علي المسعود
تحية إعتزاز وتقدير للصيدلانية تالة معن أحمد الخليل (أم المحاربين)
من خلال متابعتي لمباراة بطولة الخليج العربي التي انتهت قبل ايام في البصرة ، أثار انتباهي منظر مؤثر في المباراة الختامية مع عُمان لطفلة من ذوات الهمم ( متلازمة داون) وهي تذرف الدموع وتبكي بحرقة عندما عُزف النشيد الوطني العراقي في بداية المباراة ، الأمر الذي أثارألانتباه وجعلني أبحث عن هذه المجموعة من الاطفال ، عرفتهم من أكاديمية المحاربين الخاصة بالمصابين بمتلازمة داون في البصرة، والتي قامت بأنشاءها (تالة معن الخليلي ) ، فتاة بصرية عظيمة الهمّة تُعرف (بأمّ الجنوب)، طالبة في كلية الصيدلة وأم لـ 154 طفلاً، تدير أكاديمية خاصة للأطفال المصابين بالسرطان أطلقت عليها اسم (أكاديمية المحاربين) وهي أمّ المحاربين. بدأت رحلتها التطوعية عندما كان عمرها 19 عاما حيث فتحت مدرستين الأولى للأطفال المصابين بالسرطان والثانية لذوي الاحتياجات الخاصة، وكان الموضوع في بدايته صعبا من الناحية الصحية، كما تعرضت للفصل من الجامعة بسبب انشغالها قبل أن تعود من جديد. وجدت شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام تفتقر إلى الاهتمام الحكومي بما يتطلب وضعهم الخاص من تسهيلات ومرونة، ولا نجد سوى الاهتمام الفردي من المبادرات المجتمعية أو منظمات المجتمع المدني. والكثير ذوي المصابين بمتلازمة داون يشتكون من قلة أو ندرة وجود مدارس ومعاهد خاصة لتدريب أطفالهم، وهناك قصص كثيرة ومؤلمة، منها، رفض العديد من إدارة المدارس الحكومية ومن وزارة التربية لقبول أطفالهم في المدارس، وحتى في حال قبولهم يواجهون الكثير من العقبات بسبب صعوبة المناهج على الطفل بهذا العمر لعدم معرفتهم بالفجوة العمرية، مما يؤدي إلى عدم استجابة الأطفال لهذا النوع من التعليم . فضلا عن التنمر الذي يتعرض له الأطفال من ذوي متلازمة داون في المدارس من قبل الكوادر وحتى باقي الأطفال واستخدام براءتهم وطيبة قلوبهم كمادة للسخرية .تؤمن تالة بأنّ الدعم النفسي للمريض يرفع نسبة الشفاء وأنّ الحالة النفسية الجيّدة لها الأثر الكبير في تقوية جهاز المناعة، ومن ثمّ مقاومة هذا المرض الشرس. المركز في البدء كان لأطفال السرطان، وكانت التجربة الدراسية الأولى هو استخدام الفنون لأجل رفع مناعة الأطفال سواء الطفل المصاب بالسرطان أو متلازمة داون من فاقدي المناعة، فثقة الطفل بنفسه تزداد عندما يرسم أو يعزف أو يصعد على المسرح فترتفع السعادة والمناعة لديه . العراق ومعظم الدول العربية بحاجة إلى قبول الأشخاص من متلازمة داون، وكلمة قبول تشمل احترامهم وتوفير التوعية والرعاية المجتمعية وتوفير مدارس تدريبية حالهم حال بقية الأطفال ، وضرورة إقامة مشاريع مختصة بأطفال متلازمة داون، لأن تدريب وتطوير هؤلاء الأشخاص ضرورية لتنمية مهاراتهم ومساعدتهم للاندماج بالمجتمع، ليس فقط فنيا وإنما تنمية كل المهارات الفنية والرياضية والتطبيقية والحرفية ؛ ليكون إنسانا منتجا وقادرا على العمل والاندماج في المجتمع .
تحية للصيدلانية الانسانية تالة معن أحمد الخليل لهذه المبادرة العظيمة في إنشاء مؤسسة أكاديمية المحاربين في محافظة البصرة والتي تطوعت لرعاية أطفال متلازمة داون وتأهيلهم من خلال فنون الموسيقى والرسم وغيرها .
1973 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع