اقتحام سجن ابو غريب وسجن الحوت ( روئية تحليلية)

                                        

                          د.وليد الراوي

انها ليست المرة الاولى التي يقوم بها تنظيم القاعدة وان تغيرت مسمياته في تنفيذ عملية اقتحام سجن ابو غريب" باستيل العراق".

جاء ذلك الاقتحام متسقا مع اعلان زعيم دولة العراق الاسلامية قبل اكثر من عام عن بدء عمليات "هدم الاسوار", حيث تم مهاجمة العديد من السجون و اطلاق المئات من السجناء منهم قيادات وعناصر تنظيم القاعدة في العراق.

الا ان عملية اقتحام سجن ابو غريب وسجن الحوت في التاجي الاخيرة تاخذ اهتماما خاصا حيث يرى الباحث أهمية تسليط الضوء عليها وذلك لعدة اعتبارات اهمها:

1.قدرة تنظيم القاعدة والمتمثل بدولة العراق الاسلامية على استعادة المبادئة حيث كان موفقا في اختيار الاهداف وتوقيتات تنفيذ العملية.

2. تشكل العملية قفزة نوعية في قدرت التنظيم الامنية والاستخبارية من حيث الحصول على المعلومات الدقيقة .

3. ستشكل هذه العملية اعادة ترميم الجسور المتهدمة بين تنظيم القاعدة وحاضنته الشعبية من خلال قيامه باطلاق سراح موقوفين قد يكون البعض منهم بريئ.

4. اهمية السجون , موقعها, القوات المكلفة بحراستها, خطورة المطلق سراحهم, عددهم.

5. فشل الحكومة وقواتها الامنية والعسكرية في مواجهة الجماعات الارهابية.

عملية اقتحام سجن ابي غريب الاولى:

لقد كانت فكرة القيام بعملية نوعية لاقتحام سجن ابي غريب من قبل ضباط في الجيش العراقي السابق والذين انظموا الى تنظيم القاعدة , حيث اجتمعوا في بغداد .ووضعوا خطة الاقتحام

نفذ تنظيم القاعدة عملية اقتحام لسجن ابي غريب في شهرأيلول عام 2004 عندما كان السجن تحت ادارة القوات الاميركية , وقد عين التنظيم " ابو انس الشامي" قائدا للعملية والذي قتل في قصف جوي امريكي اثناء الهجوم ولم تحقق العملية النتائج المطلوبه وذلك لاسباب عدة اهمها:

1.مقتل قائد العملية وبعض من مساعدية.

2.عدم الالتزام بالسرية.

3. ضعف الاستحضارات المطلوبة.

وقد ادعت بعض فصائل المقاومة العراقية مشاركتها في هذه العملية مع تنظيم القاعدة وقد يعود سبب عدم الالتزام بالسرية لتداخل بعض الفصائل في تنفيذ العملية, ومن الفصائل الذي ادعى مشاركتها في تنفيذ العملية " القيادة العامة للقوات المسلحة".

عملية اقتحام سجن أبي غريب الثانية:

تعتبر عملية اقتحام سجن ابي غريب والتي نفذها تنظيم القاعدة في الاول من كانون اول عام 2005 من اكثر العمليات جرءة واقدام, حيث يذكر تنظيم القاعدة في بيان تنفيذ العملية" بعد ان تواردت الاخبار عن جرائم التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون في سجن ابي غريب, قرر التنظيم القيام بعملية نوعية تستهدف اقتحام سجن ابي غريب ".

وقد حدد التنظيم اهدافا لهذه العملية تتلخص بما يلي:

1.تحرير جميع السجناء.

2.تكبيد القوات الامريكية الخسائر.

3. رفع الروح المعنوية للشعب العراقي.

عين امير تنظيم القاعدة ابو مصعب الزرقاوي (ابو خباب الفلسطيني) قائدا للعملية وكلف ( ابو جعفر المقدسي) لاعداد خطة التدريب لعدد من المقاتلين وفق ضوابط معينة ومنها, ان يكون افضلهم دينا وذات لياقة بدنية عالية وقد جرت تدريبات عدة وتم التركيزخلالها على تدريبات تسلق الجدران وعبور الحواجز المائية.

تم تقسيم القوة المنفذة الى مجموعات صغيرة تتكون كل مجموعة من (خمسة) مقاتلين ويعين اميرا عليهم.

اطلق على العملية الاسم الرمزي " ابو انس الشامي" قائد عملية الاقتحام الفاشلة الاولى .

قبل غروب شمس يوم السبت الموافق 1 كانون الاول 2005 باشر اكثر من 150 مقاتلا بتنفيذ الهجوم حيث شرعت مجاميع القصف التمهيدي بقصف السجن في الساعة السادسة وعشر دقائق مستخدمة قذائف الراجمات 107 ملم و120 ملم كراد وقذائف الهاون, مستهدفة نقاط السيطرة وابراج المراقبة ومداخل السجن ومخارجه, وبعد ان انتهى القصف التمهيدي تم ارسل سيارتين يقودهما انتحاريين الى الركن الجنوبي الشرقي للسجن وبعد ان ضرب الانتحاريون اهدافهم انطلق 20 مقاتلا تمكنوا من اسكات نيران الحرس وتسلقوا جدران السجن وفي نفس الوقت انطلق اربعة انتحاريين يقودون سيارات مفخخة من جبهة الشمال الشرقي للسجن وبعد ان نفذوا الهجوم انطلق 15 مقاتلا لاقتحام السجن.

تم مهاجمة السجن من جهة الشمال الغربي ( جهة عمارات خان ضاري) حيث هاجم 11 مقاتلا اهدافهم , كما تمت مهاجمة السجن من جهة الجنوب الغربي, تم تخصيص مفارز لقطع طرق اسناد القوات الامريكية لسجن ابي غريب.

لم تتمكن القوات المهاجمة من الدخول الى داخل السجن وتحرير السجناء لانهم فوجئوا بوجود سواتر ترابية خلف الابواب التي تم تدميرها, تم تكبيد

القوات الامريكية خسائر كبيرة,كما تكبد تنظيم القاعدة خسائر بلغت عشرة قتلى بالاضافة الى الانتحاريين "والذين كانوا جميعهم من المقاتلين العرب" كما جرح البعض منهم.

عملية اقتحام سجن ابي غريب الثالثة:

في الساعة الساعة السابعة والربع مساءاً بتوقيت بغداد من يوم الاحد الموافق 21 تموز 2013 وقبل أذان المغرب بدقائق معدودة شرعت عناصر دولة العراق الاسلامية في تنفيذ عملية تعرضية جريئة ومباغتة للاقتحام سجن الحوت في التاجي وسجن ابو غريب بآن واحد لتحرير السجناء، بدأت العملية باقتحام بوابة السجون من قبل انتحاريين حيث هاجموا بوابات السجنين كما تم تفجير عجلات مفخخة ومن ثم الاشتباك مع حراس السجن بالقاذفات الخفيفة والرشاشات المتوسطة والرشاشات الخفيفة بالتزامن مع قصف بناية السجون بقذائف الهاون، في نفس الوقت شاغل السجناء واشتبكوا من داخل قاعات مع الحراس والسجانين أستمرت الاشتباكات ما يقارب اربعة ساعات تمكن على اثرها المهاجمين من تحرير اغلب السجناء وتكبيد ادارات السجون وحراس السجون خسائر جسيمة ومن ثم أنسحبت القوة بالساعة الساعة الحادية والنصف ليلا بعد اتمام المهمة بنجاح. تضاربت الانباء عن عديد السجناء المحررين حيث ذكر العدد بين (500- 2000 ) معتقل،تم ايقاع خسائر تقدر بأكثر من 100أصابة بين صفوف عناصر السجن وافواج الشرطة الاتحادية المكلفة بحراسة السجون، والحاق الدمار في بنايات السجون ومواقع الادارة .

ارسلت الحكومةالعراقية تعزيزات تتالف من قوات برية وطائرات سمتية الى موقع السجون ولكنها وصلت متاخرة وبعد انسحاب القوات المهاجمة. في صباح يوم 22 تموز أعلنت وزارة العدل والداخلية استعادة السيطرة على السجون المذكورة، قامت القوات الحكومية بحملة تفتيش وفرض حصار وحظر تجوال واغلاق المحال التجارية والمؤسسات الحكومية والدوائر الخدمية في أحياء وقرى وقصبات ابو غريب والتاجي والمشاهدة والطارمية والرضوانية والمناطق المحيطة بمطار بغداد الدولي ، كما جرى مداهمة البيوت والمزارع بحثاً عن المطلوبين. كانت تلك الاجراءات بمثابة عقاب جماعي وانتقام بحق اهالي تلك المناطق الابرياء ,كما نفذت القوات الحكومية حملة اعدامات جماعية في ساحة السجون بحق المعتقلين المتبقين. .

الدروس المستنبطة:

أفرزت عملية تحرير السجناء دروساً مهمة يمكن تسليط الضوء عليها :

اولا: تيسر قيادة مركزية كفوءة لتنظيم القاعدة استطاعت ان تدير معركتين متباعدتين في نفس الوقت .

ثانيا: تخطيط دقيق مستند على معلومات تفصيلية عن السجون من حيث البوابات ونقاط السيطرة والابراج والمداخل والادارة ومكان قوات الحراسة وقوة مكافحة الشغب , هذه المعلومات امنت لهم تجاوز ايه مفاجئة اوالتعرض الى موقف غير محسوب.

ثالثا: تم الاستفادة من العمليتين السابقين من حيث السلبيات حيث تم تجاوزها مع تعزيز الايجابيات.

رابعا: تنفيذ عالي المستوى نابع من تدريب راقي.

خامسا:- كشفت العملية عن ضعف الاجهزة الأمنية والعسكرية وعجزها في التصدي وسبب ذلك يعود الى ولاءات هذه الاجهزة وفساد قادتها.

سادسا: ستحقق هذه العملية تعاطف شعبي كبير من مكون معين عبر اطلاق سراح بعض السجناء الابرياء من الذين اتهموا وفق روايات المخبر السري .

سابعا: ان تحرير بعض السجناء الابرياء قد يسلط الاضواء على مأساة المعتقلين وحجم الانتهاكات التي تمارس بحقهم داخل السجون الحكومية .

ثامنا: الكتمان أثناء التخطيط والاعداد والتنفيذ وأنتخاب توقيت التنفيذ ,عوامل ساعدت على تحقيق المباغتة الكاملة على ادارة السجون وقوات الحراسة.

الخاتمة:

ان ما تم استعراضه هو دراسة لعملية نوعية قامت بها مجاميع مسلحة وليس الغاية تمجيد او استنكار هذه العملية لانه من الموكد سقطت دماء بريئة كثيرة اثناء العملية, ان دولة العراق الاسلامية تحاول الان وبكل قوة من اعادة لحمة العلاقة مع حاضنتها الشعبية التي فقدها في الاعوام 2007و2008.

ان نجاح تنظيم القاعدة في العراق والمتمثل بدولة العراق الاسلامية قد شجع تنظيمات اخرى في مناطق اخرى من المنطقة على الحذو حذوه في تنفيذ عمليات مشابهه حيث جرى عمل مشابه في ليبيا والباكستان.

ان نجاح هذه العملية المعقدة سيضع امام التنظيم فرصة التخطيط لاقتحام المنطقة "الخضراء "حيث الحكومة واجهزتها الامنية والسفارات الاجنبية.

الدكتور

وليد الراوي

باحث في شؤؤن الجماعات الاسلامية

مصادر البحث:

دولة العراق الاسلامية : تاليف د وليد الراوي 2012 دار امنة للنشر عمان

من سير اعلام الشهداء: اصدار دولة العراق الاسلامية 2007

عمان 2011تاليف د وليد الراوي : زق الامريكيأومة العراقية والماالمق

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

540 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع