علي الكاش
القول ما قاله سماحة الكاردينال ساكو بشأن فاجعة عرس الحمدانية
قال السيد المسيح (تعرفون الحق، والحق يحرركم) يوحنا8/31
نحمد الله على ان العراق لم يتعرض الى كوارث طبيعية كما هو عليه الحال في زلزال المغرب واعصار دانيال في ليبيا، والا لانتهى العراق لا سامح الله، ولكن الفساد يكلف العراق اضعاف الخسائر التي تتعرض لها الدول المنكوبة بالكوارث الطبيعية، فالحرائق مثلا لها الحيز الأكبر من تلك الخسائر، تشير تقارير مديرية الدفاع المدني بان عدد حوادث الحريق في العراق، منذ بداية العام الجاري، حتى تاريخ 13 أغسطس عام 2023 أكثر من (19000) حريق، وهو أقل نوعا ما عن عام 2022، والذي وصلت فيه الحرائق إلى أكثر من (32000) في عموم المحافظات عدا إقليم كردستان. وبحسب البيان فإن تلك الحرائق اندلعت داخل مبان حكومية وتجارية ومصانع ومعامل ومخازن ودور سكنية وأراض زراعية وحقول وعجلات وغيرها. حرائق العراق خسائرها بالمئات من الضحايا وهذا ما حدث في مستشفيات الحسين والخطيب وانتهاءا بفاجعة عرس الحمدانية في الموصل.
قبل الحديث عن هذه الفاجعة الأليمة ومعرفة ان كانت مقصودة او عفوية كما جاء في التقرير الهزيل لوزارة الداخلية العراقية، حيث راهن البعض على شفافية وجرأة وزير الداخلية واثق الشمري بإعلان الحقيقة فخابت آمالهم وثقتهم بالوزير متناسين انه تسلم منصبه وفقا للمحاصصة الطائفية، وانه لا يقوى على محاسبة عنصرا وليس قائدا في الحشد الشعبي الولائي.
هذه بعض الملاحظات عن فاجعة صالة عرس الحمدانية ومحاولة تفكيكها:
أولا: كانت البداية مع قيام رئيس الجمهورية الحالي بسحب المرسوم الجمهوري عن سماحة بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم، الكاردينال لويس ساكو، لإطلاق يد ميليشيات ريان الكلداني في الاستحواذ على ممتلكات المهجرين المسيحيين وفرض الاتاوات في سهل نينوى علاوة عمليات الاستثمار وغيرها من عمليات البلطجة، والغريب ان الرئيس العراقي عندما زار الحمدانية اصطحب معه خروفه الكلداني في الزيارة الدعائية ـ الحقيقة لا نعرف من منهما الخروف ـ في تأكيد على خضوع الرئيس العراقي لسلطة الميليشياوي ريان الكلداني المصنف على قائمة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وعمليات إرهابية لا حصر لها، موثقة بالصوة والصوت والوثائق، مما جعل سماحة الكاردينال يبادر الى مغادرة بغداد والاستقرار في إقليم كردستان بعد أن تكشفت له الصورة القبيحة لدولة المليشيات. علاوة على تلميع صورة ريان الكلداني خلال زيارته لروما وفبركته لقاء سماحة بابا الفاتيكان، وقد نفاها الفاتيكان جملة وتفصيلا، ولا نعرف كيف وصل ريان الى روما ولم يحتجز كإرهابي، ولماذا تغاضت الولايات المتحدة عن زيارته، امر محير فعلا.
ثانيا: بعد المواقف البطولية لقائد عمليات نينوى السابق (نجم الجبوري) في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، وتسلمه العديد من المناصب العليا، وهو يشغل حاليا منصب محافظ نينوى، فقد قام بأعمال عمرانية مهمة في الموصل واستتب الأمن فيها، مما جعل الغيرة تأكل محافظي مناطق الجنوب والوسط وزعماء الأحزاب الشيعية من إنجازات الجبوري التي كشفت عورتهم، وخذلانهم شيعة الجنوب والوسط، فناصبوه العداء، وأضمروا له الشر، كما سيتوضح في النقطة الثالثة.
ثالثا: لأن العراق مقبل على انتخابات قادمة لمجالس المحافظات فقد رشح المحافظ نجم الجبوري نفسه في قائمة منفصلة، وحاول وزير الداخلية الحالي واثق الشمري ووزير الدفاع السابق الولائي واللص المحترف (خالد العبيدي). والولائي خالد سلطان هاشم الذي تمرد على وطنية أبيه البطل، استمالة نجم الجبوري للانضواء تحت قائمة انتخابية واحدة، لكنه رفض وفضل ان يكون بقائمة مستقلة، فهو واثق من الفوز لأن اهل الموصل تحبه بسبب إنجازاته الكبيرة، ويبدو ان موقف الجبوري هذا هو الذي أغاض وزير الداخلية واثق الشمري، فجاء تقرير اللجنة مخيب للآمال. قامت لجنة النزاهة بدورها الخبيث في إجتثاث نجم الجبوري من الانتخابات القادمة، في مؤامرة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، مع ان الكثير من البعثيين بمستوى عضو فرقة تولوا مناصب حكومية عليا ونواب في البرلمان مثل حنان الفتلاوي، عالية نصيف وكبار القادة الحاليين في وزارة الدفاع، ولا نعرف كيف غضت هيئة اجتثاث البعث النظر عن المناصب السابقة التي تولاها الجبوري، ولماذا هذا الوقت لإجتثاثه؟ اليس الأمر مثير للشكوك؟
رابعا: انجزت اللجنة التحقيقية تقريرها أسرع من الصوت، فجاء مرتبكا وهزيلا، فقد ذكرت اللجنة بأن جميع الشهداء أخلوا من قاعة الاعراس بعد احتراقها، وتبين وجود ثلاثة جثث موجودة في القاعة بعد خروج اللجنة. وذكرت اللجنة انه توجد اكثر من (20) مطفأة حريق في قاعة الاحتفال، وكان العدد غير صحيح فهي لا تتعدى الخمس، وقالت ان سبب الحريق هو الألعاب النارية، ولا أحد يجهل ان تلك الألعاب كهربائية، ولو وضعت ورقة على الشرارات لما احترقت، ومن المعروف ان ارتفاع الشرارات لا يتجاوز المترين، فكيف وصلت الشرارات الباردة الى السقف الذي يزيد ارتفاعه عن ستة أمتار.
من جهة أخرى: اليس من المفروض ان يسيج مكان الحديث بأشرطة ويمنع دخول القاعة المحروقة قبل مجيء اللجنة التحقيقية، وهذا ما نشهده عند وقوع اية جريمة فردية، وليس جريمة أودت بحيات المئات ما بين قتلى وجرحى؟ فقد كان مسرح الجريمة أبه بـ (خان جغان) مفتوحة أبوابه لكل من هب ودب، فهل الأمر مبيت للتخلص من بعض الأدلة؟ من جهة أخرى كيف تمكنت اللجنة خلال يومين من مقابلة كافة الشهود، وقراءة الأحداث بطريقة علمية واستقصائية وهي لم تستصحب مستمسكات الجرم وتفحصها بدقة مثل أجهزة الألعاب وعينات من السقوف والجدران والأرضية؟
خامسا: لماذا هرب (صاحب القاعة) وسحب جهاز تسجيل كاميرات المراقبة وحملها معه إلى أربيل؟ ولماذا لم تعرض التسجيلات على الناس؟ ولماذا لم يتم التحقيق مع المجرمين بشفافية امام الرأي العام، كما تفعل وزارة الداخلية عند التحقيق مع تجار المخدرات؟
سادسا. صحيح ان التقرير أدان قائمقام قضاء الحمدانية، ومدير بلدية قضاء الحمدانية، ومدير شعبة التصنيف السياحي في نينوى، ومدير مركز صيانة قضاء الحمدانية، ومدير قسم الإطفاء في نينوى، ومدير الدفاع المدني من مناصبهم، لكن من هي الجهة السياسية التي تقف وراء الحصول على كل هذه التسهيلات، سيما ان القاعة كانت متجاوز، وهي ارض زراعية، ولا تبعد سوى ثلاثين متر عن الكابيلات المحورية (الضغط العالي)، وهناك بصمة سياسية على الفاجعة؟
سابعا: اين شهادات العريس والعروس المنكوبين بالفاجعة؟ وهل توافق رأيهما مع تقرير الوزارة؟
قال العريس ريفان " أن الحريق بدأ بطريقة ما في السقف وليس نتيجة شرارة انطلقت من الألعاب النارية " قد يكون تماسا كهربائيا لا أعرف، لكنه بدأ في السقف.. شعرنا بالحرارة وعندما سمعت صوت طقطقة نظرت إلى السقف، وأثناء الرقص انقطعت الكهرباء، وعندما عادت الكهرباء رأيت نارا في السقف، وعندها بدأ الناس بالصراخ والهرب". وأضاف" إن والده طرح أسئلة حول مخاطر تسبب مثل هذه الألعاب النارية في حدوث شرارات يمكن أن تهبط على ثوب العروس وتشتعل فيها النيران، لكن أصحاب القاعة أخبروهم أن الألعاب النارية كانت كهربائية، لذلك يمكنك وضع يدك أو حتى البلاستيك عليها ولن يحترق".
ثامنا: جاء تصريح بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم، الكاردينال لويس ساكو" إن سبب الحريق في قاعة الأعراس في مدينة الحمدانية في محافظة نينوى كان من فعل فاعل باع ضميره ووطنه لأجندة معينة: كما طالب سماحتهـ حسب ـ الموقع الرسمي لبطريركية الكلدان في العراق ـ بمحاسبة المجرمين الحقيقيين دون تسيس، احتراما للشهداء، وطمأنة المسيحيين أولاً والعراقيين بأن هناك عدالة تأخذ حقهم. ملخصا" ان سبب المحرقة الجماعية لم يكن الألعاب النارية وإنما هو من فعل فاعل مقصود، باع ضميره ووطنه لأجِندة معينة "لقد وضح سماحته اصبعه على الجرح، بقوله" الجميع يعلم أن الفساد ينخر جسم الوطن وأن بعض المليشيات لا تخاف الله ولا الحكومة ولا تخجل من الناس.. لقد تعب العراقيون من الشعارات والوعود التي لم تحقق شيئاً على أرض الواقع".
تاسعا: هناك أجندة لا تقبل الشك في رغبة الميليشيات الشيعية سيما (ميليشيا بابليون) التي يتزعمها ريان الكلداني وأخوته لتهجير المسيحيين الذين رفضوا الانتماء الى ميليشيته (جميع عناصرها من الشيعة ما عدا خمسة عشر عنصر من المسيحيين من أقارب ريان)، الغرض من التهجير هو الاستيلاء على املاك المسيحيين في سهل نينوى كنا حدث سابقا، لو طبقنا طريقة الاستدلال الجنائي في البحث عن المستفيد من اية جريمة، لوجهنا إصبع الاتهام الى ريان الكلداني بما لا يقبل الشك.
الخلاصة
الحقيقة المرة، لا رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ولا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ولا رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، ولا وزير الداخلية الشمري يجرئوا على ذكر ريان الكلداني واخيه أسامة الكلداني ـ مالك القاعة ـ في تقرير اللجنة التحقيقية، ببساطة لأن الحشد الشعبي الولائي فوق القانون، وتذكروا كارثة العبارة في الموصل التي راحت ضحيتها اكثر من (100) شخص من الموصل، واختفى تقرير اللجنة التحقيقية، وذهب مع الريح، لأن العبارة تعود الى ميليشيا عصائب أهل الحق.
في النهاية سيقع الجرم على مدير القاعة لأنه الحمل الصغير في حظيرة الكلداني.
علي الكاش
777 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع