علي السوداني
عندي لكم الليلة طقطوقة حلوة . ربما هي حكاية من باب انفتاح الزمان على عتبة أيلول المنعش . سأتمضمض وأتغرغر بعافية المنظر ، وأقطع حبل الوصل ، بتأريخ الأسى ، وأزرع فوق مائدتي ، كأسَ حلمٍ عملاقة .
أطلقتُ الدماغ من محبسه ، وأجلسته مجلس سعدٍ وبهجة . لم أعد أحسُّ بركلات الثور على جدر القحف . شلتُ من الشاشة خاصّتي ، نسيم عودة وداخل حسن وناصر حكيم وسعدي الحلّيّ ويوسف عمر وزهور حسين وسلمان المنكوب وسيّد جليل وعبادي العماري ووحيدة خليل وياس خضر ولميعة توفيق وحسين نعمة ورياض أحمد ، وكلَّ مقتربات النواح الرافدينيّ المؤبّد ، وشتلتُ محلّهُ ، امرأة واحدة من هبات السماء الكريمة الرازقة لأهل الأرض ، هي فيروز كنز الدهشات . فيروزة خفيفة على الروح . أسهل من فرج وهاب . أرحم من المحمّداوي والمدمي والرست والصبا والغافلي والشطراوي والنوى والمنصوري والحيّاوي . ألطقس قائمٌ على تمامه ، مثل قمر لم ينثلم بعد . زفة غيمات بيض ورماديات ، يلعبنَ خلف الجبل . صفرة شجر تبوّق لخشخشة وريقات باهتات ، يعزفن فوق قير الشارع . كأس أولى مرفوعة بصحة البلاد ، وفيروز تدندن : أدّيش كان في ناسْ ، عالمفرق تنطر ناسْ ، وتشتّي الدني ، ويحملوا شمسيّةْ ، وانا بأيام الصحو ما حدا نطرني . حلوة هذه وأقلّ ثقلاً من جرحة داخل حسن . كأس ثانية صحبة قبضة وجع ، وفيروزة تصنع طيارة ورقية : طيري يا طيارة طيري يا ورق وخيطان ، بدّي ارجع بنت زغيرة على سطح الجيران ، ينساني الزمان ، على سطح الجيران . قرصة ألم خفيفة ، أرحم من المدمي المقلّى فوق حنجرة حامد السعدي . كأس ثالثة بصحة العباد والبلاد ، او ما تبقى منها : أنا لَحبيبي و حبيبي إلي ، يا عصفورة بيضا لا بقى تسألي ، لا يعتب حدا و لا يزعل حدا ، أنا لحبيبي و حبيبي إلي . ممتعة مدغدغة لا تشبه عتّات زهور حسين . ألليلة حلوة حتى الآن . كأس رابعة بعافية الربع في الشتات ، وفيروز تتململ : آخر ايام المشاوير ، في غيمة زرقة وبرد كتير ، وحدي منسيّة ، بساحة رماديّة ، أنا والليل وغنيّة . هذه تنام على زخّة شجن ، لكنها أقلّ ترويعاً من وحشة رياض أحمد : سَحابة وبسْ عليَّ امطرتْ . لا بأس فيروزتي البديعة ، واصليني بمطراتك العذبة . كأس خامسة بكرعة واحدة : إرجعي يا ألف ليلة غيمة العطرِ ، فالهوى يروي غليلهْ من ندى الفجرِ ، إن أشواقي الطويلة قصّرتْ عمري . قصفٌ قليلٌ على رأس السنين ، لكنه أقلّ نكداً من قصفة ياس خضر : أريد الدمع يبدي من المسيّةْ ، اثنين اعيون ما تلحك عليَّ . أسامحك فيروز ، وأنصت إليكِ متضعضعاً شائلاً كأساً سادسة : نِبقى سوا وصوتك بالليل ، تقلّي وانا عم بسمعْ ، بحبكْ حتى نجوم الليل نجمة ونجمة توقعْ ، وخلص الحبْ وسكتت الكلمةْ وتسكّر القلب ، ما وقع ولا نجمة . رشّة طعنات مباغتة . فيروز تحبو اللحظة صوب فراقيّات يوسف عمر . فيروزة حبيبتي ، أرجوك لا تطيري بي على جنح النواح . لا تسحليني صديقتي المبروكة إلى قولة : حتى أنتِ يا فيروز . سأرفع كأساً سمينة سابعة بصحة الليلك الحزين ، وأمنحك المعنى فغنّي وزيدي : تك تك تك يامّ سليمانْ ، تك تك تك جوزك وين كانْ ، تك تك تك كان بالحقلِ ، عم يقطف خوخ و رمانْ . مقترح تنويمة لذيذة لا تخلّف عظيم كدمات ، مثل تلك الماطرة من تنويمة وحيدة خليل : دللّول يلولد يبني دللولْ .
شكراً حبيبتي ، ومعك كأسي الثامنة التي أظنها لا تُتَسّعْ : كِنّا تودّعنا و صوتك غابْ ، و ناداني العمر الفاني ، و لمّا عا حالي سكرتِ البابْ ، لقيتكْ بيني و بين حالي .
قطع في الكتابة :
ألزجاجة فارغة ، وكرسيّي من دون متّكأ . مواء قطة منداح من خاصرة شباط . فيروز نائمة بجوف الليل ، مثل شهرزاد وقد خانتها الحكاية . ريحٌ بطيئة دبقة . صوت حسن النواب يُسكر هاتفي ، فأُجيبه ببقيا حيل : هي البلاد يا حسن يا صاحبي ، وقد شلناها بين الضلوع حيث نزلنا وحططنا ، بلاد نصنعها وننحتها على صورة آلهة جميلة ، لكننا أبداً ما أكلناها حين الجوع .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
عمّان حتى الآن
1101 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع