د.جابر أبي جابر
المساعدات الأمريكية للاتحاد السوفيتي أثناء الحرب العالمية الثانية (الليند –ليز)
في أعقاب دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية ضد دول المحور أقر الكونغرس الأمريكي قانون ضمان الحماية من قبل الولايات المتحدة (11 آذار/ مارس عام 1941)، المعروف بقانون الإعارة والتأجير (الليند – ليز) كبرنامج حكومي لتقديم التوريدات المختلفة إلى الحلفاء من أسلحة ومعدات عسكرية وطبية وخامات استراتيجية ومواد غذائية.
وفي البداية كان برنامج الليند- ليز يشمل بلدان الإمبراطورية البريطانية ثم انضم إليه الاتحاد السوفيتي في تشرين 2/ نوفمبر عام 1941. وفي نهاية الحرب أصبح جميع حلفاء الولايات المتحدة في الائتلاف المعادي للهتلرية مشاركين في هذا البرنامج.
وفي غضون عشرات السنين كان المؤرخون والمسؤولون السوفيت وبعدهم الروس المحافظون من قوميين وشيوعيين يسعون إلى التقليل من أهمية التوريدات العسكرية واللوجستية والغذائية الأمريكية في تحقيق النصر على القوات النازية. وفي المقابل صدرت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أعمال تتعلق بهذا الموضوع تظهر التوريدات الآتية ضمن برنامج الليند - ليز وكأنها العامل الأول والأخير الذي لولاه لكان الاتحاد السوفيتي قد انهزم لامحالة. وهكذا فقد تحول هذا الموضوع إلى سلاح إيديولوجي لدى كلا الجانبين. ومما لا شك فيه أن المساعدات الضخمة، التي قدمتها الولايات المتحدة إلى الاتحاد السوفيتي وفقاً لقانون ضمان حماية الولايات المتحدة " ليند - ليز"، بما في ذلك الأسلحة ( الدبابات والمصفحات والطائرات بعشرات الآلاف لكل نوع)، والمعدات العسكرية والذخيرة (رادارات وقاطرات وسفن مختلفة بالمئات وقذائف مدفعية بالملايين، وطلقات للرشاشات والمسدسات بعشرات الملايين)، وحافلات الركاب والشاحنات وسيارات الجيب (بعشرات الآلاف لكل نوع) ، والمواد الاستراتيجية والغذائية وخاصة القمح ومعلبات اللحوم، لعبت دوراً كبيراً في دعم مقاومة الاتحاد السوفيتي للاحتلال النازي، ودحر القوات الألمانية، وملاحقتها عبر أوروبا الشرقية وصولاً إلى برلين.
وتجدر الإشارة إلى نوعية المعدات والآليات المرسلة إلى الاتحاد السوفيتي في نطاق الليند- ليز، إذ كانت في حالات كثيرة تفوق، من حيث الجودة، مثيلاتها السوفيتية كالسيارات والمكنات. وإلى جانب ذلك جرى توريد بعض أنواع المواد والمعدات، التي لم تكن تنتج في الاتحاد السوفيتي عموماً، مثل الكاوتشوك الطبيعي ،وناقلات الجنود، وسفن الإنزال، وأجهزة إزالة الألغام اللاتلامسية، وطائفة من نماذج الرادارات وأجهزة السمعيات تحت الماء إلخ.
ومن الضروري لدى تقييم فعالية الليند- ليز الأخذ بعين الاعتبار عامل الوقت. فإن الدبابات، التي أرسلها الحلفاء خلال العامين 1941- 1942 بلغت، 96% من الدبابات المصنعة في الاتحاد السوفيتي خلال الأشهر الستة الأولى للحرب. وبحلول تموز/ يوليو عام 1942 كان عدد الدبابات المستوردة قد وصل إلى 2260 أي 19%. كما أن الطائرات التي أرسلت وفقاً للبروتوكول الأول خلال الليند- ليز أتاحت التعويض بنسبة 40% من خسائر القوات الجوية السوفيتية منذ بداية الحرب.
وقد اقترح الأمريكان على السوفيت أن يسددوا فقط ثمن المعدات المدنية، التي تلقوها لغاية 2 أيلول/ سبتمبر عام 1945. ولكن المباحثات بهذا الخصوص انقطعت من الجانب السوفيتي واستؤنفت في عام 1972 فقط. وعند ذلك جرى التوصل إلى اتفاق التزم الاتحاد السوفيتي بموجبه بتسديد 722 مليون دولار. ولكن لم يتم تسديد سوى 48 مليون دولار من هذا المبلغ. وفي عام 1990 حدد الجانبان مهلة جديدة لإيفاد الدين – حتى عام 2030 بالنسبة للمبلغ الباقي وهو ما يشكل أقل من 1% من القيمة الإجمالية لتوريدات الليند- ليز.
وربما سيساعد الجدول الوارد أدناه على تكوين تصور أكثر موضوعية حول دور واردات الليند - ليز في الحرب التي تسمى عند الروس بالحرب الوطنية العظمى.
11400 طائرة أمريكية (من شتى النماذج)+ 7 آلاف طائرة(من بريطانيا)
مدرعات أمريكية (دبابات ومصفحات إلخ.) 12537+ 6564 (من بريطانيا)
حراقات (مدمرات) -197
سفن مضادة للغواصات - 105
غواصات- 4
طرادات - 1
رادارات - 445
زوارق طوربيدية (من نوع"باشر" و"هيغينس" و"ايلكو") – 202
سفن إنزال - 43
كاسحات ألغام - 99
مسدسات من نوع "تومسون-45 " – 12,997 قطعة
أسلحة أوتوماتيكية – 131,633 قطعة
مدافع م/ط - 7944 مدفعاً
مدافع مضادة للدرع – 5 آلاف مدفع
دراجات نارية 35170+ 1721(من بريطانيا)
شاحنات 375883 شاحنة+ 5,232 آلاف (من بريطانيا)
مصنع إطارات عجلات - 1
سيارات جيب – 51,503 ألف
جرارات - 8071
قاطرات للسكك الحديدية - 1977
عربات لقطارات الشحن – 11,125 ألف
عجلات سيارات- ,786 3 ملايين عجلة
مجموعات معدات لتركيب مصافي تكرير النفط - 6 مجموعات
سفن شحن – 90 سفينة
محركات سفن – 7784 محركاً
معادن غير حديدية - 802 ألف طن منها:
نحاس - 404 ألف طن
ألمنيوم - 301 ألف طن
قصدير - 29 ألف طن
كوبالت - 470 طناً
مواد كيميائية مختلفة - 842 ألف طن
أسلاك شائكة - 45 ألف طن
سكك حديدية - 622,1 ألف طن
بنزين طائرات 2,516 مليون طن
بنزين سيارات - 242,8 ألف طن
أجهزة إرسال لاسلكي - 35 ألف
محطات لاسلكي – 5899 محطة
جزمات عسكرية – 15,417 مليون زوج
جلود لصنع الأحذية - 50 ألف طن
صهريج قطارات – 100
صفائح فولاذ لصنع المدرعات - 2,8 مليون طن.
إطارات عجلات - 3,659 مليون إطار
ماكينات قطع المعادن - 38,1 ألف ماكينة
كاوتشوك طبيعي - 103,5 ألف طن
متفجرات مختلفة بما في ذلك :
مواد تفجير- 345,735 ألف طن
مادة التروتيل - 123,150 ألف طن
ديناميت - 31,933 ألف طن
بارود - 127 ألف طن
مادة الإيثانول (لتحضير المواد المتفجرة) - 331,1 ألف ليتر
صواعق مفجرة - 903 آلاف
أجهزة هواتف عادية 2,5 مليون جهاز
أجهزة هواتف ميدانية - 189 ألف جهاز
كوابل هواتف ميدانية - 956,7 ألف ميل
صوف - 98 ألف طن
قطن - 106,893 ألف طن
أزرار ملابس – 257,723 مليون زر
جزمات عسكرية ,41700015 مليون زوج
بطانيات - 1,541590 مليون بطانية
مواد غذائية - 4,915818 ملايين طن بما في ذلك :
علبات اللحم المطبوخ –077,2 مليار علبة
زبدة - 65 ألف طن
دهن حيواني – 602 ألف طن
سكر- 700 ألف طن
مشتقات نفطية 2,760 مليون طن
مواد بناء بقيمة 10,91 ملايين دولار(حسب أسعار الأربعينات)
آلات ومعدات مختلفة بقيمة 1,078965 مليون دولار(ناتاليا بوتينينا. صفقة العصر. موسكو، "دار نشر مدرسة الاقتصاد العليا، 2004)؛ روبرت جونس. الدروب نحو روسيا. التوريدات العسكرية الأمريكية إلى الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب العالمية الثانية (1941-1945)، دار نشر"سنتربوليغراف"، 2015، ادوارد ستيتينيوس. ليند- ليز: سلاح النصر.موسكو، دار نشر"فيتشيه"،2000).
وقد كانت المساعدات الأمريكية للاتحاد السوفيتي تصل عبر ثلاث طرق رئيسية وهي: المحيط الهادئ(فلاديفوستوك) والبصرة- إيران ومنطقة القطب الشمالي. أما بقية الطرق فإنها لم تكن سالمة من هجمات القوات الحوية والبحرية الألمانية.
وفي مرحلة ما بعد الحرب كان يجري في الأوساط السياسية والصحفية التقليل من أهمية الليند – ليز بالنسبة للاتحاد السوفيتي أثناء الحرب. ورداً على ذلك أوضح المارشال جوكوف قائلاً :" يتحدثون الآن عن أن الحلفاء لم يساعدوننا كثيراً... فهل بامكاننا يا ترى أن ننكر ما أرسله لنا الأمريكان من توريدات ضخمة لم يكن بوسعنا دونها متابعة الحرب... فالمعروف أننا كنا آنذاك بحاجة ماسة لمواد تفجيرية وكميات كافية من البارود لحشو طلقات البنادق. وقد ساعدتنا توريدات الأمريكان من المواد المذكورة على الخروج من هذه الورطة. وكم من صفائح الفولاذ وصلنا منهم! فهل كان باستطاعتنا تنظيم إنتاج الدبابات لولا تزويد الأمريكان لنا بالفولاذ؟ وفي أيامنا هذه يصورون الأمر وكأن الفولاذ عندنا كان متوفراً بكميات كبيرة". من تقرير رئيس الكي جي بي إلى خروشوف (ممهور بختم – سري للغاية).(نيكولاي زينكوفسكي. المارشالات والأمناء العامون. موسكو.1997). وبهذا الصدد أشار مترجم ستالين في مذكراته قائلاً :" من السهل الأن القول بعد مرور وقت طويل أن المساعدات عبر برنامج الليند- ليز لم تكن ذات أهمية كبرى. ولكن في عام 1941 عندما خسرنا كل شيء ما الذي كان بوسعنا أن نفعله لولا الليند – ليز أي بدون الأسلحة والفولاذ والمواد الغذائية والوقود والأحذية للجيش وغير ذلك من الإمدادات!..." (فالنتين بيريجكوف. كيف أصبحت مترجم ستالين. موسكو، دار نشر"ديم"،1993، ص.337). كما أن ستالين نفسه أشار في رسالته إلى روزفلت المؤرخة في نوفمبر عام 1941 إلى ما يلي : " السيد الرئيس ... تقبلت الحكومة السوفيتية بمزيد الامتنان قراركم حول تقديم قرض بمقدار 100 مليون دولار لتأمين التجهيزات الحربية والخامات للاتحاد السوفيتي باعتباره مساعدة جوهرية لبلدنا في نضاله المستميت ضد العدو المشترك- الهتلرية الدموية". وفيما بعد خلال انعقاد مؤتمر طهران أشاد ستالين بالمساعدات الأمريكية والبريطانية واعتبرها فائقة الأهمية . وقد جاء ذلك أثناء النخب، الذي رفعه في المأدبة المقامة يوم 30 تشرين2/نوفمبر عام 1943 بمناسبة عيد ميلاد تشرشل التاسع والستين.
وبالإضافة إلى قانون الليند- ليز تلقى الاتحاد السوفيتي مساعدات قيمة من جانب "جمعية مساعدة الروس في الحرب"((Russin War Relief ، التي تأسست في نيويورك يوم 12 تموز/يوليو من عام 1941. وقد نشطت هذه الجمعية في 40 مدينة أمريكية وانصب اهتمامها على جمع التبرعات لمساعدة الجيش الأحمر والسكان المدنيين وتنظيم اجتماعات حاشدة تطالب بفتح الجبهة الثانية لتخفيف الضغط على الاتحاد السوفيتي.
وكان ضمن المتطوعين أعضاء في الكونغرس ومحامون بارزون وكبار المسؤولين المصرفيين ودبلوماسيين وعلماء إلخ. وشارك في نشاط الجمعية عدد كبير من المهاجرين الروس والأوكرانيين واليهود وشخصيات معروفة من العلماء والفنانين مثل ألبيرت اينشتاين وروبرت اوبنغيمر وشارلي شابلين وسيرجي رحمانينوف وهنري مان وغيرهم. وقد تسنى للجمعية خلال عملها جمع مليار و500 مليون دولار(حسب الأسعار الحالية) وهو مبلغ كبير جداً. وبهذه الأموال كان يجري شراء المعدات العسكرية والأدوية والتجهيزات الطبية للجيش الأحمر.وقد أنشأت هذه اللجنة ورشات لإنتاج الملابس وسلع الاستخدام المنزلي حيث كان الأمريكيون يعملون مجاناً في أيام العطل. ومن الأشياء التي أرسلتها اللجنة إلى الاتحاد السوفيتي خلال الحرب :
- 4.5 ملايين رطل من البذور للكولخوزات
- أدوية ومعدات طبية (3816 طناً)
- 980 ألف زوج من الأحذية
- 2.240 مليون متر من الأقمشة
1089 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع