عبدالله عباس
نظرة الامس وقراءة اليوم-(حانوت ) بكرو قالبين (صابون )وأشياء أخرى
كان احد فنانينا المشهورين من جيل الخمسينات من القرن الماضي ‘ والمعروف عنه حوادث طريفة يحدث له في حالات (الُسكر ) ‘ منه هذا الحدث :
في احد الليالي عندما عاد من سهرته في نادي الموظفيين وصل الى الباب بدأ يدق عدد من المرات فلا ياتي احد من البيبت ليفتح له ‘وكان امام باب البيت عمود التلفون المرتفع عن مستوى السطح ، بعد ان شعر باليأس ان يفتح له احد الباب يقرر القيام بمغامرة لدخول البيت من خلال تسلق العمود ‘وفعله ، ونجح في الصعود ونزل بشكل طبيعي الى داخل البيت وتوجه الى غرفة نومه وشعل الانارة و يصحي زوجتة من النوم قائلا لها بهدوء :
- منذ ساعة وانا ادق الباب لماذا لم تفتحيه ؟
- غريب اذا كيف دخلت ..؟
- من التسلق بعمود التلفون ..!‘ تضحك الزوجة قائلة :
- الحمد الله لم يراك احد ‘ كانوا يحسبونك حرامي والله يعلم ماذا كان يحصل ..! الحمدالله ...أذا حصل خير تعال نام ..!
- كيف انام ؟ انتِ لماذا لاتحترميني ‘الان انت تنتظرين و أنا اخرج من البيت و ادق الباب وانتِ تأتين وتفتحي لي الباب وتعتذرين مني عن التأخير.. تحاول الزوجة المسكينه ان يتخلى زوجها عن هذا الاختيار دون جدوى ‘ ولكن يجبر الزوجة المسكينة بتنفيذ طلبه ويخرج من البيت و يغلق الباب وبعد قليل يدقه وتأتي الزوجة تفتح له الباب و يدخل و يذهب الى غرفة النوم وتنتهي الحكاية ...!!
بعيدا عن المناقشات العلميه الثقيلة الظل احيانا ‘ بل بالاعتماد على الوعي المكتسب من حياتنا الاجتماعية ‘ نحن ‘ وضمن عالمنا النفسي ‘ نعيش ضمن مجتمع تحكمنا مجموعة من التناقضات المتضاده بعضها مع البعض ‘ وضعنا ‘كل فرد منا أن نعتمد على وعينا الشخصي و نجعل هذا الوعي دليلنا لمعرفة طبيعتنا الانسانية ‘ وممكن أن يظهر بيننا وتحت تأثيرمن حولنا بأطر مدى إحساسه في التصرف مع الاخرين ‘ ولكن يحصل أن يكون بيننا ‘ في المجتمع شخص يتوجه الى الاختيار الفردي الخاص لنفسه حتى في التصرف مع من حوله وينطلق منه الى مرحلة ‘ أنه يشعر في التصرف بهذه الطريقة براحة روحية عندما يكون تعامله مع الاخرين ناتج على اختياره الخاص به ‘ حتى لو اضر بذلك ( كثيرا أو قليلا) بوضع الاخرين ممن يتعامل معهم ..!
أن تصرف فناننا موضوع الحديث يندرج ضمن هذا النموذج من بين ألافراد في مجتمعنا ‘ لذا ‘ نرى أن كثير من تصرفات هذا النموذج من الناس ‘ في مجتمعنا يعتبرظاهرة ايجابية وغير مضر للاخرين و نعتبر من نواجه منهم هكذا تصرف شخصا محبوبا و(خفيف الظل ) كما يقولون لوضوح هدف تصرفه الغير عدواني (إن صح التعبير).
الهدف من تذكير هذا الحدث (لطيف ) إشاره الى أنه اذا بحثنا الموضوع في دراسه علمية عن من يقومون بهكذا رد فعل نتيجة موقف معهم ‘ ممكن نكتشف وجود أخرين ‘ يتخذون مواقف تجاه تصرف يحصل من الاخرين ‘ ولانهم ممكن ان لايكونون من ( خفيفي ظل ) ‘ بل بالعكس ‘ يكون (ثقيل الظل ) والافراد بهذه الصفه رد فعلهم عدواني ‘ وأذا بحثنا نرى نماذج غير قليله في مجتمعنا من اشخاص معقدين يختارون ( المشروبات الروحية ) للهروب من الواقع ‘ رد فعلهم تجاه حتى احداث بسيطة عدوانيه ‘ وفي تأريخ ظهور البشرية على الارض ‘ ظهر الصراع بين رغبة وطموح مضيء لبناء الحياة السعيده ‘ ومن يرغبون في التوجهات العدوانية لضمان طموحاتهم الحياتية ‘ ولكن ودائما ‘ كان ولايزال هنا اختيار الوسط ‘ لايسعى لعرقلة انتشار ضوء الحياة الايجابيه ولايتخلى عن البناء بهذا الاتجاه من خلال التمسك بـ( مكارم الاخلاق ) ‘ ولولا ديمومة الوعي بسلامة الوسطية توجه لبناء الحياة ‘ لما وصلت البشرية إلى حياة تبنى من خلالها الحضاره .
• تذكير حدث من التأريخ :
كان في مدرسة (ثانوية السليمانية) مدرس معروف بأسم (شوكت أفندي )‘ جذب انتباهي بانه كان يكرر كثيرا خلال كلامه او شرح الدرس ‘ والمثل يصف به قلة قيمة الحدث او شيء اساسا ‘ والناس يضخمون في وصفه ‘ يقول المثل ( ....أنه كحانوت بكر ..لايوجد فيها غير قالبين صابون ..!!)
دفعني الفضول لابحث عن أصل هذا المثل ‘ وطبعا لم يكن لي الجرأه ان أسال الاستاذ ( شوكت افندي ) ‘ وفي مساء أحد ألايام ذهبت الى مطبعة جريدة زين ) التى كانت تصدر اسبوعيا لااقدم احد مقالاتي للنشر فكان في المكتب المشرف الفني على الجريدة وبعد السلام والتحية قلت له : جيد المطبعة تستطيع ان تطبع جريدتين في الاسبوع ( بروا – المبدا – وزين – الحياة ) فكان رده : لا‘ الموضوع سهل ... وقال : عملنا سهل ‘ انه حانوت بكر وقالبين صابون ..!! فرحت لسماع المثل منه ‘سالته : كاك احمد تعرف أصل هذا المثل ؟ فشرح لي أصل الموضوع كالاتي : ( عندما أحتل الانكليز السليمانية ‘وتم أسرالشيخ الحفيد وابعد الى الهند ‘ يقال أنه في المدينة رجل بأسم حاج بكر ‘ كراهيته للانكليز شديده بحيث كان مجرد ان يسمع اسمهم تفتح قريحته بالشتائم و يعلن ان من يتعامل معهم كافر و ...ألخ ‘وكما هو معروف عن الانكليز المحتل عندما يحتل اي بلد ‘ الفساد الاول الذي يقوم بزرعه هو كسب العملاء لمساعدتهم في معرفه وضع البلد ورأي الناس فيهم ‘ فكان احد هم قد بالغ في كتابة التقرير عن الحاج بكر و يصفه كاحد اكبر الخطرين على وجود الانكليز في المنطقة ‘ ويصفة بخطر اذا بقى على حاله حر في المدينة ويمكن ان يدفع الناس الى تنظيم المقاومة ضد وجود الانكليز و ضرورة طردهم ..! باختصار أن التقرير يرسم شخصية البكر كأنه قائد ثوري خطر فقط ينتظر الفرصة ليثور ‘ بحيث ان عندما يصل الى المسؤول الاول في المخابرات ويطلع عليه ‘ لايكلف احد بمعلومات أخرى بل يقرر أن يذهب بنفسه الى حانوت حاج بكر ويتعرف علية مباشرة و بعد ذلك يقرر ‘ وعندما يزوره يرى الحاج و وضع حانوته المتواضع جدا ولا يرى عنده حتى زبون مشتري وفي حانوته لايوجد أي اشياء ثمينه للبيع غير كمية قليلة من السكر و الشاي و قوالب من الصابون ..! ) .. ختم كاك أحمد شرحه لوضع الحاج بكر قائلا : ( دخل المسؤول الى حانوت الحاج و بعد السلام والتحية سأله بوضوح : أنت بهذا الحانوت و القالبين صابون عارضه للبيع تريد تحريك الناس ضدنا ؟ ..وبغرور يضيف : أشتمنا يوميا وبالقدر الذي تستطيع امام الناس ..انت حر في ذلك ....!!!) ..
. ليس غريبا في حياة الشعوب ان يبدأ النهوض ضد المحتل والتوجة الى المستقبل الحر من موقع يكون صاحب حانوت يملك قالبين من الصابون ..ولكن غرور بعض اصحاب القوة والسلطة لايستطيعون كل مرة يقرئون خلفيات فوران غضب الناس ضدهم
• الارادة القوية اذا نهضت تجعل القدم أجنحة / مثل ألماني
مقال مترجم من اللغة الكردية
1152 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع