سحبان فيصل محجوب *
الاقصاء.. نهج أم عقوبة ؟ (٢)
من بقية الحديث عن هذا الموضوع ( الاقصاء القسري ) الذي تناولت بعضاً من جوانبه في مقالة سابقة كنت قد نشرتها على احدى ابواب هذه المجلة بتأريخ ٢١ مارس من هذا العام ، فأن لا صلاحية لأية جهة حكومية لتمارسه غير التي تمتلك سلطة التعيين ويكون ذلك بقرار إداري وذلك بعد اثبات عدم توافر شروط التعيين وهذا ما تمت الاشارة اليه في قانون الخدمة المدنية ذي الرقم (٢٤ ) المشرع منذ عام ١٩٦٠ م ، ، وفي هذه الحالة لابد من ذكر الجهة الحكومية التي تمتلك سلطة التعيين وبوضوح تام مع تثبيت الاسباب الموجبة المستندة عليها في نص مثل هذه القرارات المتخذة بحق موظفي ألدولة على مختلف المستويات فهي الجهة الوحيدة التي تمتلك صلاحية الأقصاء ، ماعدا هذا فإن كافة القرارات والأوامر التي تقضي بإقصاء أي موظف حكومي والصادرة من أية جهة كانت ماعدا المشار اليها انفا ً تعتبر باطلة لفقدانها الغطاء القانوني ، وبهذا فهي تقع ضمن حقول الجهل بالجوانب القانونية أو عدم الاكتراث بها وقد تقع ضمن التوجهات السياسية المشبوهة لتنفيذ ارادات اصحابها ممن تسلق السلطة أو لدواعي فرضتها الحالة النفسية لهؤلاء وبدوافع الانتقام الشخصي (غير المبرر ) ، وهذا ماكان جلياً منذ الأيام الاولى من الاحتلال الاميركي للعراق في نيسان سنة ٢٠٠٣ م .
عرض على كاتب هذا المقال صورة من أمر صادر من إحدى الجهات الحكومية المهمة في قطاع الخدمات ، هذا الامر الصادر من قسم الأفراد في تلك الجهة بتأريخ ٢٣ / ٦ / ٢٠٠٣ م يقضي بإقصاء مجموعة من العاملين بوظائف متقدمة ومنهم من يمتلك خبرات مهنية نادرة حيث ورد في بداية المتن لهذا الأمر ما نصه ( إستنادا للبيان الصادر من قوات التحالف بتاريخ ١٦ / ه / ٢٠٠٣ تقرر إقصاء…… الخ ) ، الغريب في هذا ان من قام بالتوقيع على الامر المشار اليه لا يمتلك أية صلاحية قانونية لاصدار مثل هذا الاجراء بالاضافة الى انه قام باقصاء من هم بنفس درجته الوظيفية أو متقدمين عليه ! ومن الغرابة أيضا أن يكون صاحب التوقيع من الكابينة المتقدمة في ادارة هذه الجهة الحكومية حتى يوم ٩ /٤ / ٢٠٠٣ م ، ويضاف الى ما تقدم أيضا ً هل إن البيان الصادر من قوات الاحتلال والذي تم الاستناد عليه في اصدار الامر المشار اليه يتضمن وبصيغة واضحة إقصاء الالاف من موظفي ألدولة بمختلف الاختصاصات ؟ وفي حالة وجود قناعات شخصية كانت قد ظهرت بفعل الاهتزاز الحاصل في السياقات السليمة للمفاهيم العامة نتيجة وقوع كارثة الاحتلال والذي أصاب تقديرات العديد من اللاهثين الى المواقع الوظيفية آنذاك الذين كانوا ضحية الانصياع الكامل للقوات العسكرية المحتلة ، فهل من الحكمة الوقوع في فخ الاضرار بالمصلحة العامة وتنفيذ ما يهدف له المحتل من إضعاف القدرات الوطنية ؟
ان ما حصل من تداعيات مختلفة ألقت بها ظروف الاحتلال شملت جوانب الحياة للمجتمع العراقي كافة فكانت من ضمنها الانحرافات الحاصلة في السلوك الوظيفي العام والذي نتج عنه ظواهر مريضة كان لها التأثير الخطير على تطور المؤسسات الحكومية في إداء مهامها تجاه حياة المواطن ، فهل من قرارات صائبة وجريئة قادرة على تعديل المسارات باتجاهات الصواب التي تضمن الحياة الكريمة للمجتمع العراقي ؟ ، وهل من إجراءات لمراجعة قانونية شاملة للقرارات الادارية السائبة والتي اتخذت على مدار عقدين ماضيين من الزمان ؟ … ، لا نتوقع ذلك ولنترك للتأريخ ما يدونه الشهود بحيادية وإنصاف تام ليكون عقاباً للمدعين والمنافقين .
* مهندس استشاري
2186 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع