اللواء الطيار الركن دكتور
علوان حسون العبوسي
21 / 7 / 2023
القوة الجوية العراقية بين الماضي والحاضر
حفزني كتابة هذا الموضوع تصريح السيد محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء بتجهيز القوة الجوية العراقية بطائرات (الرافال) الفرنسية متعددة المهام،وهذا تطور سرني كثيرا لرفع مستوى سلاحنا الجوي، ولكن هذا الحدث يتطلب امور عدة تضمن عملها فنيا وتعبويا واداريا فالقوة الجوية سيف ذو حدين اما قد تحقق الهدف منها او يشل عملها ، ساتناول في مقالي هذا عدد من المعطيات التي تساعد في استقبال هذا النوع من الطائرات .
لو تصفحنا الادوار التعبوية والاستراتيجية لقوتنا الجوية ودفاعنا الجوي السابقة في تحقيق اهدافها التدريبية والقتالية يمكن الاستفادة منها في اعادة بناء السلاح الجوي والدفاع الجوي الحالي .
كما نعلم كانت بدايات القوة الجوية في 22 نيسان 1931 ، حيث سعت القيادات السياسية والعسكرية بصعوبة بالغة في انشاء وبناء سلاحنا الجوي لحين تكامله وفق عقيدة واضحة باطار العقيدة العسكرية الشاملة التي استمدتها من العدائيات التي تمر بها منطقتنا العربية من تجاذبات وانتكاسات فكانت عقيدتنا القتالية مستمدة من تهديد الكيان الصهيوني لوطننا العربي وعلى هذا الاساس تم تجهيز مسرح العمليات الجوي تجاه هذا الكيان ، ونتيجة للمتغيرات السياسية بدأت ايران بتهديد العراق بشتى الوسائل وكان النظام العراقي يتجنب هذا التهديد بشتى الوسائل السياسية ( اذكر كان لنا لقاء مع السيد رئيس الجمهورية احمد حسن البكر عام 1975 لتطوير سلاحنا الجوي بعد زيادة التهديدات الايرانية واحتلالها مساحات من حدودها مع العراق، كان توجيه سيادته يجب تجنب اي اشتباك قد يحدث مع ايران مهما كلف الامر ...) ، انذاك وكمبدئ مهم جرى توسيع المسرح الجوي وكما ياتي في الفقرة التالية :
تجهيز مسرح العمليات الجوية
جهز مسرح عمليات القوة الجوية ب 10 قواعد جوية(بضمنها كلية القوة الجوية) ، و سبعة عشرة شقة نزول ، تجهيزها بسيط يمكن استخدامها لاغراض محدودة في الحالات الاضطرارية التي قد تصادف الطائرات اثناء التدريب او الحركات الفعلية ، ثم جرى تطوير المسرح اكثر بانشاء ثمان مطارات ثانوية متطورة ومجهزة للعمل القتالي تستوعب سرب مقاتل ، بنفس الوقت بناء أربع قواعد جوية جديدة ( القادسية غرب العراق ،البكر شمال بغداد بمنطقة بلد ، الصويرة جنوب بغداد ، قاعدة سعد الجوية في منطقة ج 2غرب العراق ) كل هذه القواعد والمطارات الثانوية عززت مسرح عمليات القوة الجوية كثيراً اعطت لقيادة القوة الجوية والدفاع الجوي خيارات ومرونه بالاستخدام وقد ارتبطت هذه المطارات والشقق الارضية باقرب قاعدة جوية للاشراف عليها وجعلها جاهزه لاستقبال اي نوع من طائرات القوة الجوية ، كما تم ربطها بمنظومة مواصلات متطورة وطرق برية معبدة تربطها بالقواعد الجوية ووحدات الدفاع الجوي .
اما بالنسبه لمنظومة الدفاع الجوي فقد تم تشخيص ثغرات المنظومة من جراء التمارين العديدة حيث جهز مسرح عملياته بدءً من نقاط الرصد التي انتشرت على طول الحدود العراقية مع دول الجوار وهي مجهزه بكامل متطلباتها الادارية والفنية والقتالية وبمعدل خطين الى ثلاثة خطوط و انشاء مواقع عديدة محصنه لممارسة القيادة والسيطرة على وسائل الدفاع الجوي المختلفه مستفيداً من تطوير واعداد مسرح عمليات القوة الجوية ، حيث اصبح لديه مرونة عالية في اعادة حشد جهد مقاتلات هجوم ارضي و المتصديات تجاه التهديدات الجوية المعادية بانذار قصير اضافة الى نشر اسلحته ومعداته الفنية والادارية في هذه القواعد والمطارات الثانوية حيث تحقق مبدأ التعاون في المنطقة الواحدة والمناطق المتعددة .
قوتنا الجوية السابقة مالها وما عليها
بلا فخر كان لقوتنا الجوية ادوار وطنية وقومية شهد لها الاعداء قبل الاصدقاء وذلك للاهتمام بها من قبل القيادات السياسية والعسكرية منذ نشوئها فكان الضابط يجري انتخابه بشكل علمي ودقيق من قبل لجان متخصصه لضمان استمراره في العمل القتالي والاداري والفني لاطول فترة ممكنة ،عليه لم نجد ونحن قادتها اية اخفاقات في الدفاع عن العراق فكان دورها مميزاً في مواجهة الكيان الصهيوني بكل قوة واقتدار عالي المستوى عام 48 ، و67 ، و73 ، وحربها مع ايران والانتصار عليها بعد ان كانت ايران تمثل خامس قوات مسلحة في العالم وهكذا لحين افول نجمها بعد احتلال الكويت وتعرضها للتدمير المبرمج من قبل قوات التحالف حتى انتهاء دورها بشكل كامل عند احتلال العراق في 2003 .
بعد هذه المقدمات الاستيضاحية عن قوتنا الجوية السابقة بودي نصح القائد العام للقوات المسلحة السيد رئيس مجلس الوزراء ليس تجهيز العراق بطائرات (الرافال) بذات الاهمية للعراق الان ففيه من سلاح الجو وطيران الجيش مايكفي لمواجهة التهديدات الحالية البسيطة بطائرات ف 16 متعددة المهام للقيام بواجباتها القتالية بدقة عالية اذا احسن استخدامها تخطيطاً واداءً ، اما اذا كان في نية العراق تطوير عقيدته القتالية فعليه ان يعمل على تحديدها بشكل دقيق غايتها (الدفاع عن العراق في مواجهة اعداءه وعلى راسها الكيان الصهيوني) ، ثم العمل على تجهيز مسرح العمليات الجوي السابق الموجود اساساً والاعتناء به وتجهيزه بما يتناسب والعمل المحتمل الذي حددته العقيدة القتالية ، وبرايي ايضا قبل ان يفكر بطائرات (الرافال) ، ومتعلقاتها من القواعد الجوية ومستلزماتها الفنية والادارية والدفاع الجوي وغير ذلك ، ان يسعى ويفكر بالاسهل وبالاحقية الوطنية ويطالب ايران بسحب الطائرات العراقية القتالية المميزة وطائرات النقل الثقيل الموجودة لديهم طالما العراق صديق حميم لايران فاعتقد ممكن التاثير عليهم خاصة ان هذه الطائرات البالغ عددها 139 طائرة تستخدمها القوة الجوية الايرانية وفي حرسها الثوري حاليا ( ).
ان الواقع الحالي للقوة الجوية الحالية وكما اتابعه مع البعض من الاخوة المخلصين العاملين فيها غير مشجع ،بسبب الواقع السياسي الغير مهتم طوال المدة منذ الاحتلال وحتى الان بهذه القوة المهمة عليه فطائرات (الرافال) المتطورة تعتبر من طائرات الجيل الرابع ، ليس العراق بحاجتها الان كما اشرت انفاً ، وقد يكون السيد رئيس الوزراء اعجبته الطائرة او نصحه بها احد الطيارين الغير مدركين للواقع بشكل دقيق مستشهدا بالطائرات (رافال) الفرنسية التي جهزت بها القوة الجوية المصرية فعذرا له اقول ان مصر اليوم تتمتع بقوات مسلحة وقوات جوية وقيادات جوية فنية وادارية موحدة وبقيادة عليا موحدة بعيدة عن التحزب وتداخل القوات ناهيك عن وجود عقيدة قتالية قل مثيلها بكل دولنا العربية ( هذا مالمسته عند مشاركتي في دورة الحرب العليا باكاديمية ناصر العسكرية والاستراتيجية العليا )اما لو تم التعاقد على هذه الطائرة باوضاعنا الحالية فستكون عبارة عن كدس من الحديد الغير نافع .
انصح السادة قادة العراق الاهتمام بسلاحنا الجوي من حيث الاختيار الجيد والمهني للقادة والامرين والضباط الاخرين ناهيك عن الاهتمام بمراكز تدريب عناصر الادامة الفنية للطائرات ومحاولة البدء بترك موضوع الطائفيات والمحاصصات التي اضعفت بل دمرت قدراتنا المهنية الحقيقية ، كما انصحهم الاستفادة من دروس سلاحنا الجوي السابق ووثائقه المهنية التي كتبها قادتها بروح وطنية حقيقية ، وبودي ان اذكر كيف استطاعت قوتنا الجوية ودفاعنا الجوي في حربها مع ايران القيام بمهامها التي يعجز تنفيذها حتى على الطيران الامريكي المتطور ، وجعل الخريطة الايرانية بتصرف هذه القوة دون منازع حتى رضوخ ايران الى الاستسلام ووقف الحرب ، ستجدون دروس غاية في الاهمية لايصدقها العقل، مايرفع من مستوى سلاحنا الجوي دون اللجوء الى العناصر الاجنبية التي تهتم بمصالحها قبل مصالح قواتنا المسلحة ، ثم الاهتمام بقواعدنا ومطاراتنا الثانوية السابقة وعدم اهمالها فقد كلفتنا ملايين الدولارات ناهيك عن التضحيات الجسام من اجل انشائها .
مع اعتزازي وتقديري لكل من يهتم بسلاحنا الجوي .
المصادر
.الطائرات العراقية الموجودة لدي ايران هي من الانواع الجيدة المستخدمة حاليا في القوات الجوية العالمية منها ( سوخوي 24 ، ميراج ف1 ، ميج 29 ، سوخوي 22 ، ميج 23 ، سوخوي 25 ، اسطول من طائرات النقل الثقيل، 18 طائرة ).
1971 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع