عبدالله عباس
مذكرات صحفي :ذكرى طعم لقمة خبز تأريخية
اتذكر ‘ كان جيلنا ( في نهايات الخمسينيات و بداية الستينيات ) في المرحلة الاولى من عمر المراهقة ‘ يجذبنا الفكر اليسار ونشاطات الحزب الشيوعي تحديدا ‘ وكان احد تاثيرات هذا التوجه هوان نعتمد على انفسنا في العمل و ضمان المستلزمات الحياتية ‘ فكنا وفي اشهر العطلة الصيفية للدراسة نبحث عن العمل لنضمن في اقل تقدير المتطلبات المادية لحاجاتنا اليومية ‘ فعلى سبيل المثال ان ( اخي الاكبر الراحل اسماعيل ) وأنا انتمينا لتنظيمات اتحاد العام للطلبة العراق ‘ المنظمة المرتبطة بالحزب الشيوعي العراقي .
بذلك فتحنا الباب على أنفسنا للدخول في (دوخة الانتماء ...!!!) الحزبيي ‘‘ فكان لاخي اسماعيل صديق اسمه (رزكّار) وهو أبن رجل مقاول اسمه ( عبدالرحمن – بورجوازي وطني معجب بالفكر اليسار ) .
في احد مواسم العطلة السنوية كان مشروع بناء مجموعة سكنية لموظفي الادارة المحلية من حصة المقاول عبدالرحمن ولاخي وانا نصيب العمل في المشروع لمدة شهرين ‘ وفي المساء عندما ينتهي العمل يقف كاكه رزكّار بيننا وبيده ورقة يقرأ اسماءنا و يسلمنا على ما أتذكر بحدود 3 او اربعة دراهم اجور يومنا في العمل .
كان بجانب المشروع مخبز و بجانبه دكان بسيط يبيع (نمنمات ) حامض حلو و العاب بسيطة ...ألخ ‘ في احد ألامسيات عندما استلمت اجوري ‘ شعرت بنوع من الجوع وحبيت اكل خبز حار .
عدا اجوري التي كانت في جيبي (2 عانات – كل عانه اربع فلوس ) ‘ اشتريت بعانه خبز و ذهبت الى الدكان طلبت من صاحبه بعانه من ( التعين – هكذا كنا نسميه وهي الطحينة الموصلية هشة شديدة الحلا ) ‘ فقطع صاحب الدكان قطعة صغيرة ووضعها على الخبز الحار الذي كان بيدي ‘ وأنا قمت بلف الطحينة في الخبزوجلست على رصيف الشارع و أكله بشهية متميزة بحيث عندما اكملت الاكل شعرت بانني اكلت ألذ الطعام في عمري ولاابالغ في القول ولحد الان شعوري بتلك اللذه حي في تذوقي ذلك في اطار ذكرياتي عن بدايات حياتي ‘ ورغم اني وفي مسيرة حياتي اكلت انواع الاكلات والاطعمة من بيتي الاسري وفي أرقى المطاعم ‘ حتى في عزائم (كبار المسؤولين بمافيهم رئيس الجمهورية ..!!) ولكن باقي ولحد الان طعم ولذه ذلك الخبز الحار وقطعة الطحينية ‘ لم يتكرر ان اكلت ما يترك لذه ينافسه ....!!
وبالمناسبة ‘ أحيانا افكر ان ابحث او أسأل اي صديق له خبرة في الجوانب النفسية ودور لذه الطعام وتأثيراتها النفسية و ...ألخ ‘ ولكن اتراجع فقط خوفا من ان اتلقى جواب (علمي يابس خالي من الطعم ) يشوه طعم تلك ذكرى الجميله في حياتي .
• مختصر مفيد :
لايمكن تحقيق النجاح إلا إذا أحببت ماتقوم به / حكمة
616 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع