د. علي محمد فخرو
لا بد من تفكير ونضال جديدين
لا يستطيع الإنسان أن يتنبأ بعد بالكوارث والأهوال التي تنتظر الأخوة الفلسطينيين ، ومعهم كل الشعوب العربية، في نهاية الجحيم الذي أشعله الكيان الصهيوني في غزة وسائر فلسطين، بمباركة عمياء من قبل بعض حكومات دول الغرب وبانحياز غير مسبوق من قبل إعلام تلك الدول، وبتجاهل غريب لمشاعر مئات الملايين من شعوب العالم المتظاهرين في مئات المدن الكبرى رفضاً لذلك الجحيم ومناداة بإعطاء الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية المشروعة.
لكن الذي نعرفه بوضوح وبهاجس ملحّ بأن الكوارث والفضائح التي رأيناها طيلة الخمسين يوماً الماضية والإهانات التي وجهت إلى هذه الأمة تستدعي وقفة جديدة من قبل مؤسسات الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي للنظر في الحالة المزرية التي وصلت إليها هذه الأمة. وهي وقفة يجب أن تطال العلاقات الدبلوماسية والسياسية الأخرى والاقتصادية مع الدول الغربية التي أظهرت استهتاراً مخجلاً بكل حقوق أمة العرب، لا في فلسطين فقط، وإنما في كل أراضي الوطن العربي. وهي وقفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تاريخ الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها بعض دول الغرب طيلة القرنين الماضيين وساهمت في تمزيق هذه الأمة وإضعافها وإشغالها بما لا يحصى من مشاكل، وعلى رأسها بحلّ مشكلة اضطهاد اليهود في أوروبا ومن قبل أوروبا، ولكن حلها على حساب شعب فلسطين وعلى حساب استقرار وتنمية كل الأقطار العربية.
وهي وقفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مستجدات التغيرات الدولية في السياسة والأمن والاقتصاد من خلال مصالح هذه الأمة وليس من خلال، كما جرى في السابق، إرضاء أميركا أو دول الغرب الأوروبية الاستعمارية. وعلى الأخص تغيير التفكير الخطأ السابق الذي كان يعتقد، خاطئاً وضالاً، بأن مفاتيح هذا الكون هي فقط في يد قوى الاستعمار الغربي وحلفائه، خصوصاً بعد تكون تكتلات منافسة لذلك الغرب الاستعماري وفيها كل إمكانات الحضارة التكنولوجية والعلمية الحديثة.
وهي وقفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن الغالبية الساحقة من الشعوب العربية قد تعبت من مؤامرات الغرب وابتزازاته وما عادت تحترم مواقفه، بعد أن تبين انحيازه التام المخزي الأخير لسفاحي الأطفال وساحقي العمران في مدينة غزة المحاصرة بلا شفقة ولا إنسانية ولا تحضّر.
وفي نفس الوقت، وبصورة جذرية، ستحتاج قوى مؤسسات المجتمع المدني العربية أن تبدأ مناقشات فيما بين بعضها البعض بشأن هذا الموضوع برمته، خصوصاً فيما يتعلق بمقاطعة بضائع كل شركات الغرب المساندة والممولة للعدوان الصهيوني في فلسطين وفي أي مكان في الوطن العربي.
لا يمكن لأية أمة تحترم نفسها أن تتعايش مع الحالة التي عاشتها وتعيشها، ولا يمكن لأية حكومة عربية أن تتحّجج بأية حجج بعد الآن بالنسبة للصراع العربي – الصهيوني الوجودي الذي أوصلته القوى الصهيونية العالمية والقوى الصهيونية اليمينية الاستعمارية الاستئصالية في فلسطين المحتلة إلى طريق مسدود تتلاعب في أرجائه هي والقوى الاستعمارية المساندة.
نقولها لشباب وشابات الأمة العربية بصراحة لا غمغمة فيها بأنكم تحتاجون أن تناضلوا من أجل السير في تلك الطرق، وأنه بدون نضالاتكم ستكون الطرق صعبة إن لم تكن مسدودة.
842 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع