بقلم /الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
أستاذ جامعات بغداد والفاتح وصفاقس
أتصفح يومياً العديد من المقالات المنشورة في المواقع الألكترونية بقلم اساتذة بارعين في اختصاصهم , وبالرغم من تمتعي بتلك المقالات كنت أتضور ألماً على القارئ الذي لا يمتلك ثقافة معمقة, بسبب صعوبة فهمه لمثل تلك المواضيع,..ولذا اقترح على الزملاء التبسيط عند كتابة مقالات من حقل تخصصهم الضيق, فقد اصبح في كل تخصص عشرات الفروع, وقد يستغرب القارئ لوقلت له: ان لي صديقاً حصل على الدكتوراه برأس السمكة !,..وهنا تذكرت قولاً لأحد الأدباء حينما أكل سمكة بأكملها وقال: أكلت الســمكـة حـتى رأســها !
وقد فسر ذلك القول بالحالات الآتية :
أ / اكل الجزئ الأول من السمكة حنى وصل الى حدود الرأس.
ب / اكل كل السمكة,.. ولم يترك منها اي شيئ ,..واكل الرأس ايضاً.
ولندع الخلق للخالق , وأكل السـمك بطريقة أهل الأدب !
طبيعة المادة :
منذ زمن قديم كان فلاسفة الأغريق يتسائلون عن طبيعة المادة ,.. وهل بالأمكان تجزئتها الى ما هو اصغر؟..وكان الجواب بنعم, حيث كان الأنسان يحدس ويتامل ويفكر في الأمورغيرالمنظورة ,وادرك وجود عالم الأجسام الدقيقة التي لا يمكن تجزئتها الى ما هو اصغر .
ان فكرة وجود الذرات عند بعض الفلاسفة في العصورالساحقة مثل:
( أبيقور وديمقراط ) , اعتبرت نوعاً من الفطنة والحدس , ثم طواها النسيان لفترة طويلة .
أفلاطون أعظم فلاسفة اليونان
في بداية القرن العشرين ,..عاد علماء الكيمياء الى تصوير طبيعة الأشياء, فوضع العالمان ( يونج), في انكلترا, و( فردنيل), في فرنسا,اسس النظرية الموجية للضوء ,كما بين العالمان (لافوازيه) الفرنسي و(دالتون), الأنكليزي , قدرة الكيمياء على التوغل في اعماق الأشياء!
جون دالتون
ان فكرة وجود ذرات محدودة غير قابلة للتقسيم ومختلفة الأوزان لم تكن كافية لمسألة تركيب المادة لأنها تفشل في حل كثير من المسائل.
وهكذا صار الأيمان بضرورة البحث عن نظريات يمكن بواسطتها شرح قوانين الأتحاد الكيمائي والأختلاف في الصفات الكيميائية بين الذرات التي لم يكن بالأمكان شرحها على اساس يعتمد على الأختلاف في الوزن فقط.. وان نعرف عـلم الكيمياء,..على انه : "علم مكونات المادة وتركيبها ".
أن الطاقة (النار),التي عرفها الأنسان بالصدفة عندما تكونت الشرارات من تكسير الحجر لقطع صغيرة, حرقت الأوراق الجافة,وتكون اللهب الذي استخدم لأغراض عديدة,كما لوحظ تغيراً في الصخور وفي المواد المعدنية عند تعرضها للهب النار,..ومن تلك الظاهرة تطورالسـيراميك والزجاج والصناعات المعدنية, و الأصباغ والعقاقير والدباغة على يد علماء مهرة.
في بداية القرن الثامن عشر, بدا علم الكيمياء بالتطور وظهرت فروع عديدة لهذا العلم, كما انه تفرع الى فروع عديدة , مثال ذلك :
الكيمياء العضوية وغير العضوية والتحليلية والفيزيائية والحياتية والنووية ثم تكونت فروعاً لكل فرع من تلك الفروع , وهكذا تشعب هذا العلم واتسع وصار يشمل كل مرافق الحياة,فظهرت الكيمياء الصناعية التي وفرت كافة المنتجات الكيميائية التي دخلت حياتنا العصرية وصرنا لا نستغني عن اي منها مثل: الصابون والأصباغ والعطور والروائح وادوات الزينة باختلاف انواعها ومن منا لا يدرك الأموال الطائلة التي تصرف على هذه الصناعات والتي تفوق ميزانية التسلح في الدول الكبرى!
أهم المصطلاحات الكيميائية :
لنبدأ الآن بشرح مفاهيم بعض المصطلحات الكيميائية بشكل مبسط, حتى اذا ما ورد اي مصطلح من تلك المصطلحات خلال سـرد اي موضوع كيميائي ,..فسوف لا يسبب للقارئ اية صعوبة ويستوعب العبارة العلمية بشكل مبسط بعيداً عن التعقيد !
1- المادة: كل شيئ يشغل حيزاً من الفراغ وتشعر به حواسنا وله وزن وصلابة .
2-الطاقة: القدرة على عمل شغل مثل الحرارة والضوء والكهرباء
3-العنصر: هو ابسط تكوين للمادة ويمتاز بتشابه ذراته , وتوجد في الطبيعة ما يزيد على 106 عنصراً تختلف عن بعضها بالعدد الذري والعدد الكتلي مثل: عنصر الهيدروجين والحديد والذهب واليورانيوم.
4- المركب: يتكون من عنصرين او اكثر ويختلف في خواصه عن العناصر التي تكونت منها ,.. ولا يمكن فصل مكوناته بسهولة , اي الا بطرق معقدة , فالماء مركب من الهيدروجين والأكسجين وهما مرتبطان برابطة كيميائية لا يمكن تكسيرها الا بتحلل الماء كهربائياً في جهازالتحليل.
5- الخليط: يتكون الخليط من مـزج عنصرين او مركبين او اكثر وتكوين مادة جديدة بحيث يحافظ كل من مكوناته على صفاته الأولية , ويمكن اعادة الخليط الى مكوناته الأصلية بطرق كيمياوية بسيطة !..كما في الأمثلة الآتية :
ماء البحر, حسث انه مزيج من الماء الذي يعتبر (مركب) مع العديد من املاح العناصر المختلفة,وبطريقة التقطير فصل الماء عن باقي المكونات.
كذلك خليط الرمل مع برادة الحديد يمكن فصلهما بأستخدام المغناطيس الذي يجذب برادة الحديد ويترك الرمل !
كما ان مـزج السكر والملح الناعم يكونان خليطاً ,..ولكن هل تعرف طريقة لفصلهما ؟..واذاعجزت عن الجواب, فأسأل اي مختص في الكيمياء اوانتظار الحلقة / 3 من ومضات كيميائية و الفزورات العلمية واجوبتها!
6-الآيون: هو ذرة فقدت او اكتسبت الكترون واحد او اكثر , وتكون موجبة اذافقدت وسالبة اذا اكتسبت.
توجد مركبات ناتجة من اتحاد عناصر مشحونة بشحنات متضادة , اي ما يسمى بالآيونات الموجبة والآيونات السالبة ,..والمركبات الناتجة منها تسمى بالمركبات الآيونية , كما في تكوين كلوريد الفضة .
كذلك ملح الطعام, حيث يتكون من عنصر الصوديوم وعنصر الكلور, فأذا رمينا قطعة صغيرة من الصوديوم في انبوبة اختبار تحوي على غاز الكلور ( وهو غاز سام لذا يستوجب اجراء التجربة في الخزانة الحاوية على ساحبة كهربائية , ورفع غطاء الأنبوبة بسرعة ورمي قطعة الصوديوم فيها , فأننا سنلاحظ تكون ضباب سرعان ما يترسب في قعر الأنبوبة على هيئة بلورات بيضاء يمكن تذوقها فهي ملح الطعام العادي كالذي نستعمله على الموائد, ويطلق عليه علمياً بكلوريد الصوديوم !
ولو امعنا في العناصرالتي تكون منها الملح , لوجدنا احدها (الصوديوم ), حارق اذا لمـس باليد, والآخر عنصر ( الكلور), وهو سـام اذا ما استنشقنا منه بشكل مباشـر,..والمادة المتكونة لا تحتوي على اي من خواص المواد التي تكون منها ,..كما ان اعادة ملح الطعام الى عناصره الأولية يحتاج لطرق كيميائية صعبة !
7- الفلز: هو عنصر, واذا ما فقد واحداً او عدداً من الكتروناته ,..فسيتحول الى آيون موجب, اما اذا اكتسب الكتوناً او اكثر فسيتحول الى آيون سالب , وكلا الآيونين اذا ما توفر لهما الظرف فسيتحدان مكونين مركباً متعادلاً.
8- عدد التأكسد: يساوي عدد الألكترونات المكتسبة او المفقودة اثناء التفاعل الكيميائي , وتدل العلامة الموجبة فوق رمز الذرة على فقدان الألكترونات و العلامة السالبة على اكتساب الألكترونات , والرقم فوق العنصر بجانب العلامة الحسابية , اي ( + او - ) يدل على عدد الألكترونات المكتسبة او المفقودة اثناء التفاعل الكيميائي .
9- التكافؤ: مقدرة الذرة على الأتحاد بذرات اخرى , وقد اشتقت كلمة التكافؤ من الكلمة اليونانية التي تعني النشاط. كما ان تكافؤ اي عنصر يساوي عدد ذرات الهيدرجين التي يمكن ان تتحد معه, او نصف عدد ذرات الأكسجين المتحدة مع ذلك العنصر مباشرة او غير مباشرة.
لـمـاذا الـكـمـيـاء؟...
الكثيرمن الدارسين لعلم الكيمياء لا يستوعبون الأسس العامة للكيمياء التي دخلت في نمط حياتنا ,..فلو تمعن اي فرد منا لما حوله فقط , لوجد أن كل شيئ قد دخلته الكيمياء وساهمت في صناعته ,.. اذن لماذا يعزف العديد من الناس عن تفهم هذا العلم؟ .. وما هي المشكلة؟!.. هل هي في الكتاب المدرسي في مختلف المستويات الدراسية ؟.. أم في معلم أو مدرس الكيمياء؟ , حيث قيل : " التعليم عـلـم وفـن "
وهب الله الأنسان القدرة على التفكير والحدس (اي تخيل الكثير من الحقائق العلمية من دون ان يراها ,وهنا تبرز الفورق الفردية بين البشر,فالسومريون مثلا في بلاد الرافدين كانوا ينامون فوق سطوح المنزل
ويبصرون النجوم تتلئلأ فوقهم فرسموا ابراجها واستوعبوا الكثير من الحقائق حولها من دون ان تكون لديهم في حينه ما هو متيسر لعلماء الفلك في وقتنا الحاضر, ولذا برزت عندهم ملكة التنجيم أو الحدس, فاقت ما عند الأقوام التي لا ترى النجوم ألا بضعة أيام من السنة !
كما أن توفر المواد الأولية والأنهر والبحيرات جعلت أقواماً يتفوقون في الزراعة والصناعة ,..وبمرور الزمن,.. ازدهرت صناعات عديدة في تلك الأزمنة الغابرة ,واكتسب الأنسان مهارة في بعض الصناعات مثل الأصباغ والخزف ومواد التحنيط عند الفراعنة, والتي نجهل صناعتها لحد الآن !
التغير الطبيعي والكيميائي:
أ- التغير الطبيعي : عند تسخين قطعة من الثلج , فأنها تتحول الى الماء من دون ان يطرأ تغييرفي صفات الماء الطبيعية, حيث أن التغييرهنا حدث من الصلب الى السائل, و لم تتأثر طبيعة المادة البته!
ب - التغير الكيميائي : عند تسخين اوكسيد الفضة , فأنه يتحلل الى الأكسجين والفضة , المختلفان عن اوكسيد الفضة , وكذلك الحال مع اوكسيد الزئبق الأحمر,..وعند تسخينه يتحول الى الزئبق والأكسجين, وهما مادتان تختلفان عن الزئبق وعن الأكسجين ولذا تسمى هذه المتغيرات بـ "المتغيرات الكيميائية" , حيث التغيير لم يقتصرعلى الخواص , بل قد تعداه الى تكوين مواد جديدة تختلف كل الأختلاف عن المواد المتكون منها!
مما تقدم في اعلاه وفي الحلقات السابقة, صار واضحاً للقارئ ان العلم بالأساس مبني على الملاحظة ,..والتي يمكن تعريفها: " بالمتغيرات التي نحسها اثناء قيامنا بعمل ما" , والأمثلة عديدة على ذلك ,فعندما نلاحظ ذبول أوراق نبته في حديقة المنزل , فهذه ملاحظة فورية ,..فتستمر النبته بالذبول الى ان تموت,.. فهل ما حدث من دون سبب ؟.. الجواب كلا,.. ولا بـُدً ان يكون هناك اسباباً عديدة,.. وهنا تبرز عملية اطلق عليها أسم " التجربة", وتطرح اسئلة عديدة للتوصل للسبب الذي ادى الى هلاك تلك النبته, لحين التوصل الى ما يسمى بـ" النتيجة".
كل منا يعلم ان الماء يتجمد في درجة الصفرالمئوي, الا ان القليل من غير المختصين يعرف السبب, وقد طرحت هذا السؤال على العديد من طلبتي في عدة جامعات زاولت التدريس فيها , ولم يجبني الا طالب فلسطيني , ولا اريد ان ابين هنا عبقريتي او ذكاء ذلك الطالب,..بل النصيحة التي قدمها لي استاذي عندما اقرأ اي حقيقة علمية, ان ابادر بالسؤال دائما عن السبب واقول " بيجيمو بالروسي ؟".. اي لماذا الماء يتجمد بهذه الدرجة وليس بغيرها؟
وكما هو معروف لجميع المختصين في الكيمياء , ان لكل مادة سائلة درجة انجماد معينة,..فمثلاً البنزين المستعمل لتشغيل السيارة او الدبابة او اي وقود سائل لمركبة معينة,ولوان علماء"هتلر"(أقرأ ح1/ ومضات كيميائية),
ايام الحرب العالمية الثانية تمكنوا من وضع مادة معينة في وقود الدبابة لما اندحرهتلر وهو على اطراف موسكو!, فقد اصبحت دباباته من دون حركة وتجمد معظم الجنود , وهجم عليهم الروس المتمرسون في العمل بالصقيع وتمكنوا من طرد الغزاة , ومن يدري , فـلولا ذلك لتغيروجه العالم!
وعلى اية حال , فقد اهمل العلماء آنذاك , تطبيق ما يسمى" بالفرضية ",.. ولم يستخدموا شتى الأحتمالات للتخلص من ظاهرة تجمد الوقود السائل ,..الى ان طبقوا القانون الكيميائي التالي:
" ان كل مادة سائلة تزداد درجة غليانها وتنخفض درجة انجمادها اذا ما وضع فيها مادة اخرى " .
قد يستغرب اياً من القراء,.. ان درجة انجماد البنزين هي السبب في اندحار قوات الزعيم النازي هتلرالتي غزت الأتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية فأجتاحت اوكرانيا حتى وصلت الى اطراف موسكو آنذاك والقريبة الآن من جامعة موسكو التي شيدت بالعمل الشعبي, في سنة 1953 من القرن الماضي , في عهد الرفيق ستالين , والتي تعتبر تحفة معمارية منذ انشاءها والى يومنا هذا, وقد أتم العبد لله دراسة الدكتوراه فيها في الفترة من أيلول (سبتمبر) 1960 ولغاية آب ( أغسطس) 1966 !
فأذا سألت اي مبتدأ بدراسة العلوم عن درجة غليان او انجماد الماء ؟ لأجابك على الفور: " الماء يغلي بدرجة 100 مئوي,.. ويتجمد في درجة الصفر المئوي " ,..وما ان تسأله,..لماذا ؟ حتى يتلعثم ويتخبط في الجواب, ويذكر لك الف سبب وسبب لا تمت بأية صلة للمصطلح !,.. والطالب هنا معذور, لأنه لم يتعود تقصي الحقيقة, وتعود على ترديد التعريف كالببغاء! وبأعتقادي ان اللوم لا يقع على الطالب بل على المعلم او التدريسي ,لأنه لم يبين له اساس ذلك المصطلح , ومن الذي اكتشفه وكيف توصل اليه !
لذا سأحاول توضيح ماهو خفي على غير المختصين , مع الرجاء من كل من يزاول مهنة التعليم ان يبسط المعلومة أثناء شـرحها وان لا يتمسك بالتعريف كما هو مدون في الكتاب المدرسي,..ولا بـًدً من الأشارة هنا من ان جميع المصطلحات القياسية التي نستخدمها في ابحاثنا مثل,..اللتر والغرام والقدم والمترهي نسبية ومن صنع الأنسان.
سأدون ما تعلق في ذاكرتي من المصطلحات الشائعة عند تدريسي الكيمياء منذ 1956 ولكافة المستويات في الثانوية وفي عدة جامعات عربية لطلبة البكالوريوس وحتى طلبة الدبلوم والماجستير,ولنبدأ ببعض الأسئلة,
السهلة والتي لم يستوعب الطلبة مفهومها الأصلي بصورة جيدة :
لماذا يغلي الماء في درجة 100 مئوي؟
خلق الله الماء وخصه بمزايا لا نجدها في مركبات اخرى, ومن اهم تلك المزايا درجة غليانه ودرجة انجماده , فعندما نسخن الماء في دورق فأن درجة حرارته تبدأ بالزيادة الى ان تصل حداً تستقرفيه تلك الدرجة ولا تتغير!.. الى ان يتبخر كل الماء في ذلك الدورق !....وتلك النقطة هي نقطة غليان الماء وكذلك اذا ما جمدنا اي كمية من الماء فأن درجة حرارته سوف تنخفض الى ان تصل حداً تظهر فيه جزيئات من الثلج , وبالتبريد المتواصل يحصل الأنخفاض بدرجة الحرارة ,.. ثم تستقرتلك الدرجة في نقطة معينة الى ان يتم انجماد الكمية باكملها ! وهكذا علمتنا هذه الظاهرة العلمية ان هذه النقطة هي نقطة انجماد الماء ,...
ولكن من الذي علمنا ان نقطة الغليان هي 100مئوي ونقطة الأنجماد هي الصفر مئوي؟!
ليـس بالأمكان سـرد كافة الدراسات التي اوصلتنا لـمعرفة خواص الماء , ولندخل في الطريقة التي اوصلتنا لمعرفة درجة غليانه ودرجة انجماده , ولماذا أعتبرنا نقطة الغليان 100 درجة مؤية ونقطة الأنجماد الصفر المؤي .
يبدأ الماء بالغليان عندما تتكون فقاعات البخار فوق سطح السائل , ثم تصعد رويداً رويداً الى الأعلى ثم تنفجر, ولذا تعرف درجة غليان السائل , بأنها الدرجة التي عندها جزيئة السائل قد امتلكت طاقة تمكنها من ان تفلت من الجزيئات التي تحيط بها ومن ثم يكون ضغط البخار مساوياً للضغط الواقع على السطح,وتبقى درجة غليان الماء ثابتة حتى تبخرآخرالجزيئات
ومن اجل تطبيق هذه التجربة , نأخذ انبوب زجاجي بطول 10 سـم وبقطر 0.1 سم مربع , مغلق من جهة واحدة على شكل مستودع صغير ,وتبقى الجهة الأخرى من الأنبوب مفتوحة , ثم نضع في الأنبوب كمية صغيرة من الزئبق.تبدأ التجربة بادخال انبوب الزئبق في دورق بحجم لترمملوء لغاية نصفه بالماء النقي , بحيث تكون جهة الأنبوب المغلقة مغمورة بالماء من دون ان تمـس قعـر الدورق ,... ويمسك انبوب الزئبق بماسك خاص, ثم نبدأ بتسخين الماء بواسطة مصدر حراري, ونلاحظ بعد دقائق صعود ابخرة الماء ,وتصاعد فقاعات الماء وأرتفاع عمود الزئبق من مكانه قبل التسخين وارتفاعه الى مكان اعلى,...ونعلم على الفور بقلم " ماجك" ملون على سطح انبوب الزئيق بأشارة نستدل منها على درجة غليان الماء!... ثم نسحب النار,.. ونضع الدورق في اناء يحتوي على كمية كبيرة من الثلج , ونترك الجهاز لفترة من الزمن , الى ان نشاهد تكون حبيبات من الثلج في الدورق, مع انخفاض في عـمود الزئبق في الأنبوب ,وعلى الفور نؤشرعلى سطح الأنبوب في المكان الذي وصل اليه الزئبق عندما بدأت جزيئات الثلج بالظهور.
يرفع عمود الزئبق من الدورق , ونغلق فتحته العليا , ونبدا بتقسيم الخط بين نقطة الغليان ونقطة الأنجماد الى 100 جزئ, وبهذا نكون قد صنعنا محراراً لقياس درجة الحرارة , ومن هذه التجربة يتبين للقارئ نحن الذين قررنا ان يكون الرقم 100 هو درجة الغليان , والرقم صفرهودرجة الأنجماد, واذا ما استعملنا هذا المحرار في قياس درجة حرارة شـيئ ما, فان الدرجة المعينة هي نسـبة لدرجة غليان الماء و درجة انجماده.
وهكذا نجد ان الأنسان هو من اخترع هذا المقـياس, وسنجد الأمر نفسه يتكرر في مصطلحات اخرى نستخدمها في حياتنا وابحاثنا وكلها من صنعنا مثال ذلك اللترالذي يساوي حجم ألف سم مكعب, والغرام الذي يساوي وزن سنتمتر مكعب من الماء النقي , والكيلوغرام يساوي الف غرام .
الحالة الصلبة والحالة السائلة :
وهكذا نجد التغيرات التي تغير شكل المادة ولا تؤثر في جوهرها ,..هي التغيرات الطبيعية , مثال ذلك ذوبان الجليد الى الماء اي تحول المادة من ( الحالة الصلبة), الى (الحالة السائلة), وبتسخين السائل يتحول الى البخار, اي الى (الحالة الغازية).
ان التغيرات التي طرأت على الماء من حالته الصلبة (الجليد), الى السائلة (الماء) ثم الى الغازية (البخار),... لم تؤثرعلى جوهرالماء , حيث تركيب جزيئة الماء في الحالات الثلاثة تحتوي على ذرتين من الهيدروجين, كلاً منهما تتصل بقوة بواسطة رابطة تساهمية بذرة الأكسجين مكونة جزيئة ماء, وكل جزيئة تتصل بأخرى برابطة تساهمية.
لماذا يكبر حجم مقدار معين من الماء اذا تجمد؟!
ما من احد لم يلاحظ تكسرالقنينة الزجاجية المملوءة بالماء اذا ما وضعت في المجمدة (فريزر), ولذا يترك فراغ فيها,... فما هو السـبب ؟... الكل سيقول ان الماء اذا ما تجمد يكبرحجمه,..ويحتاج لمكان عند تمدده ,... هذا صحيح !.. ولكن هل غيرالمختصين في الكيمياء يعرفون السبب ؟ لماذا كبرحجم الماء عندما تحول من سائل الى صلب (جليد)؟!
ذكرنا ان جزيئ الماء متكون من ذرة أكسجين وذرتان من هيدروجين, كل منهما متصلة بنفس ذرة الأكسجين بواسطة رابطة تسـمى بـ (الرابطة التساهمية), وعندما يحصل الأنجماد تتكون روابط من نوع آخر تربط جزيئات الماء ببعضها تسـمى بـ ( الرابطة الهيدروجينية), التي تكون اطول من الرابطة التساهمية, ولذا سيكبر حجم المقدار المعين من الماء عند تجمده , ولـهذا تكون كثافة الجليد اقل من كثافة الماء ( الكثافة = الوزن / الحجم ), ولذا يطفوالجليد فوق سطح ماء البحار والأنهار بسمك معين عند انخفاض درجات الحرارة, وبهذا تبقى الأحياء المائية حية !
لماذا ينطفأ لهب الشمعة اذا ما نفخ عليه؟!
من المؤكد سوف يعزوالعديد من غير المختصين في الكيمياء الى وجود ثاني اكسيد الكربون في هواء الزفير, وهذا صحيح لأن ثاني أكسيد الكاربون لا يحترق ولا يساعد على الأحتراق ,..وبما انه اثقل من الهواء فسوف يحيط باللهب ويمنع وصول الأكسجين للهب الشمعة,.. والكل يعلم ان الأكسجين ضروري للأحتراق, اي انه يساعد على الأحتراق ! كل اعلاه كلام جميل وصحيح , الا اننا نشاهد انطفاء الشمعة عندما تتعرض لتيارمن الهواء عند فتح النافذة او ان يخطف شخص ما بقربها بسرعة او اذا نقلت لغرفة اخرى عبر جنينة البيت فأنها تتعرض للأنطفاء ونحاول ان نبقي على شعلتها بوضع كف اليد لنحجب عنها تيار الهواء!... من هنا يتضح لنا ان انطفاء اللهب ليس سببه ثاني اكسيد الكربون بل عامل آخر سنطلق عليه اسم ( درجة الأتقاد )!
لماذا تسود الحلي الفضية اذا ما تعرضت للهواء؟
-- كما نعلم ان الهواء هو خليط من عدة غازات منها الأكسجين, الذي يتحد ببطئ مع الفضة مكوناً اكسيد الفضة الأسود اللون ,..ومن اجل تنظيف الفضة مما علق عليها من اكسيد يمكن تسخين الفضة السوداء (اكسيد الفضة), لذا يتحلل المركب الى العناصر المتكون منها , وينفصل الأكسجين وتبقى الفضة بلونها الزاهي!
ما معنى:(الزنجار)التاكسـد,الأحتراق,ودرجة الأتقاد؟
كما بينا سابقاً ان التاكسد عبارة عن اتحاد الأكسجين بالمادة ببطئ ,وان تـمً الأتحاد بسرعة, اعتبراحتراقاً, وان
اي احتراق لا يتم الا اذا وصلت الحرارة الى درجة معينة خاصة بكل مادة تسمى" درجة اتقاد", تلك المادة , فمثلاً البنزين درجة اتقاده واطئة والخشب درجة اتقاده أعلى وتختلف عن درجة اتقاد الفحم ,..وهكذا دون العلماء درجة اتقاد العديد من المواد,.. ووضعوا علامات تحذير بالأبتعاد عن مصدرالحرارة ان كانت المادة لها درجة اتقاد واطئة , كما لاحظ العديد منا طريقة اشعال الفحم من اجل استخدامه للتدفئة , حيث يسكب فوقه القليل من النفط ( الكيروسين) من اجل تكوين لهب سريع يعمل على حرق الفحم في (المنقلة), الى تصل الحرارة الى درجة اتقاده ويبدأ بالتوهج !
-- ومما تقدم اعتبرنا الظاهرة الكيميائية التي يتم بموجبها اتحاد الأكسجين بمادة ما ببطئ شديد هي ( تأكسـد), ولا يصاحب العملية لهيب,..والمواد الناتجة تسمى (أكاسيد),.. اما الأحتراق او الأشتعال ,..فهو الظاهرة التي يتم بموجبها اتحاد الأكسجين بمادة ما بسرعة , ويصحب ذلك لهيب وحرارة تستمرالى ان يتم احتراق المادة باكملها!
*********
سؤال للتسلية /
كيف تعزل دقيق السكر عن دقيق الملح ؟
توجد بعض التغيرات الطبيعية اقرب في سلوكها الى التغيرات الكيميائية , مثال ذلك خلط دقيق الملح مع دقيق السكر هو نغير طبيعي, ولكن صعوبة فصل المكونات يظهر وكأنه تغير كيمياوي , ولذا نطرح السؤال للمتعة:
خلط دقيق ملح الطعام بدقيق السكر,هي ظاهرة طبيعية, الا ان عدم فصل السكرعن الملح بطرق كيمياوية بسيطة يسقط عنه صفة من صفات التغير الكيميائي..., فماذا نفعل لكي نفصل السكرعن الملح ؟
الجواب / في حلقة التالية من عودة الروح للطرائف والحدوثات والفوازي !
1170 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع