الحياة في سوريا.. طبيعية

                                          

                              ديانا مقلد

الحياة بالنسبة إلى الرئيس السوري بشار الأسد تسير كالمعتاد. من يفترض أن ما بعد مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية سيكون شأنا آخر فهو حتما واهم.

أعلن النظام أنه لم يطلق صواريخ الغازات السامة، واتهم المعارضة ومنع فريق المفتشين الدوليين من الوصول إلى المكان وانتهى الأمر. وروسيا منعت مجلس الأمن من استصدار حتى موقف، والرئيس الأميركي باراك أوباما يتعثر في خطوطه الحمراء التي يهزأ بها الأسد والعالم بأسره.

انشغل الرأي العام قليلا بصور الأطفال الذين قضى عليهم الغاز، ومن ثم التفت إلى شؤون أخرى. وهنا ليست الملامة على النظام السوري الذي يدرك أن ما يسمى بالمجتمع الدولي ليس في وارد فعل أي شيء. فالعالم الذي صمت على فناء مائة وخمسين ألف قتيل وأشاح بوجهه عن البراميل والطائرات وصواريخ الـ«سكود» والذبح والتعذيب، لماذا سيتحرك لأن مئات ماتوا بغاز سام؟!

ولماذا علينا أن نلوم النظام.. فكم من الأهمية منحنا لضحايا الكيماوي في متابعاتنا وتغطياتنا لنحاسب النظام على استخفافه بحياة شعبه؟!

قناة «الجزيرة» كانت تتعثر في تغطيتها لخبر القصف بالغاز على الغوطة.. لا خبر يتقدم على منازلات ساحة رابعة العدوية الإخوانية في القاهرة وعلى الإفراج عن الرئيس المصري حسني مبارك. كان هذا ينطبق على إعلام آخر كثير، عربي وغربي.

بعد ساعات من خبر مجازر الكيماوي وعلى موقع شبكة «بي بي سي العربية» كان خبر مجزرة الكيماوي خامسا على سلم الأكثر قراءة، يتقدم عليه خبر خروج مبارك، وخبر يتعلق بإلقاء القبض على عاملات جنس في جزر المالديف.

لم يكن خبر وصور مجازر الغاز السام في الغوطة التي يقدر حجم ضحاياها من النساء والأطفال بـ67 في المائة من مجمل الضحايا بخبر أول في كثير من المتابعة الصحافية ولا في اهتمام الرأي العام.. فهذه المقتلة اليومية في سوريا قائمة منذ سنتين ونصف السنة، فبماذا يتمايز الموت قصفا أو ذبحا عن الموت بالكيماوي؟!

الحياة طبيعية في سوريا.. حتى إنه بعد 24 ساعة تماما من مجازر الغوطة أصدر الأسد تعديلا حكوميا شمل وزارتي السياحة والتجارة، مع تشديده على دور مصلحة حماية المستهلك، فهل هناك أمر يتصدر أهمية تشجيع السياحة وحقوق المستهلك السوري هذه الأيام؟

قبل القصف بالكيماوي بأيام ظهرت صور للسيدة أسماء الأسد على «انستغرام» تظهر فيها وهي تطبخ مع مجموعة في نشاط أهلي إغاثي. كانت السيدة الأولى ترتدي ساعة دقيقة لا تتوافر في سوريا اليوم، ولا بد أنها بذلت جهدا غير قليل لتتمكن من الحصول عليها.. هذه الساعة مخصصة لحساب السعرات الحرارية وعدد الخطوات ودقات القلب ومدى النشاط الصحي الذي يمارسه مرتديها.

فعلا الحياة تسير كالمعتاد لا تحتاج سوى إلى تعديلات في وزارة السياحة وحساب لمدى النشاط الصحي في اليوم، فلماذا نفترض أن ما بعد مجزرة الكيماوي ليس كما قبلها؟!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1100 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع