سفراء ودبلوماسيو الزمن الأغبر بعد عام ٢٠٠٣/ الجزء الثاني

ذو الفقار

سفراء ودبلوماسيو الزمن الأغبر بعد عام ٢٠٠٣/ الجزء الثاني

ملاحظة
عطفا على مقالنا السابق، نستكمل الحديث عن الدبلوماسية العراقية بعد الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق بعد ان استعرضنا الدبلوماسية العراقية في اوجها الباهر خلال الحكم الوطني السابق، وما افرزته من سفراء ودبلوماسيين لامعين كانوا مصدر فخر واعتزاز على المستوين العربي والعالمي، مثل وسام الزهاوي، ونزار حمدون، وعبد الجبار الهداوي، ووهبي القره غلي، ووداد عجام، ورياض القيسي، واكرم الوتري، وفؤاد الراوي والعشرات غيرهم.

الحق يقال
الذي يحسب للكرد العراقيين ووزير الخارجية هوشيار زيباري رغم كل مساوئه وضعفه تجاه الأحزاب الشيعية، انهم لم يجتثوا أي من الاكراد الدبلوماسيين والاداريين القدامى (أي الحكم الوطني) فقد تسامحوا معهم وفق قاعدة عفا الله عما سلف، حتى السفير الكردي (محمد أمين محمد) الذي شغل منصب المسؤول الأول في وزارة ناجي الحديثي بعد عزل وكلاء الوزارة الثلاثة، استمر في عمله مع احتلال العراق باعتباره المسؤول الأول في الوزارة، وطالبت الأحزاب الكردية بإبعاده فقط،، ولم يلاحقوه قانونيا، في حين بقيت ابنته (فاطمة محمد امين) تعمل في الوزارة، وترك ابنه سعد دورة التأهيل الدبلوماسي الأخيرة ـ قبل الاحتلال ـ والتحق بأبيه خارج العراق.
على العكس من الأحزاب الشيعية التي ناصبت الدبلوماسيين السابقين العداء، وقامت باجتثاث غالبيتهم، وهمشت من بقي خارج قانون المساءلة والعدالة سيء الصيت، لم يقتصر تسامح القيادات الكردية على وزارة الخارجية بل بقية الوزارات العراقية، فحصدوا الخبرة والكفاءة من الموظفين القدامى على كل الصعد، واثبتوا ان لهم القدرة على إدارة الدولة، بغض النظر على السلبيات التي رافقت مسيرتهم قبل وبعد احتلال العراق عام 2003.

من مآثر الدبلوماسيين العهد الاحتلالي:
لم تقتصر مثالب الدبلوماسية العراقية على السفراء وما اكثرها ابتداءا من وزراء الخارجية الى اصغر موظف في الوزارة والبعثات، وبدأ العبث والفوضى الدبلوماسية عندما طُعمت الوزارة بموظفين لا يعرفوا وربما لم يسمعوا بالدبلوماسية، وتم قبول من هب ودب في اول دورة في معهد الخدمة الخارجية، بعد الاحتلال، وتخرجوا بعد شهرين ومنحوا درجة ملحق، وآخرين درجة سكرتير ثالث. ومن الطرف ان احد الدبلوماسيين الجدد كان سائق تاكسي، ورغم انه خريج كلية الآداب فرع اللغة الفرنسية، لكنه لم يمارس ما يتعلق بدراسته، وفقد كل معلوماته عن اللغة الفرنسية، بعد ان عمل حوالي عشرين عاما كسائق تكسي، ولكن لمعرفته بمدير مكتب الوزير الزيباري، وعلاقتهم الاسرية مع سعد الحياني رئيس الدائر الإدارية تم قبوله في المعهد ومنح درجة سكرتير ثالث.
كانت تخصصات البعض من الدبلوماسيين الجدد طريفة فمنها الصيدلة وهندسة الري ومعهد الفنون الجميلة والفيزياء والكيمياء وعلم النفس، والطب البيطري ( ربما لاعتراف الوزير الزيباري بتعيين عدد من الدواب في حظيرة وزارته) ومن النوادر أن موظفة كردية بسفارتنا في برلين منحت درجة سكرتير ثالث وهي تحمل شهادة فاحص بصر من معهد طبي في أربيل، وموظف كردي عمل في سفارة أوربية عُيين رغم أن عمره يزيد عمره عن الخمسين عاما وكان خياطا، (ربما ليرقع ثوب الخارجية الرث) بالإضافة إلى الآخرين الذين لا يحملوا شهادات جامعية أو ممن يحملوا شهادات مزورة أو حوزوية في داخل العراق أو خارجه.

وآخرين عينوا وهم في العقد الخامس من العمر بمعنى أنهم في القاطرة الأخيرة على السكة الوظيفية، فالسيدة احلام الكيلاني عينت في بعثة العراق للأمم المتحدة في جنيف بدرجة مستشار، رغم أن عمرها (55) عاما لأنها زوجة وزير سابق، وسفراء عينوا عن عمر يناهز الستين، بل أن احد السفراء تجاوز عمره الثمانين وكان يشغل منصب سكرتير للوصي عبد الاله غي العهد الملكي! وحلٌت الوزارة إشكالية العمر بتخريجه شاذة وخارج القانون والأعراف، فقد مددت سن التقاعد لهم خمس سنوات إضافية ليغرفوا من مال العراق السائب.
ولم تتوقف الأمور عند هذه الفضائح، بل تعدتها بطريقة اجتياز الموانع وهي رياضة معروفة اعتمدته الخارجية العراقية في تعيينات الاحتلال، فقد نقلت خدمات سائس خيول سابق في اللجنة الأولمبية (أحمد كاظم البياتي) ووكيل وزارة الداخلية في العهد الاحتلالي إلى وزارة الخارجية بدرجة مستشار، ونظرا لمؤهلات البياتي المعروفة ومنها الانحراف الخلقي والأخلاقي فقد تم ترقيته من قبل الزيباري خلال أسبوع إلى درجة وزير مفوض ونقل إلى ممثليه العراق في نيويورك! وهناك المئات من هذه التعيينات التي شوهت معالم مسيرة وزارة الخارجية التي حولتها من وزارة مميزة إلى افسد وزارة كما وصفها حينذاك مستشار رئيس الوزراء سامي العسكري وكذلك النائب السابق وائل عبد اللطيف.
من الطرائف أن العديد من الكرد أدوا امتحان التخرج في المعهد الدبلوماسي وهم لا يجيدون اللغة العربية، وأن ابنة عميد معهد الخدمة الخارجية لا تعرف اللغة العربية وإنما تتقن الفرنسية فقط ، فجلبت معها والدتها المغربية لتترجم لها الأسئلة وتجيب عليها (الأم) بالعربية، وطلب عدد من الطلاب المغتربين والمجنسين بجنسيات أجنبية أن تكون إجاباتهم باللغة الانكليزية لعدم معرفتهم العربية فسمح لهم بذلك، هؤلاء هم الجنود الجدد الذين سيدافعون عن سمعة العراق الجديد في المنابر الدولية باللغات الأجنبية وليس العربية، لا غرابة انه العراق الجديد بلغاته المتعددة!
أما الحديث عن نقل الدبلوماسيين الرضع إلى السفارات لتمثيل العراق الجديد فأنهم أصبحوا عالة على السفارة والجالية العراقية في منطقة البعثة، والأحداث في هذا الشأن يندب لها عرق الجبين ولا بد من سرد هذه الواقعة التي تبين ضحالة مستوى الكادر الجديد ،حيث تم تعيين احد الأكراد المقيمين في موسكو في السفارة العراقية هناك ـ يمتلك شركة لبيع السيارات ـ وعند قيامة بإجراء معاملات السفر في الوزارة لغرض التحاقه للسفارة العراقية في موسكو وبسبب تأخر منحة سمة الدخول إلى موسكو قام برمي جواز سفره الدبلوماسي في مكتب دائرة المراسم وقال لمدير القسم بلهجة متعجرفة" أدوس بالحذاء على جوازكم الدبلوماسي إذا ما أحصل على الفيزا بسرعة، لقد تأخرت وأنا صاحب شركة ولولا ترشيحي من الحزب شسوي بوظيفتكم التافهة". علماً أن المومأ إليه مُنح درجة سكرتير أول وهي تتطلب ما لا يقل عن (25) سنة من العمل في وزارة الخارجية. هكذا أصبح حال الوزارة مرتع للصوص والعملاء الذين وضعوا تقاليد جديدة لتقاسم الحصص والغنائم، فإذا كان السفير كرديا فالشخص الثاني يجب أن يكون شيعيا! وإن كان السفير شيعيا يكون الشخص الثاني سنيا وإذا كان السفير سنيا وهم قلة لرفضهم آنذاك المشاركة في العملية السياسية الكسيحة فأن الشخص الثاني يكون شيعيا وهكذا.

سخرية الأقدار؟
الدبلوماسيون الجدد بعد عام 2003 فيهم لصوص وجهلة او أصحاب مغامرات جنسية او جواسيس، مثلا في لندن باع دبلوماسي دعوة حفلة زواج دوق كامبردج الأمير وليم (سابقا) لدبلوماسي من دول الخليج العربي، ودبلوماسي آخر صفع ضابط أمن مصري في مطار القاهرة، وخلق مشكلة بين البلدين، كادت ان تؤدي الى قطع العلاقات الدبلوماسية.
كما ذكرت هيئة الإذاعة السويسرية بأن دبلوماسيين يعملان في بعثة العراق في المقر الأوربي للأمم المتحدة (جنيف) قاما بتهريب كمية هائلة من السكاير بما قيمته حوالي مليون ونصف فرنك سويسري، وبيعها في السوق السوداء، وتم اعلام وزارة الخارجية العراقية بعملية التهريب، وبلعت الوزارة الفضيحة كالعادة، ونقل الموظفان الى مركز الوزارة دون حساب.
من جهة أخرى تقمص القنصل العراقي (ياسين شريف) في مشهد عام 2022 دور رجل اعلان لترويج منتجات واعمال مركز تجميل وزراعة الشعر وتقويم الاسنان في منطقة عمله، وبلعت وزارة الخارجية الفضيحة كالعادة، ونقل القنصل (من منظمة بدر الإرهابية) الى مركز الوزارة.
كما نقلت وسائل اعلامي اجنبية في أيلول 2022 قيام موظف دبلوماسي في ممثلية العراق في الأمم المتحدة وهو يتابع مباراة كرة قدم عبر حاسوبه الشخصي، غير مكترث بما يجري في أروقة الاجتماع من كلمات.
هناك آلاف الفضائح في الوزارة تتكتم عليها الوزارة.
ومن الطرف ان الجوازات الدبلوماسية في العراق اكثر من الجوازات الدبلوماسية في الصين واليابان وروسيا، ولا عجب فالعديد من الفاشونستات ومحظيات المسؤولين والزعماء السياسيين حصلوا على جوازات دبلوماسية، لذا لا قيمة للجواز الدبلوماسي العراق، بل ان الدول الأجنبية لا تحترم السفراء العراقيين وتتعامل معهم بصورة دونية، وهم بدورهم لا يحتجوا لأنهم لا يعرفوا مهامها ولا حقوقهم وواجباتهم بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية، كيف لا واحدى السفيرات لعراقيات نتشر لها فلم جنسي في بعض المواقع ولا نعرف كيف تمثل العراق في المحافل الدولية؟
لكن في العراق المحتل لا تستغرب شيئا، وهناك فضائح جنسية ابتداء من الوزير الزيباري الى السفراء وبقية الدبلوماسيين مع سيدات من داخل الوزارة والسفارة ، لا نود ان نشير اليها عملا بقاعدة عدم نشر غسيلنا الوسخ على العالم.
سنعود لاحقا للحديث عن فضائح أخرى في وزارة خارجية العراق المحتل.

ذو الفقار
مجلة الكاردينيا

للراغبين الأطلاع على الجزء الأول:

https://www.algardenia.com/maqalat/61342-2023-12-06-16-53-37.html

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

594 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع