د.عبد يونس لافي
جَلسةُ تأَمُّلٍ عند الكعبةِ المشرفة
الساعةُ السادسةُ تمامًا،
وأنا أفرغُ من صلاةِ الصُّبْحِ،
ولا يفصلُني فاصِلٌ
عن الكعبةِ غيرُ أمتار.
أجلسُ مُتأمِّلًا، فأُسْقِطُ مشاعري كتابةً.
كنتُ كلَّما كتبتُ كِلْمَةً،
واغْرَوْرَقَت عينايَ دمعًا حارقًا،
توقَّفْتُ فنظرْتُ الى الكعبةِ
عَلَّ الدموعَ تتوقَّفُ،
لكنَّ عينَيَّ كانتا تزدادانِ اغْريراقا.
يا اللهُ كم هو جميلٌ هذا المنظر!!!
هل يشعرُ من حولي نفسَ الشُّعور،
أم أنا أقلُّهُم؟ وَيْحَ قلبي إنْ كنتُ أقَلَّهُم!!!
أحقًّا إنها الكعبةُ التي أتوجَّهُ إليها
خمسَ مرّاتٍ كلَّ يومٍ على الأقل،
وأنا على بعد آلاف الأميال،
وفي أقصى يابسةٍ،
وها هي الآن على بعد أمتارٍ مني؟
حمدًا لك ربي أردْتَها فسهَّلْتَها،
ربي فكن لمن كانوا معنا لحظةً لحظة،
حضورًا وفي الخَفاء.
ربي سهِّلْ على من تَجَشَّمَ
في خدمتِنا من الكرامِ العَناء،
او مَن رفعَ يدَيْهِ لنا بالدُّعاء.
ربي إني أعرِفُ أنَّها إرادتُك.
ربي وأعرِفُ ما عندي من نعمةٍ،
هي لا شكَّ من نَعْمائِك،
ربي أسألُك أن تقبلَني، وتقبلَ من أوصاني،
او لم يوصِني، حيًّا كان أو ميتًا،
بذاتِ القَبول.
ربي نواصينا بيدِكَ، وانت حسبُنا وكفى.
ربي أوَدُّ أن أطوفَ حولَ الكعبةِ
ما لا نهايةَ له من المرّات،
لكنَّ أذىً، أنت أعلمُ به، أصابني فلا أقدِر،
ربي إني لأطوفُ حولها بروحي
خضوعًا لك وعِرفانا،
ربي إني أعرِفُ أنَّها لا تعني إلّا رمزا،
ولكني في ذلك الرمزِ أُؤَمِّل.
ربي إنها ساعةُ القَبولِ،
وأعرِفُ أنَّ أبوابَك مفتوحةٌ،
فأسألُك ما تُريد لا ما أُريد،
لأنَّ في إرادتِك الخيرَ المطلَق.
ربي إنك تعلمُ كلَّ شيءٍ،
وانا الجاهلُ بكلِّ شيءٍ،
فاۤتِنا من لدُنْك علمًا
يُكسِبُنا قُدْرةً على البصرِ والتَّبَصُّر،
وقدرةً على الاستيعاب،
وقدرةً على التمييزِ والتحليل،
وقدرةً على الحكم السليم.
ربّي قُدْ أقدامَنا نحو طريقِ الخيرِ
لِنُحقِّقَ سعادةً الدنيا،
أمّا سعادةُ الآخرةِ فأنت بها كفيل.
أنت المالكُ ونحن الأُجَراء،
وأنت الغنيُّ ونحن مهما امْتلكْنا فقراء.
2026 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع