د.وليد عبد الملك الراوي
ليست المرة الاولى التي يحاول فيها الكثير من الباحثين وبعض السياسيين وصولا الى بعض الدول و القوى العظمى محاولتهم في تشخيص العلاقة بين الجهاد والارهاب او الربط بين النظال الوطني والعمالة.
هذا الخلط الكبير ليس جديدا بالرغم من تشخيص ذلك وتحديد ان هذه الاطراف دائما تتعامل باسلوب الكيل بمكيالين.
تبرو الاشكالية في هل نستطيع وضع حدود فاصلة معلومة بين مفهوم وتطبيقات تفرزالجهاد عن العمالة , هذه الاشكالية باتت تشمل موضوع اخر كثر الحديث عنه مؤخرا وعلى وجه التحديد بعد احداث سبتمبر 2001 هو الجهاد والارهاب, فعند البعض يرى الجهاد ارهابا والعكس بالعكس.
ويمضى الامر الى ان في بعض مناطق الصراع الاقليمية والربيع العربي نرى تقيدهم بنفس اليات التشخيص والتوصيف فعند البعض يرى ان المتظاهرين مواطنين صالحين يسعون لنيل حقوقهم , في حين ترى الانظمة القائمة انهم عملاء بل ارهابيون.
هذا الخلط لايستطيع احد ان يفصله الى بعد وضع تعاريف ومفاهيم واضحة دون ادغام تحدد وصف كل حالة, وهذا الامر بعيد المنال لحد الان حيث نلاحظ فشل المجتمع الدولي مرارا وتكرارا في الوصول الى تعريف الارهاب ولم يفلح في ذلك.
في عام 1977 حضرت محاضرة سياسية في جامعة ليدز نظمتها "المنظمة البريطانية ضد الصهيونية" حيث القى البرفسور اليهودي "اكيفا اور" من جامعة اورشليم محاضرة بعنوان "الحركة الصهيونية حركة عنصرية" وقد سؤل عن تعريفه للكفاح المسلح والفرق بينه عن الارهاب من خلال عمليات المقاومة الفلسطينية , فاجاب عبر ذكره عمليتين الاولى تفجير في مصفاة نفط ايلات والاخرى تفجير عبوة ناسفة في كافتيريا جامعة تل ابيب , حيث ركز ان الفرق بينهما , العملية الاولى كفاح مسلح شرعي والثانية عمل ارهابي وقال" يمكن بيان الفرق بينهما عبر مايلي اولا.أهدف العملية ,ثانيا. حجمها ,ثالثا توقيتها واخيرا نتائجها.
ان كل طرف ينظر الى الخصم من زاويته حتى لو التبس المفهوم على القائمين انفسهم تبعا الى الوضع الجغرافي وطبيعة الاهداف, فمثلا تشخص الولايات المتحدة الاميريكة وحلفائها الحركة الكردية في تركيا" ب ك ك" بانها حركة ارهابية يجب القضاء عليها ووفق علاقاتهم مع تركيا في حلف الناتوا يقدمون كل الدعم والاسناد الى الجيش التركي في مسعاهم للقضاء
على الحركة الكردية في تركيا, نراهم يمارسون دورا مغاير تماما مع الحركات الكردية في العراق حيث قدموا لهم كل الدعم في قتالهم ضد انظمة الحكم المختلفه في العراق, كما نلاحظ تعاون ايران مع الحركة الكردية العراقية وفي نفس الوقت تقاتل الحركة الكردية الايرانية المتمثلة بحزب الامل . هنا تبرز المعضلة , ان الاكراد هم نفسهم اينما يكونون وان اهدافهم ايضا هي نفس الاهداف في جهادهم لكسب الحرية والحقوق القومية وحتى البيئة الجغرافية هي نفسها بل امتدادا الى الاخرى, هنا السؤال ماهي اوجه الاختلاف في جعل طرف منهم مناضل يجاهد والاخر ارهابي بامتياز.
نعم انها مصالح القوى العظمى اولا واخيرا وكيف ترى هذا الصراع . هذا التعامل والتنسيق ادى الى انتقال العدوى الميكافيلية الى الحركات التحررية حيث غادرت بعض من مبادئها وتمسكت بالغاية تبرر الوسيلة , وفي التاريخ السياسي كانت الميكافيلية تهمة شاذه توجه الى اي حركة يراد اسقاطها جماهيريا.
قد يمكننا فهم بعض هذه المفردات من خلال معرفة اهدافها ولو بشكل جزئي حيث بات واضحا ان عملية استهداف الابرياء من ابناء الشعب تعد عمليات ارهابية مع سبق اصرار وترصد, والنضال لاسقاط انظمة دكتاتورية مستبده هو جهاد سياسي بامتياز لكن الاستقواء بالاجنبي من خارج الحدود هو العمالة بعينها.
هذا الاستقواء جعل من بعض الحركات السياسية والجهادية تتهم بالعمالة لان جسر العلاقة لايغلق نتيجة "التحرير" كما يحلو للبعض تسميته بل يتعدى الى دوام العلاقة ودوام الارتهان للاجنبي وليكن لنا مثلا في معارضة العراق.
كانت معارضة العراق وما زالت متعددة الولائات متوزعة على غالبية دول العالم فمنها توجه غربا نحو اميركا وبريطانيا وحلفائهم واخرين تمسكوا بحلفهم الاستراتيجي مع ايران واخرون تواصلوا مع السعوديون والكويتيون وظهرت قوى جديدة تواصلت مع الاتراك والقطريون واخرون كانوا على وئام مطلق مع السوريون بل انهم جزء من نظام البعث في دمشق , هكذا حالهم متنوعي وموزعي الولاء والانتماء وهنا برزت المشكلة كيف يستطيع ان ينهض هؤلاء بالعراق وهم في الاساس متناقضين ومتعارضين والمشكلة ليس على اساس التعارض فيما بينهم ولكن تقاطع المصالح بين القوى الحاضنة, بالرغم من ان الوقائع تشير الى اتفاقهم جميعا في مرحلة الاعداد وتنفيذ الاحتلال, فترى الشيوعي يتحالف مع الاسلامي الاخواني او الدعوجي وترى الاميركي يتحالف مع الايراني وترى السعودي الوهابي يتحالف مع الشيعي "الرافضي", حقا انه تحالف الاضداد .
هل المجيئ الى السلطة بعون بساطيل الجندي الاجنبي المحتل هو جهاد ونضال ؟
قد تكون الاجابة اول وهلة واضحة بديهية ولكن في نظر من جاء مع البسطال اجابة اخرى تبرر لهم ما اقدموا عليه بل تبارك عملهم وتجعله تحريرا وتحتفل بذكراه.
ان العراق وبفضل اطراف معلومة كان قسما منها في السلطة والقسم الاخر في المعارضة ودخل عامل الاحتلال البغيض حيث جعل العراق بموجب ذلك نموذجا سيئا للعالم وفي كل مناحي الحياة , ومما زاد الطين بلة مجيئ سياسيين اميين لم ولن يفكروا في مصلحة العراق ومستقبله ولنا ادلة على ذلك فشركاء العمل السياسي في العراق دائما ما ينظرون الى الامور بعين واحدة للتتجاوز موضع اقدامهم , وعند الازمات تراهم يهرولون للالتجاء بطائفتهم او عنصريتهم ولم نرى احدهم التجئ الى العراق.
ان العون والعمل السياسي والعسكري مع الاجنبي او من خلاله هي عمالة وليست جهاد بل انكم تشوهون اسم الجهاد النبيل في عملكم هذا وتكونون بمثل من لوث اسم الجهاد بالعمل الارهابي.
الدكتور
وليد عبد الملك الراوي
1231 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع