د.عبد يونس لافي
من رسائلِ مملكةِ ماري/ إدارةُ المملكة
الرسالةُ الثامنة
عن حالةِ السَّدِّ الحَجَري
من باخْدي – لِمْ الى سيِّدِه الملك
أعرِضُ في هذا المقال،
الرسالةَ الثامنةَ من رسائلِ
الشُّؤونِ الإداريَّةِ في مملكةِ ماري.
كانت رسالةَ طمْأَنةٍ للملك،
وجَّهَها إليه باخْدي – لِمْ (Baḫdi-Lim)،
حول حالةِ السُّدودِ المائية،
بعد اطِّلاعِه على تقريرٍ حولها،
من شابٍّ ينحدرُ من عائلةِ الملك
ادين – دَگان (Iddin-Dagan1 )،
وهو الملكُ الثالثُ من سُلالةِ آيسِن (Isin)
عَلَيَّ ان اذكرَ هنا، أنَّ باخْدي – لِمْ،
له رسائلُ عديدةٌ، كما أفرَزَتْها الرُّقُمُ الطينيَّة،
موثَّقةٌ في عدة دراساتٍ، ومراكزَ ومتاحِف،
وهذه واحدةٌ من تلك الرسائل.
الرسالةُ تبيِّنُ كيف اسْتجابَ باخْدي – لِمْ
لتقريرِ الشابِّ فورَ سماعِه،
على الرغم من أنَّه زار السَّدَّ قبلًا واطَّلع عليه.
يُخْبِر باخْدي – لِمْ سيِّدَه،
بأنَّه ذهب بنفسه للاطِّلاعِ على حالة السَّدِّ،
والقيامِ بما تُمْليه عليه المسؤولية.
وحين ذهب، وجد السَّدَّ سليمًا،
وأنَّ نقطةَ التَّبديلِ العُلويَّةَ من السَّدِّ،
التي كان الملكُ قد عملها من الحجر،
ما زالت مغمورةً تحت الماء، على عُمقِ ذراع،
وأنَّ السَّدَّ لم يتاثَّرْ،
إلّا أنَّ الماءَ عند السَّدِّ المتوسِّط،
قد هدم الحاجزَ السُّفليَّ بأقَلَّ من بوصة،
وأنَّ العملَ جارٍ لإصلاحِ الحاجز.
يؤكِّد باخْدي – لِمْ في رسالته،
أنْ ليس هناك ما يدعو الملكَ للقلق،
إذ أنَّ السَّدَّ ونقطةَ التَّبديلِ،
يتمتعان يحالٍ جيدة،
وعمليةَ إصلاح الحاجزِ السٌّفليِّ قائمة.
الرسالة:
" أخبر سيِّدي:
خادمُك باخْدي – لِمْ (Baḫdi-Lim)
يُرسِل الرسالةَ التالية:
بالأمس جاءني شابٌّ ممن ينتسب الى
ادين – دگان (Iddin-Dagan )،
استمعتُ الى تقريره،
فذهبتُ بنفسي إلى السَّد،
وإنْ كنتُ قد ارسلتُ لك أني كنتُ عند السَّد،
وكان كلُّ شيءٍ على ما يُرام.
لاحظتُ أنَّ نقطةَ التَّبديلِ العُلْوِيَّةَ،
المعمولةَ من الحجر،
والتي كان سيدي قد عمِلها،
ما تزالُ تحت الماء،
والماءُ ينسابُ فوقها،
بقدْرِ ذراعٍ ولكنَّ (ال...2) سليمٌ لم يتأثَّرْ.
الماءُ عند السَّدِّ الأوسطِ،
هدمَ الحاجزَ السُّفلِيَّ،
باتِّجاهِ مجرى الماءِ من المَعْبَرِ،
ولكنْ بمقدارٍ اقلَّ من بوصة.
لقد عبرتُ من خلال السَّدِّ الحجرِيِّ،
وسقط الماءُ عند السَّدِّ الأوسط،
ولذا فإنَّ العملَ بدأ فعلًا،
لإصلاحِ حاجزِ السُّدود.
ليس هناك من سببٍ للقلقِ أبدًا،
فإنَّ كلَّ شيءٍ يسير بانْتظام.
إنَّ السَّدَّ الحجريَّ،
ونقطةَ التبديلِ الحجريَّةِ التي عمِلَها سيِّدي،
هما في حال جيدة.
فلا ينبغي لسيِّدي أنْ يقلَق".
انتهت الرسالة.
الخلاصة:
حينما تكون مصلحةُ البلدِ فوق كلِّ مصلحة،
وحين يكون المسؤولُ مُنضبِطًا ذاتيًّا، يراقبُ ضميرَه،
مدرِكًا لما يوكَلُ إليه من مهام،
تجدْه يستنفرُ قواهُ فورًا،
لمعالجةِ الخللِ الخطير،
دون تلكُّؤٍ أو تأخير،
وعندها يكون محترَمًا لدى العباد،
مسموعَ الرأيِ عند اعلى سلطةٍ في البلاد.
1 ادين – دگان (Iddin-Dagan ) هو الملك الثالث من سلالة آيسن (Isin)، وهي آخر سلالةٍ من قائمة الملوك السومريين؛ سميت بهذا الإسم لانها كانت تسكن مدينة آيسن التي تعرف اليوم باسم محافظة القادسية جنوب العراق.
2 هكذا وردت في الرسالة، وأزعم من خلال السياق ان كلمة (سد) قد سقطت، فتكون العبارة ولكن السد سليم.
2984 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع