د.نادرة الحسامي
عليك أن تسامح نفسك كثيرًا لتعتاد على مسامحة الآخرين كثيرًا.
نعم كيف سأسامح الاخرين ان لم اتعلم ان اسامح نفسي وكثيرا، ما معنى هذا؟ معناه ان الإنسان الشديد مع نفسه شديد في تعامله مع الآخرين , السلوك يكتسبه الانسان في مراحل التكوين الأولى في أسرته ومدرسته وبين اهله, فتصبح سلوكا و اعتيادا , تدخل ضمن تكوينه الواعي يمارسه في الحياة كطبع مغروس لا تصنعا من اجل الاخرين او المظهر او المنفعة , وهو في الوقت ذاته يعي ان للآخرين أنماطا أخرى وكل نفس بما كسبت رهينة , تقوم بما تستطيع وما تربت عليه , واي اختلاف هو اختلاف بيئات وضرورة لحركة المجتمع و صيرورته , والكل في المحيط منسجم وجميل , وما الضوابط والشروط التي نتحدث عنها الا وليدة اعتبارات معينة وضعت لزمن وظرف وطريق , وهي تختلف وتتغير مفهوما واهمية بتطور الأزمان والأماكن والظروف باستثناء الضوابط المتعلقة بحقوق الآخرين , فنجد ما يهتم به الأجداد يختلف عما يهتم به الجيل الثالث إذن لكل جيل اعتباراته .
والانسان ككائن عاقل يتحرك ضمن طيف واسع من الرغبات والميول والضعف والهوى , , قد لا تحيطها تلك ضوابط ولا تلك شروط , وهذا هو مجال الإبداع في الإنسان في مجال الفكر والأدب والموسيقى والشعر للتعبير واكتشاف الذات وفي مجال العلم للتعرف على الذات البشرية ضمن اتساق العالم المحيط به , وهو في خضم حركته تلك يدرك ان الالتزام بالضوابط والشروط امر يدفع به الى الامام بمنهج يسهل عليه التقدم والبحث , ولكن دوما هناك مجال محتمل للخطأ والانحراف والحيود والهوى عليه ان يتقبله اذا وقع به , كما هو حال الإنسان لا يبقى هو ذاته بنفس الانضباط بكل مراحلة العمرية او حتى في كتير من الأوقات فعلى الإنسان ان يسامح نفسه ويجد لها الاعذار وبكل حب ومرح وتقبل , وبهذه الطريقة تجده يتسامح ولا يلوم او ينقد او يقيم او ينبذ الاخرين , بل يسامح ويعذر ما امكن وقديما قالت العرب قيل التمس لأخيك ألف عذر, وحتى في جانب العبادات والقواعد الله غفور رحيم .. صباحكم نور احبتي
09. 12. 2022 جنيف
نادرة الحسامي
1782 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع