د. فاضل البدراني
حكومة السوداني بين الطموحات والتحديات
في غضون ثلاثة أشهر سجل رئيس الحكومة محمد شياع السوداني سبع زيارات خارجية شملت بلدان عربية وأقليمية وتتخطى الى بلدان أوروبية، ذلك ضمن طموح وجرأة سياسية باقتحام الحدود، وبناء علاقات متينة وتذويب جليد الركود الذي يجعل العراق سجينا رغم كل المخزون الهائل من الثروات والطاقات البشرية الكبيرة كونها معطلة.
صفات السوداني ذلك السياسي الطموح، الحريص، العنيد بمواقفه التواقة لتسجيل نجاحات في وقت مبكر من توليه موقعه رئيسا للسلطة التنفيذية بنهاية 2022، بدء زياراته الخارجية لبلدان عربية ثم الى ايران قبل أن يقصد بزيارة مهمة المانيا منذ ثلاثة أسابيع، ليعقبها بزيارة أهم منها مؤخرا الى باريس، في برنامج يكاد يكون متشابها من حيث طبيعة الملفات الاقتصادية الاستثمارية والأمنية والثقافية، والعراقيون يحكمهم تفاؤل من نجاح اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية بين العراق وفرنسا وألمانيا، بالاستناد الى الرغبة الجامحة بينهم بالبدء بالعمل، فضلا عن خصوصية التطورات الدولية التي رسمت مسارا جديدا للعلاقات بين الدول، ومن ذلك أن بيانات الإعلام العسكري بأعداد ضحايا الحرب والقصف والأزمات العسكرية انتقلت من العراق في منطقة الشرق الأوسط الى أوكرانيا في شرق أوروبا، مع بروز طرف دولي شرس يخيف أوروبا أسمه روسيا بقيادة بوتن، فالفرصة تبدو مكسب كبير بيد العراق لاستثمارها والانفتاح بعلاقات سياسية، اقتصادية، تجارية، استثمارية مع بلدان الغرب والشرق، أينما تلوح المكاسب لشعب العراق والتنمية المرجوة.
بلا شك برنامج الزيارات الحكومية الخارجية، سجلت انطباعا إيجابيا وتحولا ملموسا في مستوى الأداء السياسي الحكومي للعراق بحقبة السوداني بشكل مبكر، لكن اللاحق هو الأهم من الذي نتحدث عنه، كونه يمثل عملية تحتاج لترجمة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لواقع عملي يظهر ويخلق تغيير إيجابي في قطاعات الزراعة والصناعة والثقافة والنقل والطاقة، وتتطور القطاعات الخدمية في المدن العراقية لخدمة المواطن، كل ذلك لن يحصل ما لم تتفاعل كل القوى السياسية باتجاه إنجاح البرنامج الحكومي والتراجع عن النهج الحزبي السابق الذي يقف طرفا معوقا لأداء الحكومة لسبب مهم هو أن لا تنجح الحكومة.
ان بلدان العالم اليوم هي من يأتي الى العراق ويطالب بالتعاون والشراكة معه، بعد أن تعافى من الناحية الأمنية، بل يمتلك مقومات التأثير من حيث كونه بلدا يحتل ثاني أكبر مصدر للبترول في منظمة أوبك، وموقعا متقدما في الاحتياطي النفطي، أما المخزون من الغاز فهو الأول بالمنطقة، والتحدي الأمني لم يعد مخيفا مطلقا بوجه طموحات الشركات العالمية في الاستثمار، فالذي أبتكر العنف وشجع عليه، صار اليوم يعارضه لتبدل الظروف، ولدينا 16 مليون خريج جامعي عاطل، وهذه تمثل ثروة بشرية فاعلة في التنمية الوطنية، فأوروبا بدأت تغازلنا محتاجة، والعرب التفتوا الينا بحنين الأخوة، والجيران سيتفاعلون مع المنظومة الدولية تجاه بلادنا.
لذا فالضغوطات التي تواجه حكومة السوداني هي داخلية معقدة تتمثل بقوى حزبية، وخارجية تتمثل بالقوى الكبرى، ومنها الولايات المتحدة، وبالإمكان التغلب عليها عبر برنامج سياسات تراعى فيها مصلحة الوطن وتتخذ فيها قرارات حقيقية، وتوازن سياسي مع الخارج لترجمة كل معطيات الزيارات الى مكاسب تنقل العراق من واقعه الصعب الى واقع تنموي.
أكاديمي وإعلامي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
821 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع