علي الكاش
رسالة من أب مهاجر إلى وطنه الغادر
إلى الوطن الذي أحببته وخدمته اكثر من ربع قرن، فتنكر ليٌ ولمواطنتي ولخدمتي الطويلة التي قمت بها بكل تفاني وأخلاص ونزاهة، وطن يبادل الوطنيين الأصلاء الحب من طرف واحد، يحبونه وينبذهم، يتقربوا منه فيبعدهم عنه، يخلصوا له، فينكر أخلاصهم، يهادونه فيعنفهم، يحررونه فيستعبدهم، يتمسكون به، فينفرهم، يمدوا أيديهم ليصافحونه، فيمد لهم قدمه المنتعل، وطن غير عقلاني في تصرفاته، صبياني في طيشه وتهوره، متقلب الأفكار، ليس له قرار، يطوف مع الكفار، وينكل بالأحرار. وطن ليس له مثيل، يغدر بالوطني ويكرم العميل.
باع هذا الوطن الماكر الكثير ممن أحبوه وخدموه وضحوا من أجله بأبخس الأثمان. وطن ناكر للجميل، تتحكم به عمائم أجنبية لا صلة لهم به، تهيمن على مقدراته، تحت شعار نصرة المذهب، واي نصر حققه المذهب؟ وهل هناك عراقي شريف لم يلمس نتائج هذه النصرة المكذوبة؟ أي نصرة هذه التي تقود الى الهاوية؟ تتزعم وطني مراجع تلبس عباءة النبي المصطفى وتمتطي عقول الجهلة والحمقى، تلبس عمامة النبي وتأنس لأبي جهل وحمالة الحطبِ، مراجع أدعياء تقود جيش من المستغفلين الفقراء الى دنيا الفناء، ومنها بجدارة الى جهنم الحمراء.
تكاد العفونة في عمائهم تزكم الأنوف، شرع الله منهم ناقم وعزوف، دجالون يظهروا للناس ورعهم وزهدهم المزيف البالي ويعيش ابنائهم في دول الإستكبار العالمي بفلل ضخمة وقصور شاهقة ويمتلكون شركات وبنوك... هل هؤلاء حقا مستضعفون او يدافعوا عن المستضعفين، أم أبالسة يدافعوا عن شياطين؟ بل ربما يزيدوا عن الشياطين فكرا، ودهاءا ومكرا؟
هذا الوطن سفينة قبطانها المرجع الأعلى، وطاقمه عمائم عفنه، وميليشيات من عملاء وخونه، لا يمكن أن يصل بركابه الى برٌ الأمان، والا كان الأمر حديث صبيان. نعم اليوم العراق سفينة تائهة في بحر لا نهاية له تتطابق فيه لون المياه مع لون السماء، وتدفع بها رياح السموم القادمة من الشرق الى متاهات مهلكة، وتتلاعب به أمواج عانية من عدة إتجاهات، لا يمكن ان ينجو منها خلال سنين قادمه هذا إذا لم يغرق قبلها، ولبنان الشقيق شاهد، وفي الكارثة ونعم الرفيق، فكلاهما في بحر الظلمات غريق.
خذ الحكمة من الحكماء والعقلاء وليس من الجواسيس والعملاء، فهم بلاء ما بعده من بلاء، هذا البلد الأمين، بلد الأرز والرياحين، بلد الجمال والسحر المبين، بلد المتعة والراحة، قبلة العالم في السياحه، جنة الله على أرضه، خيره بطوله وعرضه، فينيسيا الشرق، وفردوس العرب الأرق، أعلن قبل اسبوع أفلاسه! ويا حسرة وألف حسرة يا منان على ضياع وافلاس لبنان. يا عملاء العالم بأرض الله قدموا التهاني لحين نصر الله، فهو من أوصل لبنان الى درك الأسفل بتوجيه الشيطان الرهبر المعتل.
هل حزب الله الذي أوصل البلد الى قعر الهاوية يتفاخر بفعله؟ الجواب: نعم، ولا عجب، الذي يفتخر بأن يكون جنديا في ولاية الفقيه بدلا من ان يفتخر بأن يكون جنديا لبنايا أصيلا لا يمكن ان يكون عاقلا، أو يمتلك ضميرا حيا، أو ذرة من الشرف والكرامة. وهذه خاتمة البلدان التي تحكمها العمائم العميلة، وتُنفذ فيها أجندات خارجية ضد مصالح الوطن.
لا خير في أديان ومذاهب تسموا على المواطنة، فالوطن لجميع ابنائه، بغض النظر عن الجنس واللون والدين والمذهب والقومية، الوطن الذي يتبنى المكونات بدلا من المواطنة إقرأ عليه السلام، ولا تترحم عليه، فهو لا يستحقها، لأن موت الشر هو إحياء للخير، ومن يؤمن بغير ذلك عليه ان يترقب دمار وخراب وافلاس البلد، والماضيات عبر ومواعظ، والقوادم أفضل شواهد.
أقول لبلدي الماكر: أن الوطن الحقيقي هو الوطن الذي يَحتضنك بدفء وحنان الأم، يضحك لضحكتك ويبكي لبلوتك، وليس الوطن الناقم البائس الذي يُهجِركَ ويجعلك من الحياة يائس! والحاكم الحقيقي هو الأب الذي يبذل الغالي والرخيص من أجلك، فحلمه حلمك، هو الذي يمدٌ لك طوق النجاة ويغامر من أجلك، حتى لو كان الثمن حياته، لا أن يتركك تغرق، يقف متفرجا بلا أدنى مشاعر، لا تتشرف به حتى العاهر. وهل يلام الشاعر الكبير أحمد مطر عندما وصف وطنه" ألا تف على هذا الوطن والف تف"؟
لكن نقول لشاعرنا ليس تف على هذا الوطن! بل تف على أصحاب العمائم الدجالين التي تخفي تحتها أعتى الشياطين. وتف على بوش الذي سلم زمرة الأوغاد قيادة البلاد. وتف على الخامنئي وربيبه الذي أعاد الحكم الصفوي للعراق. وتف على حكومة العمالة التي تنحصر إفعالها بالقتل والسرقة والفساد وإثارة الفتن. وتف على الأصنام الأربعة التي إبتلى العراق بها. وتف على البرلمان العقيم الذي عجز عن تخصيب الحكومة فخصبها الولي الفقيه، فولدت توائم من العملاء، قوادون ولاطة ونغلاء.
وتف على الوقف السني بقيادة الوقف الشيعي، وقف الفساد والسح الحرام والضعف والإذعان، الذي جعل من رئيسه مطيا يحمل رئيس الوقف الشيعي وأحماله فوقه، وتف على الإعلام المأجور والذباب الألكتروني الذين عَرضوا اقلامهم القذرة وألسنتهم الطويلة في سوق النخاسة.
وتف على القضاء الفاسد أس الفساد وأساسه، فهو أساس البلاء، ومصدر النكبات والشقاء، قل لي من القاضي في البلد، اقول لك من يحكمك قرد كان أم أسد.
وتف على جيش الدمج الذي حول ساحات العرضات، ساحات الكرامة والشرف الى عزاء حسيني ولطميات وزحف، وضباط أحقر خلق الله بلا رياء، يدلكون أقدام الزوار الإيرانيين الدخلاء، ويقبلون أقدامهم الرسحاء، الا تبا لكم يا أشباه الرجال يا أنذال، يا مضحكة الأجيال، نسأله تعالى ان يصيبكم سوء الحال.
تف عليكم جميعا كبيركم وصغيركم، وألف تف على الرئاسات الثلاث ولحد أدنى وظيفة في الحكومة السقيمة. أنتم عار العراق بلا منافس، وصرتم عراة بلا ملابس. عاهرة رعناء في بيت بغاء تشرفكم جمعاء.
وأنا.. تف وألف تف، فقد قضيت عمري في خدمة الوطن والدفاع عنه ضد العدوان الخارجي، ونلت أوسمة بطولة، غطاها الغبار، لأعيش وأنا في أرذل العمر مشردا بلا حقوق.
خذ هذه الحكمة: أمر أحد الملوك بتجويع 10 كلاب ضارية، لكي يطعمهم من يخونه من الأمراء وكبار الدولة والرعية. فحدث إن أخطأ أحد كبار وزرائه في إستشارة قدمها للملك، فأحرج بذلك الملك وثار غضبه فأمر بـأن يكون وزيره وجبة الطعام القادمة للكلاب، رغم محبته له، لكن كان قد سنٌ نظاما ولا يستطيع التنازل عنه أو يستثني أحدا منه. لم يعترض الوزير على الحكم، لكنه إستأذن الملك أن يمنحه عشرة أيام وينفذ الحكم بعد إنقضائها. فوافق الملك على مقترحه. طلب الوزير من حارس الكلاب أن يأخذ إجازة لمدة عشرة أيام وأن يحل محله خلالها، فوافق الحارس بسبب حبه الشديد للوزير. وخلال الأيام العشرة كان الوزير يشرف على الكلاب ويطعمها ويغسلها ويفسحها وينظف مكانها ويوآنسها فتآلفت معه. وعندما إنقضت الأيام العشرة، جرت مراسم تنفيذ الحكم بالوزير، فهدوا عليه الكلاب الضارية، وكانت دهشة الملك والحاضرين كبيرة، عندما رأوا الكلاب تداعبه وتتمسح به بكل ودّ! فسأله المالك:ماذا فعلت بالكلاب؟ قال الوزير: جلالة الملك عشت معها وخدمتها عشرة أيام فقط ولم تنسَ خدمتي لها، وخدمتك عشر سنوات ولكنك نسيت خدماتي. فخجل الملك وسامح الوزير وعفى عنه. الكلاب قد أوفت للوزير يا وطن، وأنت لم توفِ. أقول للوطن الجاحد: وداعا وليس لقاءا أيها الغادر!
1029 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع