سحبان فيصل محجوب *
مخالب النسر
من المعروف على مستوى الاوساط العراقية كافة إن قرارات واجراءات معالجة الأزمة المستمرة والمتفاقمة في تجهيز الطاقة الكهربائية المطلوبة لشرائح المستهلكين المختلفة لا تزال عقيمة و مقيدة دون تحقيق اي نتائج تذكر باتجاه الحد منها فعلى الرغم مما يجري الاعلان عنه من عقود ومشاريع كثيرة ذات الوعود الوردية إلا إنها أسهمت في خلق حالة واسعة من التسخيف والتجاهل لدى عموم المواطنين لعدم تحقيقها لأي خطوات مؤثرة تجاه الحلول والتي تبنتها الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال الامريكي سنة ٢٠٠٣ م ، فالمنظومة الكهربائية في العراق يمكن وصفها بأنها أسيرة قد وقعت بين مخالب نسر متغطرس لا يفلتها بسهولة فهو يعدها فريسة ثمينة له حصرًا لا يفرط بها لأحد أبداً ومهما كانت الظروف والمغريات ، وما ان تشعر النسور الاخرى التي تحوم حولها بأن مخالب النسر القابض عليها قد تراخت شيئا فتراها تبدأ بالاقتراب منها شيئًا عسى ان تفوز بها بعد تخليه عنها ، الا ان هذا النسر العنيد يقوم باحكام السيطرة عليها تباعًا فهو صاحب القدرة العالية على إتمام وإظهار ذلك .. فتراه يقوم بحركات إستعراضية رشيقة تمكنه من ابعاد من يتربص للسيطرة على فريسته الرهينة فهو لا يقبل بأي طرف كان لينافسه بالاستحواذ عليها ، فمنذ سنوات طويلة لا تزال
محاولات ترميم هذه المنظومة عالقة بمخالب قاسية تمنع الشروع في تنفيذ خطوات عملية وملموسة لاصلاحها ، ففي غضون مدة زمنية قصيرة لم تتجاوز الشهر قام الجانب العراقي بتوقيع مذكرتي تفاهم مع إثنتين من كبريات الشركات العالمية المتخصصة في مجال مشاريع الطاقة الكهربائية ، فالأولى كانت مع شركة سيمنز الألمانية جرت مراسيم توقيعها عندما قام وفد حكومي عراقي كبير بزيارة رسمية الى المانيا ، أما الثانية (مؤخراً) وقعت في العاصمة بغداد مع شركة جي إي الاميركية ، فبعد الاحتلال ومرور عقدين من الزمان تقريبا لم تكن هذه الأنواع من المذكرات بأغلفتها الأنيقة قد تم وضعها على الطاولة لأول مرة ومع كلا شركتي الجانبين ( الالماني والاميركي) بل حبرت بالتواقيع مراتٍ ومرات، فالبنود التي تم الاتفاق عليها كانت عديمة الفعل في مخرجاتها أو لم ترى النور أصلًا فلم ينتج عنها اي تطور منتظر في وسائل مواجهة الازمة الحادة في واقع الخدمة الكهربائية التي عانى من تبعاتها العراقيين طويلا ً ، فالاستنتاج الذي لا لبس فيه يفضي الى قيام الجانب الاميركي بالتوقيع مؤخراً على مذكرة تفاهم مع وزارة الكهرباء بعد قيام هذه الوزارة بالتوقيع على مذكرة مشابهة مع الجانب الالماني مباشرة لم يكن صدفة بل كان بدوافع رد الفعل الأميركي السريع لاحباط اية محاولة في خلق حلبة تنافس تشترك فيها الشركات العالمية المتخصصة من الجنسيات المختلفة للمساهمة الواسعة في
مشاريع تعمير الشبكة العراقية للكهرباء .
من هنا و إزاء هذا النوع من الصراع يقف الطرف العراقي صاحب القضية في زاوية لا يحسد عليها تتجسد ملامحها في عدم القدرة على إتخاذ القرارات التي تؤمن شروط السيادة والاستقلال وتحقيق الاستقرار في حياة كريمة يتطلع اليها العراقيون وفي مقدمتها الخلاص من تداعيات الكهرباء العليلة .
أين يكمن الحل ؟
لا حل دون الإفلات من قبضة هذا النسر الجارح وغيره من النسور الطامعة بالثروات الوطنية للعراق والتي ألحقت الضرر بمصالح شعبه المشروعة وأوغلت في إيذائه المتعمد ليس فقط فيما يخص جانب توفير الكهرباء المستقرة له بل على صعيد مجالات الحياة المختلفة كافة ، ولا يتحقق هذا الا بتكريس المفاهيم الوطنية للوصول الى حالة التحدي في رفض حالة الخنوع والاستسلام المنتظرة .
* مهندس استشاري
2183 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع