د. أكرم المشهداني
للمدة من 5-8 تموز 2013 عقدت جمعية الحقوقيين العراقيين في بريطانيا في مدينة اسطنبول مؤتمرها المعنون (الجرائم والانتهاكات لحقوق الانسان في العراق)، وبمشاركة عدد كبير من الباحثين والمهتمين والاختصاصيين في مجال القانون وحقوق الانسان من العراقيين والعرب وغيرهم، وممثلين عن عدد من المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الانسان، وجمع من ممثلي مختلف وسائل الإعلام.
كان الهدف من المؤتمر كما أعلن منظموه، "من أجل تسليط الاضواء على الاوضاع الماساوية لحقوق الانسان في العراق، ومدى تاثيرها السلبي على طبيعة وبنية نسيج المجتمع العراقي, بسبب اعتماد العملية السياسية التي أنشأها الاحتلال، على المحاصصة الطائفية المقيتة، التي تفرق بين مكونات الشعب العراقي، وتؤلب بعضها على بعض، مما يؤدّي الى زعزعة الامن والسلم في العراق والمنطقة واشعال الفتن الطائفية المدمرة، ونتيجة التقصير الواضح لأركان النظام الحاكم في العراق والعملية السياسية وتردّي الأوضاع الصحية والخدمات وازدياد القمع والاضطهاد للحريات وتفشي الفساد المالي والإداري والمحسوبية والمحاصصة في مؤسسات الدولة، وعجز المنظومة القانونية بما فيها القضاء وأدواته التنفيذية عن توفير الامن والسلم والعدالة في العراق".
وقد انعقد المؤتمر على مدى ثلاثة أيام وتضمن سبع جلسات نوقش فيها ثمانية وعشرون بحثاً قدمها مختصون في مختلف مجالات محاور المؤتمر، واعقب ذلك مداخلات ومشاركات لمناقشة والتعقيب على البحوث المقدمة تسهم في التعريف باوضاع حقوق الانسان والانتهاكات الصارخة بحق الانسان العراقي في محاولة مخلصة من الجميع لايجاد الحلول اللازمة لايقاف هذا التدهور المخيف في تلك الاوضاع.
أفتتح المؤتمر رئيس الجمعية ورئيس المؤتمر الدكتور طارق علي الصالح، الذي تحدث عن أهمية المؤتمر وموضوعاته وانعقاده في هذه الظروف بالغة التعقيد، التي تشهد تصاعد الحراك الشعبي في داخل العراق الحبيب استنكارا لسياسات وممارسات الاضطهاد والتعسف وخرق حقوق الانسان التي تمارسها السلطة الطائفية بحق الشعب العراقي، من اعتقالات تعسفية وأفعال لاانسانية وقمع ومصادرة للحريات من خلال اجراءات جائرة وممارسات قانون الارهاب والمادة 4 ارهاب والمخبر السري والاختفاء القسري وقانون الاجتثاث وما تشهده المعتقلات العلنية والسرية من انتهاكات صارخة بحق المحتجزين ظلما من النساء والاطفال والرجال، وما تعرضت له تظاهرات الحراك الشعبي الوطني العراقي من قمع وصل حد ارتكاب مجازر كما حصل في مدينة الحويجة الباسلة وفي مدن اخرى مثل ديالى وسامراء والفلوجة والموصل.
توزعت ابحاث المؤتمر على سبعة محاور وهي:
المحور الاول: الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق الشعب العراقي: وتضمن شهادات حية عن الممارسات والانتهاكات لحقوق الانسان من السجون والمعتقلات، وجرائم الميليشيات الطائفية بحق الأبرياء، والجرائم المرتكبة من قبل أجهزة السلطة الأمنية والعسكرية وبخاصة حادثة قتل متظاهري مدينة الحويجة،
المحور الثاني: محور حقوق الانسان تناول دراسة عن دور الاعلام في التعامل مع خروقات حقوق الانسان في العراق، ونموذج الاعتقال التعسفي باعتباره خرقا فاضحا لاحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي، وتناول المحور ايضا مسالة حرمان الأنسان الأحوازي من حقوقه الأنسانية.
المحور الثالث: محور الحالة الصحية العقلية والنفسية للانسان العراقي نتيجة الاحتلال وافرازاته، وتضمن مناقشة تأثير الاحتلال والجرائم التي يرتكبها النظام الطائفي الحالي بحق الانسان العراقي والقتل على الهوية، والمعاناة النفسية والعقلية التي نجمت عنها آثار سلبية نتيجة الاصابة بأعراض ما بعد الصدمة النفسية. كما نوقش في هذا المحور موضوع تردي أوضاع الخدمات الصحية والخدمات الضرورية الأخرى بسبب الفساد الإداري والمالي واهمال خدمات الرعاية الصحية الأولية والوقائية وتحطيم البنية التحتية للخدمات ذات العلاقة بصحة الانسان العراقي واتباع سياسة دوائية فاشلة.
المحور الرابع: محور الانتهاكات الدستورية، وتناول هذا المحور إشكالية الشرعية والمشروعية للعملية السياسية في العراق كونها تفتقر إلى الشرعية بحكم كونها نتاج احتلال لاشرعي، كما انها تفتقد للمشروعية كونها لا تلتزم بما في الدستور الذي كتبته، رغم لا شرعيته، كما تطرق الباحثون الى الاضطهاد الفكري وعدم التزام الحكومة في باب الحقوق والحريات للمواطن العراقي الواردة في الدستور مثل حرية التعبير عن الراي والتظاهر السلمي.
المحور الخامس: محور القانون الدولي الانساني وانتهاكات سيادة الدول، وتم التطرق في هذا المحور الى دور ايران التوسعي وانتهاكها لسيادة العراق منذ تسلم الملالي السلطة في ايران وانتهاكها لمبادئ القانون الدولي والتدخل في الشؤون الداخلي للعراق ودول المنطقة، وارتكاب افضع الجرائم بحق العراق ارضا وشعباً. كما بحث في هذا المحور مدى تاثير بعض القوانين التي اصدرتها سلطة الاحتلال والعملية السياسية في العراق لتفتتيت النسيج الاجتماعي العراقي، بعد 2003، وارهاب الشعب العراقي مثل تشريع قوانين "الاجتثاث" و"المسائلة والعدالة" و"مكافحة الارهاب".
المحور السادس: المحور التشريعي والقضائي: وتناول فيه الباحثون الكلام عن مدى استقلالية القضاء العراقي بانه قضاء تابع للسلطة التنفيذية من الناحية الفعلية، وينفذ أجندة طائفية بسبب اختراقه من قبل ميليشيات والاحزاب الطائفية، وفقدانه للعدالة والمصداقية والاستقلالية في قراراته. كما تم التحدث عن إرهاب قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 كونه يتضمن أحكاما تتناقض ومبادئ القانون الجنائي والمعايير الدولية. كما تم التحدث عن جرائم الفساد الاداري والمالي في العراق وانتهاكها لحقوق الانسان.
المحور السابع: وتضمنت الجلسة محورين هما الضحايا والتعويضات، وحقوق المراة والطفل.
توصيات المؤتمر:
من خلال ما طرح في اوراق العمل والمناقشات والتعقيبات في الجلسات تم تدوين العديد من المقترحات والتوصيات. وتضمنت التوصيات الآتي:
1. بذل الجهود مع المنظمات الدولية لايقاف التدهور في اوضاع حقوق الانسان والعمل معها من أجل إحالة مرتكبي جرائم الحرب وجرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية في العراق الى العدالة الدولية.
2. تكليف الجمعية بتشكيل لجنة من القانونيين والاطباء والاعلاميين وغيرهم تتولى مهمة تسجيل وتوثيق الجرائم وانتهاكات حقوق الانسان في العراق بمختلف صورها، بغية العمل على تدويل هذه الجرائم والسعي لمقاضاة مرتكبيها وفقا لقواعد القانون الدولي الانساني والمحكمة الجنائية الدولية.
3. حث الاعلاميين ووسائل الاعلام المهتمة بالشان العراقي، على التعريف اعلاميا بالانتهاكات الحاصلة لحقوق الانسان في العراق، بهدف حشد ولفت انتباه المجتمع الدولي ومنظماته على حجم تلك الانتهاكات وضرورة التصدي لها وفضح وملاحقة مرتكيها.
4. التحرك دوليا واقليميا لمساعدة ودعم ضحايا النظام الطائفي الصفوي الحالي نتيجة اعمال التعذيب والقتل والاضطهاد والاغتصاب وهو الامر الذي ادى الى تفاقم اعداد الارامل والايتام الذين هم في امس الحاجة للمساعدة والدعم من المنظمات الانسانية الدولية والعربية.
5. ضرورة دعم الجهود القانونية من أجل إصدار قرار دولي يحمّل كل الجهات التي ساهمت في غزو واحتلال العراق المسؤولية القانونية عن دفع التعويضات عن آثار الاحتلال والحرب العدوانية وممارسات قوات الاحتلال بحق ابناء الشعب العراقي.
6. يوصي المؤتمر بتجميع طلبات جميع ضحايا التعذيب في العراق موثقة بالوقائع والتقارير والصور وغيرها من الاثباتات ورفعها الى المفوض الخاص للامم المتحدة لمناهضة التعذيب - خاصة وان العراق من الدول المصادقة والمنضمة الى اتفاقية الامم المتحدة لمناهضة التعذيب.
7. كما يرى المؤتمرون أهمية تعريف المجتمع الدولي، ومنظماته المتخصصة بالحالة البائسة للقضاء العراقي اليوم وفقدانه الاستقلالية، وتبعيته المطلقة للسلطة التنفيذية وأحزابها الطائفية، وغياب الضمانات الحقيقية للمتهم في ظل ما يحصل من اجراءات مخالفة لأبسط قواعد العدالة الجنائية المعتمدة دولياً.
8. مطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية بالضغط على الحكومة بالاستجابة الى جميع مطالب المتظاهرين المعتصمين في سوح العزة والكرامة، وبخاصة منها وجوب الغاء قانون الارهاب رقم 13 لسنة 2005 وما يسمى بالمخبر السري والاجتثاث والاسراع في اطلاق سراح جميع المعتقلين والمعتقلات وملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب والاغتصاب في المعتقلات الحكومية السرية والعلنية.
9. العمل على إعلام المجتمع الدولي ومنظماته القانونية، بخطورة العديد من التشريعات التي أصدرها أو على وشك أن يصدرها النظام الطائفي التعسفي القائم في العراق، والتي تصادر حرية الفكر وتضيق حرية الرأي وتلاحق الناس على أفكارهم وقناعاتهم وانتماءاتهم، ومن شأنها أن تفتت نسيج الأواصر الاجتماعية وتنشر الرعب في المجتمع، ومن ذلك على سبيل المثال قانون المعلومات وقوانين الاجتثاث والمسائلة والعدالة وأي قانون اقصائي آخر.
10. يثمن المؤتمرون الجهود المبذولة من بعض المنظمات والجمعيات والهيئات داخل العراق وخارجه لتوثيق الجرائم والانتهاكات الحاصلة على حقوق الانسان العراقي وتجهيز ملفات المقاضاة على النطاقين الوطني والدولي، ونأمل أن يتم التنسيق والتعاون وتوحيد الجهود فيما بين جميع الجهات لايصال صوت ومعاناة المظلومين والمضطهدين الى الجهات المعنية وملاحقة مرتكبي تلك الجرائم.
11. وإذ يستذكر المؤتمرون واقعة تفجير المرقدين المقدسين في سامراء في شباط (فبراير) 2006 تلك الجريمة التي كانت الشرارة التي أشعلت حرب الإبادة الطائفية في العراق وراح ضحيتها مئات الألوف من الأبرياء المسالمين على يد الميليشيات الصفوية، واتخذتها الحكومة الطائفية واجهزتها ذريعة للزج بالأبرياء في السجون والمعتقلات، فإن المؤتمرين يوجهون بلفت أنظار المجتمع الدولي إلى التصريحات الأخيرة لقائد قوات الاحتلال الاميركي في العراق حينها، الجنرال كيسي الذي صرح علنا بان إيران وميليشياتها هي التي تقف وراء تفجير المرقدين الشريفين في سامراء، وهي شهادة موضع الأهمية والخطورة من شخص كان المسؤول الأول عن الأمن في العراق، مما يتطلب ان لا تمر هذه القضية مرور الكرام بل يجب تحريك العدالة الدولية لتأخذ مجراها في ملاحقة المجرمين الذين ارتكبوا الجريمة ومن يقف وراء توجيههم والتخطيط والتنفيذ لهذه الفعلة الاجرامية الخطيرة والتستر عليها.
12. يشاطر المؤتمرون إخوانهم الأحوازيين بما يتعرضون له من اضطهاد وتهميش واضطهاد وقهر من قبل النظام الفارسي العنصري ويعلنون تضامنهم معهم ودعم قضيتهم امام المجتمع الدولي والاقليمي للحصول على حقوقهم المشروعة.
13. ولغرض تنفيذ هذه التوصيات فإن المؤتمرين اتفقوا على ان تقوم جمعية الحقوقيين العراقيين في بريطانيا بأتخاذ الإجراءات اللازمة لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات، واجراء ما يقتضي من اتصالات مع الشخصيات الفاعلة لغرض تشكيل لجان من عدة جمعيات والمنظمات غير الحكومية المشاركة في المؤتمر، لمتابعة تنفيذ التوصيات بالتنسيق مع الجهات المعنية في المجتمع الدولي وفي العراق.
التقييم العام للمؤتمر وما صاحبه من سجالات:
1.لم يخل المؤتمر من كثير من نقاط الخلاف والتضارب، حتى قبل انعقاده، من خلال عدد من المشككين في نوايا المؤتمر وحقيقة اهدافه وطبيعة منظميه. ولكن معظم من تهجموا على المؤتمر واتهموه قبل انعقاده تراجعوا عن اتهاماتهم المتعجلة.
2.صاحبت جلسات ومناقشات المؤتمر العديد من الازمات والمشاكل التي اثارها بعض المشاركين، خاصة وان هذا اول مؤتمر عراقي شامل يشارك فيه جميع قوميات واطياف الشعب العراقي واتجاهاته الفكرية والحزبية، واذكر من بعض نقاط الشد والتازيم في المؤتمر:
·حاول بعض الأخوة الكورد إثارة موضوع " مجزرة حلبجة"، في اطار الحديث عن "مجزرة الحويجة"، ولكن هذا المقترح لقي معارضة قوية من باقي الحضور لعدم صلته بموضوع المؤتمر من جهة، ولكون الرواية عن حلبجة ثبت سياسيا وعلميا واستخباريا عدم صحة نسبتها الى الجيش العراقي باعتراف الادارة الامريكية ومخابراتها نفسها من جهة اخرى.
·اثارت اشارة بعض المشاركين الى تسميات طائفية بعينها اعتراضا واسعا من اغلب الحضور، والاكتفاء بوصف النظام القمعي في العراق بانه نظام صفوي لا يمثل اهلنا الشيعة، مثلما لايمثل كثير من رموز العملية السياسية الخائبة اهل السنة في العراق.
·اثار موضوع تطرق احد الضيوف المشاركين من مصر وترحيبه بما حدث في مصر مؤخرا اعتراض اعداد كبيرة من المشاركين بالمؤتمر لعدم صلة الموضوع بموضوع المؤتمر ولان ما حدث من انقلاب على الشرعية وصعود نجم احد العناصر العملية للامريكان ممن اسهم بتقاريره الكاذبة في شرعنة تدمير العراق، وحصل هرج ومرج نتيجة انضمام البعض الى مساندة الوضع الجديد والآخرون كانوا معارضين للطرح اساساً.
·اثار موضوع ما يسمى بـ"المصالحة الوطنية" الذي طرحه احد الضيوف من الجزائر، معارضة وعدم قبول من كثير من المشاركين لان العراقيين الاصلاء متصالحون مع بعضهم وليسوا بحاجة الى مصالحة لكن سياسات الثار والانتقام والتهميش والاقصاء التي تمارسها السلطة الطائفية هي التي يجب ان تنتهي وتزول.
·اضافة الى موضوعات اخرى او نقاط محددة من محاور المؤتمر اثارت لغطا واختلافا لكن ادارة المؤتمر عملت بكل جهدها لتلافي الخلافات وتوجيه المؤتمر نحو بلوغ الغايات المرجوة منه.
·صاحبت التحضير للمؤتمر ومع انعقاد جلساته الكثير من الاتهامات المتسرعة من قبل العديد من الاطراف لهذا المؤتمر منهم من قال انه مؤتمر اختطفه البعثيون وازلام النظام السابق ويهدف الى اعادة البعثيين للحكم (مقالات وتعليقات نشرت في موقع ايلاف)، ومنهم من قال (ان المؤتمر يروج لاتجاهات هيئة العلماء) وآخرون اتهموه على العكس بانه يروج لاقطاب العملية السياسية ومنهم الحزب الاسلامي، وقد ثبت بالملموس عدم صحة جميع الاتهامات اعلاه التي وجهت للمؤتمر.
·واود ان اعيد ما كتبه الاخ د عمر الكبيسي الذي ابدع في محاضرته القيمة في المؤتمر حيث كتب يقول: ((كانت فكرة انعقاد المؤتمر في استنبول للفترة من 5-8 تموز 2013 وتوقيته رائدة وموفقة في اختيار الموضوع والمحاور والأهداف طال انتظارها مع تراكم حجم الانتهاكات لحقوق الانسان في العراق المنكوب. وشكل المؤتمر فرصة مناسبة جدا للقاء عراقي وطني التقت فيه شخوص وطنية من مختلف أبقاع العالم من خارج العراق مع زملائهم في الداخل من شرائح المفكرين والشباب والشيوخ ومن الإعلاميين وساحات الحراك وشيوخ العشائر حيث تبادلوا الأراء والتوقعات بما يهم الشأن العراقي ومشاكله ونكبته ومستقبله ومستلزمات العمل الجاد لانتشاله من محنته. وتمييز بظاهرة ان اختلاف الرأي لم يشكل في مسحة الود والنقاش والحوار مهما اشتد قضية وهي ظاهرة صحية في أجواء مؤتمر واسع حضرته شرائح ومكونات اجتماعية وقانونية وسياسية واسعة.))
3.الخلاف حول التوصيات:
أ.اثارت عملية كتابة وقراءة التوصيات لغطا في المؤتمر نتيجة اصرار البعض على ادراج توصيات محددة وفقا لما ارادوه ومعارضة لصيغة بعض التوصيات المطروحة، ومع انني كلفت شخصيا من ادارة المؤتمر بتلاوة التوصيات كوني ساهمت في صياغة بعضها والبعض الآخر تم استخلاصه من البحوث الملقاة ومن المناقشات التي جرت في جلسات المؤتمر ولا توجد اي توصية طارئة ليس لها اصل من بحث ملقى او طرح خلال المناقشات.
ب.ومنها ما اعلنه الاخ عماد الدين الجبوري بمقالته الموسومة (بيان التخلي عن مقررات مؤتمر اسطنبول) والتي خلص بنتيجتها الى رفض الموقعين على البيان وهم كل من (د. شلال عمر يوسف.د. عماد الدين الجبوري. والحركات الداخلية التالية:تجمع شباب الأنبار. الثورة العراقية الكبرى. مجلس شباب الثورة. حركة إنتفاضة أحرار العراق. اللقاء العربي المشترك في كركوك. الحركة الشعبية لإنقاذ العراق.الجبهة الشعبية لإنقاذ كركوك). وعدم قبول الهيئة المنظمة للمؤتمر للتعديلات التي طالبوا بها (ومنها "تشكيل لجنة مشتركة" تقوم بالإتصالات والمتابعات الخارجية، فإنها لم تُنفذ بالمعنى الصحيح لها. بل إنتقلت إلى حيز "تشكيل لجان" تأتي تالية إلى "جمعية الحقوقيين العراقيين في بريطانيا". مما يحفظ أولوية التحرك الخارجي لطرف دون آخر) واعلنوا تخليهم عن التوصيات الصادرة عن المؤتمر . وانا لا اتفق مع هذا الراي الذي يتعجل الامور فيتوقع ان تقوم الجمعية (عن سوء قصد يفترضه بيان التخلي) بان تنفرد في امر تشكيل لجنة المتابعة، لذلك فان الموقعين (على افتراض اتفاقهم) يعلنون تخليهم عن الالتزام بمقررات وتوصيات المؤتمر، وهو مع جل احترامي وتقديري للمعترضين، تسرّع لا محل له ولن تستطيع الجمعية ان تصادر حقا للمشاركين، وكان الافضل التريث لحين ان تقوم الجمعية بتسمية اعضاء لجنة المتابعة ومن ثم يتم الاعتراض.
ج.كما ان البعض اعترض على عدم مناقشة فقرات البيان الختامي كما جرت العادة، ولهم الحق في ذلك لولا ان جلسة التوصيات تاخرت كثيرا بسبب امتداد الجلسة التي سبقتها وبسبب ارتباط معظم المؤتمرين بمواعيد السفر التي قاربت مع جلسة التوصيات.
د.ومن التوصيات القيمة التي لم يتم التطرق اليها في البيان الختامي لحسابات معينة تقدرها اللجنة المنظمة وهو المقترح المقدم من الاخ الاعلامي القدير مصطفى كامل بشان صدور بيان من الامم المتحدة بخصوص المقابر الجماعية التي ضمت رفاة جنود عراقيين مغدورين، ورغم انني تلوت البيان الختامي بتكليف من الجمعية الا انني اضم صوتي لمطالبة الاخ مصطفى كامل بادراج فقرة تخص المقابر الجماعية للجنود العراقيين التي اعترف بها الامين العام للامم المتحدة في بيانه كما ادعو الى اعتماد وثيقة الامم المتحدة كمرجع للجهات الحقوقية العراقية في اقامة الدعاوى مستقبلا ضد من قتلوا الجنود العراقيين الابرياء ودفنوهم بملابسهم العسكرية.
ه.مهما تكن فهي توصيات وليست مقررات لان المؤتمر وهيئته التنظيمية، لايمتلكان سلطة اتخاذ قرارات بل انها مقترحات بصيغة التوصيات وتعبر عن الحد الادنى للاتفاق بين مختلف اتجاهات الشعب العراقي من كل الفئات.
4.التقييم العام للمؤتمر:
·ارى ان الميزة الاكبر لهذا المؤتمر – في اعتقادي وحسب معلوماتي - أنه اول مؤتمر عراقي بهذا الحجم من سعة وشمولية المشاركة، فقد ضم مشاركين مدعوين من جميع محافظات القطر، من داخل العراق ومن خارجه، من جميع القوميات والاطياف والمذاهب والاديان، وشيخ عشائر ووجهاء، مفكرون من جميع الاتجاهات السياسية (علماء دين، اساتذة جامعات، ضباط سابقين، اطباء، محامين وحقوقيين، مهندسين، كتاب صحفيين ومفكرين، بعثيين وشيوعيين وقوميين، يساريين ويمينيين، اسلاميين وعلمانيين، ومن مختلف الاحزاب الكوردية والتركمانية، ومن مختلف الاتجاهات الاسلامية ومن ممثلين عن الحراك الشعبي داخل القطر وخارجه من كل التوجهات، وحضر ممثلون عن المنظمات الاحوازية المقاومة للاستعمار الفارسي، كما حضر ممثلون عن منظمات حقوقية عالمية. وهي ميزة ميزت هذا المؤتمر، والذي اقر بانه لم يخلو من الهفوات والاخطاء البسيطة، لكنه نجح في توحيد صفوف العراقيين خلف اهداف وتوجهات مركزية مشتركة وهي وجوب الترفع عن الطائفية والخطاب الطائفي والالتجاء للخطاب الوطني الموحد، ووجوب ملاحقة ومحاسبة جميع منتهكي حقوق الانسان ومرتكبي الجرائم ضد الانسانية واحالتهم الى القضاء الدولي لينالوا جزائهم العادل، لان هذه الجرائم والانتهاكات لا يمكن ان تسقط بالتقادم. ولن يضيع حق وراءه مطالب.
·واستعيد فقرة اخرى من مقالة الطبيب عمر الكبيسي (( الأمل معقود أن يشكل هذا المؤتمر محاولة أولى بشأن هذا الموضوع المهم ونأمل ان يتم التأسيس لمؤتمرات قادمة تتفادى السلبيات وتتبنى الثوابت الذي أسس لها هذا اللقاء الذي نبارك لجمعية الحقوقيين العراقيين نجاحها بإنعقاده بجهود رئيسها الدكتور طارق علي الصالح وزملاؤه متمنينا تعاونا وتوافقا مع كل المراكز والمنظمات والشرائح القانونية والانسانية الاخرى في المستقبل لتنضيج التوصيات وتفعيلها بعون الله وتوفيقه)).
واخيرا لابد من توجيه الشكر والتحية لجمعية الحقوقيين العراقيين واللجنة المنظمة للمؤتمر على ما بذلته من جهود لعقد المؤتمر وجمع هذا الحشد المبارك من الشخصيات العراقية الوطنية ... ونتمنى ان تعقبه مؤتمرات اخرى لمواصلة المسيرة الوطنية لانقاذ العراق.
642 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع