الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
وفسروا الماء بعد الجهد بالماء
رغم مضي قرابة عدة اشهر على حكومة السوداني التي كتب عليها الفشل قبل تشكيلها والتي اعتقد عملاء المحتل انهم ضحكوا بها على ذقوننا ،سيما وان وجودها لم ولن تغير شيئا من مآسي العراقيين ، تستمر البلاد في مرحلة جديدة من الصراعات السياسية والرفض الشعبي كما هو متوقع لما أفرزته العملية السياسية التي تعاني من الموت السريري من نتائج كارثية، كما ان حكومة السوداني التي هي اعادة تدوير لمخلفات سلسلة الحكومات الفاشلة لم ولن تحقق ماكان يتمناه البعض بحدوث بعض التغيرات في الواقع السياسي والاقتصادي طالما ان الطبقة الفاسقة المجرمة العميلة المهيمنة على العراق بعد احتلالها هي ذاتها التي كانت وماتزال وستبقى مسوؤلة عن كل ما اصاب بلدنا وشعبنا من مآسي، ناهيك عن المشاكل والصراعات الكثيرة بين العصابات التي توافقت في تشكيل الحكومة الحالية، الأمر الذي أدخل البلاد في ازمات سياسية اخرى بسبب الاختلافات على مغانم السلطة الجديدة وفي مقدمتهم الخلافات بين المالكي والخزعلي ومحاولات السوداني استغلالها ،عله ينجو بسفينته المهيئة للغرق بسبب عدم قدرته على تنفيذ كثير من القرارات التي تعهد بنفسه تنفيذها للاطراف الاخرى سيما وان جميعها يصطدم بجدار المساس بالخطوط الحمراء امريكيا وفارسيا ناهيك عن ان جماعة الاطار انفسهم بما عرف عنهم من سرعة تملصهم من اي اتفاق يبرمونه مع الآخرين في اللحظات الحرجة قبل تشكيل الحكومات وتوزيع مغانمها كما يحدث الان مع جماعة الحلبوسي والخنجر والحزبين الكردين وغيرهم؟
مهما كانت أوجه الخطابات السياسية بعد انتهاء مسرحية تشكيل الحكومات لتحديد مسارات العمل الميداني وفتح آفاق لخلق بيئة واسعة في رسم ملامح الحياة السياسية، تبقى الصراعات الحزبية والمصالح الفئوية والارتباطات الخارجية هي التي تتحكم في طبيعة القضايا القادمة، فالأزمات والاختلافات السياسية ستتصاعد بين الأحزاب التي شاركت في الحكومة، وبعد ان فشلت الأصوات التي تعالت رافضة نتائج المحاصصات وتهديد بعض الاطراف باستخدام جميع الوسائل ومنها المواجهة المسلحة حيث تشير الاخبار الى وجود صفقة لاعادة تسريب قوات من داعش بعد ترتيب عملية استخدامهم في اعادة لسينيورهات سبق ان شهدها العراق المحتل في اوقات سابقة فقد تعودنا على لجوء الاحتلال و نظام ملالي طهران الى مثل هكذا خطوات كلما تعرضت ذيوله الى اوضاع محرجة وهذا مما يعرض البلاد إلى زياد حدة التأزم والانفلات الأمني،قد تكون للتحالفات السياسية التي تسبق عملية تشكيل الحكومة وطبيعة تكوينها عاملا يساهم في تخفيف حالة الاختلاف القائم الآن، خاصة وأن هناك من يعترض ويرى أن مشروعه السياسي قد تلاشى أو تراجع بعد النتائج التي تفاجئ بها، والحكومة الحالية محكوم عليها بالفشل في تنفيذ اي من برامجها التي تعهدت بها تحت اكذوبة محاربة الفساد والفاسدين وإصلاح البنية السياسية والمنظومة الاقتصادية، ومعالجة الأزمات الاجتماعية وتحسين الحالة المعيشية ومكافحة البطالة وتجارة المخدرات، ورفع القدرة المالية للبلاد في مواجهة العجز المالي والديون الخارجية المستحقة.
أن السيناريو الذي تم تنفيذه بعد الانتخابات العام الماضي بعد التغييرات الدراماتيكية تحديدا في نوعية والنواب بعد انسحاب جماعة مقتدى الصدر، حيث تثبت الوقائع انها لم تضع في حساباتها تصويب بعض من الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي منذ العام 2003، لكن يبدو أن المعادلة الملزمة لاطراف العملية السياسية لم تتغير، وبالتالي سوف نعود إلى المربع الأول، و في كل الأحوال فأن أي حكومة سواء حكومة السوداني او غيرها اذا ما تقرر نجاحها فأنها يجب أن ترتبط بالإرادة الشعبية التي ترفض الوجود الامريكي والإيراني، وواقع الحال يؤكد بما لايقبل الشك عدم امكانية تحجيم دور واشنطن وطهران او من خلال انهاء وجود الطبقة السياسية، سيما وان هناك عقبات تقف في طريق توحيد جهود القوى الرافضة لها والتي يفترض انها تتشكل من الغالبية العظمى من الشعب العراقي ،وهكذا فأن العراق، مستمر في حالة الفوضى، التي تتنوع بين الاحتجاجات والمواجهات بين الشعب المنتفض وبين حكومات الاحتلال والمليشيات المدعومة منا، حيث الصدامات مستمرة بين المتظاهرين والقوات الأمنية بعد محاولة منعهم من التظاهر في مدن العراق.
أن عجز النظام الحالي الذي فرضه الاحتلال على العراق عن إجراء إصلاحات جوهرية في نظامه السياسي واقتصاده تفترض مؤشراته الميدانية انه لابد وان ينتهي بثورة شعبية. ربما سيكون شكلها وجوهرها مرهون بالعنف وسيكون اول اهدافها ضرب الأحزاب العميلة ، وستؤدي إلى الإطاحة بالقادة السياسيين الحاليين بالجملة إما إلى القبور مبكرا أو المنفى، كم ان جذوة ما قام به الشباب العراقي الذي نزل إلى الشوارع في الأول من تشرين الأول 2019 احتجاجا على الفساد المستشري والحكومة العاجزة كان بمثابة طلقة تحذيرمازالت نار تحت الرماد.
أن المحتجين حينها كانوا على استعداد لمنح القادة العراقيين فرصة لإجراء إصلاحات، لكن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي أهدرها، لأنه لا يتمتع بالجاذبية وأنه ضعيف سياسيا في بلد يعج بالشخصيات اللامعة لكنها ممنوعة من خدمة بلدها ، لأن المهمة التي أوكلت إليه حين تم فرضه بالتوافق الامريكي الايراني البريطاني ارتكزت على وضع حد لحالة العجز التي يعاني منها العراق، والإشراف على الإصلاحات الجوهرية وقيادة البلاد إلى انتخابات كان يفترض انها تغير الاحوال السيئة غير أن الكاظمي أخفق في المهمة رغم مرور سنوات على رئاسته للفترة الانتقالية،فالكاظمي لم يستخدم موقعه السياسي المهم أو سلطته الأخلاقية لرعاية الإصلاحات الجوهرية التي كانت ستساعد في استقرار العراق لو وجدت طريقها للتنفيذ ،وواضح ان حكومة السوداني سيكون مصيرها نفس مصير الكاظمي وعبدالمهدي والعبادي والمالكي!!
في حالة نواب البرلمان المنتخبون فهم في ظل النظام الانتخابي الذي يشجع على المحسوبية والفساد ويجافي الإصلاحات ويفرغها من معناها الحقيقي لاسيما وإن السياسيين العراقيين الفاسقين العملاء أنفسهم منخرطون اليوم في المساومات والمقايضات السياسية ذاتها التي تثريهم وتساعد في تمكينهم، لتبعدهم عن العراقيين الذين يدعون أنهم يمثلونهم.
ان المواطن العراقي وبعد 20 عام ادرك ان الواقع الذي يعيشه اثبت ان النظام الاداري المؤسساتي الوطني قبل الاحتلال بجميع مفاصله المدنية والعسكرية والامنية افضل ١٠٠% من النظام مابعد الاحتلال والذي اعتمد المحاصصة الطائفية ( الفارسية ) لتمزيق وحدة الشعب والمؤسسات لارضاء رهبر ايران وتنفيذ الاجندة الامريكية البريطانية لتدمير العراق والغاء هويته الوطنية العربية الاسلامية ،وسيبقى حال الوطن يدفع آلاف الشهداء والمغيبين لمواجهة الدواعش والمواعش والمليشيات وقياداتهم المعشعشين في المنطقة الغبراء ومجلس النواب الدمج، ومن هنا كان هدف فرض قانون اجتثاث الدولة العراقية الادارية والامنية التي تأسست ١٩٢١ ووصلت لقوتها وأمنها حتى عام ٢٠٠٣...رغم بعض اخطائها ،ولكن عام ٢٠٠٣ تم اجتثاث الدولة بالكامل لتاسيس دولة محاصصة ضعيفة ممزقة تسيطر عليها عصابات وميليشيات اغلبهم لصوص وقتله لايختلفون عن القاعدة وداعش الارهابي.
891 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع