قصة (الجريمة المزدوجة) - الجزء الثاني


بقلم احمد فخري

قصة (الجريمة المزدوجة)-الجزء الثاني 

من لم يتسنى له الاطلاع على الجزء الاول فبامكانه مراجعته من خلال هذا الرابط

https://www.algardenia.com/maqalat/64587-2024-08-25-09-29-13.html

ظل مؤيد ينتظر لاكثر من اسبوعين حتى جائته رسالة من وزارة الداخلية تبشره بحصوله على الجنسية الدنماركية بشكل استثنائي اثر طلب خاص من ادارة شرطة كوبنهاگن المركزية. ودون ان يضيع المزيد من الوقت انطلق مؤيد حاملاً تلك الرسالة بنفس اليوم وذهب بها الى بلدية العاصمة كي يحصل على جواز السفر الدنماركي على جناح السرعة. اخبر الموظفة المختصة هناك انه بامس الحاجة اليه لانه يريد تنفيذ مهام خاصة في عمله لذلك وعدته انها ستعجل من اصدار الجواز خلال وقت قياسي. وما ان مر اسبوع حتى تسلم صاحبنا جوازه. كان في حالة ارتباك كبيرة ولا يعلم اذا يحصل عندما يفتح الظرف الذي يحتوي على الجواز الذي سيغير حياته رأس على عقب. فتح الظرف واخرجه ثم راح يقلب صفحاته وينظر الى صورته المثبتة على الصفحة الاولى. بعد لك بدأ يتقبل الامر وعلم انه ليس بحالة حلم وانه اخيراً حاز على حريته التي طالما قيدها جوازه القديم.

وفي صباح احد الايام ذهب مؤيد الى المركز فقابله شريكه بو لدى الباب الرئيسي للمركز قال له،

مؤيد: اخبرني موظف من السفارة السعودية ان عائلة المجني عليهم ستصل من السعودية يوم الخميس القادم المصادف 25 من هذا الشهر على الخطوط السعودية.

بو : هل ستأتي معه زوجته؟

مؤيد : سيأتي الاب وزوجته وخادمتهم زليخة. فهي مربية المجني عليهما منذ ولادتهما.

بو : ولماذا تأتي المربية؟

مؤيد : لدى العوائل الثرية في البلاد العربية، تكون المربية بمنزلة الأم للاطفال يا بو.

بو : حسناً سوف نرى ماذا سيحدث يوم الخميس. والآن يجب عليك ان تذهب الى الدورة التأهيلية لان العميد طلبت منك ذلك.

مؤيد : ساذهب وامري الى الله.

ثم دمدم بالعربية قائلاً، (بعد ما شاب، ودوه الكتّاب).

بو : ماذا قلت يا مؤيد؟

مؤيد : لا شيء يا عزيزي لا شيء.

كانت الدورة التأهيلية مزحمة بالفعاليات المركزة إذ صار مؤيد يتدرب على الرماية بجميع انواع الاسلحة واسلوب المطاردة واسلوب المراوغة والتخفي وتقنيات الاتصالات الحديثة وما شابه.

وفي يوم الخميس جلس مؤيد على منضدته امام الحاسوب فتَأكد من ساعة وصول الطائرة. اتصل بمكتب شريكه بو وقال له،

مؤيد : لقد بحثت بموقع مطار كوبنهاكن على الانترنيت فعلمت منه ان الطائرة ستصل اليوم عند الساعة التاسعة مساء.

بو : هذا جيد، سنذهب انا وانت لنستقبلهم.

مؤيد : طيب بو سننطلق سوية. تعال الى شقتي الجديدة التي استأجرتها مؤخراً بمنطقة ڨيذوغا وخذني من هناك.

بو : صحيح، نسيت ان ابارك لك على الشقة الجديدة.

مؤيد : تبارك لي بالكلام لا يكفي. يجب ان تزرني وبيدك هدية.

قالها بصيغة المزاح.

بو : ولماذا اعطيك هدية؟

مؤيد : لا عليك عزيزي بو، كنت امازحك فقط. هذه اساليبنا في الشرق الاوسط. متى ستأتي؟

بو : سامر عليك الساعة السادسة تماماً.

مؤيد : حتى السادسة إذاً.

في الساعة الخامسة تماماً عندما عاد مؤيد الى شقته سمع جرس الباب فحدّث نفسه قائلاً، "شيء غريب، لماذا يأتي بو ساعة كاملة قبل الموعد؟ لقد قال لي انه سيأتيني مع السادسة". فتح الباب واذا به صديقه الصومالي عثمان واقفاً على الباب وبيده علبة مغلفة بورق الهدايا الحمراء قال،

عثمان : السلام عليكم اخي مؤيد. جئت لابارك لك على الشقة الجديدة.

مؤيد : شكراً اخي عثمان. والله انك شخص اصيل. فانا تعبت كثيراً حتى عثرت على الشقة، لكنها باهضة الثمن.

عثمان : هل اشتريتها؟

مؤيد : لا طبعاً، انها للايجار لكن ايجارها الشهري يصل الى 10000 كرونا.

عثمان : لكن مرتبك يغطي ذلك الايجار الباهظ، اليس كذلك؟

مؤيد : اجل، اجل، لكن اليجار يظل مرتفعاً بكل المقاييس. وماذا عنك، هل تمكنت من ايجاد شقة مناسبة؟

عثمان : بالوقت الحالي، سمح لي صاحب العمل ان انام بداخل المخزن الذي اعمل به حتى اجد مسكناً دائمياً. فصاحب المخزن من عندكم من البصرة من بيت الحلو وهو انسان طيب القلب وكريم جداً.

مؤيد : كل سكان البصرة طيبوا القلب وكرماء، وهذه سمة عامة فيهم.

عثمان : على العموم، جئتك اليوم ببعض من البقلاوة من المحل الذي اعمل به.

مؤيد : يا سلام يا وريا. شكراً جزيلاً. انت رجل والرجال قليلُ.

عثمان : والآن اخبرني، كيف هي احوالك في العمل يا صديقي؟

مؤيد : احوالي ممتازة والحمد لله. لازلت احقق بقضية الشابين المقتولين بالفندق. واليوم ستصل عائلتهم من السعودية مع الساعة التاسعة مساءاً. سنذهب انا وشريكي بعد قليل الى المطار كي نستقبلهم. سيأتي الاب والام ومعهم المربية.

عثمان : يجب عليك ان تختلي بالمربية وتستجوبها على انفراد. فالمربيات يطلعن على كل الاسرار وعادة يعرفن اموراً كثيرة لا يعرفها حتى الاباء.

مؤيد : انت على حق. ساحاول التركيز على المربية. والآن ارجو ان تسامحني فعليّ ان اغير ملابسي الآن استعداداً للخروج من جديد.

عثمان : اجل فهمت. سأرحل عزيزي ولكن يجب عليك ان تزورني عندما احصل على منزلي الجديد، فشركة العقارات وعدتني بشقة صغيرة متواضعة عن قريب.

مؤيد : وفقك الله يا عثمان، بالتأكيد سازورك هناك.

عثمان : ساذهب الآن إذاً. وداعاً.

خرج عثمان من شقة مؤيد وركب حافلة ليعود بها الى منزله. اما مؤيد فراح يرتدي ملابسه استعداداً لرحلة المطار. وما هي الا نصف ساعة وسمع رنين الجرس ففتح الباب للمحقق بو واستدعاه للدخول لكن بو اخبره بان الوقت يداهمهما ويجب الاسراع في الذهاب الى المطار.

وبعد 45 دقيقة وقف بو ومؤيد في قاعة الوصول وسط كم كبير جداً من المستقبلين امام بوابة الوصول. بقيا ينتظران كثيراً ويتحققان من موعد الوصول على الشاشات الرقمية حتى علما ان الطائرة قد هبطت فعلاً مع الساعة التاسعة وخمس دقائق وان حقائب المسافرين اصبحت في صالة الامتعة. انتظرا بعض الوقت ثم بدأ المسافرون القادمون يخرجون من البوابة المشتركة الرئيسية فطلب بو من مؤيد ان ينادي باسم عائلة عبد الله العُمَر باللغة العربية كي يتعرفا عليهم. صار مؤيد ينظر الى المسافرين الخارجين من بوابة الوصول، وكلما شك باحدى العوائل يقول بصوت مرتفع (عائلة السيد عبد الله العُمَر) فيمر المسافرون من امامه دون توقف. وفجأة خرج ثلاث مسافرين يكاد يكتب على وجوههم العائلة المطلوبة. واول ما نادى مؤيد باسم العائلة حتى تقرب الرجل الذي في عقده السادس من مؤيد وقال،

عبد الله : انا عبد الله.

مؤيد : الحمد لله على سلامتكم سيدي. نحن من قسم شرطة العاصمة تفضل معنا.

مشيا سوية فاخذ بو يد رب الاسرة وصافحه ثم انتقل الى زوجته ومد يده اليها ليصافحها لكن مؤيد سحب يد زميله بو وهمس باذنه قائلاً،

مؤيد : النساء لا يصافحن الرجال.

فسحب بو يده ومشى مع العائلة فسأل مؤيد،

مؤيد : كيف كانت رحلتكم سيدي؟

عبد الله : كانت متعبة نوعاً ما لاننا هبطنا في مطار روما وبقينا هناك لاكثر من 3 ساعات. المهم هو، هل تمكنتم من معرفة شيء عن قاتل اولادي؟

مؤيد : لا ليس بعد سيدي. نحن نجري ابحاثاً مكثفة بالتوازي مع فريق البحث الجنائي الذي يحلل كل الادلة بشكل حثيث كي نجمع المعلومات اللازمة.

بو : كم من الوقت يمكنكم المكوث في الدنمارك؟

عبد الله : سوف لن تطول اقامتنا. سنأخذ الجنازتين معنا ونعود الى السعودية في غضون يومين او ثلاثة.

مؤيد : لكن التشريح لم ينتهي بعد سيدي. يجب عليكم الانتظار حتى يفرغوا من جميع مراحل البحث.

عبد الله : هذا هراء. انا سارجع بجثث اولادي خلال يومين فانا لا املك الكثير من الوقت لاضيعه هنا ببلدكم المشؤوم.

بو : ربما بلدنا مشؤوم بالنسبة اليك لان اولادك قتلا هنا لكن الدنمارك كبلد غير مسؤولة عن قتلهما.

عبد الله : انا لدي حديث آخر مع السفير. هو الذي سيأذن لي في اخذهما الى السعودية وإذا اردتم تفادي زوبعة دبلوماسية فعليكم الانصياع الى مطلبي.

بو : المسألة ليست متعلقة بالعلاقات الدبلوماسية، فهناك جريمة بشعة وقعت ببلدنا ونحن لازلنا نحقق بها ولا يمكنكم مقاطعة تلك الاجراءات.

عبد الله : سنرى لاحقاً.

مؤيد : والآن سيدي نريد ان نتحدث اليك والى العائلة الكريمة كي نستفيد من معلوماتكم ولكي نقترب من حل القضية ومعرفة السبب وراء الجريمة ان امكننا ذلك.

بو : نريد ان نتحدث معكم كلٌ على حدة لكي نستشف منكم كل ما نستطيع معرفته.

عبد الله : حسناً سنتحدث اليكما عندما نصل الى الفندق.

مؤيد : شكراً لك سيدي. هذا كل ما نريده منكم.

جلست العائلة في السيارة الليموزين السوداء التي كانت تنتظرهم وانطلقت الى (فندق كوليكشون كوبنهاكن) الافخر قاطبة بالعاصمة الدنماركية لتتبعهم سيارة شرطة صغيرة جلس فيها بو وشريكه مؤيد. ولدى وصول الفندق لم تضع العائلة وقتها بتسجيل اسمائها لدى الاستعلامات بل استقبلهم احد اعوان عبد الله المحليين ليأخذهم مباشرة الى جناح باعلى الطابق 9 بالفندق. دخلت العائلة وتبعهما المحققان فاجلسهم رب الاسرة بصالة الاستقبال في الجناح وقال،

عبد الله : هل تشربون شيئاً؟

بو : كلا سيدي شكراً لم نأتي لنشرب.

مؤيد : كلا سيدي شكراً.

عبد الله : إذاً دعنا نتحدث وننهي المشكلة. تفضلا، ماذا تريدان معرفته؟

مؤيد : أهذه زيارتك الاولى الى الدنمارك؟

عبد الله : اجل، هذه اول مرة تطأ قدمي بلدكم اللعين انا وعائلتي واتمنى ان تكون الاخيرة.

همس مؤيد باذن بو ليترجم له ما قاله عبد الله ثم سأل،

مؤيد : ربما من الافضل ان تزوروا فندق (راديسان بلو) الذي وقعت فيه الجريمة.

عبد الله : لا، انا لا اريد ان ازيد من احزاني واحزان زوجتي التي فقدنا بها الاطفال بهذه الجريمة المروعة.

مؤيد : إذاً تعال انت وحدك سيدي.

عبد الله : اينما تذهب زوجتي اذهب انا معها. لذلك سوف لن ازور ذلك الفندق الكئيب.

مؤيد : هل كان لاولادك اعداء سيدي او كان لديك اعداء في العمل او في اي مكان آخر؟

عبد الله : لا ابداً. نحن ليس لدينا اعداء بتاتاً.

همس مؤيد باذن بو وقال،

مؤيد : يجب علينا ان نرحل.

بو : لكننا لم نسأل الاسئلة التي جئنا من اجلها، فلماذا تريد الذهاب الآن؟

مؤيد : ساخبرك فيما بعد يا بو. لدي شيء مهم اريد التأكد منه عندما نعود الى المركز.

بو : حسناً انا اثق بحكمك واستنتاجاتك، دعنا نرحل.

عبد الله : إذا ليس عندكم المزيد من الاسئلة فنحن متعبون ونريد ان ننال قسطاً من الراحة بعد تلك الرحلة المضنية.

مؤيد : وهو كذلك سيدي. سنترككم برعاية الله وحفظه.

وقف المحققان وغادرا غرفة الاستقبال ليتبعهم عبد الله كي يودعهم فشاهد مؤيد المربية واقفة بالممر تنظر بوجهه بارتباك شديد وكأنها تريد ان تخبره بامر مهم. ابتسم بوجهها وغمز لها بعينه بمعني ان رسالتها قد وصلت وانه سوف يلقاها بوقت لاحق. بتلك اللحظة تدخل عبد الله ووقف بين مؤيد والمربية ثم اشار بيده كي يخرج مؤيد من الباب الخارجي للجناح. خرج الاثنان من الجناح ونزلا بالمصعد الى الطابق الارضي ثم توجها الى سيارتهما بالمراب فركباها وبدأ الحديث هناك إذ سأل،

بو : لماذا انهيت المقابلة بهذه السرعة يا مؤيد؟ كان لديّ المزيد من الاسئلة.

مؤيد : لقد وصلتني معلومة مهمة من رب الاسرة اثناء حديثنا معه واردت التحقق منها. فقد اكون مخطئاً لكنني تعلمت من شغلي في الماضي بالعراق ان الشخص الذي يكذب اثناء التحقيق، يكتم معلومات مهمة لا يريد البوح بها وقد تكون مظللة لسير التحقيق.

بو : وما هي تلك المعلومة برأيك؟

مؤيد : عندما اتأكد منها فقط ساقولها لك والآن هي مجرد فكرة لا ترقى لمستوى اليقين.

بو : حسناً انت ادرى بما تقول. والآن الى اين؟

مؤيد : اريد العودة الى المركز فوراً.

بو : بمثل هذه الساعة المتأخرة؟ الساعة قاربت الحادية عشر والنصف ليلاً.

مؤيد : اجل اعرف ذلك جيداً.

بو : وهو كذلك.

وصل الثنائي مركز شرطة العاصمة فوجدوا اغلب المكاتب مظلمة. قال بو،

بو : ساذهب الى المرحاض ثم التحق بك فيما بعد.

توجه مؤيد الى مكتبه وفتح الحاسوب بشغف كبير وصار يضرب عليه ثم التفت الى زميلته بيگيتا التي كانت متواجدة لانهاء بعض الاعمال المتأخرة ليسألها،

مؤيد : إذا اردت ان اتحقق من قائمة القادمين الى الدنمارك بالطائرة قبل فترة زمنية فكيف استطيع التحقق من ذلك؟

بيگيتا : يجب عليك استعمال الشفرة الامنية رقم L10 ثم الدخول على موقع للشرطة المخصص بقضايا الهجرة يدعى S4. وهناك تستطيع وضع التاريخ المطلوب ورقم الرحلة لتتحصل على القائمة المطلوبة.

مؤيد : شكراً لك عزيزتي بيگيتا.

اخرج مؤيد القائمة مستعملاً الشفرات الامنية وصار يبحث عن L10. ثم دخل على موقع الشرطة S4 وصار يبحث لاكثر من ساعة حتى صاح بالعراقي وهو يهز برأسه، "شلون تنصاد وانت النچر؟". نظرت اليه زميلته وسألت،

بيگيتا : ماذا قلت يا مؤيد؟

مؤيد : لا شيء عزيزتي. لقد حصلت على جائزة اليانصيب الكبرى.

ضغط على مفاتيح في حاسوبه فاوعز للطابعة كي تطبع له قائمة على الورق. اخذ القائمة وذهب بها الى مكتب زميله بو، فتح الباب ودخل فرآه جالساً يترشف القهوة قال،

مؤيد : وجدتها يا بو وجدتها.

بو : الهذا رجعنا من الفندق على عجل؟ اخبرني ماذا وجدت؟

مؤيد : والد المجني عليهما السيد عبد الله كذب علينا عندما تحدثنا معه اليوم.

بو : كيف كذب؟ ماذا قال؟

مؤيد : هل تذكر عندما سألته إن كانت تلك زيارته الاولى الى الدنمارك فاجاب بالايجاب وان هذه اول مرة تطأ قدمه بلدنا وتمنى ان تكون الاخيرة؟

بو : اجل اذكر انك ترجمت لي ذلك، على ماذا توصلت إذاً؟

مؤيد : بعد ان أدخلت الشفرة الامنية وتفحصت قائمة المسافرين بكامل مطارات الدنمارك وجدت ان والد المجني عليهما عبد الله العُمَر قد دخل الدنمارك من مطار (بيلوند في غرب الدنمارك) يوماً واحداً فقط قبل يوم الجريمة. ثم رحل باليوم التالي عائداً الى بلاده.

بو : انه امر مهم حقاً ولكنه ليس دليلاً قاطعاً. فالمجيء الى الدنمارك ليس بجريمة ولكن الكذب بامكانه ان يكون منفذاً لنا كي نضغط عليه في التحقيق.

مؤيد : يجب علينا التحدث اليه وان نطلب منه تسليم عينة من حمضه النووي.

بو : هذا امر مهم جداً وانا اؤيدك.

مؤيد : دعنا نزوره غداً ونلعب معه لعبة القط والفار. فربما لن نحتاج لأن نسافر الى السعودية للتحقيق. فالمشتبه به جاء الينا برجليه ظناً منه انه ذكي ويمكنه تظليلنا.

بو : صدقت يا مؤيد، انت الافضل دائماً.

مؤيد : يجب علي الآن ان اذهب الى مستودع الادلة فلقد لمعت فكرة جهنمية برأسي.

بو : ماهي يا ملك المباحث يا بطل. انت تذكرني بالمحقق ادريان مونك.

مؤيد : ادريان مونك محقق خيالي اما انا فحقيقي، تعال معي وسترى.

نزل الاثنان الى الطابق الارضي وتوجها الى المستودع فطلب مؤيد صندوق الادلة المأخوذة من غرفة الفندق بموقع الجريمة والتي سلمت اليهم من قبل فريق البحث الجنائي بعد الحادث. بدأ يقلب بالادلة الواحدة تلو الاخرى حتى التقط كيساً صغيراً شفافاً يحتوي على عود اسنان وُجِدَ ملقياً على السجادة اثناء التحريات بعد وقوع الجريمة مباشرة قال،

مؤيد : يجب علينا ان نرفع الحمض النووي من على هذا العود يا بو لانه سيكون الدليل الفاصل الذي سيدلنا على القاتل.

بو : لكن فريق البحث الجنائي قام بفحص الحمض النووي DNA على هذا العود ولم ينطبق على اي احد من المشتبه بهم ولا على المجني عليهما، لذلك اعتقدوا انه قديم ويعود لساكن قديم بالغرفة.

مؤيد : لكنهم لم يطابقوه بوالد المجني عليهم عبد الله. سنحاول ان نقارنه بالحمض النووي للأب.

بو : هل جننت يا مؤيد؟ كيف تشك بالأب؟ هذا امر غير معقول.

مؤيد : لكنه امر معقول ان يأتي الى الدنمارك من مطار بعيد بغرب البلاد يبعد مسافة 400 كلم عن العاصمة ثم يرجع ساعات بعد وقوع الجريمة بشكل متخفي؟ ام انه امر معقول كي تحاول المربية زليخة التحدث الينا لكن رب الاسرة يمنعها ولا يفسح لها المجال؟

بو : إذا كانت شكوكك في محلها وإذا تطابق الحمض النووي مع الأب فانت حليت القضية يا شريكي.

مؤيد : دعنا نأخذ عينة من الاب ونترك فريق البحث الجنائي يؤدون عملهم.

بو : غداً سنذهب الى الفندق مع احد عناصر البحث الجنائي لاخذ العينة.

مؤيد : وهو كذلك. والآن دعنا ننام قليلاً بمنازلنا فانا منهك جداً.

باليوم التالي التقى المحققان في مكتب مؤيد بالادارة العامة للشرطة وانتظرا قليلاً حتى وصل عنصر من فريق البحث الجنائي فاخذاه وخرجا سوية بسيارة واحدة متوجهين الى فندق كوليكشون كوبنهاكن وهناك طلبا من موظف الاستعلامات الاتصال بجناح السيد عبد الله ليعلموه بوصولهم فاجابهم بانه ينتظرهم بالجناح. ركب الفريق المصعد وصعدوا به للطابق التاسع. طرق بو الباب ففتحت لهم زليخة ورحبت بهم. وعند دخولهم صالة الاستقبال شاهدوا الاب والام جالسين على الاريكة، اشار اليهم عبد الله بالجلوس فجلس الجميع وبدأ الحديث حين قال،

مؤيد : سيد عبد الله اليوم جئنا لنأخذ عينة من حمضك النووي.

فاجاب بغضب وبصوت مرتفع قائلاً،

عبد الله : مـــــــــا هذه السفالة؟ هل بدأتم تشكون بي انا؟ هل هذه طريقتكم كي تغطوا بها على فشلكم في العثور على المجرم الحقيقي الذي قتل اولادي؟

مؤيد : نحن نعتذر منك سيدي لكن ذلك هو ركن من اركان التحقيق. ويجب علينا اخذ العينة.

عبد الله : هذا امر لا يصدق. تريدون اقحامي بالجريمة باي ثمن؟ انه امر لا يمكن السكوت عليه. ساتصل بالسيد السفير الآن واخبره بما تريدون فعله وسيعرف كيف يتصرف معكم.

بو : لا تتعب نفسك سيد عبد الله فالجريمة وقعت بالدنمارك ونحن مسؤولون عن التحقيق هنا والآن إن لم تمتثل لمطلبنا هذا فسوف نلقي القبض عليك ونأخذك معنا مكبلاً بالسلاسل فنقوم باخذ العينة بالمركز رضيت ام ابيت. ما هو قرارك؟

عبد الله : حسناً خذوا العينة هنا ولكن لا افهم إن كانت ستفضي الى شيء.

نظر مؤيد الى عنصر البحث الجنائي واشار اليه بيده كي يقوم بالفحص. وقف العنصر وفتح حقيبته ليخرج انبوب اختبار زجاجي، اخرج منه عصى خشبيه صغيرة ذات رأس قطني ومسح بها فم عبد الله ثم ارجعها بداخل انبوبة الاختبار وقال،

العنصر : لقد انتهيت.

مؤيد : حسناً سنترككم الآن سيدي.

بو : دعني اذكرك سيدي ان خروجك من الدنمارك مستحيل الآن قبل ان نأذن لك بذلك.

عبد الله : هذا امر سخيف. فانا رجل اعمال وعلي العودة الى بلادي باقرب وقت ممكن وانتم تحاولون تعطيل مصالحي. ساخبر السفير بكل تلك التجاوزات.

التفت مؤيد اليه قبل ان يخرج من غرفة الاستقبال وقال،

مؤيد : ارجوك سيدي ابلغ السيد السفير تحياتي عندما تتحدث اليه.

قالها وهو يبتسم وخرج مع زميليه من الجناح متجهاً الى المصعد. نزل الفريق الى الطابق الارضي وغادرا تماماً من الفندق فقال بو،

بو : ارجو ان تكون شكوكك في محلها وأن يكون للأب يد في الجريمة والا فنحن بمأزق دبلوماسي كبير يا مؤيد.

مؤيد : انت وثقت بي في البداية والآن اريدك ان تثق بي من جديد لانني اكثر من متأكد انه هو القاتل.

بو : اتمنى ذلك.

نظر بو الى عنصر البحث الجنائي اثناء دخوله السيارة وقال،

بو : اريدك ان تستعجل في اخراج ومقارنة الحمض النووي.

العنصر : ساعمل قصارى جهدي كي تحصلوا على النتائج بعد عطلة نهاية الاسبوع.

بو : جيد جداً. وفي هذه الاثناء ساقوم بوضع اسم عبد الله في لائحة الممنوعين من السفر في جميع مرافئ المملكة.

وفي يوم الاثنين وقف مؤيد بمكتبه ينتظر شريكه بو بفارغ الصبر. ولما وصل اخيراً قال له،

مؤيد : سوف لن تصدق ما ساقوله لك يا بو.

بو : دعني اخمن، المقارنة خرجت ايجابية.

مؤيد : اجل يا بو اجل، الآن نستطيع ان نجلب ذلك الحقير مكبلاً ونوجه له تهمة الاغتصاب والقتل. لقد كانت شكوكي في محلها.

بو : هيا بنا إذاً، دعني اجمع فريقاً كاملاً كي نذهب الى الفندق ونسحبه من لجامه.

بعد ربع ساعة انطلقت من مبنى شرطة العاصمة عربتان الاولى تقل مؤيد وبو والثانية فيها فريق من اربعة عناصر من رجال الشرطة المدججين بالسلاح وتوجهوا الى فندق كوليكشون كوبنهاكن. وفي الطريق سأل بو،

بو : هل تريد ان نجلب العائلة كلها؟

مؤيد : اجل لاننا لا نعرف إن كانت الام او المربية متورطة في الجريمة لكننا سنلقي القبض على رب الاسرة وسنستدعي الام والمربية كي يحضرا معه بشكل ودي للاستجواب.

وقفت العربتان بداخل مراب السيارات التابع للفندق فنزل منها الجميع ودخلوا المبنى ليتوجهوا الى المصاعد. طرق بو ففتحت له المربية الباب وادخلته الى صالة الاستقبال فوقف عبد الله امامهم وقال،

عبد الله : ما هذه الوقاحة. اصبحت تزورنا كل يوم يا محقق. لقد تحدثت مع السيد السفير يوم الجمعة لاعلمه بما...

قاطعه المحقق بو وقال،

بو : سفير او لا سفير. سيد عبد الله العُمَر انت متهم بجريمة قتل كل من اسامة عبد الله العُمَر وسراب عبد الله العُمَر وانا الآن القي القبض عليك. اي شيء تتفوه به من الآن فصاعداً سوف يتخذ ضدك كدليل في المحكمة.

ام اسامة : انتم ترتكبون خطأً جسيماً. زوجي كان يحب اولاده ولا يمكن ان يكون هو القاتل. ارجوك لا تكبله بالسلاسل.

بو : سامحينا سيدتي ولكننا نطلب مجيئك انت والسيدة زليخة ايضاً.

ام اسامة : إذاً دعونا نستعد ونرتدي ملابسنا فنحن لا نستطيع ان نأتي بملابس النوم.

دخلت الزوجة الى غرفة نومها ثم عادت بعد قليل مع المربية زليخة وقالت،

ام اسامة : نحن جاهزون. هيا بنا.

كبل عنصر من عناصر الشرطة ايدي عبد الله من وراء ظهره وخرج الجميع من الجناح لينزلوا بالمصعد دون ان ينبز احد بكلمة واحدة. رجعوا الى مركز الشرطة فكانت العميد فريدا في انتظارهم ليدخلوا المبنى جميعاً ويتوجهوا مباشرة الى غُرَفْ الاستجواب والتحقيق بينما تابعت العميد فريدا من خلف المرآة الاحادية الاتجاه مجريات التحقيق. جلس عبد الله على كرسي حديدي وكبلت يداه بسلاسل على المنضدة ثم جلس بو ومؤيد امامه فبادر بو بالحديث قائلاً،

بو : عبد الله العُمَر انت متهم بقتل اولادك اسامة عبد الله العُمَر وسراب عبد الله العُمَر. ما ردك على ذلك؟

عبد الله : انا بريء من التهمة الموجهة ضدي وهذا آخر شيء اقوله حتى يصل المحامي.

بو : هل وكلت محامياً يا عبد الله؟

عبد الله : اجل انه المحامي الدكتور ياسين فارس. يعمل محامياً عندي بشركتي.

بو : واين هو الآن إذاً؟

عبد الله : لقد اتصلت به هذا الصباح وسوف يحضر الى كوبنهاكن خلال يومين قادماً من الرياض.

بو : إذاً يؤجل التحقيق مع السيد عبد الله العُمَر الى يوم الاربعاء القادم لحين وصول المحامي. يبقى السيد عبد الله العُمَر في التوقيف حتى ذلك الحين. انتهى التحقيق.

خرج بو من غرفة التحقيق يتبعه مؤيد ودخلا الغرفة الثانية التي جلست فيها والدة المجني عليهما على كرسي حديدي قال لها بو،

بو : انا المحقق بو من الشرطة المركزية بكوبنهاكن اود ان اسألك بعض الاسئلة لو سمحت.

الام : انا تعبانة كثيراً واريد ان ارتاح.

بو : هل تريدين ان نكمل التحقيق بوقت لاحق؟

الام : كلا اريد لفافة.

بو : اتقصدين سيجارة؟

اخرج بو علبة سجائره وعرضها على السيدة خديجة والدة المجني عليهما قالت،

الام : اريد لفافة الا تفهم يا حمار؟ بامكانك وضع هذه السجار بمحل لا تشرق منه الشمس.

هنا علم مؤيد ان هذه السيدة تطلب لفافة حشيش وانها في عالم آخر لذلك اخبر زميله بو ان التحدث مع هكذا انسانة سوف لن يجدي نفعاً لذلك اوقفا الحديث معها وخرجا من الغرفة. دخلا بعدها الى الغرفة الموالية التي جلست فيها زليخة مربية الاولاد. فحياها بو عن طريق مؤيد وقال،

بو : سيدة زليخة، اريد اسمك الكامل لو سمحت.

زليخة : زليخة عبد الفتاح زينار.

بو : كم من الوقت وانت تعملين لدى عائلة عبد الله العُمَر؟

زليخة : قبل ان اتحدث، اريد منك ضمانات بانك ستحميني.

بو : هل هذا يعني انك ستخسرين عملك وتطردين من البيت إذا تحدثت؟

زليخة : بل ساخسر حياتي لاني أمة. فانا لا اعمل لدى العائلة. انا أمة مملوكة. اخذوني بعد ولادتي الى ذلك البيت. ومنذ ذلك الحين وانا اسكن هناك لاكثر من 50 سنة.

هنا توقف مؤيد عن الكلام لانه عجز عن ترجمة كلمة (أمة). لذا فتح هاتفه الذكي وصار يبحث عن الكلمة المرادفة باللغة الدنماركية وعندما وجدها قال .kvindelig slave صدم بو بما قاله زميله مؤيد وسأل،

بو : هل انت متأكد مما تقول يا مؤيد؟ هل لازال هناك عبيد في العالم؟

مؤيد : للاسف نعم. في السعودية لازال هناك عبيد.

بو : لا اريد ان اصدر احكاماً مسبقة لكن الامر قد صدمني بشدة.

مؤيد : ارجو ان تتعامل مع الامر بشكل احترافي ودعنا نكمل التحقيق.

بو : انسة زليخة، ما هي علاقتكِ بالمجني عليهما؟

زليخة : انا حضرت ولادتهما وقت دخولهما هذه الدنيا وقمت بتربيتهما كما لو كانا اولادي. فانا احبهما حباً جماً.

بو : نحن نعتقد ان السيد عبد الله العُمَر هو من قتل ولديه اسامة وسراب فما هي اقوالك؟

زليخة : هذا ليس صحيحاً.

بو : لم افهم جوابك سيدة زليخة، هل بامكانك ان توضحي اكثر؟

زليخة : قلت لك هذا ليس صحيحاً لان عبد الله العُمَر ليس اباهما الحقيقي بل هو زوج امهما فقط.

مؤيد : يا الهي، الآن فهمنا سبب تباين الحمض النووي يا بو ولذلك لم يتطابق DNA السائل المنوي مع الاولاد لان عبد الله العُمَر ليس اباهما البيولوجي. ارجوكِ سيدة زليخة واصلي كلامك.

زليخة : عبد الله كان يزغب ابنة زوجته سراب منذ ان كانت طفلة صغيرة.

مؤيد : عفواً سيدة زليخة ماذا تقصدين بكلمة (يزغب) فانا لا افهمها ولا استطيع ترجمتها.

زليخة : كان يضاجعها كان يغتصبها كان ينام معها رغم عنها، انه ليس من فصيلة البشر. انه وحش آدمي.

بو : هل كانت امها خديجة تعلم بما يجري؟

زليخة : بالبداية لم تكن تعلم. بعد ذلك قمتُ باخبارها بالسر فاعترضت على زوجها كثيراً ثم بمرور الزمن صارت تتقبل الامر كتحصيل حاصل وتلاشت اعتراضاتها كي لا تخسر زوجها فهو كما تعلم ثاني زواج لها بعد ان مات زوجها الاول والد اطفالها اسامة وسراب. تعرفت على عبد الله بالمستشفى عندما كانت تتعالج من آلام بالمعدة. كان عبد الله يعمل كممرض في المستشفى. وبعد ان الزواج منح اسمه ولقبه لاولادها.

بو : تحصيل حاصل، تحصيل حاصل؟ ما هذا الهراء؟ كيف توافق ام على اغتصاب ابنتها؟

زليخة : هكذا جرت الامور. قام عبد الله بالاستيلاء على ثروة زوجها المتوفي ثم بدأ يوفر لزوجته المهدئات الدوائية. بعدها تطورت المهدئات الدوائية الى مخدرات ثقيلة. فالسيدة خديجة مدمنة مخدرات من الطراز الثقيل الآن وتعيش بعالم افتراضي مختلف عن العالم الواقعي. لا يهمها سوى ان تتحصل على المخدرات وتبقى طوال اليوم في حالة اشبه بالغيبوبة.

مؤيد : وكيف رضي اسامة اخو سراب بتلك الممارسات تجاه اخته؟

زليخة : اسامة كان ولداً جباناً يخاف كثيراً لانه كان يتلقى الكثير من الضرب والتعنيف والحبس لعدة ايام بمفرده بداخل غرفة صغيرة مظلمة من قبل زوج امه عبد الله. لذلك لم يكن قادراً على مواجهته او الوقوف بوجهه نصرة لاخته سراب. لكنه كان يحبها كثيراً. الا انه كان مسلوب الارادة.

بو : ولما كان بهذا الظلم والجبروت فكيف سمح لهما عبد الله بمغادرة السعودية؟

زليخة : عبد الله لم يسمح او يأذن لهما بالمغادرة من السعودية. انا التي قمت بتهريبهما كي ينجوا من جوره وبغيه وطغيانه وافعاله المشينة استغفر الله.

بو : وكيف فعلت ذلك وانت مجرد أمة؟

زليخة : اولاً قمت بعمل جوازات السفر لهما بشكل سري. بعد ذلك اشتريت التذاكر من مدخراتي.

بو : ومن اين لك المدخرات إن كنت أمة؟ هل كانوا يدفعون لك مرتب؟

زليخة : كلا بدون مرتب لكنني كنت اتلقى بعض الهدايا المالية في بعض الاحيان كايام عيد الفطر والاضحى واعياد ميلاد الاولاد وما شابه. بقيت ادخر المال لسنين طويلة في امل ان يعتقوني يوماً ما فاصبح بحاجة للمال وقتها. لكنني عندما رأيت الكم الكبير من الظلم تجاه الاطفال، آثرت ان اشتري لهما حريتهما فانا لم اعد أؤمن انهم سيعتقوني ابداً.

بو : وما الذي يؤكد لي صدق كلامك؟

وضعت زليخة يدها في صدرها واخرجت وصلاً من الشركة المصرية السعودية للسياحة واعطتها لبو فمررها لمؤيد كي يطلع عليها لانها مكتوبة بالعربي. امسك بها مؤيد وقرأها ثم نظر بوجه بو واومأ برأسه وشرح له ان الورقة هي عبارة عن وصل حقيقي استُخلِصَ من زليخة لشراء تذكرتي سفر باسم اسامة وسراب عبد الله العُمَر.

بو : اريد الآن ان اطرح عليكِ سؤالاً مهماً يا زليخة. هل انت مستعدة كي تدلي بشهادتك في المحكمة؟

زليخة : اخبرتك سابقاً، إذا كنت تريدني ان اتكلم فانا مستعدة ولكن على شرط ان توفر لي الحماية من ذلك الوغد عبد الله. فهو جبار ومتجبر.

بو : انتظري قليلاً.

وقف بو واشار برأسه لمؤيد كي يغادرا الغرفة سوية. وقف مؤيد وبو مع عميد الشرطة فريدا سفنسن وقال،

زليخة : هل بامكاننا ان نوفر لها الحماية يا سيادة العميد؟

فريدا : ولما لا؟ فالدنمارك مليئة بالاجانب الذين منحتهم الدنمارك اللجوء الانساني فلماذا لا نمنح اللجوء لهذه الشاهدة التي سنستفيد من شهادتها بحل القضية؟ اتركوا الامر لي. ساتحدث مع الوزارة اليوم وسوف ارد لكما الخبر. دخل المحققان بو ومؤيد الغرفة من جديد ليخبرا زليخة بما اخبرتهما العميد فريدا. وصارا يشرحان لها آلية اللجوء الانساني الذي تقدمه الدنمارك لمن يلجأ اليها فسألها مؤيد قائلاً،

مؤيد : لو عرضوا عليك اللجوء بالدنمارك والبقاء هنا بشكل دائم فهل ستوافقين؟

زليخة : ومن اين ساكسب قوتي؟ فانا غير متعلمة ولا اتكلم سوى العربية.

بو : سوف يقدموا لك المال اللازم لمعيشتك فسنك يؤهلك للمساعدات المالية او التقاعد. سوف يوفروا لك كل شيء من مسكن وتأمين صحي ودورات لغة وما شابه. ما قولك؟

زليخة : إذا ما تقوله صحيحاً فانا موافقة.

بهذه الاثناء دخلت العميد فريدا وقالت،

فريدا : لقد وافقت الداخلية على منح السيدة زليخة اللجوء الانساني لذلك ستقدم لها الشرطة الحماية اللازمة كي تبقى وتعيش بالدنمارك بامان فيما بعد.

بو : إذاً لدينا شاهدة تعرف كل شاردة وواردة عن القاتل عبد الله وستمكننا من زجه في السجن بعد المحاكمة. ولكن ماذا عن الاوساط الدبلوماسية؟

مؤيد : اولاً، الجريمة وقعت بالدنمارك وثانياً، عبد الله ليس دبلوماسياً ولا يتمتع بالحصانة الدبلوماسية لذلك سيعامل كاي سائح اعتيادي دخل الدنمارك وارتكب جريمة يعاقب عليها القانون الدنماركي. لذا فإن القضية ستحال الى المحكمة بعد ان نسمع اقوال المتهم.

وبعد يومين وصل الى الشرطة المركزية بكوبنهاكن رجل ذو ملامح شرقية يرتدي بدلة ثمينة مميزة ليخبر موظف الاستعلامات انه المحامي الدكتور ياسين فارس حاضر عن المتهم عبد الله وزوجته فادخلوه الى حجرة الانتظار واتصلوا بالعميد فريدا فجائت على الفور ورحبت بالمحامي قائلة بالانكليزية،

فريدا : انا العميد فريدا سفنسن مسؤولة عن ادارة التحقيق في قضية الجريمة المزدوجة.

المحامي : انا المحامي الدكتور ياسين فارس حاضر عن المتهم عبد الله وزوجته.

فريدا : اهلاً بك حضرة الدكتور لكن لديك معلومة خاطئة.

المحامي : كيف ذلك يا حضرة العميد؟

فريدا : لم نوجه لزوجة المتهم عبد الله اي اتهام. المتهم الوحيد بهذه القضية هو السيد عبد الله العمر.

المحامي : حسناً فانا جئت للدفاع عنه.

فريدا : تفضل معي الى مكتبي كي امنحك كل المعلومات وملابسات القضية ولكي اعرفك على المحققين الذين يجريان التحقيق فيها.

ادخلت العميد فريدا المحامي الى مكتبها وصارت تقص عليه كل تفاصيل الجريمة التي وقعت في فندق (راديسان بلو) وباقي المعلومات التي تلت. وفي تلك الاثناء دخل المحققان بو ومؤيد مكتب العميد وجلسا على الاريكة امام المحامي. فبدأ المحامي بالحديث إذ قال،

المحامي : يجب علي ان ادرس القضية برمتها لذلك ارجو منكم جميعاً ان تمنحوني الوقت الكافي لتدارسها.

فريدا : هذا حق من حقوقك حضرة المحامي.

المحامي : والآن اريد مقابلة موكلي السيد عبد الله العمر.

فريدا : بالتأكيد، يا شباب، الرجاء اسطحبا حضرة الدكتور لمقابلة موكله في الزنزانة.

وقف المحققان وغادرا مكتب العميد يتبعهما المحامي وساروا بممرات المبنى حتى وصلوا الى مصعد كهربائي فانتظروا هنيهة حتى وصل المصعد ونزلوا به جميعاً الى القبو حيث تكمن الزنازين هناك. فتح السجان باب زنزانة عبد الله وادخل المحامي اليها ثم عاد واغلق الباب ورائه ليحكم قفلها ثم قال،

السجان : اطرق على الباب عدة مرات عندما تريد الخروج يا حضرة المحامي.

خرج السجان والمحققان خارج باحة الزنازين وانتظروا هناك.

وفي الزنزانة وقف عبد الله امام المحامي وقال،

عبد الله : حمداً لله لانك وصلت ولكنك تأخرت كثيراً.

المحامي : لقد ركبت باول طائرة متاحة الى الدنمارك. والآن اخبرني كل شيء لديك.

عبد الله : اذا اخبرتك بامور لا يصح ان تبوح بها، هل ستبقيها بسرك دون ان تسربها؟

المحامي : اجل يا ابو اسامة. انت تتعامل معي منذ اكثر من 20 سنة. وهذا هو ديدان كل المحامين.

عبد الله : إذاً اسمع مني. يجب عليك ان تخلّصني من هذه الورطة التي وقعت بها كما كنتَ تفعل في السابق.

المحامي : يا ابا اسامة، هذه المرة تختلف كثيراً. فالقضايا التي كنت تتورط بها بالسعودية كنا نقوم باجرائات من تحت الطاولة كي نسكت الشهود ونخفي الادلة. ولا اعلم إن كان بامكاننا فعل ذلك هنا.

عبد الله : الانسان هو الانسان والطمع هو سيد الموقف دائماً وكما يقول المثل الامريكي (لكل رجل ثمنه).

المحامي : على العموم، انا لم ادرس ملف القضية بعد ولا اعلم ما هي الادلة التي تحصلت عليها الشرطة وسلموها للمدعي العام. لذلك ساقوم بدراستها الليلة وساعود اليك في الغد لاخبرك بما علمت.

عبد الله : حسناً ولكن عجل في الامر فانا لم اعد اتحمل الطعام المقزز الذي يقدمونه لي هنا. تصور يضعون لحم الخنزير بالطعام.

المحامي : يا سلام. الآن صرت تبحث عن الحرام والحلال؟ على العموم، سانظر بالامر ولكن عليك الصبر.

وقف المحامي وطرق على الباب وانتظر قليلاً حتى جائه السجان وفتح الباب ليخرج المحامي من الزنزانة ومن المبنى ككل متجهاً الى الفندق الذي حجزه من السعودية. وفور وصوله غرفته بالفندق ارتدى ملابس فضفاضة واخرج ملف القضية وبدأ بقرائته بتمعن وهو يترشف الشاي الذي اعده لنفسه. وفي اليوم التالي عاد المحامي الى المركز وطلب مقابلة موكله فسمحوا له بذلك. دخل الزنزانة ليجد عبد الله ينتظره على احر من الجمر. هنا قال له،

عبد الله : ها بشرني يا ابو سمير، ماذا فعلت؟

المحامي : لقد درست الملف برمته وبشكل مكثف.

عبد الله : ثم ماذا؟

المحامي : اريد ان اسألك سؤال بيني وبينك فقط. هل صحيح ما قالوه بانك اغتصبت ابنتك وقتلتها وقتلت ابنك معها؟

عبد الله : يا ابو سمير، يا ابو سمير، انت تعلم ان وسراب هم ليسوا اولادي لذلك سراب ليست محرّمة عليّ.

المحامي : تقصد انك بامكانك ان تغتصب وتقتل اناس طالما كانوا ليس من صلبك؟

عبد الله : اجل، انهم ليسوا اولادي وليسوا من صلبي.

المحامي : إذاً اسمع مني جيداً. فبالنسبة لي، ليس من السهل عليّ الخوض بمثل هذه القضية يا ابو اسامة. بالرغم من ايماني بان كل شخص له الحق في التمثيل القانوني لكنني اجد نفسي منحازاً ضدك بهذه القضية ولا يمكنني ان استمر بتمثيلك.

عبد الله : اسمع، سامنحك مليون ريال، كلا، كلا، بل مليون دولار. فقط اخرجني من هنا كالشعرة من العجين.

المحامي : انها ليست قضية دراهم.

عبد الله : حسناً 4 مليون دولار. ما رأيك؟

المحامي : يا ابا اسامة، لديهم ادلة قوية ودامغة.

عبد الله : ادلة مثل ماذا؟

المحامي : الحمض النووي من السائل المنوي لك بداخل مهبل سراب.

عبد الله : حسناً مارست مع سراب الساقطة ولكن في السعودية وليس هنا بالدنمارك.

المحامي : عزيزي ابو اسامة، عندما يثار الرجل جنسياً، يختلط السائل المنوي الذي يبلغ عدده نحو 200 إلى 400 مليون بسائل أبيض اللون تفرزه غدة البروستاتا والحويصلات المنوية، ويسمى السائل المنوي وقتها. وعندما يختلط السائل المنوي بالسائل من البروستاتا، يسمى هذا الخليط السائل المنوي بشكل عام. وأثناء ممارسة الجنس، يتم قذف السائل المنوي عبر مجرى البول. واذا ما دخل مهبل الانثى فالحيوانات المنوية تبقى على قيد الحياة كي تخصب البويضة الانثوية إن وجدت في حينها. لذلك فإن عمر الحيامن بالامكان احصائه بشكل دقيق جداً. لذلك فانت مارست الجنس مع سراب دقائق قبل ان تموت وهم يعلمون ذلك جيداً. لذا فإن التهمة ملتصقة بك بشكل لا يقبل الشك.

عبد الله : وكيف عرفوا ذلك فانا جئت الى الدنمارك للمرة الاولا قبل بضعة ايام من الحادث.

المحامي : لقد اكتشفوا انك دخلت الى مطار آخر بالدنمارك اسمه (بيلوند) وهذا يعني انك حاولت ان تدخل خلسة لترتكب الجريمة ثم تخرج خلسة. وماذا عن عود الاسنان الذي وجدوه بمسرح الجريمة. فقد تطابق الحمض النووي للعاب الذي على عود الاسنان مع حمضك النووي.

عبد الله : ماذا اعمل. لقد اكتسبت عادة وضع عود الاسنان بفمي بعد ان اقلعت عن التدخين. هل هذه جريمة احاسب عليها؟ والآن تعال هنا، هل انت في صفي ام في صفهم؟

المحامي : انا اخبرك ما سينهال عليك من معلومات دقيقة تدينك يا ابو اسامة. هؤلاء الناس ليسوا اغبياء.

عبد الله : وهل الدخول الى ذلك المطار اللعين تهمة؟

المحامي : لا ولكنها تشكل جزءاً من المؤامرة لانك كذبت عليهم.

عبد الله : أهذا فقط؟ هل هذا كل ما لديهم؟

المحامي : لا تنسى اقوال زليخة.

عبد الله : اي زليخة؟ زليخة الجارية؟ زليخة العبدة؟ وهل يأخذون باقوال أمة مملوكة؟

المحامي : اجل سيفعلون ذلك.

عبد الله : لكنها نكرة. انها مجرد جارية، انها لا شيء.

المحامي : ربما كانت لا شيء بنظرك لكنهم يعتبرونها انسانة كاملة ولديها كامل الحرية كي تصرح باقوالها. خصوصاً وانها كانت تسكن معكم خلال السنوات الطويلة الماضية.

عبد الله : طيب لدي اقتراح سوف يرضيك كثيراً وسوف يجعلك تفوز بالقضية.

المحامي : ما هو اخبرني؟

عبد الله : سوف امنحك 10 ملايين دولارو هذا آخر كلام عندي.

المحامي : حتى لو منحتني كل ثروتك وكل شركاتك يا ابو اسامة. فالادلة ضدك قوية جداً ومن الصعب التملص منها.

عبد الله : وما العمل إذاً؟

المحامي : سنحاول ان نطلب من المحكمة الإعادة إلى الوطن وتسليمك الى السلطات السعودية. ربما في السعودية سنتمكن من ان نفعل شيئاً يخفف عنك الحكم.

عبد الله : انا عندي حل افضل.

المحامي : اخبرني به وسوف نفعله إن كان مجدياً.

عبد الله : الحل ان تختفي زليخة.

المحامي : وكيف ستختفي زليخة؟

عبد الله : ستصفيها هنا بالدنمارك. وبذلك لن يبقى اي شهود.

المحامي : وهل تعتقد انني محامي ام قاتل مأجور؟ سامحني يا ابو اسامة، انا لن اشارك بارتكاب جريمة ولا حتى بملايين الدولارات. انا ساستقيل من تمثيلك.

عبد الله : انا لم اقل انت الذي ستصفيها سامحك الله. انا اقول بانك ستستأجر قاتلاً مأجوراً يقوم بالمهمة.

المحامي : لا يا ابو اسامة. انت تطلب مني المستحيل. انا ساستقيل من تمثيلك وساعود للسعودية اليوم.

عبد الله : اذهب، الى جهنم وبئس المصير. ساشتري محامياً، بل عشرة من امثالك. ساشتري فريقاً كاملاً يدافع عني. فانا لست بحاجة اليك.

المحامي : انتهى لقائنا.

وقف المحامي وطرق على الباب ففتح له العنصر وخرج من المركز متوجهاً الى مكتب العميد فريدا سفنسن، طرق الباب فسمحت له ورحبت به إذ قالت،

العميد فريدا : اهلاً بك حضرة الدكتور. كيف استطيع خدمتك؟

المحامي : اردت فقط ان اعلمكِ بانني لم اعد امثل السيد عبد الله العُمَر من هذه اللحظة.

العميد فريدا : هل وقع خلاف بينكما؟

المحامي : انا آسف لكني لا استطيع البوح باي امور وقعت بيني وبينه.

العميد فريدا : انا اقدر ذلك. سنقوم باللازم وسوف نحترم اي محامي آخر ونفسح له المجال كي يمثل السيد عبد الله وإن تعذر ذلك فالمحكمة سوف توكل له محامي دفاع عمومي.

المحامي : انتهت مهمتي إذاً في الدنمارك. وانا سوف ارجع الى بلدي اليوم او غداً استناداً الى وجود رحلة طائرة مناسبة.

العميد فريدا : شكراً لك سيادة المحامي.

خرج المحامي من مكتب العميد وعاد الى الفندق. وهناك قام بحجز رحلة الى الرياض لليوم الموالي. بقي عبد الله يحاول العثور على محامي في بلده لكنه فشل فشلاً ذريعاً، وبالنهاية وكلت له المحكمة محامي عمومي. لكن هذا المحامي استقال بعد مقابلة واحدة مع عبد الله. لذلك كلفت المحكمة عدة محامين على التوالي. جميعهم اعتذروا ولم يرغبوا الاستمرار بتمثيله الا واحداً فقط. لذلك قام هذا المحامي باقناع عبد الله بالتحجج بالجنون فوافق على ذلك الاقتراح. بهذه الاثناء تفاجأ عبد الله بزيارة شخص مجهول الى زنزانته فوافق على الزيارة. دخل الزنزانة رجل دنماركي اشقر. نظر اليه عبد الله فعرفه على الفور. انه سڤَن مدير فندق (راديسان بلو). جلس امامه وقال،

عبد الله : لماذا جئت يا مدير الفندق؟

سڤَن : جئت لاتحدث اليك.

عبد الله : عن ماذا تريد ان تتحدث. فقد وجدوا كل الادلة وسوف يشنقونني ببلدكم.

سڤَن : اطمئن، ليس هناك حكم الاعدام بالدنمارك.

عبد الله : عن ماذا تريد ان تتحدث إذاً؟

سڤَن : اردت ان اطلب منك عدم الافصاح عن الاتفاق الذي دار بيني وبينك.

عبد الله : اها، اتريد ان تخبرني ان المبلغ الذي منحتك اياه كان قليلاً؟ لقد اعطيتك 50000 دولار مقابل خدماتك. هل كنت تريد المزيد؟

سڤَن : كلا. انا اعطيتك مفتاحاً الكترونياً امنياً مكنك من فتح غرفة ابنائك. ثم طلبت مني آلة تكسير الثلج فوفرتها لك. فقمت بقتلهما بتلك الآلة.

عبد الله : وماذا تريد الآن؟ هل تريد المزيد من المال؟

سڤَن : كلا، اريدك ان لا تخبرهم عني. لان ذلك سيورطني معك. بامكاني ان ارجع لك المال الذي منحتني اياه. لم اصرف منه ولا دولاراً واحداً.

عبد الله : ومن قال لك اني اريد المال؟ وكما قام شمشون بهدم المعبد على رأسه ورأس 3 آلاف شخص حين قال، (علي وعلى اعدائي). ساسحبك من قدميك كي تعدم معي.

سڤَن : انت رجل سافل وليس بقلبك رحمة.

عبد الله : اين كان شعورك بالرحمة عندما احضرت لي اداة تكسير الثلج؟ ها؟ هل كنت تعتقد انني ساشرب ويسكي مع الثلج بعد ان امارس الجنس؟

سڤَن : ساتركك الآن وأدعك تتحمص بنار جهنم.

عبد الله : ساخذك معي يا سافل. ساخبرهم بانك ساعدتني ولولاك لما استطعت قتلهم.

طرق سڤَن على باب الزنزانة ففتح له السجان واخرجه من باحة الزنازين. وفي الطريق سأل السجان،

سڤَن : اين استطيع ان اتحدث مع المسؤولين عن التحقيق؟

السجان : ساخذك الى العميد فريدا سفنسن.

طرق السجان باب العميد فاذنت له بالدخول. رأى لديها المحقق مؤيد يحدث معها فقال،

السجان : يريد رجل اسمه سڤَن بيترسون مدير الفندق راديسان بلو التحدث اليك سيدتي.

فسأل مؤيد باستغراب،

مؤيد : سڤَن بيترسون؟ انه مديري السابق. ماذا يريد منك؟ وما الذي جاء به الى هنا؟

العميد فريدا : سوف نرى. دعه يدخل.

دخل سڤَن الى مكتب العميد فصدم بوجود مؤيد في الغرفة قال،

سڤَن : سيادة العميد، اريد التحدث اليك على انفراد لو سمحتِ.

العميد فريدا : المحقق مؤيد هو عضو اساسي من فريق البحث لدينا. اي شيء تريد ان تقوله لي بامكانك ان تقوله امام مؤيد.

سڤَن : اجل، اجل انا اعرفه جيداً. فقد كان من خيرة رجالي بالفندق وكنت افضله على باقي الموظفين.

العميد فريدا : تكلم بسرعة فبرنامجي ضيق وليس لدي وقت للمجاملات.

سڤَن : اردت ان اسلم نفسي واخبركم بانني ربما بساعة شيطانية وافقت على مساعدة عبد الله على الدخول الى غرفة الاولاد فقام بقتلهما.

مؤيد : وكيف ساعدته بالتفصيل؟ ولماذا قررت مساعدته؟ هل منحك المال؟

سڤَن : اجل ولكن المال لم يكن هدفي الاساسي والرئيسي. ساعدته لانه كان يريد اعادة اولاده الهاربين الى بلدهم.

مؤيد : وماذا عن اداة تكسير الثلج؟

سڤَن : اجل وفرتها له لانني اعتقدت انه يريد شرب بعض الويسكي بداخل الغرفة.

مؤيد : وماذا فعلت باداة تكسير الثلج؟

سڤَن : بعد ان فعل فعلته اعطاها لي وطلب مني ان اتخلص منها.

مؤيد : إذاً انت كنت تراقب عملية التعذيب ثم القتل؟

سڤَن : اجل. لكنني لم اكن راضياً عما يفعله. الا انني آثرت ان التزم الصمت.

مؤيد : وهل تخلصت من اداة الجريمة؟

سڤَن : كلا، لقد احتفظت بها دون علمه لانني لم اكن راضياً على ما فعله كما قلت لك. اداة تكسير الثلج لاتزال عندي في بيتي. وضعتها بكيس لاحافظ على البصمات التي تركها عبد الله. ولانني كنت اخاف ان ينقلب ضدي ويحاول الباسي التهمة وحدي. بامكاني ان اعطيها اليكم.

العميد فريدا : دعنا نذهب الى بيتك سوية ونحضر اداة الجريمة.

خرج الثلاثة الى مراب السيارت وذهبوا الى بيت سڤَن فاخرج لهم المثقب من القبو بداخل كيس بلاستيكي ليحافظ على البصمات. سلمهم اياه واراد ان يغلق الباب لكن مؤيد وضع قدمه معترضاً غلق الباب وقال،

مؤيد : الى اين يا سڤَن؟ انت ستأتي معنا.

سڤَن : اجل لكنني ساعدتكم ومنحتكم اداة الجريمة فماذا تريدون مني؟

مؤيد : نحن نريدك ان تجرب الطعام لدينا. سنمنحك زنزانة من اربع نجوم هيأناها خصيصاً لسعادتك يا سيد سڤَن. سنحاول توفير كل سبل الراحة كي تكون اقامتك ممتعة وتجربتك فريدة. اليس هذا ما كنت تقوله دائماً لزبائنك الجدد؟

<<<<<<<<<<

بعد مرور شهر واحد بدأت المحاكمة وقُدّمَتْ جميع الادلة ومن ضمنها اداة الجريمة التي تطابقت عليها بصمات الجاني عبد الله بوضوح. فقام محامي الدفاع بطلب تقديم عبد الله الى لجنة من الاطباء النفسيين لتقييم حالته النفسية. وبعد اسبوعين قامت اللجنة بالتوصل الى ان عبد الله لازال بكامل قواه العقلية لذلك سلمت المحكمة تقريرها فقام القاضي بالتشاور مع مستشاريه اثر تسلم قرار المحلفين بالحكم عليه بالسجن لمدة 22 سنة. كذلك اصدرت المحكمة حكماً على سڤَن بيترسون بالسجن لمدة 7 سنوات وذلك لتواطؤه بالجريمة.

اليوم تسكن زليخة بشقة متواضعة بمنطقة برونبو ستراند ولديها مرتب شهري يصل الى الى ما يساوي 2000 دولار يكفيها لتعيش عيشة كريمة. وقد صار مؤيد يزورها باستمرار بمبادرة شخصية منه ليلبي طلباتها.

... تمت ...

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1554 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع