من رسائل مملكة ماري/ إدارة المملكة الرسالة الخامسة

د.عبد يونس لافي


من رسائل مملكة ماري/ إدارة المملكة
الرسالة الخامسة
من أسْكُدُم العرّاف الى سيِّده الملك

هذه هي الرسالةُ الاداريةُ الخامسة
من رسائلِ مملكةِ ماري،
يُخْبِرُ فيها عَرّافٌ سيِّدَهُ،
ما انْتهتْ إليه عرافتُه.

وقبل الولوجِ في فحوى الرسالة،
عساني أُمَهِّدُ بقليلٍ من الكلمات،
عن ما تعنيه العَرافة.

العَرافةُ او العِرافةُ، صنفٌ من اصناف الكهانة،
بفتح الكافِ أو كسرِها.
والعرّافُ كاهنٌ، يستخدمُ وسائلَ التَّطيُّرِ، والتنجيمِ،
والتفحُّصِ في الأحشاءِ الداخليةِ لحيوانٍ ذبيحِ،
كالكبد والرئتين، فيدرسُ اتجاهاتِ الأوردةِ والخطوط،
الى غير ذلك من الوسائل،
لكي ينتهي الى اسْتقراءِ ما يكون عليه،
مستقبلُ ما هَدَفَتْ إليه عرافتُه.

ولا تقتصرُ العرافةُ على شعبٍ مُعَيَّنٍ،
او جنسٍ مُعَيَّنٍ، او زمنٍ مُعَيَّنٍ، او وسيلةٍ مُعَيَّنَة،
والعرّافون فنّانون.

وهم في ذلك الزمن،
تبوَّأوا مقاعدَ مرموقةً لدى الملوك والحكّام،
الذينَ كانوا كلَّما أرادوا اسْتقراءَ المستقبلِ،
وما يُخَبِّئُ من نتائجَ وحظوظٍ،
في اوقات الحربِ، والزراعةِ، والمطرِ،
وحصادِ الغِلّاتِ، واتخاذ القرارات،
هرعوا إلى هؤلاء العرّافين،
اعتقادًا منهم، أنهم قادرون على الاتِّصالِ
بقوى الغيبِ العليا التي تتحكَّم بها،
آلهتهم التي يعبدون.

هنا لا بدَّ أنْ اذكرُ أنَّ الكهانة،
في جميع صورها، وطرقها، وغاياتها،
محرَّمةٌ في الاسلام،
إذ حسم أمرَها النبيُّ الكريمُ،
محمدٌ صلى الله عليه وسلم
حين قال " من أتى كاهنًا أو عرّافًا،
فصدَّقهُ بما يقولُ،
فقد كفرَ بما أُنزِلَ على محمد".

العرّاف في الرسالة قيد العرض،
هو أسْكُدُم (Asqudum)،
وسيِّدُه الملك هو يَسْمَخ - أدو (Yasmaḫ-Addu).

يُخبِرُ هذا العرّافُ سيِّدَهُ،
أنَّه في الوقت الذي وصلَ بلدةَ طرقا،
التقى شخصًا، اسْمُه تارِم - شاكِم (Tarīm-Šakim)،
ويبدو أنَّه معروفٌ لدى السيدِ يَسْمَخ - أدو،
وقد وصل هو الاخر طرقا في نفس الوقت.
وحين سأله أسْكُدُم،
اذا ما قام العرّافُ زونان (Zunān)،
باسْتقراءِ ما سيُحالِفُ طرقا،
وكذا القلعةَ المُحصَّنةَ من رخاءٍ ورفاه،
أجابَهُ بالنفي.

ويمضي أسْكُدُم مُخْبِرًا يَسْمَخ - أدو،
بأنَّه خلال حفلِ التخلّي عن الدعاوى،
المقامِ في ذلك الشهر،
عاد مع تارِم - شاكِم إلى بلدة سگَراتِم (Sagarātim)،
وانجزَ العرافة ليستقرئَ رخاءَ سگَراتِم،
للأشهرِ الستةِ المقبلة،
فوجدها مُطَمْئِنَةً وتبشرُ بالخير.

يمضي ويقول أنَّه حالما يصلُ،
سيقومُ بالعرافة في القلعةِ التي بناها السيدُ الملك،
كما يُزْمِعُ إجراءَ العرافةِ في كلٍّ من:
طرقا (Terqa)، وسُبْرُم (Subrum)،
وماري (Mari)،
وسيُعْلِمُ سيِّدَه بما يتنبَّأ يه.

يختِمُ رسالتَه بأنَّه حينما انجز العرافةَ في سگَراتِم،
أثناءَ القُربانِ الشهري،
والقُربانِ المقام على شرف الملك،
بِتَفَحُّصِ الأحشاءِ الداخلية،
خَلَصَ في تنبُّؤهِ الى أنَّ المملكةَ سيحالفُها الرَّخاء،
وستكتسِبُ الشُّهْرَةَ، مما يدعو الى الإبتهاج.

الآن نأتي الى نصِّ الرسالة:

أخْبِرْ سيِّدي يَسْمَخ - أدو (Yasmaḫ-Addu)،
خادمك أسْكُدُم (Asqudum)،
يرسلُ الرسالة التالية:

وصلَ تارِم - شاكِم (Tarīm-Šakim) الى هنا،
في نفس اليوم الذي أتيْتُ فيه الى طرقا (Terqa)،
وسألتُه هذا السؤال:

هل اسْتقْرَأَ زونان (Zunān)،
ما يُخَبِّئُ المستقبل،
فيما يتعلَّقُ برفاهيةِ البلدةِ وحصانتِها؟
أجابني: "لم يفعل"

خلالَ حفلِ التنازلِ عن الطَّلباتِ
الذي أُقيمَ هذا الشهر،
عُدْتُ معه إلى سگَراتِم (Sagarātim)،
وقمتُ بالعَرافةِ المتعلقةِ برفاهيةِ البلدةِ،
واسْتقراءِ مستقبلِها للأشهرِ السِّتةِ المقبلة،
فكانت مواتيةً جيدة.

حالما أصلُ، سأقومُ باسْتقراءاتِ المستقبل،
في القلعةِ التي بناها مولاي،
ومثلِها في طرقا (Terqa)، وسُبْرُم (Subrum)،
وماري (Mari)،
وسأرسل حالًا،
تقاريرَ كاملةً إلى سيدي.

بالمناسبة، عندما انجزتُ العرافةَ في سگَراتِم،
أثناء القُربان الشهري،
وكذلك القُربان الذي اقيم لمولاي،
لقد وجدت السِّمات التالية:
الجانبُ الأيسرُ من "الإصبع" (للكبد) كان منقسِمًا،
"الإصبعُ" الأوسطُ للرئتين كان مَحْنِيًّا نحو اليمين؛
تلك علاماتٌ تُنْبِئُ وتبشِّرُ بالشُّهرةِ المرموقة.
فلتبتهجْ سيدي!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

672 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع