كتبت: رنا خالد
أنشطة في الذاكرة
منذ تواجدي في العاصمة الأردنية عمان لغرض الدراسة سنة 2019 ولليوم وانا أتابع واحضر بين حين واخر أنشطة وأمسيات عديدة يقوم بها العراقيون المتواجدون في الأردن أو من يحضر من خارجه، وأقول في نفسي أينما يجتمع العراقيون فهم يتواصلون بإبداعاتهم المتنوعة سواء أدبية ثقافية فنية أو حتى علمية نظرية فانهم يتحدثون عن أنشطة يومية يقومون بها تغني ذاكرتهم بالفكر والمعرفة تنعكس عليهم فيما بعد ويشار لهم في بلاد غربتهم انهم فعلا أصحاب حضارة عريقة لازالت مستمرة.
وكما أسلفت الأنشطة كثيرة منها في (الملتقى العراقي للثقافة والفنون) بإدارة الأستاذ (ضياء الراوي) كل يوم أربعاء، وأخرى في كالري الفنانة التشكيلة (مينا الصابونجي وموقع الفنانة التشكيلية السيدة هيام الموسوي) وكذلك (صالون مي النعيمي الثقافي) ولا يمكن ان ننسى دارة (س_ع) للدكتور القانوني (أياد طه والسيدة سلاف أبو عوف) و(مجلس احاديث الثلاثاء) الذي يضم نخبة مميزة من المثقفين العراقيين، كذلك قاعة( بابل الفنية) بإدارة الشاعر المهندس (حيدر الخفاجي) بعض مما يقدمه (مجلس الأعمال العراقي) من أنشطة متنوعة وجميلة.
لكن سأتحدث عن نشاط احتضن في طياته الجميع (معرض الكتاب العراقي السنوي في عمان) الذي أقامته دار الذاكرة بإدارة مديرها التنفيذي د. عصام خضير الكواز والذي استمر 3 -9/حزيران/2023 كان حافلا بالأنشطة والمشاركات الفكرية والفنية التي تعبر عن تطلعٍ عالٍ في التأليف والكتابة والإخراج.
تناولت اغلب الكتب شخصيات عراقية قيادية لها دور بارز في تأريخ العراق السياسي والاقتصادي والثقافي (روايات وسير ذاتيه) كذلك لم تخلُ من ذكر مأسي الحروب ومخلفاتها المتجذرة في الروح العراقية.. ومن جانب آخر هناك بعض الكتب الأجنبية وأخرى مترجمة إلى العربية بالإضافة إلى كتب فنية تراثية وغيرها من الموضوعات التي يهتم القارئ حسب تخصصه واهتماماته.
وقد كان لنا وقفة مع وزير الثقافة والسياحة والأثار العراقية الدكتور احمد فكاك البدراني خلال حضوره المعرض فسألته عن انطباعاته عن المؤلفات المعروضة فقال" وجدت اسم العراق مكتوب على اغلب أغلفة الكتب، التي تناولت سياسة العراق واقتصاده وتاريخه، وهذا لم أجده في معارض أخرى كثيرة، بالإضافة إلى الأسماء اللامعة لمن كتبوا وكتب عنهم خلال حقب زمنية مهمة مر بها العراق، ولا ننسى أناقة الكتاب المعروض وجودة طباعته، وهذا بكل تأكيد ما يجذب القارئ ويحسب لدار الذاكرة".
واذكر امرأ اخرأ لفت نظري هو الأقبال الكبير على اقتناء المطبوع الورقي الذي لا تعوضه قراءة الكتب الإلكترونية، لا يمكن ان ننفي أو نقلل من قيمة المطبوع الحقيقي مهما مضى الزمن عليه يبقى محافظا على جمهوره الوفي، حيث أثبتت القراءة وفي كل الأزمنة أهميتها وضرورتها وانعكاسها على المجتمعات الفكري والثقافي بتطور السلوك الفردي وكذلك المجتمعي وبالاتجاهات العلمية والأدبية التي كانت بمثابة المخرج من كل الصعاب فهي تفتح العقول قبل القلوب لترشدنا إلى الصواب.
والى هنا انتهى حديثنا عن نشاط الذاكرة التي يبقى اسمها اختيارا موفقا عالقا في الذاكرة فعلا، كما هو مذكور في المعاجم ان معنى الذاكرة "قدرة النَفس على الاحتفاظ بالتجارب السابقة واستعادتها" رغم ان هذا ليس ضمن حديثنا عن الأنشطة لكن كثيراً ما تخطر ببالي أسئلة تتعلق بالذاكرة، وكيفية التأثر بالتذكر والنسيان فنتذكر أشياء وننسى أخرى، وفي الحقيقة هناك جوانب كثيرة تخص الذاكرة نجهلها، ولا ندرك أهميتها وانعكاسها على سلوكياتنا.
وهذا ليس بالأمر الغريب عن العراقيين فهم مبدعون رغم أزماتهم الطويلة والمستمرة، وهنا أتكلم بشكل عام، وأتذكر قصيدة (سفر التكوين) للشاعر (عبد الرزاق عبد الواحد) التي يوصف بها العراق وأهله، ويقول:
هوَ العراقُ. سَليلُ المَجدِ والحَسَبِ
هوَ الذي كلُّ مَن فيهِ حَفيدُ نَبي !
كأنَّما كبرياءُ الأرضِ أجمَعِها
تُنْمَى إليهِ ، فَما فيها سِواهُ أبي !
هوَ العراقُ ، فَقُلْ لِلدائراتِ قِفي
شاخَ الزَّمانُ جَميعا ًوالعراقُ صَبي !
1161 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع