د. فاضل البدراني
مبتز ماريا نموذج لعصابات الفرهود
لمجرد أن تنكشف أمام الحكومة قضية ابتزاز أو فساد أو مظلومية ما، وتتصدى لها سريعا عبر مؤسساتها الأمنية والرقابية والقضائية، فهذا فعل يحسب لها في إحقاق الحق وردع المجرم أو المسيء، ولكن ينبغي ألا تقتصر على معالجة الحالة بصيغتها الفردية، دون اعتمادها نموذجا لحالات مماثلة، لتعزيز قيم الإصلاح في البلاد.
الجمهور العراقي أطلع مؤخرا على فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي يعرض الشابة العراقية (ماريا فود) وهي تبكي من حالة ابتزاز على يد موظف مستهتر بإسم الدولة، كما تابع الجمهور سرعة توجيه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بفتح تحقيق ومحاسبة كل من أبتز "ماريا فود" باسم الدولة، وهذه المرأة المظلومة أنقذت بفضل خدمة الإعلام الرقمي الذي يتسم بقدرته السريعة في نشر المعلومات بعيدا عن طائلة مقص حارس البوابة في مفهوم الاعلام التقليدي الذي تمارس فيه عمليات القص والحجب مع ضعف الانتشار، أنما الذي يتطلب من الحكومة الأخذ به وتعميمه هو أن هذا الموظف "المبتز اللفاط" حتما تقف خلفه عصابة أو زمرة ينتمي لها، والا لما لجأ الى هذه المرأة المسكينة وقيامه بتهديم كشك لبيع الوجبات السريعة تعمل به لتعيل عائلتها، وتوفر ثمن اقساطها الدراسية، كل هذا يحصل لأن المرأة اعتذرت عن دفع رشوة قدرها مليون دينار أسبوعيا تذهب لجيبه، فكم مطعم وكشك ومخزن ومعرض ومحال تجارية، يقع أصحابها ضحايا لمثل سلوك هذا اللفاط الممروض؟
يقينا أن هذه الحالة هي نموذج لآلاف الحالات أو يزيد عليها من ممارسات الظلم والتعسف لموظفين يستقوون بالدولة ويقمعون المواطنين، فلا يجوز أن يقف دور الحكومة عند حدود الموظف المرتشي، بل ينبغي تعقب تفاصيل كل قضية والوصول الى جميع الأطراف المشاركة بها، وبسط هيبة الدولة بمؤسساتها المعنية وردع المرتشين.
أن هذه الحالة من المهم على الحكومة ان تجعلها دراسا مفيدا في إطار مسؤوليتها وتعيد النظر بموظفي أمانة بغداد والبلديات سيما المفتشين بمثل حالة مبتز "ماريا فود" باعتبارها من الضرورات الملحة لاستئصال الفاسدين، وإبعاد المواطنين من أصحاب المشاريع والمحال التجارية من شرهم، والاعتماد على موظفين يتمتعون بالمهنية والنزاهة، ذلك سوف يسهم في حماية الوطن وبناء الانسان في إطار تعميم منهج الإصلاح ومحاربة الفساد.
1007 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع