نزار جاف
عن بقاء حماس وحزب الله
بعد الذي جرى ويجري لحرکة حماس وحزب الله اللبناني، ليس النظام الايراني ووسائل اعلامه من يهولون من أمر هذين الوکيلين الرئيسيين له في المنطقة فقط، بل وهناك أيضا أقلام عربية وإن تظاهرت بالموضوعية والحياد فإنها في طروحاتها ووجهات نظرها بشأن هذين التنظيمين الارهابيين يکادا أن يسايرا النظام لايراني رغم إن الحقيقة التي تفرض نفسها بقوة هي إن أمس ويوم هذان التنظيمان لا يستويان أبدا.
عندما قام يحيى السنوار بإقحام حرکة حماس في مواجهة مميتة بناءا على حسابات متماهية ليس في قصورها بل وحتى في سذاجتها، فإن حزب الله ومن خلال التصريحات النارية التي کان حسن نصرالله يهدد بها إسرائيل، کانت توحي بأن لدى الحزب قوة وإمکانية وإقتدارا غير هذا الذي آل إليه أمره الان ولاسيما بعد إغتيال حسن نصرالله ذاته، والمثير للسخرية إنه وفي الوقت الذي يرفع فيه خامنئي من عقيرته ويشدد على إن النصر لحزب الله من دون أن يشرح للعالم کيف السبيل الى ذلك، فإن وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي وهو يتنقل بين بيروت ودمشق، يتحدث عن خيارات ثلاثة لوقف إطلاق النار، وهذا يدل على إن خامنئي صار يعلم بأن التنظيمين قد فقدا القسم الاعظم من قوتهما وهما بأمس الحاجة لوقف إطلاق نار مشرف"بعض الشئ" حتى يوحيا ببقائهما ولو کان رمزيا.
التطرف والاندفاع اللذان أوحيا به حرکة حماس وحزب الله خلال الاعوام الاخيرة من خلال نشاطاتهما المختلفة، ظهر بأنه لاشئ أمام تطرف وإندفاع رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو والذي صار واضحا بأنه قد تجاوز الخطوط الحمراء بکثير، وإذا کان من حق العالم أجمع الحديث عن هذا الموضوع وإنتقاد نتنياهو، فإن خامنئي ونظامه لا يمتلکون هذا الحق أبدا، فهم من أشعلوا هذا الحريق الذي يشب في المنطقة منذ أکثر من 4 عقود ووفق القول المعروف البادئ أظلم، وعلى النظام الايراني أن يتحمل ووکلائه نتائج لعبهم بالنار.
لا حرکة حماس ولا حزب الله يمکن أن يعودا کما کانا بالامس فذلك ماض قد ولى ولن يعود وعليهما وعلى النظام الايراني أن يکتفيا بالتغني بالماضي ولاسيما وإن عشق الماضي والتشبث به الى حد الجماد من السمات التي تضرب بعمق في شرقنا، أما فيما يخص إصرار خامنئي ونظامه ومن لف لفهم على بقاء حرکة حماس وحزب الله وحتمية إنتصارهما، فإنني أجد من المناسب جدا أن أروي حکاية من الموروث الشعبي حيث يکاد أن يکون خير مثال بهذا الصدد ولاسيما من حيث العبرة التي توحي بها ولاسيما في نهايتها.
يروى في قديم الزمان إن ملکا إنتابه الملل وأراد أن يسلي نفسه بأمر غير عادي، ولذلك أعلن في مملکته ان من بإمکانه أن يکذب کذبة فريدة من نوعها فإن الفائز سحظى إضافة للثراء والنعيم بالزواج من أبنته، لکنه في نفس الوقت إشترط أيضا بأن من لا يحظى بالفوز فسوف يضرب عنقه.
وإستمر قدوم المغامرين من الاصقاع طمعا في الجائزة ولکن کان الموت الزٶام يسبقهم، حتى جاء ذلك اليوم الذي قدم فيه رجل بائس رث الثياب وقد نال من التعب والانهاك کثيرا، وطلب أن يواجه الملك، لکن حراس باب القصر منعوه ولاسيما إن کل من کان يأتي لهذا الغرض کان يهتم بمظهره وهندامه کثيرا. ولأن الاقدار شاءت في تلك اللحظة أن يکون الملك في حديقة القصر قريبا من الباب الرئيسي وسمع السجال الدائر بين حراسه وبين ذلك الرجل البائس الذي کان يصر کثيرا على ضرورة مقابلته للملك فأمر الاخير بإدخاله.
ولما إمتثل أمام الملك، سأله الاخير؛ ما خطبك يا رجل، ولماذا تريد رٶيتي؟ فأجابه سمعت عن ما کنت قد أعلنته قبل مدة فقدمت لکي أروي لك ما جرى لي، فقاطعه الملك قائلا: ويحك يا رجل إن لم يعجبني ما تقوله فإن رأسك لن يبقى في مکانه. فتنهد الرجل وأجاب بالموافقة، وعندئذ قال له الملك هات ما لديك. فقال الرجل بعد أن سمعت بما بدر منك فإنني قد لبست أفخر ثيابي وقصدت جلالتك، ومررت بالفيافي والوديان حتى وصلت الى غابة مترامية الاطراف وبينما أنا سائر في فيها وإذا بي أمام أسد هصور في حجم الثور، وزأر زئيرا إرتعدت له فرائصي لکنني تمالکت نفسي وسحبت خنجري الذي کنت أحمله ولوحت به وقد عزمت على مواجهته مهما کلف الامر، فوثب علي وتشابکنا ومع إنه ضربني ضربتين قويتين بمخلبيه لکنني طعنته لأکثر من مرة غير إنني لسوء الحظ وقع مني خنجري على الارض، وهنا تنهد الرجل البائس وأطرق وقد ظهر الحزن عليه، فقال له الملك: وماذا حدث بعد ذلك؟ فأجاب الرجل متحسرا: ماذا جرى لقد إفترسني! فصاح به الملك: لکنك باق وحي ترزق أمامي! فقال للملك متألما: وهل تسمي هذا بقاءا يا جلالة الملك!
858 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع