عبد الرضا حمد جاسم
خوض في كتاب: [ الشخصية العراقية من السومرية الى الطائفية]/١٠
يتبع ما قبله لطفاً
مقدمة لابد منها:
*[ و لكني أؤكد لكم بأن الازدواج فينا مُرَكَّزْ و متغلغل في أعماق نفوسنا] انتهى...الراحل الدكتور علي الوردي!
*[[اعتقد ان هذه العلة "تضخم الانا" مرض العراقيين المزمن و إنها شائعة لدى العامة منهم]انتهى...البروفيسور قاسم حسين صالح!
......................
الراحل الدكتور علي الوردي اطلق ما شاع و انتشر و اقصد "ازدواج الشخصية العراقية" منذ عام 1951 في محاضرته التي فاقت شهرتها ربما كل نتاج الوردي واصداراته...تلك المحاضرة التي حولها الراحل الوردي الى (كراسة جيب) وضع لها عنوان مُغاير لمحتواها باعترافه هو حيث كان العنوان: [ شخصية الفرد العراقي بحث في نفسية الشعب العراقي على ضوء علم الاجتماع الحديث]... وهي ليست بحث اولاً و لا بحث لا في ضوء علم الاجتماع الحديث ولا في ضوء القديم ودليل هو اعتراف الوردي بذلك حيث كتب الراحل الوردي التالي :
1 ـ [في ص5 من الكراسة: [لستُ ادعي ان هذه المحاضرة بحث استوفى شروطه العلمية و ربما صح القول بانها اشبه بالمقالة الأدبية منها بالبحث العلمي و عذري في ذلك انها محاضرة كتبت لكي تلقى في حفل عام و لم يكن الغرض منها اول الامر ان تطبع او تنشر على القراء بهذا الشكل الحاضر...انها قد كتبت اذن على أساس الاسترسال الفكري و تداعي الخواطر...الخ] انتهى
2 ـ في ص7/شخصية الفرد العراقي: [وعند انتقالي الى دراسة شخصية الفرد العراقي جابهتني صعوبة كبرى وهي اكتشاف ما في المجتمع العراقي من خصائص ومميزات تجعله ينتج في ابناءه نموذجا معينا من الشخصية لا يشاركه فيه أبناء المجتمعات الأخرى] انتهى
3 ـ في ص 8 من الكراسة كتب التالي: إنها على كل حال محاولة مبدئية اُهيب بالقارئ ان يتشدد في نقدها وفي النظر اليها نظرة الشك المستريب] انتهى
4 ـ وفي ص8 يقول التالي: [ان هذه المحاضرة رغم ما فيها من نقص بارز في الناحية العلمية، هي محاولة مفردة في سبيل فحص المجتمع العراقي وكيف تنمو فيه شخصية الفرد على ضوء علم الاجتماع الحديث ولقد كابدت في سبيل إعدادها آلاماً لا يستهان بها إذ لم أجد في طريقي الذي حاولت السير فيه علامة ترشدني وكأني بذلك اشق طريقاً جديداً لم تطأه قدم من قبل].
اليك عزيزي القارئ كيف تجنى الوردي على مجتمع برمته بتنوعه و تاريخه من السومرية حتى الطائفية التي لم يحضرها الوردي:
ففي ص (46 ) من كراسة الجيب تلك افتى قانعاً حاسماً جازماً بالتالي:[و اني لا انكر بان ازدواج الشخصية ظاهرة عامة توجد بشكل مخفف في كل انسان حيث وجد الانسان و لكني أؤكد لكم بأن الازدواج فينا مُرَكَّزْ و متغلغل في أعماق نفوسنا] انتهى
السؤال هنا كيف عرف الوردي ان: (الازدواج فينا مُرَّكَزْ و متغلغل في أعماق نفوسنا)...وهو لم يدرس و لم يبحث و لم يطبق قواعد و نظريات علم الاجتماع الحديثة و القديمة؟؟؟...إذن علام استند الوردي في تجنيه هذا؟؟
اليكم الدليل و السند الذي استند عليه الوردي حيث ذكره في نفس الصفحة (46) من كراسة الجيب تلك حين كتب التالي:[زارنا من احد الأقطار العربية كاتب ذات يوم وكان الوقت رمضان فعجب من شدة تمسكنا بمظاهر الصوم من ناحية و من كثرة المفطرين بيننا من ناحية أخرى]انتهى.
عانى المجتمع العراقي لأكثر من (سبعة عقود) من منتصف القرن العشرين حتى اليوم و سيعاني للقرن القادم من هذا الاتهام/الوصف /التجني على المجتمع العراقي دون حلم او علم او عقل او تفكير او تحليل او بحث او دراسة...تلك "ازدواج الشخصية" وتلك الكراسة تداولتها/تناقلتها الايدي والالسن حيث انتشرت و انتشر هذا المفهوم/ المصطلح/ الصفة بين أوساط المتعلمين و معهم المثقفين و منهم "كبار" المثقفين و نزل عند الاغلب الاعم من عامة الشعب يضاف اليهم زملائهم و اصحابهم بل وكل الناطقين بالعربية سواء عن وعي او غفلة او انبهار وضياع وعدم اهتمام... لم يعترض عليها الا قلة/افراد من المثقفين /المتعلمين العراقيين طوال تلك الفترة و لم يناقشوا الوردي حولها بجد و تواصل سواء في حياته او بعد مماته له الرحمة و الذكر الطيب.
هذه التهمة/الصفة مع سندها/دليلها شاع وانتشر حيث خطه القلم و صاح به الفم بأعلى صوت ولَحَّنَهُ اللسان بشتى المقامات وقرأته العقول و العيون وعانت من كثرته و كثرتها مكائن الطباعة و النشر ووصل اليوم ليكون ربما الأكثر ضرباً على الكيبورد في كل العالم و التاريخ بالقياس الى كمية المطبوعات و الكتابات و عدد الكتاب و السكان. هذه الحالة انتجها شخص لم يدرس المجتمع العراقي و صار ""أبو علم الاجتماع العراقي"" و أقصد الراحل الدكتور علي الوردي له الرحمة...
ولتقف عزيزي القارئ الكريم على كيفية "دراسة" الراحل الوردي للمجتمع العراقي اليك:
1 ـ [في ص 20من كتاب/دراسة في طبيعة المجتمع العراقي/1965 ورد التالي: (الواقع ان علم الاجتماع هو بطبيعته "متواضع "يستمد أكثر معلوماته من السوقة ومن السفلة والمجرمين والغوغاء فهؤلاء بمنابزاتهم و مفاخراتهم وبتعاونهم وتنازعهم يمثلون القيم الاجتماعية السائدة اصدق تمثيل وهم بهذا المعنى افضل من المتعلمين فالمتعلم عادةً يميل الى التحذلق والى التظاهر بخلاف ما يضمر اما العامي فهو في الغالب غير قادر على اخفاء ما في اعماق نفسه من عُقد و قيم فهي تظهر عليه حين يتنازع او يتشاتم و حين يتعاون او يتفاخر]انتهى
2 ـ [ في ص363 من نفس الكتاب: (لكي نفهم طبيعة التوازن الاجتماعي في المدن العراقية ندرس شخصية "الاشقياء" فهؤلاء كانوا يمثلون القيم الاجتماعية السائدة المحمودة ومنها والمذمومة)] انتهى.
[(ملاحظة: لمن يرغب بالاطلاع على ما نشرته عن موضوع علم الاجتماع و الراحل علي الوردي اليكم:
(الراحل الدكتور علي الوردي في ميزان / عبد الرضا حمد جاسم/ج1 .......ج6)].
السبب في معاناة المجتمع العراقي من طرح الدكتور علي الوردي هذا ليس مما ذكره/طرحه الوردي انما من الذين صفقوا له و لم يردوا عليه رغم محاولات البعض...وستشتد هذه المعاناة و تتصاعد عندما يرافق ما طرحه الوردي حول "ازدواج الشخصية العراقية" ما ذكره/ طرحه البروفيسور قاسم حسين صالح له العمر المديد عندما قال بعيداً عن علم النفس وعلم الاجتماع الذي ابسط ما ينهيان عنه هو الاطلاق و الجزم حيث اعلن إعلانه الغريب الغير مستند للعلم و لا المنطق حين كتب و نشر و بتأكيد لأكثر من مرة ووقت التالي: [اعتقد ان هذه العلة "تضخم الانا" مرض العراقيين المزمن و إنها شائعة لدى العامة منهم]انتهى
مستنداً على مَثَلْ لا يقل ركاكة عن ذلك الذي استند عليه الوردي في طرحه عن "ازدواج الشخصية العراقية" وذلك المثل هو:
[ و إلا لما ضربوا على انفسهم المثل القائل: (إذا انت امير و انا امير فمن يسوق الحمير)] انتهى
هذا الطرح غير المسنود ببحث علمي او دراسة جادة بل و الذي لا يقبله العلم و الحلم و الواقع و العقل سيكون الأكثر تداول في كتابات الحاضر و المستقبل و ستكون حروفه هي الأكثر ضرباً على "الكيبورد" و الأكثر طرحاً في اللقاءات الصحفية و في مواقع التواصل الاجتماعي لعقود طويلة قادمة و العجيب ان لا أحد من زملاء و تلامذة البروفيسور قاسم اعترض عليه او ناقش هذا الطرح غير الدقيق معترضاً سواء من الكتاب إن كانوا من المثقفين كبارهم و صغارهم أومن المتعلمين او الناشرين او المهتمين بموضوع علم الاجتماع و علم النفس و المجتمع العراقي و الثقافة العراقية.
عليه أستميحكم عذراً أيها الكرام في التركيز على هذه الأمور و وضع بعض الكلمات و العبارات و الجمل التي فيها بعض "خشونة" و بعض مبالغة لأني اجد او وجدت فيها ضرورة لوخز البعض و تنبيههم الى خطورة و صعوبة الموضوع لأنه يخص العلم و يخص المجتمع العراقي تاريخاً و حاضراً و مستقبلاً.
نعود لصلب الموضوع وهو الخوض في كتاب البروفيسور قاسم حسين صالح: [الشخصية العراقية من السومرية الى الطائفية/2016 والذي اقْتَرِحْ له بعض التغيير او الإضافة في العنوان ليكون: [ الشخصية العراقية و مرضها المزمن تضخم الانا من السومرية الى الطائفية]...حيث ان طرح البروفيسور قاسم حسين صالح لم يستثني أحد من العراقيين و لم يستثني فترة زمنية من تاريخ العراق و شمل طرحه هذا كل العراقيين من السومرية حتى طائفية اليوم حتى سقوطها غير المعلوم متى. حاله في ذلك حال طرح الراحل الوردي حيث لم ينتبه البروفيسور قاسم حسين صالح أو لم يعر الاهتمام للتالي في طرحه هذا:
1 ـ انه لم يستثني عراقي واحد من الإصابة بهذا المرض المزمن.
2 ـ لم يحدد سقف زمني بدأ به المرض فكل سكان العراق من اول الحضارات قبل خمسة الاف عام او ثمانية آلاف و ربما اكثر الى نهاية الطائفية في وقت غير معلوم مستقبلاً.
3 ـ لم ينتبه الى ان المرض المزمن لا علاج شافي له.
الى اللقاء في التالية التي ستكون بدايتها ما توقفت بها في السابقة وهي:
خلاصة المقاطع أعلاه هي: لدى البروفيسور قاسم حسين صالح (شك يتاخم اليقين) بأن:
1 ـ معظم المثقفين العراقيين الكبار مصابون ب"تضخم الانا" و انه متورم لدى عدد منهم و مع ان هذه العلة موجودة على مستوى النخب سياسيون و اكاديميون، فنانون، ورؤساء عشائر...لكنها تعلن عن نفسها بوضوح اكثر لدى المثقفين الكبار (وسنفرد مقالة خاصة عن الفنانين) و اعتقد ان هذه العلة "تضخم الانا" مرض العراقيين المزمن و إنها شائعة لدى العامة منهم، و إلا لما ضربوا على انفسهم المثل القائل: (إذا انت امير و انا امير فمن يسوق الحمير) انتهى
2 ـ [معظم كبار العلمانيين العراقيين مصابون بـ " تضخّم الأنا "] انتهى.
761 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع