الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
الشيطان ورجال الدين
يروى عن الجاحظ انه كان يلاحق احدى النساء الجميلات يوميا في كل ذهابها وايابها،وفي احدى المرات رآها تدخل محل صياغة ،ولفت انتباهه ان المرأة اثناء حديثها مع الصائغ اشارت بأصبعها الى الجاحظ ،وبعد ان خرجت المرأة من المحل تابعها الى ان وصلت الى بيتها، ثم عاد مسرعا الى محل الصائغ ليستفسر منه عن السبب الذي دفع المرأة الى الاشارة اليه؟ اجابه صاحب المحل:
ان المرأة كانت تطلب منه ان يعمل لها محبس عليه صورة الشيطان ،فقال لها انه لايعرف شكل الشيطان فكيف يمكن ان يعمل شيئ وهو لم يشاهده وهنا اشارت المرأة للصائغ قائلة ذلك هو الشيطان (الجاحظ)...
فاذا كان الجاحظ العظيم بكل ماتركه من اثار علمية ومنجزات فائقة الجودة ارتكب خطأ بملاحقته المرأة فوصفته بأنه هو الشيطان فماذا نقول نحن عن من دمر بلادنا ونهبها وسرقها واذل الاخيار من الشعب وارتهن نفسه عميلا ذليلا وذيلا للمحتل.
لولا العمامة لهلك العراق
في وقت سابق صرح رجل دين همام حمودي قائلا "لولا العمامة لهلك العراق"، ولأنّ حمودي يعرف معنى الهلاك لغويّا، فأنّه يعرف المقصود منه وهو يخوض غمار العمل السياسي بشكله الحقيقي من حيث الهدم الذي حلّ بالعراق منذ أن وصل حمودي ومعه بقية عمائم السلطة خلف بساطيل الاحتلال، أمّا كرجال دين أو ساسة ينهلون من فكر المؤسسة الدينية الفارسية.
لم تكن للعمامة، الشيعية منها، دورا محوريا أو محسوسا في الحياة السياسيّة بالعراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى الإحتلال الأميركي للبلد، وقد إقتصر دورها على الوعظ وإقامة الشعائر الدينية (الطائفيّة). الا أنّها ساهمت ولعدم وجود أحزاب سياسية وقتها وبالتعاون مع العشائر العراقية، في احداث عام 1920 وربما تأثّرت العمامة الشيعية حينها بثورة المشروطة في إيران، ((الثورة الدستورية الإيرانية بالفارسية: مشروطيت، أو انقلاب مشروطه بدأت ما بين 1905 و1911. أدت إلى تأسيس برلمان في فارس في عهد أسرة قاجار)). فيما كانت السنّية تتبع أوامر الأستانة وتدافع عنها بوجه الإحتلال البريطاني. وبقيت العمامة دون نشاط سياسي ذي وزن حتّى فتوى محسن الحكيم والتي كانت سبب في إبادة الآلاف من خيرة بنات وأبناء العراق، تلك الفتوى التي شيّعت التغيير في الرابع عشر من تموز الى مثواه الأخير، وليدخل العراق وقتها ولليوم نفق مظلم ومرعب. ومن الضروري هنا التأكيد على أنّ العمامة لم تساهم كلها بشكل إيجابي في الأحداث التي مرّ بها العراق، بل كان منها من ساهم بشكل سلبي وهو يحث جمهور العشائر على عدم مقاتلة الأنكليز(وهذا ماكررته العمامة عندما منعت مقاتلة الامريكان 2003)، كعمامة الشيخ عبدالكريم الجزائري مثلا وهي تطالب الثوار بالهدنة مع الانكليز اثناء مؤتمر الكوفة فخاطب الثوار قائلا: "الحكومة لاتريد الا الخير، وليس لها قصد سيء معكم، فلا داعي لكلامك هذا، وأنتم لا قدرة لكم على مقابلة الحكومة البريطانية."
ابعاد رجال الدين عن السياسة
نتيجة لعلمانية الدولة العراقية لم يكن للعمامة دور في السلطة طيلة تأريخ العراق الحديث ، لعلمها ان رجال الدين لايصلحون للعمل السياسي ولان مهامهم يجب ان تكون خالصة لله وعباده وليس للعبث بهما ...الا أنّ الوضع تغيّر بعد الإحتلال الأميريكي البريطاني للبلد. وأصبح للعمامة الشيعية على الأخص بجهود وعمل دءوب من بريطانيا وملالي إيران حتى قبل الإحتلال من جهة، واصبح للعمامة دور كبير في الحياة السياسية والإجتماعية والأقتصادية ووو.
ولاندري كيف ان هذه العمامة ساهمت بأنقاذ البلد من الهلاك كما قال الشيخ همام حمودي في حديث تلفزيوني؟
كان الشيخ قد قال بنفسه بعد إنفجار كدس عتاد في مدينة الثورة والذي ذهب جرائه العشرات من الضحايا الأبرياء الآمنين "أنّ المخدرات والفساد الأخلاقي وخزن المتفجرات داخل المدن هي الوجه الآخر لداعش"، ونتسائل هنا لماذا لا تفتي العمامة الكبيرة حسب وصف الشيخ بشكل من أشكال الجهاد ضد إنتشار المخدرات وضد الفساد الاخلاقي والمالي والاداري وتجارة البشر وتجارة الأعضاء؟ الذي هو بالحقيقة أقوى تأثيرا من اكذوبة داعش على المجتمع والأقتصاد والدولة برمتها؟
كانت ايرادات المراقد الدينية والاوقاف قبل الاحتلال تنفق على تلك المراقد وكان كل تلك الامور تسير بشكل سليم بعيدا عن الفساد واهله...اما الان فالعتبات المقدسة تمتلك اكبر الإمبراطوريات المالية والتجارية بكل ما يتعلق بغذاء شعبنا، فشركات الكفيل تحتكر أسواق العراق ، ولم تقتصر هذه المؤسسة على التجارة بل تدخلت بالشأن الصحي حيث تمتلك مستشفيات الكفيل التي لا يدخلها الفقراء والمعوزين لعدم إمتلاكهم ألاموال الكافية للعلاج فيها، وغيرها الكثير. فهل إحتكار تجارة المواد الغذائية والمستشفيات وغيرها تحت مسمى يدغدغ مشاعر المؤمنين البسطاء والتربح منه، والإستفادة من القوانين التي تحد من منافسة شركات أخرى لها، فساد أم لا، وإن كان فسادا فلم لا تفتي العمامة بألجهاد ضدها وهي في عقر دارهها!؟
كيف منعت العمامة هدم العراق؟ ولا يوجد في البلد كهرباء أوماء صالح أوخدمات اما التعليم فأصبح تحت هيمنة من هدموه وهو يعاني من الانحطاط والجامعات متخلفة يقودها وزير يصرح علانية انه يؤتمر من خامنائي والمستشفيات دكّات موتى والأرض بور والمياة قاتلة والمصانع اصبحت اثارا والاشجار جرفت والمزارع أصبحت أثرا بعد عين. لم يصل العراق طيلة عهده الحديث الى الدرك الذي عليه اليوم وهو تحت سلطة العمامة، فالأخلاق شاذّة، والدعارة نتيجة الترمل والفقر ، وآلاف العوائل تعتاش على المزابل، والشباب عاطل عن العمل، والأطفال يملأون شوارع المدن والبلدات ليتعرضوا لمختلف أشكال التحرش والأنحراف. ومن هذه المدن النجف اوكربلاء نفسها حيث تعيش العمائم الكبيرة، فليخرجوا أصحابها ليروا بأم أعينيهم كل هذه الجرائم عسى أن يتحرك الضمير الديني ويعلن الجهاد الكفائي ضد سلطة الخضراء والتي منها عمامة الشيخ حمودي.
عند هؤلاء كهنة الشيطان ليس عيبا او فسادا ان تكون لصا او سارقا او مرتشيا بمكان عملك، هناك فتاوى تبيح ذلك؛ ليس عيبا او فسادا ان تكون ناهبا لثروات هذا البلد، فكلها مجهولة المالك؛ ليس عيبا ان تكون تابعا وذيلا ذليلا لهذه الدولة او تلك، ليس عيبا ان تقتل او تخطف او تغتصب او تخرب في هذا البلد طولا وعرضا؛ لكن العيب كل العيب ان ترى مطربا يغني، ان ترقص او تفرح، ان تحتج او تعترض على نظامهم الفاشي، ان تطمح او حتى تحلم بحياة لائقة.كل العيب ان تدافع حقوقك او تطالب فيها.
1862 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع