وداد البياتي
قصه الشاعر الذي نفيه من مصر بسبب قصيده الخازوق
عاش الشاعر وأستاذ الزجل بيرم التونسي حياته ناقدًا غير مبالي بما يمكن أن يحدث له طالما قرر أن يقول رأيه دون تزييف حتى لو عرضه ذلك للعديد من المشاكل في مسيرته الطويلة والتي وصلت أحيانًا للنفي خارج مصر.
ولد الشاعر الشعبي محمود بيرم التونسي في الإسكندرية في 3 مارس 1893م ، وسمي التونسي لأن جده لأبيه كان تونسيًا، وقد عاش طفولته في حي شعبي يدعى "السيالة"، التحق بكُتّاب الشيخ جاد الله ، ثم كره الدراسة فيه لما عاناه من قسوة الشيخ، فأرسله والده إلى المعهد الديني وكان مقره مسجد أبي العباس، مات والده وهو في الرابعة عشرة من عمره ، فانقطع عن المعهد وارتد إلى دكان أبيه ولكنه خرج من هذه التجارة صفر اليدين.
بدأت شهرته عندما كتب قصيدته ”بائع الفجل” التي ينتقد فيها المجلس البلدي في الإسكندرية الذي فرض الضرائب الباهظة وأثقل كاهل السكان بحجة النهوض بالعمران ، وبعد هذه القصيدة انفتحت أمامه أبواب الفن فانطلق في طريقها ودخلها من أوسع الأبواب.
بدأ بيرم التونسي يدق أبواب الصحافة ويكون أحد روادها فأصدر مجلة المسلة في عام 1919 م وبعد إغلاقها أصدر مجلة الخازوق ولم يكن حظها بأحسن من حظ المسلة فتم إغلاقها هي الآخرة.
أما قصة نفيه فتعود إلى مقال كتبه هاجم خلاله زوج الأميرة فوقية ابنة الملك فؤاد ، ولكنه لم يطق العيش في تونس فسافر إلى فرنسا ليعمل حمّالًا في ميناء ( مرسيليا ) لمدة سنتين ، وبعدها استطاع أن يزوّر جواز سفر له ليعود به إلى مصر، فيعود إلى أزجاله النارية التي ينتقد فيها السلطة والاستعمار آنذاك ، ولكن ألقى عليه القبض مرة أخرى لتنفيه السلطات إلى فرنسا وعمل هناك في شركة للصناعات الكيماوية ولكن تم فصله من عمله بسبب مرض أصابه فعاش حياة ضنكًا ويواجه أيامًا قاسية ملؤها الجوع والتشرد.
وفي عام 1932 يتم ترحيل الشاعر من فرنسا إلى تونس لأن السلطات الفرنسية قامت بطرد الأجانب فأخذ بيرم يتنقل بين لبنان وسوريا ولكن السلطات الفرنسية قررت إبعاده عن سوريا لتستريح من أزجاله الساخرة واللاذعة إلى إحدى الدول الأفريقية ولكن القدر يعيد بيرم إلى مصر عندما كان في طريق الإبعاد لتقف الباخرة التي تُقلّه بميناء ” بورسعيد ” فيقف بيرم باكيًا حزينًا وهو يرى مدينة بورسعيد من بعيد ، فيصادف أحد الركّاب ليحكي له قصته فيعرض هذا الشخص على بيرم النزول في مدينة بورسعيد، وبالفعل استطاع هذا الشخص أن يحرر بيرم من أمواج البحر ليجد نفسه في أحضان مصر.
كانت لطيفة هانم يسري لا تترك المجال أو الجلسات إلا وأخذت تقطع في فروة «الملكة نازلي» طاعنة فيها وفي سلوكها، راوية عنها الكثير من القصص المشينة، خاصة قصة زواجها بالملك أحمد فؤاد، وكيف هربت نازلي، وكيف ضبطوها، والشائعات الكثيرة التي أحاطت بهذا الزواج، خاصة شائعة ارتبطت بميلاد الملك فاروق ذاته، فحمل والدته «نازلي» لم يكمل التسعة أشهر، ويقول التابعي أنه في إحدي جلسات نميمة لطيفة هانم عن نازلي، اقترب منها محام شاب، وأخبر «لطيفة» بأن شاعرا كبيرا هو بيرم التونسي قد سجل هذه الشائعات في أزجال رددتها شوارع مصر وأفواه الجماهير بعد ثورة 1919، وهي السبب في نفيه خارج البلاد.
عندما سمع أحمد حسنين هذه الأشعار وعرف بقصتها وإذاعة زوجته لها، حاول تهدئة الأمور، بأن تعتذر زوجته للملكة نازلي، خاصة أنها بهذه الأشعار والأقاويل قد ارتكبت جريمة السب في الذات الملكية لثلاثة «فؤاد ونازلي وفاروق»، لكنها رفضت أن تقابل نازلي وتعتذر لها، وهنا طلّق حسنين زوجته لطيفة، ويقال أن نازلي هي التي دفعته والحت أن يطلقها.
نشير هنا إن نازلي عندما تزوجت من أحمد فؤاد كان الفارق بينهما 20 عاما، وقد حدث الزواج مع نهايات ثورة 1919، وبالتحديد في 24 مايو 1919، وانجبت منه فاروق، والأميرات: فوزية، وفايزة، وفائقة، وفتحية، وكانت هي الزوجة الثانية له بعد طلاقه لزوجته الأولي «الأميرة شويكار».
1123 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع