الدكتور أكرم عبدالرزاق المشهداني
مستشار قانوني وأمني
نحو تشريع جنائي يُجَرّم الطائفية وممارساتها
يقول كاتب لبناني "كلنا نلعن الطائفية.. لكننا نصلي في محرابها.. صباح مساء"! ويبدو ان قدرنا في العراق كما هو قدر اخواننا في لبنان المبتلى بوباء الطائفية! وللاسف تكرست الطائفية عندنا عبر النظام السياسي الذي كرس المحاصصة الطائفية وبالتالي فسح المجال لاقتراف كل آثام الطائفية اللعينة كلاما وفعلا وابتزازا وقتلا وتصفيات ومصادرة للحريات
ولقد بات موضوع إصدار تشريع يجَرّم الطائفية بمختلف صورها، والتي تثير الكراهية والفتنة بين أبناء الشعب الواحد والمجتمع الواحد، بات مطلباً ضرورياً لا فكاك عنه من أجل حفظ السلم الأهلي والأمن الإجتماعي، وغلق منافذ الإثارة والفتنة والانقسام. وفي الواقع فانها كثيرة هي المطالبات.. لكن المشكلة تكمن في تحديد مفهوم الطائفية، وماهو الفعل الطائفي المُجَرَّمْ؟ اليس نشر المطبوعات والمواد الاعلامية التحريضية على الكراهية هو جريمة طائفية؟ اليس تكفير فئة او مجموعة لها اصول فقهية معتبرة يُعد جرما طائفيا؟ اليس نشر الصور والدعايات التحريضية هو جريمة طائفية؟ اليس الاستخدام السيء للدلالات الطائفية (سني، شيعي الخ..) هو جريمة طائفية... اليس فرض قناعات طائفية معينة على جميع ابناء الشعب مهما كانت طوائفهم اليس هو فعل طائفي مقيت؟
إن العراق اليوم بحاجة إلى أن يتعاون القانونيون العراقيون من المعروفين بالنزاهة والحياد والوطنية والدقة والعلمية ان يتفقوا فيما بينهم على وضع مسودة قانون تجريم الطائفية. وطرحه للشعب ومجلس النواب لاقراره ؟ وبالتالي فان هكذا خطوة سوف تفسد على من لازال يتاجر بالطائفية تفسد عليه تجارته ويفلس؟ كثيرون هم الذين يتاجرون بالطائفية وهم اول من يجب ان تتوجه اليهم نصوص القانون الجديد ..بما فيهم مسؤولون ووزراء وقادة كتل ونواب.
انا شخصياً وبحكم تربيتي وتنشئتي مثل ملايين غيري ارفض اي طعن باهل اي بقعة من بقع عراقنا الحبيب، واعتز بكل العراق شمالا وغرباً وجنوباً وشرقاً؛ وما قرأته في صفحات بعض المواقع الطائفية من طعن باهل مدن ومحافظات معينة، هو كلام تافه وساقط ومرفوض وعلى الحكومة الاسراع في تشريع قانون تجريم الطائفية لملاحقة ومعاقبة كل من يستخدمون وسائل التواصل لبث التفرقة والطعن الطائفي، وقبل ذلك مطلوب من الاخيار على الشبكة الوقوف بشدة ضد اي نشر طائفي وفرض الحظر وابلاغ إدارة شركة الفيس لتتخذ اجراءاتها لحجب اي موقع يكون ساحة لنشر الفتنة الطائفية.
مـنـذ سـنـوات ونحن وكثير معنا نـدعـو ونطالب، الـى تشريع قـانـون يمـنع ويـجــرم الــفــعل الـطــائــفي في ســيــاقـات عــمل الــدولـة العراقـية وعموم الحـياة الاجتمـاعية.. بالـرغم من علمنا أنّ (الكيان السياسي العـام) يقوم على الطائفية ويتعيّش عليها.. وكانت الامــور تـتـجـه بـتـســهـيل من حــكـومـات اعــتـاشت عـلى مــنـــتــجــات طـــائــفـــيــة نــحـــو الأســوأ دائــمـــاً وعــانت المؤسـسات الـعسـكـرية والأمـنيـة من التـمـييـز الطـائفي عملياً بدفع من السياسيين، في حين انَّ هناك قيادات عـسـكـريــة عـراقـيـة وطـنـيـة كـثـيـرة تـعـمل وتـضـحي في سـبيل العـراق ولا تلـتفت إلى المـستنـقع الطـائفي الذي كان ومازال يغذيه سياسيون بالطفيليات والطحالب..
وقــد أثــبت الــعـراقــيــون في مــنــاســبـات عــدة ومــنــهـا انـتفـاضـة تشـرين المبـاركة أنَّـهم شعب يسمو فـوق الطـائفـية بل أنَّ من مـحـرّكـات الانـتـفـاضـة الجـوهريـة هـي اعلاء اسم الــعــراق وحده، ونــبـــذ الانــقــســام والــتــمـــيــيــز الــعــرقي والمذهبي.. والـيـوم نـسـمع للاسف عن ممارسات طائفية مفضوحة في بعض الوزارات كما حصل في وزارة الاتصالات وزارات اخرى.
إنّ الأفـضل والأضـمن أن يـتـصـدّى الـبـرلمان الـعراقي ويبدر بوضع صيغة قـانــون تجـريم الـطـائـفـيـة مـسـتـنـداً الى مـواد دستـوريـة لم تجـد لهـا صـدى في الـتطـبـيق. لـعلّ هذا القانون بات حلم المستضعفين وهم الاغلبية الساحقة لعموم العراقيين من البصرة إلى إلى زاخو. إن قانون تجريم الطائفية يجب ان يتقدم على غيره من التشريعات في الوقت الحالي لانه ضرورة وطنية، ونحن نطالب مجلس النواب بتشريع قانون تجريم الطائفية ومعاقبة من يطعن برموز الامة ومن يثير الفتنة فالطائفية اخطر من الارهاب والسكوت عن الطعن يعني القبول بالاساءة لمشاعر اكثر من مليار مسلم فهل انتم فاعلون؟
نطالب بتشريع قانون تجريم الطائفية والعنصرية ومعاقبة كل شخص يسيء الى طائفة أو قومية أخرى أو يقوم بالترويج للطائفية والعنصرية بهدف زرع الفتنة بين أبناء شعبنا. وان الهدف من تشريع هذا القانون هو توحيد شعبنا بكل طوائفه وقومياته لبناء جيل جديد محب للسلام ولضمان أمن واستقرار وطننا العراق الحبيب
نجد أن الدستور العراقي لسنة 2005 في المادة 7 منه ينص:
أولاً : – يحظر كل كيانٍ أو نهجٍ يتبنّى العنصرية أو الإرهاب أو التفكير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، وينظم ذلك بقانون .
فلو نظرنا الى قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 ، لوجدناهُ قام بوضع جزاء وبشكل تفصيلي لكل فعل طائفي ، ففي المادة 372 بينت العقوبات كلاً حسب الفعل ،
1- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بغرامة لا تزيد على ثلثمائة دينار، كل من:
- من اعتدى باحدى طرق العلانية على معتقد لاحدى الطوائف الدينية او حقر من شعائرها.
- من تعمد التشويش على اقامة شعائر طائفية دينية او على حفل او اجتماع ديني او تعمد منع او تعطيل اقامة شيء من ذلك.
- من خرب او اتلف او شوَّه او دنس بناءً مُعدا لاقامة شعائر طائفية دينية او رمزا او شيئا آخر له حرمة دينية.
- من طبع ونشر كتابا مقتبسا عند طائفة دينية اذا حرف نصه عمدا تحريفا يغير من معناه او اذا استخف بحكم من احكامه او شيء من تعاليمه.
- من اهان علنا رمزا او شخصا هو موضع تقديس او تمجيد او احترام لدى طائفة دينية.
- من قلد علنا منسكاً او حفلا دينيا بقصد السخرية منه.
ثانياً : – تلتزم الدولة بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله، وتعمل على حماية أراضيها من أن تكون مقراً أو ممراً أو ساحة لنشاطه.
وإنـــــــــــــــــا لمنتظــــــــــــرون...
806 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع