داود البصري
مشعان الجبوري.. إسم لسياسي يثير الجدل بين أوساط الحكومة العراقية التائهة في بحار أزماتها المستمرة ..
فالرجل وقد كان من أنصار و مؤيدي و عناصر نظام صدام حسين المعروفين ، إنشق فجأة عن نظام سيده منتصف تسعينيات القرن الماضي و بعد الحصار الدولي الذي فكك قاطرة النظام ، و أخذ يلعلع بشعارات المعارضة العراقية السابقة قبل أن يلوذ بموكب الصهر المنشق الذي كان ( حسين كامل المجيد ) و يلعب معه لعبته السياسية الساذجة التي أدت في النهاية لذبحه بطريقة بشعة بعد عودته لبغداد مطلع عام 1996 معربا عن ندمه للإلتحاق بالمعارضة ومتطوعا للعودة لبيت الطاعة! إلا أن السيف قد سبق العذل و أطيح برقبة حسين و أشقائه و عائلته تحت شعار الإنتقام لشرف الأسرة الحاكمة وظهرت من بعيد ظلال شاحبة لمشعان الجبوري الذي إتهمته عشيرة حسين كامل بأنه غدر به وكان أحد أسباب عودته القاتلة إضافة لإتهامات مالية أخرى ظل مطاردا بسببها من العشيرة حتى اليوم! ، بعد إحتلال العراق عام 2003 دخل مشعان للعراق كسائر قبائل المعارضة و سيطر على كرسي محافظ الموصل قبل أن تطرده الجماهير منها ثم إنضم للعملية السياسية و شكل تنظيما عسكريا يحمي أنابيب النفط إلا أن إتهامات بالفساد و اللصوصية جعلته يهرب من العراق و يلتحق بالشام من جديد و يعود لإدارة فندقه التراثي الذي إقتناه في حي ( باب توما ) الدمشقي متعاونا مع المخابرات السورية ليؤسس فضائية أطلقت وابلا من شتائمها المقذعة ضد الحكومة العراقية و تبنى وجهات نظر الجماعات المسلحة وحتى التكفيرية منها و شن حملة شعواء إستوجبت وضعه على قائمة المتهمين بالإرهاب الدولي و قتل العراقيين و هي إتهامات خطيرة للغاية كان مشعان خلالها يستمر بكيل الشتائم و الطائفية منها على وجه التحديد ضد السلطة ، كما أن فضائيته لعبت دورا في أحداث الفتنة و شن الحملات البشعة ضد دولة الكويت تحديدا ، وفي أجواء الربيع العربي وقفت قناة مشعان التلفزيونية موقفا مؤيدا لنظام العقيد القذافي الذي لم يتردد عن إتخاذ القناة المشعانية كمنبر إعلامي له قدم خلالها مبلغا و قدره خمسة ملايين دولار كثمن لدعم القناة إضافة لتقديم وثائق و أشرطة تسجيلية قيل أنها فضائحية ضد أطراف عربية ودولية إلا أن المخابرات السورية إستولت عليها ولم يتسلمها الرفيق مشعان الجبوري أبدا و الذي شعر بسفينة النظام السوري الغارقة ففاوض عتاولة الحكومة العراقية للعودة للعراق و تسوية الخلافات و العودة أيضا لممارسة العمل السياسي في ظل الفوضى العراقية و تحرك رجل المالكي للمهام الخاصة وأحد رموز أتباع النظام السوري في العراق ورجل الصفقات الخاصة جدا النائب ( عزة الشاهبندر ) فعقد صفقة العودة الميمونة مقابل تنازلات مالية و تسويات خاصة يعود بموجبها مشعان و تسقط عنه التهم الإرهابية و يندمج في العملية السياسية عبر دخول انتخابات و إعادة بث قناته الفضائية ( الشعب ) من قصر شريكه و عرابه الجديد عزة باشا الشاهبندر! إلا أن تعقيدات قضائية و مطاردات عشائرية جمدت مشاريعه قبل أن تتجدد تلك المساعي حاليا و يدخل مشعان على خط أزمة تصحيح العلاقات الدولية و الإقليمية لحكومة المالكي عبر الإتصال مع تركيا وغيرها من دول الإقليم ، وليتحول المتهم و المطارد بالإرهاب لدبلوماسي كواليسي !! و لكن المثير للعجب و السخرية المرة فعلا هو التصريحات الأخيرة لمشعان الجبوري و التي يتغزل فيها علنا بتوجهات نوري المالكي الطائفية و يحاول إطلاق صورة جديدة عن ذهنية وعقلية و تفكير نوري المالكي وحتى آيديولوجية حزبه ( الدعوة )! بالقول أنه قد وجد المالكي شيعي في الظاهر سني في الباطن!!! ، و بأنه يسير على رؤى المرجع اللبناني الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله و التي ترفض الإتهامات المثارة ضد الصحابة وفي طليعتهم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ( رض ) بإضطهاد أهل بيت النبوة رضوان الله عليهم!! و بأن المالكي وحزب الدعوة معه هم من أتباع تلك الرؤية و الأشد إخلاصا لها!!! وهو الأمر الذي فاجأ مشعان الجبوري كما قال! وحيث قرر بعدها مبايعة نوري المالكي كأمير للمؤمنين و الإنضواء تحت راية دولة القانون! بل والذهاب في طائرة رئاسية خاصة لتركيا لإصلاح العلاقات بين البلدين!! و الطريف إن جميع الإدعاءات المشعانية السابقة هي أحاديث خرافة لا يعتد بها لكون النفاق يرفرف على جوانحها!!... فهل تحول مشعان ليكون المخلص لنظام إستنفذ كل طاقاته ليحاول تسويق نفسه عبر إدعاءات طائفية واهية...! كل شيء محتمل في عراق يزحف على بطنه نحو الفشل التام!!... إنها تحولات غريبة لطبقة سياسية هي أكثر غرابة من الغرابة نفسها..!.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
947 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع