أ.د. عبدالسلام الطائي
أستاذ علم الاجتماع- جامعة ستوكهولم
نوايا سياسة التفقير في العراق!- قراءة إحصائية
مدخلات التفقير
دخلت سياسة الافقار العمد مرحلة شم النسيم المنعش لمستحدثي النعم ضد ذوي النعم في العراق منذ عهد النكبة الفكرية والأيدولوجية التي اصابت شعب العراق 2003 وما تلاها من انهيار للمناعة التشريعية، بسب الاكراه التشريعي للقوانين بفتاوى المراجع السياسية المذهبية من غير العراقيين. وهكذا استطاع القانون الخاص للمراجع المذهبية ان يقيد القانون العام، فأدى الى شرعنة سرقة المال العام ، على سبيل المثال، فقه بعض المراجع الولائية المؤثرة يعتمد على {نظرية المالك المجهول لأموال الدولة} التي تبيح نهب المال العام واستخدامه من قبل المجتمع السياسي العراقي للأحزاب بما فيهم المجتمع النيابي والحكومي، أدت الى ازداد ثراء الأحزاب على حساب الشعب وتحول مجتمع الأحزاب الى مجتمع "نهاب وهاب " نهب ثروة البلاد والعباد ووهبها الى دول الجوار، ايران سوريا لبنان اليمن و...
ومن الجدير بالذكر، ان نهب وتسليب الشعب من قبل الاحزاب ومكاتبها الاقتصادية التابعة للحشد "الشيعبي" فان ذلك مشرعن بنظرية المالك المجهول في الفقه الخميني والسيستاني، فقد جاء في الجزء الأول من كتاب علي السيستاني الموسوم بالمسائل المنتخبة" بالصفحة 254 منه ما نصه: المعادن كالذهب والفضة والنحاس والحديد، والكبريت والزئبق ، والفيروز والياقوت ، والملح والنفط والفحم الحجري وامثال ذلك ـ فهي من الأنفال. أي من الغنائم . ف"أن الدَّولة، بعصر الغيبة، كلّ ما تملكه يُعد امرا مغتصباً، ، وكل من يستولى عليه من قبل الاخرين لا يُعد فساداً ولا سرقة.
وتفسيرا لذلك اجازت نظرية المباني الفقهية أيضا، حق تخويل فقيه الحزب السياسي او الميليشيات المسلحة "تفويضا شرعيا مفتوحا للتصرف بأموال الدولة كما يشاؤون، كأخذ الكومشنات والاستيلاء على اموال النفط وعقارات الدولة والمواطنين وغيرها. وبموجب ذلك اعتبر العراق غنيمة حرب في فقه وعرف الغزاة ومن والاهم أحزابا ودول .
وهكذا- تحول الفساد والرشاوى والسرقات من حالة شاذة ومنبوذة في السياسة والدين الى واجب الهي في الدين الإيراني والابراهيمي.
ولا مناص من القول، بان العلوم الاجتماعية والسياسية قد صنفت الفتاوى واحدة من اهم اسلحة حروب الجيل الخامس 5GW في الحرب النفسية. نظرا لما تمتلكه من قدرات غير منظورة في نشر المعتقدات والافكار الهدامة.
ولايفوتنا أن ننوه بهذا الصدد، بان العديد من الدراسات توصلت الى اهم النوايا والفئات المستهدفة التي تتناولها فتاوى حروب الجيل الخامس، هي: (33%) من تلك الفتاوى هدفها نشر الفوضى وزعزعة أمن واستقرار الدول والشعوب، وان (27%)، لها أهداف سياسية، بينما (25%) من تلك الفتاوى هدفها تدمير اقتصاديات الدول، علاوة على ان 25 % منها غايتها تنمية وتغذية خطابات الكراهية . وانطلاقا مما سلف، فان مؤشر الإفتاء يشير إلى أن هناك فتاوى اجتماعية تثير اللغط وتشكك المسلمين في ثوابتهم الدينية، بهدف زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى الإفتائية
المخرجات
وبما ان هناك متلازمة ما بين الفقر والجريمة بعلم اجتماع الانحراف وبعلم الاجرام. بناءا عليه، فان الفقر يؤدي للجريمة والجريمة سببها الفقر مع بعض الاستثناءات . ولعله من الطبيعي ان تزداد حجم الجرائم حينما يكون لها سند فقهي، فتوى، تعطل القانون. طالما الخاص يقيد العام.
وحري بنا التطرق الى مخرجات سياسة التفقير العمدية لبعض مكونات المجتمع، ناهيكم عن ارتفاع معدلات الجريمة في العراق من جهة، ومن جهة أخرى أدت الى ظهور أنماط جرمية لم يألفها شعب العراق منذ تأسيس دولة العراق 21 حتى مرحلة النكبة 2003 بالعراق الجديد مثل، تجارة الدم والبدن الاتجار بالأعضاء البشرية، المخدرات، الاختلاس الحكومي، التسول، الرشاوى، الالحاد، الانحلال المعياري الذي تسبب بشيوع المثلية.
فعندما يرى العراقي المحاصصون الحصريون، الحكوميون والسياسيون الجدد، بما فيهم رجل الدين، وهو يسرق وشاذ جنسيا ويسكن القصور ، فان العراقي حنيذاك يكفر بكل القيم وبالساعة السودة التي جعلت هؤلاء يحكمون العراق منذ 2003 ، ممن تسببوا بجعل العراق وكانه غنيمة حرب لهم ولدول الجوار وكان من بين مخرجات سياسة التفقير، اختلال تماسك المجتمع، وقد تسبب بما يلي :
• حصول 99% من حالات الطلاق عام 2022 ، انتشرت في محافظة ذي قار خلال شهري يناير وشباط، وقد تمت خارج المحاكم حسب احصائيات مجلس القضاء الاعلى
• حصول حالة طلاق كل 10 دقائق في العراق وفقا لبيانات السلطة القضائية العراقية
• التدمير بالنزوح القسري-
o هناك 1.008.524 مليون اسرة نازحة.
o عدد الاطفال النازحون بلغ، 1.6 مليون.
o بلغ عدد النساء النازحات، 1.9 مليون.
o 11758 عائلة نازحة، بلا معيل، تعيلها النساء، لتعرض ازواجهن واخوتهن الى: اما الى القتل او السجن او الخطف
o بلغت حالات الولادة في المخيمات 6511 توفي منهم 727 طفلا بمعدل 9 اطفال لكل 100 مولود.
o احتلت محافظة نينوى المرتبة الاولى بعدد النازحين، تليها الانبار وصلاح الدين.
نستقرء من البيانات اعلاه، ان حجم عدد النازحين من الاطفال والنساء البالغ، 3.5. مليون، وهو رقم فاق تعداد سكان الكويت ودولة قطر. وبذلك يمكننا ان نصف ونصنف عراق ما بعد الاحتلال بانه مدينة او جمهورية للأرامل والايتام بحكم الارقام الاحصائية الخاصة بضحايا العراق بعد الغزو الامريكي الايراني.
ناهيكم عن وجود نسبة عالية من العراقيين الذين يرومون الهجرة الى خارج العراق، فواحد من بين كل ثلاث من العراقيين يرغبون بالهجرة اليوم.
• ومن التداعيات أيضا تدمير الاسرة بالترمل والايتام
• زواج المتعة الذي يغض النظر عن سن الفتاة وترددات ذلك بايولوجيا وعلى زيادة معدلات التصدع والتفكك الاسري
• تفكيك الدين الاسلامي الى دين حكومي ومرجعيات
• تدمير الاقتصاد بالفساد والانفاق الحكومي
• تدمير المجتمع بالميليشيات من خلال القتل على الهوية
• التدمير بالمخدرات، 3 من 10 مدمنين على المخدرات بما فيهم الأجهزة الأمنية بين متعاط ومدمن، وفقا للتقارير الدولية
• تدمير التعليم والصحة
• تدمير المجتمع بالهجرة والنزوح القسري
حيث نجم عن تلك المخرجات التدميرية على المجتمع العراقي ما يلي:
• اضطراب منظومة القيم في العراق
• تدهور القيم الاخلاقية
• اضطراب القيم الوطنية
قراءة واستقراء احصائي
ونظرا لما ال اليه حال العراق اليوم، اهلته لكي يصنف خارج الزمن. ولعل خير ما ينطبق عليه وصفا وتحليلا وتسبيبا، ما جاء بعنوان كتاب الدكتور علي الوردي الموسوم: " مهزلة العقل البشري" . بلى ان ما يحصل في عراق النكبة منذ 2003 بسبب هيمنة الجهل على العقل في السياسة والدين والحكم، لا يمكن لعاقل ان يصنفه علميا الا في خانة مهزلة العقل البشري قياسا بحال شعوب الأمم الأخرى التي لا تمتلك ارث وموارد العراق الثقافية والحضارية والاقتصادية!. كل ذلك جرى وما زال يحصل، نتيجة لسياسة المحاصصة والتمايز الديني والمذهبي والعرقي وتعطيل القوانين بالإفتاء السياسي، ما نجم عن ذلك من انحلال معياري وانهيار الأمن الاجتماعي والاقتصادي.
فالفقر لا يحصل في بلد غني كالعراق الا عندما يكون ولاة الامر فيه وكأنهم من غير اهله في العراق. نظرا لكونهم مسيرين وليسوا مخيرين. حين ذاك ذهبت وستذهب أموال العراق للميليشيات بسوريا ولبنان واليمن وافريقيا وايران، علاوة على، إسكان واطعام الزوار الإيرانيين وهم بالملايين خلال الزيارات، يحصل الفقر في العراق، حينما يسرق ويهرب النفط لإيران وسوريا !
البيانات الإحصائية ادناه تبين سياسة التفقير والتجويع والتجهيل والبطالة وكأنها متعمدة، ان لم تكن كذلك. فقد تراوحت نسبة الفقر بين 70-77% في المناطق الشيعية جنوب العراق، تصدرت محافظات القادسية والمثنى وميسان سلم الفقر في هذه المدن. في حين بلغت نسبة الفقر في المناطق الكردية شمال العراق 1%.
هذا وتفيدنا البيانات المعتمدة وفقا لمدركات مؤشرات الفساد. بان التدمير بالإنفاق الحكومي والخدمات المفقودة، كانت بسبب الافراط في الانفاق الحكومي مقابل التفريط بالخدمات المقدمة للمواطنين ناهيكم عن التنمية المفقودة، لا محال ستؤدي هذه السياسة الى الافقار والتجويع والتجهيل . وبما ان سياسة توزيع الدخل في ميزانيات الدول مرتبطة بشكل واديولجيات النظام السياسي للدولة. فان تخصيص 22،6% من ميزانية العراق للجيش والشرطة- وهي مخصصات تفوق ميزانية الأردن جيشا وشعبا- اذا ما قورنت بالنسبة الى تخصيصات ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، البالغة 4.7% ، وتخصيصات ميزانية وزارة الصحة البالغة 3.8% . لهو مؤشر واضح بان العراق "دولة بوليسية" يهمها حماية نفسها لا رفاهية وامن شعبها، على الرغم من ضخامة ميزانية الجيش والشرطة، لكنهما عاجزين عن توفير الامن للشعب!.
في حين ان البيانات الدولية المرفقة تشير بان سلم ترتيب الجيش العراقي حاليا بين جيوش العالم بات في المرتبة 50 بعدما كان في المرتبة الرابعة بحلف الناتو قبل الاحتلال، على الرغم من ان ميزانيته آنذاك كانت اقل بكثير من ميزانية جيش ما بعد نكبة 2003 .
اما بشان البيانات الإحصائية المعتمدة ذات الصلة بالاهتمام بالإنسان العراقي، سنبينها بالدينار العراقي، وهي الاتي :
1. بلغت تخصيصات الوقفين 50 ضعفا قياسا بتخصيصات وزارات الصحة والتربية والتعليم ،كما هي مبينة في ادناه:
2. الوقف الشيعي : 591 مليار دينار
3. الوقف السني : 281 مليا دينار
4. وزارتا التربية والتعليم : 11.4مليار دينار
5. وزارة الصحة: 6 مليار دينار فقط!
نستقرأ من البيانات أعلاه، بان مخصصات حكومة الطوائف السنية والشيعية تفوق ميزانية وزارت التربية والتعليم والصحة التي تقدم خدماتها لكل الطوائف.
وعلى الرغم من تسلسل العراق في المرتبة الخامسة عالميا لاحتياطي النفط والمرتبة العاشرة لاحتياطي الغاز. لكن 27% من العراقيين يعانون من البطالة ويعيشون تحت خط الفقر بسبب الفساد المالي والاداري وضعف القوانين وعدم استقلالية القضاء. ولتلك المسوغات فقد صنف العراق عالميا بالمرتبة 166 من 167 وفقا لمدركات مؤشرات الفساد. وانطلاقا مما سلف، تصدر العراق الفقر والبطالة اسفل الترتيب الدولي على الصعيد العالمي.
خاتمة
لقد كان لإصدار الحاكم الامريكي المدني في العراق، بريمر، قرار الغاء القوانين السابقة لتحل محلها الفتاوى، علاوة على إصدار قرارات لحل مؤسسات الضبط والرقابة الاجتماعية والاقتصادية الحكومية- الوزارات- وغير الحكومية، لتكون مسوغا بعدم عودة النظام السابق لحزب البعث، وهي ستكون سببا أيضا، في تعجيل انهيار النظام السياسي الحالي متى ما يشاء بريمر ومن والاه في العراق، وسيكون سببا في انهيار الحكومة العراقية في الوقت الذي تراه مناسبا ادارة حكومة بريمر ومن سلطه علينا وعلى من والاه .
المصدر، وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للاحصاء، المجموعة الاحصائية السنوية، Annual Statisical Abstract ، 2018-2019 - 2020، العراق . بغداد.
1723 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع