلق رفيع وروح طيبه ومرحه وسريع البديهيه وايمان بالله مطلق رحمة الله عليه وعلى ابطال مصر وابطال الامة العربية..

               

الدعم العراقي
صدام حسين في القاهرة :
قام العراق بارسال وفد عراقي على مستوى عال الى القاهرة ما بين26- مارس- 1973 كان يراس الوفد السيد صدام حسين الرجل الثاني في العراق واحد الاعمدة الرئيسية التي يرتكز عليها النظام العراقي وكان هذا يشير الى مدى الاهمية التي يعلقها العراق على هذا اللقاء العراقي – المصري..

              


كان هذا اللقاء بناء على مبادرة عراقية اذ تلقت السلطات المصرية اخطارا من بغداد تفيد ان وفدا عراقيا على مستوى عال سوف يصل الى القاهرة يوم كذا لاجراء مباحثات مهمة قامت مصر بتشكيل وفد مصري من الدكتور فوزي
نائب رئيس الجمهورية  و حافظ اسماعيل مستشار الرئيس لشؤون الامن القومي وممدوح سالم وزير الداخلية مراد غالب وزير الخارجية الفريق سعد الدين الشاذلي ر ا ق م م  عبد المنعم النجار سفير مصر في العراق
في يوم 23 مارس اجتمع الوفد المصري برئاسة الدكتور فوزي اجتماعا تمهيديا بقصد دراسة المواضيع التي يحتمل ان يثيرها الوفد العراقي ثم طلب رئيس الوفدالوفد الكلمة من الاعضاء استمعنا الى تقرير السفير المصري في العراق وكان يتلخص فيما يلي :
1-  العراق حريص على تحسين علاقته مع مصر وانه لا يريد ان يتم ذلك على حساب العلاقات المصرية السورية  انه يهدف الى اقامة محور بغداد- القاهرة بحيث يمر المحورخلال دمشق
2-  سواء كان حزب البعث السوري وحزب البعث العراقي جسمين براس واحد ام جسمين براسين فانه من الممكن ان يتعايش النظامان مع بعضهما
3- ان العراق على استعداد للمشاركة في المعركة بقواته المسلحة بالحجم الذي يراه الامين العام المساعد للجامعة العربية
4- ان العراق مستعد للمشاركة في عملية التصنيع العسكري العربي
5- ان العراق يؤيد قيام الوحدة العربية واذا كان ذلك غير ممكن في الظروف الحالية فانه يؤيد اي اجراء يقرب هذه الوحدة ونصح السفير بان تقوم مصر بتشجيع هذه الخطوة ومباركتها حيث ان رجال الحكم في العراق مخلصون في ايمانهم بالقومية العربية
تكلم الاعضاء الاخرون فاظهروا شكوكهم في تلك المبادرة وتراوح رايهم بين الحذروالتخوف وبين الرفض الصريح الا ان احد الاعضاء اعلن رفضه بطريقة لا تخلو من الاتهام حين قال ( لا اعتقد انهم يرغبون في اي نوع من الاتحاد او الوحدة العربية مهما قالوا ذلك ولا اعتقد انهم سوف يشاركون باية قوات عسكرية في المعركة ضد اسرائيل مهما قالوا ذلك ان المبادرة العراقية ليست سوى مناورة حزبية) وعندما جاء دوري في الكلام اوصيت بان نقوم بتشجيع المبادرة العراقية وادليت بالنقاط الرئيسية التالية:
 1- لا يجب ان نتجاهل القوة العسكرية العراقبة واثرها على المعركة ضد اسرائيل ان العراق من وجهة نظري تعني 250 طائرة قتال و 4 فرق مشاة وفرقتين مدرعتين فاذا استطعنا باية وسيلة كانت ان نشرك تلك القوات او جزا منها في المعركة ضد اسرائيل في الجبهة الشرقية فان ذلك سوف يضيف ابعادا جديدة للمعركة
2- اني اعتقد ان العراق سوف يثير مشكلة القيادة بالنسبة لقواته التي تشترك مع سوريا ولكن كمبدا عام فان قوات الدعم العراقية يجب ان تخضع للقيادة السورية باعتبارها الدولة المضيفة
3- قد يقول العراق بانه سوف يرسل قواته العسكرية الى جبهة القتال عند قيام الحرب ولكن يجب ان نوضح له ان عامل الوقت لن يسمح بان تكون هذه القوات ذات تاثيرفعال على المعركة مالم تتمركز في الجبهة السورية قبل المعركة بوقت كاف
4-  قد يثير العراق ان سبب احجامه عن ارسال جزء من قواته الجوية والبرية الى الجبهة السورية الان هو ضعف الدفاع الجوي في سوريا ونتيجة لاتصالاتي بالجانب السوري فاننا نستطيع ان نؤكد له بان سوريا ترحب بان يقوم العراق ببناء مطارات متقدمة له في سوريا وان يجهزها بالدفاع الجوي المناسب قبل ان يرسل قواته الى سوريا وفي نهاية الجلسة اتفقنا على ان يخضع اتجاه الوفد في مناقشاته مع الجانب العراقي للاعتبارين التاليين :
1- المساعدات التي يمكن للعراق ان يقدمها للمعركة؟
2- ان تمركز القوات العراقية في سوريا يخضع في النهاية لقرار الحكومة السورية اجتمعنا مع الوفد العراقي واخذنا ندور في حلقات مفرغة كان الدكتور فوزي يتكلم باسم الوفد المصري وكان الدكتور فوزي صاحب مدرسة في الدبلوماسية التي تعتمد على الكلمات المرنه والمعاني الواسعة كان يتكلم لمدة ساعة اواكثر دون ان يستطيع مستمعوه ان يفهموا حقيقة ما يعنيه  وبالتالي فانه يترك الباب مفتوحا للمناورة والمراوغة كان الوفد المصري حريصا على الا يخطو اية خطوة في اتجاه العراق حتى لا يؤثر ذلك على العلاقات المصرية السورية وكان لا ياخذ الضمانات والتاكيدات التي يقدمها الوفد العراقي ماخذ الجدية..

وانتهت المباحثات دون الوصول الى اي حل وعاد الوفد العراقي الى  بلاده في 28 مارس كانت النتيجة الايجابية الوحيدة هي اصرار صدام حسين على ان اقوم بزيارة رسمية للعراق وان ازور التشكيلات والوحدات العراقية اسوة بما فعلته في الجزائر والمغرب ...

وبهذا القدر اكتفي على امل اتمام الموضوع في الحلقة القادمة انشاء الله
ولكم مني اطيب المنى
اخوكم المخلص
الدكتور
رعد العنبكي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1355 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع