مصطفى محمد غريب
النساء والحقوق المهضومة والتضحيات الجسام
في العراق تتصاعد الجرائم ضد النساء حتى أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي عبارة عن ناقل حقيقي تنشر الجرائم البشعة المختلفة التي تطال العديد من النساء، جرائم راح ضحيتها الكثير من العراقيات على مختلف المستويات وانتشرت بشكل واسع وغير طبيعي، وعلى الرغم من المطالب بالعمل على معالجة ظاهرة العنف فلا توجد حلول واقعية تحمي آلاف النساء من الاضطهاد والعنف الأُسري أو تحت طائلة العديد من الادعاءات او قضايا وضعت من قبل قوانين ذكورية جعلت من النساء سلعة حسب الطلب، بينما منذ فجر التاريخ وحتى قبل حركته وقبل ظهور الطبقات كانت النساء في المقدمة من أجل حياة أُسرية أفضل مقدمة التضحيات كمخلوق منتج بشري ساهم في خلق الإنتاج المادي والروحي وبفضلهن كونهن الحاضنات للعنصر البشري اغتنت الحياة بكل أنواع التقدم والحضارة. أن الحقوق المشروعة للنساء عبارة عن حقوق طبيعية تتلاءم وقيم الإنسانية ولم تكن يوما مخالفة لهذه القيم لكن القهر الطبقي لم يكن محصوراً على الطبقات والفئات الكادحة بفعل الصراع الطبقي بل اتخذ اشكالا عديدة من الاضطهاد ضد النساء ومن خلال القوانين والمفاهيم الذكورية تراجعت حقوق النساء ثم أصبحت من الدرجة الثانية بالنسبة للذكور وقد استمر هذا الاضطهاد قرون وقرون وقامت العديد من الدول والامبراطوريات تحت طائلة من مفاهيم موغلة بالرجعية والتخلف مستغلة الدين والقومية والأمة ورأس المال الاستغلالي وهم عبارة عن طرق لاستغلال المرأة والنيل من حقوقها المشروعة إلا أن المراة لم تكن في سبات تام بالنسبة لحقوقها ورفضها للواقع المؤلم والمرير الذي فرض عليها وراحت تصارع وتناضل في جبهات عدة للتخلص من الاضطهاد المزدوج ، اضطهاد طبقي يتمثل في استغلالها وسرقة قوة عملها والاضطهاد الاجتماعي التي تتعرض له من قبل الرجل ومحاولاته لبقائها ضمن دائرة سيطرته واستغلال الدين في سبيل تحقيق مآربه الجنسية وتكوين اسرة لراحته وخدمته ( حسب وضع الرجل مادياً) ، وعلى امتداد أعوام طويلة ناضلت المراة وقدمت التضحيات الجسام وشاركت في النضال الوطني والمطلبي الاقتصادي ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والحريات والديمقراطية حتى تكلل نضالها ببعض المكاسب إلا أنها واصلت دربها وحققت بنضالها ونضال القوى الخيرة مكاسب عديدة من بينها إصدار قوانين تنصفها وتعديد البعض من حقوقها تعزيز مكانتها المادية والمعنوية أما مساهماتها من أجل ترسيخ مكانتها السياسية والاجتماعية والثقافية فقد ساهمت
1 ـــ الدراسات الأكاديمية والدراسية، الجامعات والاختصاصات العليا
2 ــ المشاركة في الحياة السياسية كعنصر أساسي
3 ـــ تبوء المناصب الحكومية العليا بما فيها رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزيرات ونائبات في المجالس البرلمانية
4 ـــ العمل في المجالات الأمنية والعسكرية والقضائية
5 ـــ وظائف الدولة المختلفة وفي مجال التربية والتعليم والصحة والعمل جهد الإمكان في المجالات العلمية
6 ـــ العمل في المصانع والمعامل باختصاصات علمية ومهنية
7 ــــ منظمات المجتمع المدني ، النقابات والجمعيات والاتحادات الثقافية
كل ذلك وغيرها من المهمات إضافة إلى مهمتها الوطنية والاجتماعية والأُسرية.
لم يكن العراق بعيداً عن هذه التطورات والتغيرات في المجالات كافة وبخاصة قضايا حقوقية وقوانين تخص المجتمع العراقي برمته لا سيما في حقوق المرأة والعمل على رفع مستواها إلا أن ذلك بقى دون الطموحات المشروعة وبقت قضية عدم الاعتراف بحقوقها التامة واعتبرت على امتداد الوقت " ناقصة دين وعقل " ومنذ بداية تأسيس الدولة العراقية الحديدة ناضلت المراة من أجل حقوقها المشروعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الرغم من الحيف والقصور والمحاصرة والعنف واستعمال التقاليد الرجعية بهدف استمرار حجب الحقوق وجعلها إمعة تصلح لراحة الرجل ثم وظيفة حمل وتربية الأجيال القادمة ، واستخدم العنف بشكل عام إلى اتساع ظاهرة العنف الأسري وزيادة اضطهاد المرأة وقد اكدت أخصائيات في مجال القضاة، إلى أن 90% من الدعاوى المعروضة على المحاكم كانت الضحية فيها المرأة كوسيلة لإخضاعها وجعلها أسيرة للقيود التي فرضت عليها بالقوة وشملت الجرائم المختلفة جريمة غسل العار " المفهوم الرجعي البائس " وهنا من الممكن الإسهاب في الحقب السابقة عن تلك الجرائم التي كانت المرأة ضحية لها وجزء مهما فيها وقد كتبت عن تلك الحقب الكثير من الكتب والدراسات والتحقيقات الصحفية وغيرها .
أن اتساع ظاهرة قتل النساء تنوعت وأصبحت عبارة عن بعبع يرهب السلم الاجتماعي وهي جرائم سياسية واجتماعية وعشائرية ومنها جرائم ما يسمى غسل العار أو الشرف حيث تحميه قانونياً بشكل رسمي وتظهر فاعليها المجرمين وكأن الحق والقانون والتشريع معهم وتخفف عقوباتهم القانونية كما هو موجود في العراق وبلدان عربية أخرى وتحمل الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها الكثير من الحوادث البشعة بما فيها قتل الأطفال انتقاماً وتدميراً للمرأة ، وبفعل التغييرات ونتيجة الدكتاتورية والاحتلال فقد أصبحت الدولة العراقية التي هي ساحة لصراع النفوذ الخارجي والإقليمي والداخلي غير قادرة بشكل واضح على حماية النساء ومعاقبة مرتكبي الجرائم المختلفة ضد النساء وبقت مع كل ما ذكرنا حرمان المرأة في الكثير من حقوقها وهي مازالت تواجه تحديات وتوجهات للنيل منها وتغييبها ومحاصرتها لكي تصبح المرأة تابعة ودون مضمون في جوهر التغييرات التي شملت ليس العراق فحسب بل جميع اصقاع العالم أما في العراق فقد خضعت حقوق المرأة الى نظريات الأحزاب الإسلامية وفق منظور ارجاعها إلى الخلف وتطبيق الشريعة بشكل استغلالي ليس لمصلحة الإسلام أو الدين اولاً وآخرها بل لمصلحة هذه الأحزاب وأيدولوجيتها لكي يتم تهميش المرأة واعتبارها تابعاً للرجل والقوانين التي سنت بالضد من منحها حقوقاً كاملة، ومن هذا المضمار يجب تفويت الفرصة من خلال النضال والتضامن للخلاص من الظلم وما تعاني من اضطهاد مزدوج وليكن المجتمع بجميع مكوناته القومية والدينية والعرقية سليماً والوقوف بالضد من جرائم قتل النساء تحت طائلة أية حجة دينية او عشائرية او غيرهما، أن مسلسل الدم من خلال الجرائم والقتل والعنف والاضطهاد عبارة عن جرائم بالضد من الإنسانية وعلى الدولة أن تلتفت لهذه الظاهرة الخطيرة وأن تسن قوانين للردع وعدم تسهيل الأمور بحجة " كذبة غسل العار أو ما يسمى جرائم الشرف التي راح ضحيتها المئات من النساء العراقيات ومن جميع الطبقات والقوميات والأديان، ويبقى الفقر والبطالة وصعوبة الحياة المعيشية والنقص الحاد في مجال الخدمات العامة وفقدان الأمن والضمان الاجتماعي عبارة عن قنابل موقوتة لزيادة الجرائم والخطف والفساد والقتل بما فيها نظريات الهيمنة على المرأة العراقية وسلبها حقوقها المشروعة
2962 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع